قوة المؤمن الصادق قوة إيمان وقوة محبة. الإيمان يولِّد المحبة، محبة الله والقريب. المؤمن، ما لم يكمِّل إيمانه بالمحبة لكل إنسان، فإنه يقع في الطائفية.
بالطائفية ينسى المؤمن أن الله هو موضوع إيمانه. بالطائفيّة يصبح موضوعُ إيمانه ذاتَه وقبيلته وأهل دينه. يحوِّل المؤمن الطائفي، بطريقة واعية أو لا واعية، إيمانه بالله إلى إيمان بذاته الفردية أو الجماعية، فيغيب الله عن إيمانه، ولو بقي يظن أنه يؤمن به. ولذلك تصبح علاقته بالناس من غير دينه إما علاقة اعتداء أو علاقة دفاع عن النفس.
هذا ما يحصل في مجتمعاتنا. كلُّنا نقول إن الله محبة، وإنه رحمان رحيم. ثم يتَّخذ بعضنا، باسم الله، مواقف مخاصمة، أو حتى قتل واعتداء على أبناء الله وخليقته، كما رأينا في بعض بلداننا. المؤمن الصادق يَحذَر من نفسه، يَحذَر من السقوط (1 قورنتس 10: 12)، فلا يكفُّ عن النظر إلى العلى، حتى لا ينسى الله ربه الذي هداه.
الدليل الذي يبيِّن للمؤمن أنه ما زال على إيمانه، هو مقدرته على المحبة، محبة الله ومحبة جميع خلق الله. فإذا أساء إلى قريبه بالفكر أو بالقول أو بالعمل، يجب أن يعرف أنه بدأ يخرج عن دينه وعن عبادته لله، ليعبد ذاته وجماعته، إذ أخذ "يدمِّر" غيره. أما إن أحب الله فإنه يحب جميع خلق الله، ويبقى بذلك صادقًا في إيمانه.
البطريرك ميشيل صباح، رئيس أساقفة اللاتين في القدس