الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

حدث في مثل هذا اليوم.. 1094 وفاة المستنصر بالله

  المستنصر بالله
المستنصر بالله .. صورة تعبيرية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
المستنصر بالله أبو تميم معد بن الظاهر لإعزاز دين الله بن الحاكم بن العزيز بن المعز لدين الله العبيدى الفاطمي، تولى الخلافة العبيدية الفاطمية خلفًا لوالده وهو ابن سبع سنين فى النصف من شعبان سنة ٤٢٧هـ / ١٠٣٦م، وأقام بها ستين سنة إلى ٤٨٧هـ / ١٠٩٤م.
وأشهر أحداث عصره «الشدة المستنصرية» أو ما يعرف فى كتب المؤرخين بـ«الشدة العظمى»، وهو مصطلح يطلق على المجاعة والخراب الذى حل بمصر لمدة سبع سنوات عجاف (٤٥٧هـ - ٤٦٤هـ / ١٠٦٥م - ١٠٧١م).
وشهد أواخر عهد المستنصر عدة اضطرابات عظيمة فى البلاد، وشاءت الأقدار ألا تقتصر معاناة البلاد على اختلال الإدارة والفوضى السياسية، فجاء نقصان منسوب مياه النيل ليضيف إلى البلاد أزمة عاتية.
وتكرر هذا النقصان ليصيب البلاد بكارثة كبرى ومجاعة داهية، امتدت لسبع سنوات متصلة، وسببها ضعف الخلافة واختلال أحوال البلاد واستيلاء الأمراء على الدولة، واتصال الفتن بين العربان وقصور النيل، فزاد الغلاء وأعقبه الوباء، حتى تعطلت الأرض عن الزراعة، شمل الخوف وخيفت السبل برًا وبحرًا.
وقد تخلل تلك المجاعة أعمال السلب والنهب وعمت الفوضى، واشتدت تلك المجاعة حتى لم يجد فيها الناس شيئا يأكلوه فأكلوا الميتة والبغال والحمير، وبيع رغيف الخبز الواحد بخمسين دينارًا.
وذكر ابن إياس من العجائب التى لا يصدقها عقل زمن تلك المجاعة، ومنها: أن الناس أكلوا الكلاب والقطط، وكان ثمن الكلب الواحد خمسة دنانير والقط ثلاثة، وقيل كان الكلب يدخل البيت فيأكل الطفل الصغير وأبواه لا يستطيعان النهوض لدفعه عن ولدهما من شدة الجوع والضعف، ثم اشتد الأمر حتى صار الرجل يأخذ ابن جاره ويذبحه ويأكله ولا ينكر ذلك عليه أحد من الناس، وصار الناس فى الطرقات إذا قوى القوى على الضعيف يذبحه ويأكله.
وذكر كذلك أن طائفة من الناس جلسوا فوق أسقف البيوت وصنعوا الخطاطيف والكلاليب لاصطياد المارة بالشوارع من فوق الأسطح، فإذا صار عندهم ذبحوه فى الحال وأكلوه بعظامه.
وقيل أيضًا إنه كان بمصر حارة تعرف بحارة الطبق، وهى معروفة بمدينة الفسطاط، كان فيها عشرون دارا، كل دار تساوى ألف دينار، فبيعت كلها بطبق خبز، وكل دار برغيف، فسميت من يومئذ بحارة الطبق.
وذكر ابن الأثير أنه اشتد الغلاء، حتى حكى أن امرأة أكلت رغيفا بألف دينار، وباعت عروضا تساوى ألف دينار بثلاث مائة دينار، فاشترت بها شوالًا من القمح، فانتهبه الناس، فنهبت هى منه، فحصل لها ما خبز رغيفًا.
وكان المستنصر يتحمل نفقات تكفى عشرين ألفًا على حسابه، حتى فنى ثلث أهل مصر، وقيل إنه مات مليون وستمائة ألف نفس، ونزل الجند لزراعة الأرض بعد أن هلك الفلاحون.
وكان من نتيجة هذه الأزمة العاتية أن أخذت دولة المستنصر بالله فى التداعى والسقوط، وخرجت كثير من البلاد عن سلطانه، فقُتل البساسيرى فى العراق سنة (٤٥١هـ/١٠٥٩م). وعادت بغداد إلى الخلافة العباسية، وقُطعت الخطبة للمستنصر فى مكة والمدينة.
وخُطب للخليفة العباسى فى سنة (٤٦٢هـ/١٠٧٠م)، ودخل النورمان صقلية واستولوا عليها. فخرجت عن حكم العبيديين سنة (٤٦٣هـ/١٠٧١م) بعد أن ظلت جزءًا من أملاكهم منذ أن قامت دولتهم.
لم يكن أمام الخليفة المستنصر بالله للخروج من هذه الأزمة العاتية، سوى الاستعانة بقوة عسكرية قادرة على فرض النظام، وإعادة الهدوء والاستقرار إلى الدولة التى مزقتها الفتن وثورات الجند، وإنهاء حالة الفوضى التى عمت البلاد، فاتصل ببدر الجمالى واليه على عكا سنة ٤٦٦هـ، وطلب منه القدوم لإصلاح حال البلاد، فأجابه إلى ذلك، واشترط عليه ألا يأتى إلا ومعه رجاله، ومن يختاره من عسكر الشام (أرمن)، ليستعيض بهم عن الجند الأتراك والمغاربة والسودانيين الموجودين بمصر.
وما إن حل بدر الجمالى بمدينة القاهرة حتى تخلص من قادة الفتنة ودعاة الثورة، وبدأ فى إعادة النظام إلى القاهرة وفرض الأمن والسكينة فى ربوعها، وامتدت يده إلى بقية أقاليم مصر فأعاد إليها الهدوء والاستقرار، وضرب على يد العابثين والخارجين، وبسط نفوذ الخليفة فى جميع أرجاء البلاد.