الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

عبدالرحمن منيف.. القادم من مدن الملح

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يعد الروائى السعودى الراحل عبدالرحمن منيف، من أبرز مُبدعى الرواية العربية الحديثة فى النصف الثانى من القرن العشرين؛ وكان مفكرًا وخبيرًا اقتصاديًا وصحفيًا ومحبًا للفن التشكيلى وروائيًا وكاتب قصص قصيرة وسيرة ذاتية؛ ورغم أنه بدأ حياته الأدبية بعد أن بلغ الأربعين من عمره، إلا أنه قدّم 17 رواية.

وضع منيف منهجه الخاص وفكره فى سرد الرواية العربية، وعالج فى رواياته قضايا اجتماعية واقتصادية وسياسية، وركز على المجتمع الصحراوى وكشف عن الكثير من المشكلات التى تواجهه، وأبدع فى وصف الهموم والمعاناة والأحزان وكذلك الأفراح وطريقة المعيشة والممارسات الاجتماعية؛ واهتم بالتحولات فى المجتمعات الخليجية فى فترة ما بعد اكتشاف النفط وآثاره على المجتمع العربي؛ كذلك قدّم معاناة العرب ومشكلاتهم فى المنفى أو المهجر فى الغرب.

كتب عنه الناقد الكبير صلاح فضل قائلًا «إن من أبرز إنجازات منيف أنه انتقل بالرواية العربية إلى أفق جديد متحررًا من سطوة الرواد المصريين بانفتاحه على الحركة السياسية القومية فى توتراتها العنيفة وإمساكه بالعصب الحساس فى الحياة المعاصرة فى تقديس الحرية وحقوق الإنسان، وقد مثلت كل من «شرق المتوسط» و«الآن هنا» مؤشرًا حاسمًا لهذه النقلة النوعية فى مسار الرواية العربية، ثم جاءت «مدن الملح» ومن بعدها «أرض السواد» لتؤسسا وعيًا جديدًا بحياة الخليج العربى والعراق وكيفية اختمار مشاريع النهضة وإحباطاتها القاسية فى هذه المنطقة البكر».

كان عبدالرحمن منيف ينفرد باستخدام اللغة العامية؛ كان يقول «كلما ازدادت روايتنا محلية، كلما أصبحت عالمية، بمعنى كلما كانت أقرب إلى الصدق فى تصوير الجو المحلى كلما أصبحت أقرب إلى العالمية»، وهو ما أشار إليه فى مقدمة روايته «أرض السواد» فكتب «لهجة بغداد مليئة بالكثافة والظلال، وقد استعملتها فى الحوار، دون محاولة لإظهار براعة لغوية. أتمنى على القارئ أن يبذل جهدا من أجل التمتع بجمال هذه اللهجة»؛ وهو ما كرره بالعامية السعودية فى روايات «مدن الملح»، و«شرق المتوسط»؛ والتى حاول فيها أن يكتب التاريخ الذى لم يكتبه أحد من المؤرخين، فكتب هو تاريخًا موازيًا لهؤلاء البشر المجهولين وللحياة التى كانت سائدة آنذاك، فى طريقه لتأريخ تاريخ المنطقة العربية؛ وإن كانت الشخصية الحقيقية لم تظهر فيها كما ظهرت فى رواية «أرض السواد» التى تحكى عن تاريخ العراق خلال فترة صعود داود باشا إلى السلطة، وهو آخر القادة المملوكين فى العراق؛ وكان بدوره رجلًا مثقفًا وباحثًا وسياسيًا وواسع الاطلاع، وكان يحب أن يجعل العراق حديثة على النمط الذى اختاره محمد على باشا فى مصر.