الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

في ذكرى مولد الزعيم.. "جمال" الخالد بإصلاحاته وانتصاراته

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى الذكرى الواحدة بعد المائة لميلاد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، الذى لا ينفك محبوه وأنصاره بوضع لقب «الزعيم» قبل النطق باسمه فى كل المحافل الدولية، وحتى جلسات السمر السياسية والصالونات الثقافية المدشنة فى حب عبدالناصر، والذين يرون أنه أسطورة لن تتكرر، فهو من هو، هو صاحب الكاريزما، وبانى السد العالي، ومنصف الفلاحين بقانون الإصلاح الزراعي، وأبرز من وقف فى وجه الإمبريالية العالمية والدول العظمى والاحتلال بكل أشكاله فى مصر والوطن العربي، منصبًا نفسه حاميًا للعروبة ودول الجوار والعمق الاستراتيجي.
ومع ذلك لا ينفك الساداتيون يوجهون اللوم للناصريين- حتى كتابة تلك السطور– على دعمهم المستميت عن «ناصر»، حيث يرى منتقدو عبد الناصر أنه كان سببًا فى هزيمة ٦٧، وأنهك الجيش المصرى فى حرب اليمن، بل وضيع وقته فى فكرة إنشاء القومية العربية التى لم تجد نفعًا.

«ناصر».. قصة حياة
ولد الرئيس جمال عبدالناصر فى 15 يناير 1918، بحى باكوس الشعبى بمحافظة الإسكندرية، ثم تنقل فى تعليمه الابتدائى بين مدارس الإسكندرية والقاهرة، إلى أن التحق بمدرسة حلوان الثانوية، ثم رأس التين الثانوية بالإسكندرية، ثم النهضة بحى الظاهر، وبعد إتمامه التعليم الثانوى التحق بالكلية الحربية، ورسب فى أول مرة فى كشف الهيئة، فالتحق بحقوق القاهرة لمدة 6 أشهر، وفى ١٩٣٦ اتجهت النية إلى زيادة ضباط الجيش فتقدم إلى الكلية الحربية مرة أخرى، ونجح فى كل الاختبارات، حتى تخرج فى يوليو عام ١٩٣٨، والتحق بسلاح المشاة ونقل إلى منقباد بصعيد مصر، حتى عاد إلى القاهرة فى وقت لاحق.
شارك عبدالناصر فى حرب فلسطين وأصيب فيها، وحوصرت كتيبته العسكرية فى الفالوجا، ما رسخ فى ذهنه ضرورة العودة إلى بدء المعركة من القاهرة، وتطهير سدة الحكم قبل تطهير أى دولة عربية، معلنًا أن بقاء الدول العربية وقوتها يبدأ من تحرير القاهرة أولًا، إلى أن بدأ فى رسم أطر وضوابط عمل تنظيم الضباط الأحرار بجوار صديقه محمد أنور السادات، الذى كان عونًا له منذ البداية من مرحلة التأسيس، وحتى قيام ثورة 1952، التى أفرزت عن تولى محمد نجيب حكم مصر، إلى أن أبعده عبدالناصر وحدد إقامته، ثم تولى عبدالناصر حكم مصر فعليًا فى 25 يونيو 1956، طبقًا للاستفتاء الذى أجرى فى 23 يونيو 1956.

ماذا قال «السادات» عن «عبد الناصر»؟
يكيف الحياة بمثله «الصعيدية» الخاصة.. وحاول تطبيق الديمقراطية بحذافيرها انفعل على بعض أعضاء قيادة الثورة الذين طلبوا فرض ضرائب على الشعب جمال يؤمن بأن الديكتاتورية لا تقوم إلا لحماية مصالح طبقة حاكمة
فى العدد الصادر بجريدة الأهرام فى الخامس من نوفمبر عام 1970، كتب الرئيس الراحل محمد أنور السادات مقالًا فى مساحة صفحة كاملة عن رفيق دربه جمال عبدالناصر، الذى رحل فى 28 سبتمبر عام 1970، أى بعد شهرين فقط من وفاته.
قال السادات فى مقاله «لا ندرى لماذا كان يتوسطنا دائمًا شاب رقيق وديع، عامر النفس بالصفاء لم يكن يكبرنا سنًا ولا رتبة فقط كنا جميعًا أبناء دفعة واحدة، ولكنه كان الملتقى الذى جمع صداقاتنا جميعًا.. كنا نمرح، فنضحك عاليًا ونسخر من كل شيء.. ولا ترحم ألسنتنا أحدًا.. وأحيانًا نغني، كان يصنع كل ما نصنع ولكنه مع ذلك كان يفكر.. يفكر بقلبه ويفكر بوعيه ولا نكاد ننطلق فى المرح حتى نجد موضوعًا هادئًا يثيره بيننا جمال عبد الناصر».
ويعود السادات بعد سرد عدة وقائع عن تحالف «الصديقين» فى مواجهة الاحتلال «كان إلى جانب حيائه وهدوئه يمثل الشخصية الكاملة لأبناء الصعيد.. فهو يكيف الحياة بمثله «الصعيدية» الخاصة، فتجده وديعًا، لمسة عاطفية قد لا تحرك أحدًا من الناس، ولكنه رقيق ملئ الصدر بالحنين، إذا لمست نفسه ينقلب أسدًا هصورًا فى اللحظة التى يشعر فيها بأن أحدًا فكر- مجرد التفكير- فى الاعتداء عليه، وكان هذا الصديق بيننا صورة حلوة للإخاء والصداقة والاتزان والهدوء والكرامة، فكان لهذا كله يستأثر باحترامنا جميعًا».
ويتابع السادات «الذين يعرفون جمال عبدالناصر جيدًا يعرفون أنه رجل لا يبدأ عملًا حتى ينتهى تمامًا من بحث جميع تفاصيله ولا يخطو خطوة حتى يدرس الأرض التى سيخطو عليها ويتبين جيدًا معالم طريقه، ويوم قرر جمال أن يبدأ تنظيمه الجديد كان كمن يقف فى منتصف طريق متصل وراءه خطوات تتلاشى مع الليل وأمامه خطوات تبدأ مع النهار، وكان هناك شبه تنظيم حركى لنا قبل عام 1945، وقد كان هذا التنظيم المبدئى هو أول شىء أكب جمال عبدالناصر على دراسته يوم أراد أن يبدأ العمل الجديد».
وتطرق السادات إلى الحديث عن أحد الاجتماعات التى دارت بين أعضاء مجلس قيادة الثورة، حين تحدث البعض عن كيفية تطبيق الديمقراطية، إذ أكد أن عبدالناصر انفعل على بعض أعضاء قيادة الثورة الذين طلبوا فرض ضرائب على الشعب لإنعاش خزينة الدولة، فرد بكل عنف: «إن ثورتنا ديمقراطية، وهى قد قامت أساسًا لإعادة حقوق الشعب بعد انتزاعها من أعدائه: الملك والاستعمار والحكام، ونحن لا نستطيع أن نصنع ديكتاتورية فى هذه البلاد لأن الديكتاتورية لا تقوم إلا لحماية مصالح طبقة حاكمة».
ويقول السادات: إن نوايا كبار أعضاء مجلس قيادة الثورة كانت واضحة، إذ أرادوا ديمقراطية صحيحة تمكن الشعب من فرض إرادته وحكم نفسه بنفسه، وأراد جمال أن يشرك كل الهيئات والأحزاب فى تحقيق أهداف الثورة وفى صنع مستقبل الشعب، ودفعه إيمانا بهذا الرأى إلى مقابلة فؤاد سراج الدين، قطب الوفد الكبير ومحرك سياساته وصاحب الكلمة الأولى فيه اتجاهات الحزب المذكور.

عبد المحسن أبو النور: أغلى زعيم وأشرف قائد وأشجع مناضل
لم يتردد اسم عبدالمحسن أبو النور، كثيرًا على الأسماع، إذ كان أحد أوائل الضباط الأحرار فى مصر، وأول قائد للحرس الجمهورى بعد ثورة 1952، وشغل منصب الملحق العسكرى فى السفارة المصرية بسوريا عشية الوحدة، والأمين العام للاتحاد الاشتراكي، ومدير مكتب جمال عبدالناصر، كما شارك فى حرب فلسطين وعمل على تهريب المؤن والذخيرة إلى المحاصرين فى الفالوجا، وكان نائب رئيس الوزراء ووزير الزراعة فى عهد عبدالناصر.
فى العدد نفسه الذى كتب فيه السادات مقاله عن عبدالناصر، كتب أيضًا عبدالمحسن أبو النور، مقاله فى رثاء رفيق نضاله قائلًا: «غاب عنا جمال عبدالناصر أغلى زعيم وأشرف قائد وأشجع مناضل وأنبل معلم وأكرم إنسان، ستبقى الثورة التى صنعها جمال عبدالناصر دائمًا وأبدًا، ستبقى ممثلة فى مبادئه النبيلة، ومثله السامية، وقيمة الإنسانية التى نادى بها باسم هذا الشعب ومن أجله، وباسم الإنسانية ومن أجلها، وسيبقى الإصلاح الزراعى رمزًا لتحرر الملايين من الفلاحين الزراعيين هنا فى مصر، وفى كل مجتمع يسعى للتخلص من سيطرة الإقطاع وسطوته، وستبقى الاشتراكية فى صورتها التى طبقها جمال عبدالناصر هنا فى الجمهورية العربية المتحدة، مثلا ونموذجًا يحتذى لكل الشعوب النامية، والتى تستهدف القضاء على الاستغلال.. استغلال الإنسان للإنسان».
ويعود عبد المحسن إلى ذكر محاسن سياسات ناصر فيما يعرف بسياسة عدم الانحياز، حين يؤكد «ستبقى سياسة عدم الانحياز والحياد الإيجابى أساسًا لحياة الشعوب المتحررة ورباطًا يشدها- بعضًا إلى بعض- لتتآذر وتتعاون فيما بينها دعمًا لنضالها من أجل الحياة والبقاء ومن أجل الرخاء ومن أجل السلام القائم على العدل، وستبقى سياسة مناهضة الاستعمار بكل صوره وأشكاله ومقاومة التمييز العنصرى فى قارتنا الأفريقية من أهداف نضالنا الشريف».


عادل عبد الناصر: ساهم فى استقلال الدول العربية
قال الدكتور عادل عبدالناصر، شقيق الرئيس الراحل، إن عبدالناصر كان سببًا فى حصول عدد كبير من الدول العربية على استقلالها، وأبرزها تونس واليمن والجزائر التى كان لها مكانة خاصة لدى الرئيس الراحل، مؤكدًا أنه كان يرى أن أمن مصر وأمن العالم العربى كلاهما مكمل للآخر، ومن ثم لا يمكن الدفاع عن مصر إلا بتأمين ثورتها من الأعداء القابعين فى دول عربية أخرى، وهو ما فعله عبدالناصر.
وأضاف عادل، فى تصريحات خاصة لـ«البوابة» أنه لا يمكن نسيان ما حصلنا عليه من دعم من كثير من الدول العربية التى ساهمنا فى استقلالها فى حروبنا وآخرها حرب أكتوبر ١٩٧٣، والدعم المالى لمصر بعد ذلك والمستمر حتى الآن من دول شقيقة، وباختصار ما يحدث فى أى مكان فى العالم العربى يؤثر فى مصر، لذلك ليس ترفا البعد عمَّا يحدث فيها، بل هو ضرورة وتأمين لمصر.
وأشار شقيق الرئيس الراحل إلى أن الرئيس عبدالناصر كان كتومًا لأبعد ما يكون، ولم يكن يسمح لأى شخص فى العائلة مهما كانت درجة قرابته من الرئيس أن يطلع على أى أسرار خاصة للدولة أو للرئيس سواء كانت سياسية أو عسكرية، منوهًا إلى أنه لم يسمح لأى فرد من أسرته بتجاوز الحدود المرسومة له.
وتابع «عقب النكسة مباشرة سافر ناصر إلى الاتحاد السوفييتى مرارًا وألح على القادة هناك فى تزويد مصر بكل ما تحتاجه من سلاح، وحينما رأى تحفظا من بريجينيف على تزويد مصر ببعض أنواع الأسلحة هدد باللجوء إلى الولايات المتحدة، وقال: «سأتحالف مع الشيطان من أجل مصلحة مصر»، ما دعا الاتحاد السوفييتى لتزويد مصر بكل ما تحتاجه من سلاح وخبراء.

فى كتاب جديد يصدر قريبًا.. مصطفى بكرى يروى قصة زواج عايدة عبد الناصر
فى كتاب له يصدر قريبًا بمناسبة الذكرى الـ 101 لميلاد الزعيم، بعنوان «عبد الناصر.. الإنسان.. روايات تحكى وحكايات لا تنسى»، خص الكاتب الصحفى وعضو مجلس النواب، مصطفى بكرى، «البوابة» ببعض فصول ما جاء فى كتابه عن الحكايات الإنسانية التى تعكس البعد الاجتماعى وقيم النزاهة والشرف التى كان يتمسك بها عبدالناصر فى كل مواقفه- كما ينشر فى الكتاب وثائق مهمة تخص المواقف الإنسانية لعبدالناصر تجاه زملائه وتجاه أبناء الشعب وضمن الحكايات التى تنشر للمرة الأولي، حيث «يقول لقد كان عبدالناصر يطلب من أشقائه عدم استغلال اسمه أو ذكر أنهم إخوته أو التباهى بذلك، وكان يوصيهم دومًا بالتعامل مع الآخرين على أساس أنهم أناس طبيعيين، وتقول عايدة عبدالناصر إننا عندما كنا نذهب إلى نادى سبورتنج بالإسكندرية كان عبدالناصر يحذرنا من أن يأتى اسمه من قريب أو بعيد، وكان هذا الأمر ينطبق على أبنائه جميعًا، كان يوصيهم بأن يتصرفوا بشكل طبيعى وأن يحاولوا تجنب الناس ولا يقولوا أنهم أبناء رئيس جمهورية». 
وفى زاوية أخرى من الكتاب، يحكى بكرى حكاية زواج شقيقة الرئيس عايدة عبدالناصر، حيث يقول الكاتب: «حكت لى السيدة عايدة عبدالناصر الأخت غير الشقيقة للزعيم الراحل أن الوالد الحاج عبدالناصر حسين، كان دائم التشاور مع نجله جمال فيما يخص أمور الأسرة، وكان الرئيس يعشق والده، وقد خصص له غرفة نوم فى منزله بمنشية البكرى عندما كان يزوره بين الحين والآخر، وفى إحدى المرات وتحديدًا فى فبراير 1968 التقى الحاج عبدالناصر بنجله جمال وأبلغه أن المهندس عبدالحميد محمد شاهين تقدم للزواج من ابنته عايدة، وأنه أرسل شخصًا قريبًا إليه يدعى عبدالمنعم حسين ليستطلع رأينا وهنا سأله الرئيس:
من هو عبد الحميد شاهين؟
رد الحاج عبدالناصر: هو ابن رجل الأعمال المهندس محمد شاهين
فقال جمال: بتاع التوكيلات الأجنبية؟
فقال والده: نعم هو بالضبط
قال جمال: وهل هذا يناسبنا؟
قال والده: وليه لا؟ دول ناس كويسين.
قال جمال: يناسبنا إزاى؟ هما فين وإحنا فين، ده واحد من أغنى أغنياء مصر.
قال الوالد: أنت رئيس جمهورية.
قال جمال: رئيس جمهورية بس فقير عاوزنا نناسبهم إزاى يا والدي.
قال الوالد: دول ناس كويسين وإحنا نعرفهم منذ أن كنا نسكن فى المعمورة وقبل أن ننتقل إلى رشدي.
قال جمال: وما رأى عايدة؟
قال والده: هى موافقة بشرط موافقتك.
فقال جمال: بس هى لسة صغيرة.
فقال الوالد: عايدة عندها 16 سنة.
فقال جمال: طيب سيبنى أسأل عليه.
ويتابع الكاتب «انصرف الوالد ولديه أمل كبير فى موافقة الرئيس جمال، وطلب الرئيس من الأجهزة المختصة التحرى عن هذه الأسرة التى سيناسبها، وبالفعل بعد أيام كان جمال يطلب لقاء والده مرة أخرى، فجاء إليه ومعه أخته عايدة، فقال جمال لوالده: لقد تأكدت من حسن سمعة الأسرة ونزاهتها، وبذلك أنا موافق على الزواج، ثم عقد القران فى شهر فبراير 1968، بحضور الأسرة والسيدة تحية عبدالناصر والأبناء هدى ومنى وخالد وبقية الأسرة ولم يحضر جمال عبدالناصر لارتباطاته».