الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

الدور التركي القذر في ليبيا (ملف)

أردوغان
أردوغان
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أنقرة تدعم الميليشيات لنشر الفوضى.. وأردوغان يسعى لتقويض الاستقرار وتهديد دول الجوار
الأمم المتحدة: التهريب التركي تعدٍ على قرار حظر تصدير الأسلحة.. و«حفتر» يدعو لتحقيق دولي
لا يزال الدور التركي في ليبيا محل تساؤل، خاصة في ضوء حالة الالتباس والغموض التي تحيط بالتدخل التركي في الشئون الليبية منذ ٢٠١١، ودخول الوضع في ليبيا إلى حالة من عدم الاستقرار؛ إذ أسهمت هذه الحالة في نشاط النمط الميليشياتى في السياسة الليبية التي هيمن عليها السلاح.
وأثبتت الأحداث السياسية فيما بعد هذه الرؤية؛ إذ اعتمدت الأحزاب والقبائل على الميليشيات لتضمن لنفسها موقعًا، سواءً داخل العملية السياسية الليبية في مراحل الانتخابات، أو حتى على طاولات التفاوض التي يتم رعايتها دوليًا وإقليميًا.
ويرى بعض المتابعين أن التدخل التركي في الحالة الليبية من خلال كسر حظر السلاح المفروض على ليبيا، ما هو إلا استمرارًا لدعم حالة عدم الاستقرار من خلال إصرار أنقرة على تسليح الميليشيات التي تعمل على استمرار تأزيم المشهد السياسي الليبي.
على الناحية الأخرى، ترفض أنقرة هذه الاتهامات، وجاء ذلك على لسان وزير خارجيتها بعد زيارته لطرابلس، حين زعم أنه لا علاقة لتركيا الرسمية بهذه الصفقات.
ويُثير نشاط تركيا في الأراضي الليبية حالة من الشكوك لدى الدول المعنية بالاستقرار في ليبيا، خاصة الشركاء الأوروبيين والدول الإقليمية كمصر والجزائر، والغريب في الأمر أن حالة التدخل التركي في ليبيا تمثل كسرًا للقرارات الدولية وهو ما تبرزه العديد من الدلالات.
- تمكنت السلطات اليونانية مطلع عام ٢٠١٨، من منع مرور سفينة محمَّلة بالأسلحة والمتفجرات كانت في طريقها إلى ليبيا، واكتشفت السلطات اليونانية وجود ما يقارب ٢٩ حاوية على السفينة تحتوي على مواد تستخدم لصناعة المتفجرات. ويتعارض ذلك مع سياسات الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة اللذين فرضا حظرًا على بيع ونقل وتوريد الأسلحة إلى ليبيا منذ ٢٠١١.
- تمكنت القوات الليبية فى ديسمبر ٢٠١٨، من ضبط حمولات قادمة من ميناء مرسين التركي على أنها مواد بناء، ولكن قوات الأمن الليبي فتشتها، بعد أن أثيرت الريبة حول ما تحمله، وبالفعل نتج عن عملية التفتيش اكتشاف شحنة كبيرة من الأسلحة والذخيرة التي أشارت المصادر الرسمية فى مجلس النواب الليبي والجيش الوطني أنها كانت في طريقها إلى دعم الميليشيات الليبية في طرابلس.
نظرة دول الجوار والعالم للدور التركي في ليبيا
أثار إحباط تصدير الأسلحة إلى ليبيا حفيظة المجتمع الدولى، خاصة أن هذه المرة الثانية خلال عام واحد، التي يتم فيها إحباط عمليات تهريب الأسلحة إلى الميليشيات الليبية عبر الموانئ التركية، وفي هذا السياق سنحاول الإشارة إلى ردود الأفعال الدولية.

بعثة الأمم المتحدة في ليبيا
استنكرت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا محاولات تصدير السلاح، واعتبرت أن ذلك تعديًا على قرار مجلس الأمن الدولى القاضي بحظر استيراد وتصدير الأسلحة إلى ليبيا، وقالت البعثة عبر حسابها على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، إن ليبيا بحاجة إلى الاستقرار والسلام وليس لمزيدٍ من الأسلحة، مضيفة أن هذه ثاني مرة يتم فيها إحباط إدخال أسلحة تركية إلى ليبيا.

تأهب على الحدود الليبية الجزائرية
شهدت الحدود الليبية الجزائرية حالة من الاستنفار الأمني، بعد أيام قليلة من ضبط شحنة الأسلحة التركية؛ حيث قام رئيس أركان الجيش الجزائري، الفريق أحمد فايد صالح، بزيارة عمل إلى المنطقة العسكرية الرابعة المتاخمة للحدود مع ليبيا، وأشارت وسائل الإعلام المحلية في الجزائر إلى أن القيادة العسكرية في الجزائر تتعامل مع أى تطور في ليبيا بحذرٍ شديد، وذلك كانعكاس لحالة الفراغ الأمني والسياسي الذي تشهده ليبيا منذ ٢٠١١.
وتضبط الأجهزة الأمنية الجزائرية منذ ٢٠١١ العديد من شحنات الأسلحة في الصحراء، وذلك بشكلٍ شبه يومي، وهو ما يثير تخوفات أمن الحدود المشتركة لدى الجزائريين الذين باتوا ينظرون للحدود مع ليبيا على أنها مصدر تهديد.
تحرك مصري ضد تركيا دوليًا
كان للقاهرة موقف متشدد ضد الدور التركي في ليبيا مطلع عام ٢٠١٨، بعد إعلان أثينا عن ضبط سفينة تحمل أسلحة وتتجه صوب مدينة مصراتة الليبية؛ حيث دعت مصر وقتها إلى تحقيق دولي بشأن خرق الجانب التركي للقرارات الأممية التي تفرض حظرًا على تصدير الأسلحة إلى ليبيا خاصة قرار مجلس الأمن رقم ٢٢٩٢، ووجهت الخارجية المصرية وقتها بعثاتها الدبلوماسية لدى عواصم الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي والوفد المصري الدائم لدى الأمم المتحدة بالدفع للتحقيق في الواقعة.
ردود الفعل داخل ليبيا 
رغم حالة الانقسام الشديدة التي تعيشها السياسة الليبية منذ تعطل العملية السياسية، فإن شحنات الأسلحة التركية الأخيرة قد جمعت كافة الأطراف الليبية التي استنكرتها واعتبرتها تدخلًا يفضي إلى استمرار حالة عدم الاستقرار السياسي والأمني في البلاد، بما في ذلك تقويض نتائج المفاوضات الجارية لإحلال السلام واستئناف العملية السياسية، وتتمثل أبرز هذه الردود فيما يلي.
حكومة «السراج»
أعلن «السراج» لدى استقبال وزير الخارجية التركي انشغاله التام بموضوع الأسلحة التركية المضبوطة في ميناء الخمس البحري، وأعلنت حكومة «السراج» إجراء تحقيق محلي مشترك بين الجانبين التركي والليبي للوقوف على ملابسات الحادثة.
الجيش الوطني الليبي
اتهم المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الليبي، تركيا بتأجيج الفوضى في ليبيا عبر دعم الميليشيات المسلحة بالعتاد لتقويض استقرار ليبي، ودعا «حفتر» إلى فتح تحقيق دولي للكشف عن الأطراف المتورطة في الدم الليبي من خلال إشعال الحرب وإطالة أمدها. 
على صعيدٍ آخر، كشفت القيادة العامة للجيش الليبي في بيانٍ لها عمّا كانت تحويه هذه الشحنة؛ إذ أشار البيان إلى أن عدد الذخائر التي ضبطها فاق ٤.٢ مليون رصاصة، إضافة لآلاف المسدسات والبنادق المزودة بكواتم صوت لتنفيذ الاغتيالات.
ورفض المتحدث باسم الجيش الليبي لجنة التحقيق المحلية المشتركة التي توافق عليها «السراج» مع وزير الخارجية التركي، معتبرًا أن تركيا طرف متهم ولا ينبغي لها المشاركة في التحقيق، وشددت القيادة الليبية على ضرورة إحالة الأمر برمته إلى مجلس الأمن الدولى للتحقيق فيه، خاصة أنها ليست المرة الأولى التي يتم فيها الكشف عن أسلحة تركية مهربة إلى الداخل الليبي.

اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان
طالبت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا مجلس الأمن بفتح تحقيق شفاف وشامل للكشف عن تفاصيل الواقعة، وتحديد المسئولين عن توريد هذه الأسلحة إلى ليبيا، خاصة أنها خرجت بشكل رسمي من أحد الموانئ التركية.. وحذرت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان من استمرار خرق تصدير الأسلحة إلى ليبيا، معتبرة أن ذلك يسهم في تصعيد العنف والاقتتال فيما بين أطراف النزاع المسلح، خاصة مع التخوف من تسرب هذه الأسلحة إلى الجماعات الإرهابية المنتشرة في البلاد، والذي من شأنه يعرض أمن وسلامة المدنيين للخطر.

مجلس النواب الليبي
طالبت لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب الليبي لجنة العقوبات الدولية بمجلس الأمن بالتحرك لتطبيق القانون الدولى على تركيا، ورأت لجنة الدفاع والأمن القومي أن أنقرة بفعل سياستها لا تهدف إلى الوصول إلى حالة الاستقرار في ليبيا، وإنما تعمل على تزكية حالة الصراع.
 ودعت لجنة الدفاع مجلس الأمن والمجتمع الدولي، للتحقيق في الخروقات التركية في ليبيا، خاصة أنها المرة الثانية التي يتم فيها توقيف شحنات أسلحة إلى أطراف مصنفة على لوائح الإرهاب.
وفى العموم، أثارت شحنات الأسلحة التركية إلى ليبيا حالة من الجدل خاصة في ضوء النفي الرسمي من الجانب التركي عن معرفته بهذه الشحنات.. وفي كل الأحوال سواءً ثبت تورط الجانب التركي في هذه الصفقات من عدمه، تبدو هناك تساؤلات جادة تتعلق بحالة الاستقرار في ليبيا وعلاقتها بمسألة حظر تصدير الأسلحة سيما في ضوء الحرب على فلول تنظيم «داعش» الإرهابي، الفارة من العراق والشام إلى ليبيا.