الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

نجل الفنان صلاح قابيل لـ«البوابة نيوز»: أبي ليس ديكتاتورا وشقي أوي في طفولته.. كان يقدس المرأة وأمي حب عمره.. نكسة 67 أصعب لحظات حياته ورأيت دموعه لأول مرة عند وفاة السادات

نجل الفنان صلاح قابيل
نجل الفنان صلاح قابيل في حواره لـ"البوابة ستار"
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الفنانون الكبار لا يحتاجون إلى ذكرى ميلاد أو رحيل كي نتذكرهم أو نتحدث عنهم، فهم محفورون في وجداننا وعقولنا، ومنهم الفنان الكبير الراحل صلاح قابيل، الذي مر على وفاته أكثر من 25 عامًا، فهو من الفنانين القلائل الذي عرف بطلّته المميزة على الشاشة منذ أول ظهور له وبشخصيته الوقورة وخصلات شعره الأبيض.
زارت «البوابة» منزله الذي عاش فيه مع رفيقة حياته «زوجه» وابنه إلى أن وافته المنية، فنظرًا للظروف الصحية التي تعاني منها زوجته لم تستطع التحدث معنا، فاستقبلنا نجله الوحيد ورفيق عمره مثل ما أكد عمرو خلال حديثه مع «البوابة»، ووجودنا لكي ننقّب وراء هذا الرجل الفنان القدير وهو صاحب مدرسة خاصة ومستقلة في تاريخ الفن المصري، الذي ظلت حياته محاطة بسياج من السرية التامة، بالإضافة إلى الشائعات التي نسجت على حياته الشخصية والمهنية بعد وفاته، كل هذا وأكثر تقرأه في هذا الحوار.

■ في رأيك كيف أحدث والدك هذه الاستمرارية والتنوع؟
- والدي منذ أن بدأ مشواره الفني كان بطلا لإحدى روايات العملاق الكبير نجيب محفوظ، رغم صغر سنه وقتذاك إلا أنه كان بطلا، فكان يختار أدواره بعناية شديدة والعمل الذي يستطيع أن يقنع به الجمهور ويخاطب عقله، فكان لا يتنازل قط في أي مرة ليقدم دورا غير مقتنع به، وبالتالي جميع الأجيال يحبون صلاح قابيل ويعشقون أعماله، فلذلك هو مستمر مع الجميع حتى الآن رغم رحيله.
■ صلاح قابيل رحلة طويلة.. وتعب وجهد، وصاحب مدرسة خاصة ومستقلة عن أبناء جيله إلى أي مدى تعب والدك في حياته؟
- أبويا شقي أوي أوي أوي 

■ قاطعته قائلا: أشعر إنك تقولها من داخلك وبقهر للغاية؟ 
- فاستكمل: هذا صحيح والدي شقي في حياته أوي منذ طفولته، أولا كان يدرس في كلية الحقوق وكان حلم حياته التمثيل، وآنذاك كان والده ووالدته يرفضان بشدة دخوله هذا المجال، ومن المحال أن يوافقا عليه، فكان دخول ابنهما هذا المجال بمثابة عار لهما، لأن تفكير والده في ذلك الوقت أن الفنان هو عبارة عن مشخصاتي، فوالدي دخل معهد فنون مسرحية من خلفهما إلى أن توفاهما الله، وضحى بكلية الحقوق وهو في الفرقة الثالثة التي كانت حلم والده ووالدته، واستكمل دراسته بالمعهد ليحقق حلم عمره وهو التمثيل بجانب الصعوبات والعقبات التي كان يقابلها خلال مشواره، فرغم نجاحه الكبير الذي حققه إلا أن مشواره كان به مشقة.
■ هل ترى أن والدك قد حظي بتقدير واهتمام من قبل الجهات وهو على قيد الحياة؟
- بصراحة شديدة أرى أن والدي حظي بتكريمات واهتمامات وأقيمت الاحتفالات له بعد وفاته، فبالفعل هو قدر بعد وفاته، أما بالنسبه لوالدي فكان لا تؤثر فيه هذه الأمور على الإطلاق، فالتقدير الحقيقي له هو كان جمهوره، فكان الجمهور بمثابة الترمومتر الحقيقي لقياس مدى نجاحه في أي عمل أو لا.
■ بعيدًا عن صلاح قابيل الفنان.. حدثني عن صلاح الأب والإنسان الذي لا يعرفه أحد؟
- والدي ليس أبا ديكتاتوريا كما يعتقد البعض، فهو إنسان حنون وطيب وجدع للغاية وابن بلد، وكانت شخصيته كوميدية جدا في البيت معي ومع إخوتي ووالدتي، فأنا كنت الابن الوحيد له ولي أختان، وكنت مدللا بالنسبة له وقريبا له للغاية، فكان أبا وأخا وصديقا بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فكنا أصدقاء كثيرا فهو رفيق عمري الذي لا يتكرر، وكان «بيتوتيا» للغاية لا يحب الصخب والضوضاء وحفلات النجوم، وكان حسن الظن بالناس ولديه نظرة ثاقبة فيهم، وكان يسير على مبدأ «حرص ولا تخون» وأنا مثله اجتماعي وكان يحذرنى كأب من الكذب وفلسفته في الحياة «اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب».

■ من الأشخاص الذين أثروا في حياته سواء على المستوى المهني أو الإنساني؟
- والدي عاصر كثيرا من جيل العمالقة، وأكثر الأشخاص الذين أثروا في حياته الفنية محمود المليجي، توفيق الدقن، زكي طليمات، حسين رياض رحمة الله عليهم جميعًا، وعلى المستوى الإنساني والده ووالدته وأصدقاؤه المقربون.
■ والدك كان محاطًا بسياج من السرية على حياته.. لماذا؟
- هذا صحيح، فوالدي كانت حياته الشخصية معنا مع ذاته خطا أحمر، فهو كان رجلا «بيتوتيا» كان لا يحب أن تكون حياته على الملأ، وأيضا كنت أنا وأخواتي لا نحضر أي احتفالات أو مناسبات معه.
■ ماذا كانت تمثل المرأة في حياته؟
- والدي كان يقدس المرأة، ويحترمها، ولكن ليست هناك امرأة في حياته سوى والدتي فهى حب عمره، وكانا يحبان بعضهما وهما صغار وجيران أمام بعضهما ولم يتزوج غيرها، وأريد أن أوضح أمرا من خلال حواري معكم كل الشائعات التي انتشرت عن والدي بزواجه من وداد حمدي وغيرها جميعها غير صحيح بالمرة، فأبى لم يكن في قلبه سوى أمي إلى آخر نفس.

■ ما أصعب اللحظات التي مرت على صلاح قابيل؟
- نكسة ٦٧، كانت من أصعب اللحظات على والدي، لأنه بعدها مكث في البيت فترة طويلة دون عمل، فهذه من أكثر الفترات الصعبة عليه نفسيا وأيضا وفاة شقيق والدتي فكانت لحظة صعبة عليه للغاية، لأنه كان من أقرب الناس إليه، وأيضا توفى وكان والدي خارج مصر فسمع الخبر وهو فى الخارج، فأغلق الهاتف آنذاك وكاد أن يبكى ولم يحضر جنازته فهذه من أكثر اللحظات تأثيرا عليه.
■ هل كان والدك تهب رياح غضبه سريعا ودموعه تسيل بسهولة؟
- لا.. والدي كان شخصية متزنة وقوية للغاية، ومهما مر بفترات من الإحباط أو اليأس كان لا يطيل البقاء فيها، ومن الصعب أن يتعصب بسهولة أو دموعه تقطر، والمرة الوحيدة التى رأيت فيها دموعه هى لحظة وفاة الرئيس الراحل محمد أنور السادات، فكان يحبه للغاية، وأريد أن أوضح شيئا فوالدى لم تكن له أي علاقة برجال السياسية أو الدولة، فكان له أصدقاء منهم، ولكن كان لا يتدخل في أي أمور سياسية، فحبه كان للرئيس السادات خاليًا من أي دوافع أو مصالح وقتذاك.
■ ألا ترى أن حياة صلاح قابيل بالأحداث التي مر بها منذ الطفولة إلى الشائعات التي أطالته بعد وفاته تحتاج إلى كتاب يحمل مذكراته؟
- أعتقد أن حياة والدي لا تحتاج إلى مذكرات تكتب، وأيضًا هو على قيد الحياة لم يفكر في هذا الأمر مطلقا، وبالنسبة لأفلامه التي عرضت كان لا يحب أن يشاهدها أو نحن كأولاده نشاهدها أيضًا، فكان يقوم بتوزيعها ولا يتركها في البيت.

■ من تراه امتدادا لصلاح قابيل؟
- أرى أن الفنان العظيم رياض الخولي امتداد له، ويسير على نهجه ونفس قوة أدواره، وأقول للجيل الجديد حبوا فنكم مثل جيل زمن الفن الجميل وأعطوا الفن الكثير. 
■ هل هناك وصية أوصاك والدك بها قبل وفاته؟
- والدي، رحمه الله عليه، قبل ستة أشهر من وفاته، كان زاهدا فى الحياة، وكان يشعر بقرب موته، ولذا قام بشراء مقبرته بنفسه وقام ببنائها أمام عينيه، ووالدي كان بيخاف عليّ للغاية، وكان لا يريدني أن أعمل في التمثيل، فأبعدني عنه، ولكن دخلت في الفن بعد وفاته، وأنا خريج كلية سياحة وفنادق، وعملت في عدة فنادق، والآن أمتلك شركة تسويق عقاري، وأكثر شيء أوصاني به هو أخوتي البنات ووالدتي.