الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

المواطن محمد علي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
هو محمد علي باشا المسعود بن إبراهيم آغا القوللي، ولقب بالعزيز أو عزيز مصر، ويعدّ مؤسسًا للأسرة العلويّة، وكان واليًا على البلاد المصريّة دامت ثلاثة وأربعين عامًا.
وكثيرا ما يحلو للبعض عقد المقارنات بين الباشا محمد على وبين الزعيم الراحل جمال عبدالناصر والرئيس الحالى عبدالفتاح السيسى، حتى أن قداسة البابا تواضروس الثانى صرح الأربعاء الماضى أثناء استقباله وفد جهاز الرقابة الإدارية بالقول: «إن من يقرأ التاريخ يجد أن ما يحدث فى مصر حاليًا هو على نفس نهج محمد على».
وهذا العام تمر ١٧٠ سنة على وفاة مؤسس مصر الحديثة محمد على باشا، دون أن يذكر أو يتذكر أحد مآثره الكبرى، التى لم تكن مشروعات وافتتاحات ومهرجانات، وإنما هى حق المواطنة، ففى عهده تلاشت الفروق بين الأقباط والمسلمين التى كانت فى عهود المماليك ثم الأتراك.
وفى عهده خلع الأقباط الزى الأزرق والأسود الذى كان مفروضًا عليهم وأصبحوا يلبسون الكشمير الملون، وخلعوا الجلاجل الحديدية التى تسببت فى ازرقاق عظام الترقوة، حتى أصبحت العضمة الزرقاء لقبًا لهم.
قبل محمد على لم يكن مسموحا للأقباط بركوب الخيل والبغال.. وكان المسموح لهم به، هو ركوب الحمير فقط.. وجاء محمد على فسمح لهم بركوب كل الدواب، شأنهم شأن المسلمين.
عانى الأقباط فى عهد المماليك من صعوبات للحصول على إذن بزيارة الأراضى المقدسة، لكن برعاية محمد على باشا أصبح الأمر ميسرا، وقد عثر على أول وثيقة تعود إلى عام ١٨٢٥ م يوصى فيها محمد على حاكم غزة بالقبط الذين يرغبون فى الحج إلى القدس، وألا يدع لأحد مجالا للتدخل فى شئونهم.
لم يرفض محمد على مطلقا، أى طلب لإصلاح كنيسة قديمة، أو لبناء كنيسة جديدة.
سمح محمد على للأقباط بحمل السلاح، وذلك لأول مرة منذ دخول عمرو بن العاص مصر.
فى عام ١٨٣٩ صدر مرسوم، بإعفاء الأقباط من دفع الجزية.
وفى عصر محمد على باشا تبوأ الأقباط مراكز عليا لم تحدث من قبله.
‏وووفقا للباحثة مرفت شعراوى كان محمد‏ ‏علي‏ ‏أول‏ ‏حاكم‏ ‏ ‏يمنح‏ ‏الأقباط‏ ‏رتبة‏ ‏البكوية‏ ‏وتعيينهم‏ ‏كحكام‏ ‏أقاليم‏ (‏رتبة‏ ‏المحافظ‏ ‏ورئيس‏ ‏المدينة‏ ‏حاليا‏)، وكان المعلم غالى أبوطاقية اليد اليمنى لمحمد على حيث أسند إليه جمع الضرائب وقد وضع المعلم غالى نظام الضرائب وجبايتها أى أنه كان فى مرتبة وزير المالية فى أيامنا هذه.
وعن تعامل الباشا مع الحوادث الطائفية نقرأ: فى مدينة دمياط تم قتل سيدهم بشاى نتيجة افتراءات وشهادة زور واشترك فى تعذيبه عدد من أهل المدينة، ولما وصل الأمر لمحمد على قرر تشكيل لجنة تحقيق تابعة له وتوصلت للمخطئين، قام بعدها بعزل المسئولين عما حدث وكان من بينهم محافظ دمياط والقاضى وأحد المشايخ المحرضين وهو الشيخ البدري. حادثة أخرى ذكرها الدكتور نبيل فاروق على موقعه تقول: فى عام ١٨٠٦ حدث خلاف بين تاجر مسلم، وشخص مسيحى بسبب قطعة قماش تالفة، وانتهت المشادة بأن التاجر المسلم قتل الرجل المسيحى !!. وبسرعة تدخل التجار المسلمون، لحماية زميلهم، والتستر عليه، والاكتفاء بدفع الدية فقط.. لكن محمد على تدخل شخصيا، وأصر على إعدام التاجر المسلم.. وهنا يثور الرعاع والدهماء ثورة عارمة، بقيادة مشايخ الأزهر، استنادا للحديث «لا يقتل مسلم بكافر» !!. لكن محمد على كان حازما صارما، وأصر على إعدام القاتل.. وبالفعل تم إعدام التاجر المسلم، على رؤوس الأشهاد.. لم يعرف محمد على المجالس العرفية، و«معلش» و«علشان خاطرى» و«بيت العيلة»...إلخ. ولم يكتف محمد على بذلك.. بل إنه أرسل مندوبا من طرفه، طاف بالأسواق، وأعلن للجميع أن الإعدام سوف يكون مصير كل من يجرؤ على تكرار هذه الفعلة الشنعاء.. ومنذ ذلك التاريخ دخل الدهماء ورجال الدين جحورهم رعبا وهلعا.. واستتب الأمن تمامًا لمحمد على طوال مدة حكمة، تفرغ خلالها محمد على لإقامة نهضة كبرى، شملت كل نواحى الحياة، (تعليمية، وزراعية، وصناعية، وتجارية، وعسكرية).. وأصبحت مصر فى عصره دولة كبرى. ومن الطريف كما تقول الدكتورة إلهام أحمد إن محمد على باشا أرسل بعثات تتعلم الطباعة واشترى ثلاث مطابع وقرر أن يبدأ الطباعة بكتاب الله (القرآن)، لكن الأزهر رفض ذلك بفتوى أن «كلام ربنا لايطبع بمطبعة» حتى اضطر الباشا إلى إصدار قرار ملكى بالطبع، وهنا قاطع الأزهر - منارة العلم - القرآن المطبوع، ولم يعتمده إلا بعد ١٥ سنة.
يقول المؤرخ عبدالرحمن الرافعى، فى كتابه «عصر محمد على»: «إن النهضة الكبرى التى أقامها محمد على فى كافة المجالات، قد قامت على فصل الدين عن السياسة، ونشر التعليم المدنى فى مصر، وفتح أبوب المدارس أمام المسلمين والمسيحيين على السواء، وتحويل شيوخ الأزهر إلى موظفين إداريين يتلقون رواتبهم من الخزينة المصرية».
وما زال إخواننا المغرمون بعقد المقارنات خارج التاريخ، والجغرافيا كمان.