السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

في وداع خالد الصاوي.. الشاعر المناضل الإنسان

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يدخل إلى مكتبنا في هدوء وهو يقول بصوتٍ خافت: «صباح الخير على الحبايب».. تنتفض جارتي في المكتب الصديقة العزيزة بهيجة حسين: إزيك يا خالد؟.. وبحرارة لا مثيل لها نستقبله بالأحضان، ونبدأ الدردشة وتتشعب بنا الكلمات فى دروب كثيرة، فننتقل بتلقائية من حديث السياسة إلى واحة الشعر إلى هموم الواقع الثقافى.
دائمًا كنتَ مبتسمًا يا خالد.. متفائلًا بغدٍ مشرق.. مؤمنًا بجيل يتولد يومًا بعد يوم يواصل مسيرة الإبداع، ويراك سندًا له ومعينًا لا ينضب من الدعم والتشجيع، فالجميع تابع جهدك النقدى وقد تركز فى تناول إبداع أدباء الأقاليم الذين لم يهتم بهم كثيرون، فوقفت أنت بجوارهم تلقى الضوء على إنتاجهم، وتعرف الجمهور بهم وتمنحهم طاقة إبداعية تساعدهم على مواصلة الطريق.
تغلبتَ على مرضك اللعين بالثبات واليقين بأن الحياة فيها ما يستحق المعاناة والدأب، ونشر ثقافة التفاؤل والمحبة والانتصار لكل القيم النبيلة الباقية ما بقيت الحياة.
تتنقل بين المنتديات الثقافية فى بنى سويف والقاهرة وأحيانًا المنيا ومحافظات أخرى عديدة، تسبقك ابتسامتك الصافية التى لم أر فى نقائها مثيلًا فى هذه الدنيا.. تمارس هوايتك فى سبر أغوار الشعر واحتضان شباب المبدعين.
الإجماع على محبتك يفوق الوصف، فأهدافك واضحة: الحلم بمجتمع حر تسود فيه العدالة الاجتماعية وينتصر فيه الإنسان بعمله وكده وإنتاجه وإبداعه إذا تهيأت له الظروف، ولذلك كان من طبائع الأمور أن تنعيك كل الأحزاب والقوى اليسارية، ويبكيك كل من سار على الدرب حتى لو تفرقت بهم السبل، وصدرت البيانات ترثى رحيل الشاعر والناقد والمناضل والإنسان الجميل خالد محمد الصاوى، من أحزاب التجمع والاشتراكى المصرى والتحالف الشعبى، وغيرها من القوى السياسية.
إدمانك للشعر ونظمه، لم يجعلك تبتعد عن الخطر الذى يحيق بالوطن، وكم تناقشنا حول التيارات الظلامية المعادية لكل القيم الإنسانية والمخربة للعقول، والمحطمة للمجتمعات، وتبنيتَ عن جدارة منهجًا فكريًا واضحًا فى مواجهة جماعات التطرف والإرهاب، ولا زلتُ أحتفظ بكتابك الذى صدر عن حزب التجمع «حول الإسلام والتأسلم ومشروعنا النهضوى».
لم تكن يومًا نجمًا من نجوم الفضائيات.. لم تكن يومًا من أولئك الذين يقتاتون على اللغو السياسى، لكنك دائمًا كنتَ ثابتًا على المبدأ، مؤمنًا بالإنسان، رائدًا من رواد ثقافة التنوير والتقدم والمواطنة.
أصدقاؤك وعارفو فضلك كانوا ينتظرون حفل تكريمك يوم الأحد المقبل، فى نادى أدب قصر ثقافة بنى سويف، تقديرا لدورك الفعال والمؤثر فى الحياة الأدبية، لكنك اخترتَ أن يكون رحيلك هو الوداع الأخير.
لا نملك إلا أن نُعزى أنفسنا، وعزاء لأسرتك الكبيرة من أصدقائك وتلاميذك ومحبيك، وقلبى مع زوجتك الفاضلة عزة، وابنتيك الرائعتين فيروز وسلمى.
وباقٍ أنت يا خالد بأشعارك.. بدورك التنويرى.. بدعمك لشباب المبدعين.. بأدبك الجم وروحك الوثابة.