السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

بدائل الأدوية.. إنقاذ للمرضى أم صراع استثماري؟

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

ما زال الجدل دائرًا حول القرار الذى اتخذته وزارة الصحة الشهر الماضى، وحمل رقم 645 لسنة 2018، الخاص بفتح صندوق «مثائل الأدوية» دون حصرها على 12 اسمًا تجاريًا لكل صنف دواء والذى عرف بـ«فتح البوكسات». فبين تأكيدات مسئولى الصحة وغرفة صناعة الدواء وشعبة الأدوية بأن فتح تسجيل المثائل يأتى فى مصلحة 100 مصنع قائم وعشرات المصانع الأخرى الناشئة، ومن قبلهم مصلحة المريض المصرى، وبين تصريحات الصيادلة وخبراء الدواء بأن تحرير «البوكسات» يتسبب فى إغراق السوق بالأدوية المستوردة، كما يرفع من أسعارها، ويُعمق من أزمة النواقص التى تفرض نفسها بين حين وآخر.


وبين مؤيدين للقرار وآخرين يرفضونه، تقصت «البوابة» جوانب وتأثير فتح صندوق مثائل الأدوية، على سوق الدواء المصرية وما تعود به على المرضى المصريين، من أطرافه المُختلفة.

غرفة الدواء: القرار يحرر الصناعة ويوفر النواقص.. وتخوف الصيادلة «ساذج».. رستم: يحمى الشركات الناشئة.. والضوابط تجعل الجادين فقط قادرين على تسجيل البوكسات.. و«عوف»: يخدم 100 مصنع مُهدد بالغلق.. ويخلق تنافسًا فى الأسعار.. والبدائل خفضت السوفالدى من 2680 إلى 600 جنيه

البداية كانت من قرار رقم ٦٤٥ لسنة ٢٠١٨، الذى أصدرته الدكتورة هالة زايد، وزيرة الصحة، والخاص بتعديل سياسة تسجيل الأدوية وفتح صندوق مثائل الأدوية البشرية دون التقيد بـ١٢ مثيلًا. وصندوق المثائل أو «البوكسات» هو صندوق يكون فيه عقار أصلى، وتتقدم الشركات بتسجيل أدوية مثيلة له، بحد أقصى ١٢ عقارًا فقط، لكن القرار الجديد جاء؛ لفتح الباب أمام شركات الأدوية لعدم التقيد بهذا العدد فى إنتاج الأصناف.
ونص القرار، على قبول طلبات تسجيل الأدوية بما يجاوز العدد المحدد فى صندوق المثائل، المشار إليه فى قرار رقم ٤٢٥ لسنة ٢٠١٥، فى حالات؛ المستحضرات المدرجة لقوائم نواقص الأدوية التى ليس لها مثيل خلال العام السابق من تاريخ القرار الحالى أو التى تحددها الإدارة المركزية للشئون الصيدلية طبقًا لاحتياجات السوق.
وأوضح القرار أن الحالات تشمل أيضًا المستحضرات المصنعة على خطوط الإنتاج النادرة التى تحددها الإدارة المركزية كل عام والمستحضرات التى يتقدم بها أصحاب المصانع المرخصة خلال آخر ١٠ سنوات، والمستحضرات التى يتقدم بها أصحاب المصانع تحت الإنشاء، والمستحضرات التى تنتج بغرض التداول المحلى والتصدير للخارج.
وتؤكد تصريحات مسئولى الصحة وغرفة صناعة الدواء وشعبة الأدوية، أن فتح صناديق المثائل للمستحضرات الخاصة بقوائم نواقص الأدوية والمستحضرات المسجلة خلال آخر ١٠ سنوات والمستحضرات التى يتقدم بها أصحاب المصانع تحت الإنشاء والمستحضرات المنتجة بغرض التداول المحلى والتصدير للخارج، قرارًا فى مصلحة الصناعة والشركات الناشئة، ومن قبلهم مصلحة المرضى المصريين.
يقول الدكتور أسامة رستم، نائب رئيس غرفة صناعة الدواء، إن ١٥٤ مصنعًا للدواء وحوالى ٦٠ مصنعًا تحت الإنشاء، فضلًا عن ٢٠٠٠ شركة تعمل لدى الغير، يرون أن سياسة البوكسات عقيمة، وغير مُطبقة فى أى دولة، وأن وزارة الصحة تلجأ لتطبيقها بغرض التحكم فى عدد الأصناف الدوائية المتداولة فى السوق المصرية غير أنها لم تُسفر عن تحجيمها، حيث يوجد ما يزيد على ١٤ ألف صنف دواء مُسجلة و١٤ ألف صنف آخر تحت التسجيل.


ويوضح رستم أن قرار الصحة الأخير بفتح صناديق المثائل يحرر القيود الموضوعة على الصناعة ويُشجع الشركات الجادة على تصنيع الدواء، مع وضع الآلية والضوابط لتنفيذ القرار، بما يسهم فى عدم المتاجرة فى ملفات تسجيل الدواء بملايين الجنيهات بدون بذل أى مجهود.
ويؤكد رستم أن غرفة صناعة الدواء مُتفهمة لمخاوف الصيادلة من قرار وزيرة الصحة، موضحًا: «الضوابط المُرفقة بالقرار تجعل من الشركات الجادة فقط قادرة على تسجيل البوكسات، كما أنه لا يوجد علاقة بين تحرير البوكسات بضوابط وزيادة الأصناف منتهية الصلاحية، وهو تخوف ساذج من الصيادلة لأن صناعة الدواء تحتاج رأسمال ضخمًا، وتتم تحت شروط لا بد من توافرها وعدم تجاوزها».
وينفى نائب رئيس غرفة صناعة الدواء، وجود علاقة بين قرار وزارة الصحة الأخير وزيادة الأسعار، منوهًا بأن تحرير البوكسات سيدفع إلى المنافسة بين الشركات وبالتالي؛ توفير الأدوية للمريض المصرى بأسعار مناسبة، وأن القرار أيضًا سيكون فى صالح حماية الصناعة المحلية والشركات الناشئة التى تصل استثماراتها لنحو ٥٠٠ مليون جنيه، حيث بإمكانها شق الطريق نحو تسجيل الأصناف وتصنيعها طالما كانت جادة وتوافرت بها الشروط.
ويُتابع رستم: «الموضوع ليس فيضانًا من الأدوية التى ستنتج بعد القرار أو أن الشركات ستتجه فقط للأدوية التى تُحقق أرباحًا، لكن نرى أن القرار فى صالح المريض المصرى بتوفير نواقص الأدوية، حيث ستنتجها شركات جادة، كما أنه فى صالح الصيدلى أيضًا بعد تطبيق الشروط التسويقية وإلزام الشركات بأمور المرتجعات».


وفى السياق ذاته، يقول الدكتور على عوف، رئيس شعبة الأدوية بالغرفة التجارية، إن قرار فتح صناديق مثائل الأدوية فى مصلحة المريض كونه يزيد من القاعدة التنافسية، ويكسر احتكار بعض الشركات لأصناف أدوية بعينها، حيث إن الدواء فى السوق المصرية حاليًا يعانى من الاحتكار مما يخلق أزمة النواقص التى نشهدها بين فترة وأخرى، كما أنه يسهم فى دفع عجلة ١٠٠ مصنع مُرخص تم إنشاؤهما خلال آخر ١٠ سنوات من بين إجمالى ١٦٠ مصنع دواء.
ويوضح عوف: «تعويم الجنيه هدد بقاء ١٠٠ مصنع للدواء فى السوق، ودور الدولة هو تشجيع الاستثمار وإنشاء المصانع الجديدة لتشغيل العمالة وتقليص نسبة البطالة وليس إغلاق تلك المصانع، لذا كان من المهم فتح سياسة تسجيل البوكسات أمامهم لإنتاج وتصنيع الدواء، ٢٠ بوكسًا خلال ٤ سنوات، خاصة أن بعض المصانع الكبيرة تحتكر البوكسات وتزيد من حجم أزمات نواقص الأدوية بين فترة وأخرى».
ويؤكد رئيس شعبة الأدوية أن تخوف الصيادلة من تفاقم أزمة الأدوية الإكسبير داخل الصيدلات على إثر القرار ناتج عن ضعف نقابة الصيادلة أمام الشركات التى ترفض تطبيق قرار سياسة استرجاع الدواء منتهى المفعول، مضيفًا أن فتح صناديق مثائل الأدوية يعمل على خلق تنافس فى أسعار الدواء، وبالتالى تراجع أسعارها، وهو عكس ما تروجه نقابة الصيادلة بأن القرار سيساهم فى زيادة الأسعار، مستشهدًا بأسعار السوفالدى الذى تراجعت أسعاره من ٢٦٨٠ إلى ٦٠٠ جنيه بعد نزول البدائل المصرية فى السوق لتصنيعه.
وينوّه عوف بأن تسعير الدواء ليس من اختصاص الصيادلة، كما أن نقابة الصيادلة تتجاهل مضمون القرار، بنظرة ضيقة، حيث إنه يخدم مصلحة الوطن والمريض المصرى.




«الصيادلة» تحذر من إغراق السوق بالأدوية المستوردة.. الوكيل: قرار «زايد» بفتح صناديق مثائل الأدوية غير مدروس.. ويُعمق من أزمة نواقص الأدوية.. ويرفع الأسعار.. «سعودى»: تفعيل القرار 425 الحل الأفضل.. وفتح الصناديق يُسهم فى رواج الأدوية المُهربة بأكثر من 10 مليارات جنيه


على الجانب الآخر، أعلنت نقابة الصيادلة، بعد عقدها جمعية عمومية طارئة، فى ٣٠ نوفمبر الماضى، رفض قرار «الصحة»، مؤكدة أن فتح صناديق المثائل قرارًا كارثيًا، لتأثيره السيئ على سوق الدواء وشركات صناعة الأدوية المصرية، كونه يتسبب فى إغراق السوق بالأدوية المستوردة، كما يرفع من أسعارها، ويُعمق أزمة النواقص التى تفرض تفسها بين حين وآخر.
فى البداية يقول الدكتور مصطفى الوكيل، وكيل نقابة الصيادلة، إنه بعد استفتاء آراء بعض المختصين، سواء شركات مصانع أو شركات تصنيع لدى الغير وأيضًا صيدليات، خرج قرار مجلس النقابة فى جمعيتها العمومية نهاية نوفمبر الماضى برفض قرار وزيرة الصحة، الخاص بفتح صندوق مثائل الأدوية، كونه قرارًا غير مدروس ويُعمق من أزمة نواقص الأدوية، كما يؤدى إلى انفجار فى أسعارها خلال الفترة المقبلة.
ويؤكد الوكيل أن نقابة الصيادلة أرسلت رؤيتها فيما يخص فتح صندوق المثائل إلى وزير الصحة، هالة زايد، غير أنها لم تتلقَ ردًا حتى الآن، موضحًا أن هدف قرار الوزيرة هو منع التجارة فى ملفات الدواء وتمهيد الطريق للشركات الناشئة لتصنيع الدواء فلا بد هُنا أن نُشير إلى القرار ٤٢٥ الصادر إبان تولى الدكتور فؤاد النواوى حقبة وزارة الصحة، حيث ينُص فى مضمونة على أن الشركات التى تمتنع أو تتوقف عن تصنيع دواء لفترة زمنية فإنه يحق للوزارة إلغاء الإخطار الخاص بالتسجيل لهذه الشركة وترك الأمر لشركة جادة».
ويُتابع الوكيل أن نواقص الأدوية التى ترفض بعض الشركات تصنيعها لأسباب تسعير أو بهدف الاحتكار لا بد أن تتدخل وزارة الصحة لوقف التسجيل الخاص بها ومنحه للشركات الجديدة التى لديها القدرة على التصنيع، وذلك وفقًا للقرار ٤٢٥، الذى ترفض الصحة تفعيله حتى الآن، مُشيرًا إلى أن قرار هالة زايد الأخير قرارًا للتسعير، وليس للتسجيل، حيث يحتوى فى مضمونه على ٥ مواد تتناول تسعير الأدوية، وهو ما يُعد خلطًا للأوراق.
ويواصل الوكيل: «كيف لقرار فتح مثائل الأدوية أن ينص على أن تسعير الدواء المثيل لا يقل عن ٦٥٪ من قيمة المستحضر الأصلى، بدلًا من أن ينُص على عكس ذلك؟ رغم أن ذلك يضر بالشركات القائمة بالتصنيع الفعلى للمستحضر، كما أنه لا يمكن قبول الترويج بأن القرار فى صالح المستثمر الصغير، حيث إن تكلفة إنتاج منتج دواء واحد تتخطى ٢ مليون جنيه، وحتى أن تُحل أزمة الشركات المعترضة على زيادة الأسعار ستكون حدثت زيادة كبيرة فى أسعار الدواء فى السوق يتحملها فى النهاية المريض المصرى».
ويرى الوكيل أن السبيل الوحيد لقبول قرار «زايد» بفتح صندوق المثائل هو التصنيع بالاسم العلمى، موضحًا: «فى حالة التسجيل بالاسم العلمى، سيقوم الصيدلى بالبيع بالمادة الفعالة، وهى ميزة فى صالح المواطن، وتُشجع على الصناعة، حيث إن الصيدلى لن يضطر لتوفير كل المنتجات داخل الصيدلية ما يُزيد من احتمالات تفاقم الأدوية منتهية الصلاحية، كما أن التصنيع بالاسم العلمى يخلق نوعًا من التنافس بين الشركات على تقليل الأسعار لتتمكن من بيع منتجها».
ويُشير الوكيل، إلى ضرورة تدخل وزارة الصحة أيضًا لإلزام جميع الشركات المنتجة للأدوية بقبول الأدوية منتهية الصلاحية، عن طريق تفعيل قراراها لسياسة الاسترجاع، حيث إن الشركات لا تلزم حتى الآن بهذا القرار لعدم وجود آلية للعقاب وضعتها الوزارة، وذلك من خلال إصدار قرار جديد بأن شركات توزيع الأدوية هى المسئولة عن توقيع عقد بينها وبين الشركة المصنعة يُفيد بتطبيق سياسة استرجاع منتهى الصلاحية بالاتفاق على نسبة تتراوح بين ٢ و٥٪.


وفى ذات السياق، يقول محمد سعودى، عضو مجلس نقابة الصيادلة الأسبق، إن مشكلة الدواء فى مصر ليست ناتجة عن قلة عدد المصانع، حيث تمتلك مصر نحو ١٨٠ دواء فضلًا عن حوالى ٨٠ مصنعًا تحت الإنشاء، بإجمالى قيمة تصديرية ٥٠٠ مليون، فى حين تمتلك دولة كالأدرن ٩ مصانع فقط بإجمالى قيمة تصديرية تصل لنحو ٧ مليارات دولار، والمملكة السعودية بها ٩ مصانع فقط أيضًا، وبالتالى فإن قرار وزارة الصحة بفتح صندوق مثائل الأدوية تحت لافتة حماية الصناعة الناشئة أمر خاطئ تمامًا خاصة أن كل علبة دواء تُصنع عبارة عن دولارات مدفوعة لاستيراد المكونات.
ويؤكد سعودى أن الأزمة الحقيقة هى أزمة تسعير وصناديق أدوية محجوزة بالفعل لصالح شركات ترفض تصنيعها، كونها تجارة من الباطن وأيضًا مساهمة فى احتكار بعض الأصناف بطُرق ملتوية، حيث إن بعض الشركات الكبرى تنشئ شركات أخرى، وهمية، لشراء «بوكس» لدواء ما دون جدية التصنيع. مُضيفًا: «قرار الوزيرة عشوائى، كونها لا تفهم فى صناعة الدواء، ولم يصدر من وزارة الصحة، لكنه صادر من أصحاب المصالح فى غرفة صناعة الدواء وشعبة الدواء لزيادة ثرواتهم على حساب المريض».
ويُشير سعودى إلى أن قرار فتح مثائل الأدوية سيسهم فى زيادة الأدوية المهربة، حيث إن تجارة الدواء فى مصر ٢٠١٨ تبلغ نحو ٦٠ مليار جنيه، منها على الأقل ١٠ مليارات جنيه أدوية مهربة، وبيادة أسعار الدواء ستزداد النسبة، كما أنه سيتسبب فى زيادة الأدوية، منتهية الصلاحية، داخل الصيدليات، وهو ما سيتسبب فى خسائر فادحة لأصحابها خاصة أن الشركات المصنعة ترفض استردادها نتيجة لعدم وجود قانون رادع من وزارة الصحة فى ذلك من باب أن «البايرة لبيت أبوها».
ويُتابع سعودي: «من حقك بره تعمل ٢٠ نسخة من الدواء، ملهاش سقف، بس الناس بره شغالة بعرض وطلب حقيقى، لكن عندنا شركات وهمية ماشية بمبدأ كُل نفسك قبل ما حد ييجى ياكلك». منوهًا بضرورة تسجيل وتداول الأدوية بالاسم العلى، خاصة أنه اتجاه عالمى لمنع سوء استعمالها والقضاء على رشاوى الأطباء الذين يفرضون أنواع بعينها على المريض مقابل نسبة من الشركات المصنعة والموزعة، كما أنه من البديهى أن الدواء المستنسخ «المثيل» يكون الأرخص، لكن قرار «زايد» الأخير يؤكد العكس، ويعكس مدى معرفة وفهم الوزيرة لسوق الدواء.


خبراء: كبار التجار يحتكرون السوق.. «خليل»: اتجاه الشركات الناشئة لإنتاج أدوية جديدة أفضل من تصنيع «مثائل».. و«عز العرب»: القرار يحد من احتكار بعض الشركات لأدوية النواقص.. ويقضى على سماسرة بيع «البوكسات»

تباينت آراء خبراء الصحة والدواء، بين مؤيد ومُعارض، لقرار الصحة بفتح صناديق مثائل الأدوية، فبينما يرى البعض أن تحرير «البوكسات» ما هو إلا وسيلة لزيادة أرباح شركات الأدوية الكُبرى على حساب «جيوب» المرضى المصريين، يؤكد الطرف الآخر أن قرار «زايد» وسيلة جيدة أيضًا للحد من احتكار بعض الشركات لأصناف أدوية والقضاء على سماسرة بيع ملفات الدواء.
يقول الدكتور محمد حسن خليل، منسق لجنة الدفاع عن الحق فى الصحة وخبير النظم الصحية، إن فتح صندوق المثائل دليل مادى على تحكم التجار وشركات الأدوية فى سياسة الدولة، مشيرًا إلى الحكومة متمثلة فى وزارة الصحة ليس لديها أى تحكم عقلانى، خاصة أن الأمر يستوجب وجود حد أقصى لعدد المثائل المتوافرة، مستدلًا بدواء «باراسيتامول»، فعلى الرغم من كونه مسكنًا دوائيًا فإن المسموح به ١٠ مثائل لنفس الدواء.
وأشار خليل إلى استغلال شركات الأدوية للمنتجات الدوائية التى تحقق المكسب التجارى، دون النظر إلى مدى الإفادة المحققة من إنتاج تلك الأدوية، والاتجاه إلى إنتاج أدوية جديدة بشكل مستمر، فبعض الأدوية قد يتم إنتاجها من ٢٠ شركة على حساب الأصناف الأخرى، مشددًا على رفضه لقرار «الصحة»، فالأهم من إنتاج المثائل، هو الاتجاه إلى إنتاج أصناف دوائية جديدة غير مصنعة فى مصر، لا سيما أن بعض الشركات تستورد بعض أصناف الأدوية عن طريق «التهريب»، لأنه غير مسجل فى مصر، لتبيع علبة الدواء بـ٣٢٠ جنيهًا، على الرغم من أن تكلفة صناعتها لا تتعدى الـ١٤ جنيهًا.
وطالب خليل، شركات الأدوية بإجراء الأبحاث والدراسات، وإنتاج أدوية جديدة غير مصنعة فى مصر، لا سيما فى ظل اندثار صناعة الدواء خلال الفترة الحالية، والاقتصار على انتاج مثائل للأدوية الموجودة، فالصناعة الموجودة حالًا هى «صناعة تجميع» على حد قوله، تتم باستيراد المادة الكيميائية وتعبئتها، لافتًا إلى غياب الاستراتيجية الواضحة ورؤى صناعة الدواء فى مصر، نظرًا لخضوع الحكومة التام لأصحاب المصانع والشركات.
بينما أعرب الدكتور محمد عز العرب، رئيس وحدة الأورام بالمعهد القومى للكبد ومستشار مركز الحق فى الدواء، عن تأييده لقرار وزارة الصحة بفتح صندوق المثائل، مشيرًا إلى وجود بعض الملاحظات على القرار عند التطبيق، حيث إنه على الرغم من فوائد اتخاذ القرار، ففتح صندوق المثائل من شأنة الحد من احتكار بعض الشركات للأدوية، كما أنه يمنع سماسرة من بيع ملفات الدواء.
وأوضح عز العرب أن بعض الشركات تحتكر أنواعًا معينة من الدواء، وتمنع الحكومة من توفيرها فى الأسواق لرفع أسعارها فيما بعد، لافتًا إلى أنه على الرغم من ذلك إلا أن ميزانية الصيدليات، وخاصة الصيدليات الصغيرة لن تتحمل نتائج القرار، ولن تصمد أمامه، لا سيما أن الأدوية المتداولة فى السوق ما بين ٢٥٠٠ و٦٠٠٠ صنف دوائى، وعند فتح صندوق المثائل سترتفع أصناف الدواء إلى ما يزيد على ١٠ آلاف صنف.
واقترح عدم الاقتراب من أصناف الدواء المتوافرة فى السوق، وإنما الاتجاه إلى الأصناف غير المتوافرة، وذلك إلى جانب تفعيل دور الإدارة المركزية للصيدلة، خاصة فى ظل وجود مشاكل فى إدارة التسعير، وإدارة التسجيل.