السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

وليكن السلام.. أول الأناشيد

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا يمكن أن يستمر إخفاء ثلاثة أشياء لفترة طويلة: الشمس، والقمر، والحقيقة.. والحقيقة هى ما قالها «بوذا» أحد المحبين القدماء: «الكراهية لا توقفها الكراهية، بل يوقفها الحب». 
الكراهية لن تجعل السماء تمطر أزهارًا أبدًا «فإذا أردنا المزيد من الأزهار توجب علينا زراعة المزيد من الأشجار»، كما قالت جورج إليوت، لكننا لن نستطيع يا إليوت لأننا ما زلنا نتجاهل وصية بوذا: «لا تقتلن كائنا حيًا أبدًا»، وما زال بعضنا لا يكره الكراهية التى أوصى جان كوكتو بكراهيتها؛ لأن ذلك هو السبيل للارتقاء بالبشرية، ومن ثَمّ الخروج الآمن من طور الأفكار المحنطة فى العقول، إلى طور تطبيقها، فالسلام على سبيل المثال فكرة رائعة وعظيمة، لكنها منذ قرون سحيقة، وهى قابعة فى مكانها بين العديد من الأفكار النبيلة، التى لم يشملها التنفيذ حتى الآن.
السلام من أكثر الكلمات إيقاعًا فى قواميس البشر، ويأتى على رأس كل الفضائل، بل هو أنبلها على الإطلاق، لكن للأسف «يضطهد الأشرار الفضيلة أكثر مما يحبها الأخيار» كما قال بوذا.
الأشرار لا يقدسون سوى أفكارهم المنطوية على الحقد والكراهية، وبها يحولون العالم إلى غابات ترتكب فيها أحقر الجرائم بلا وازع من ضمير أو خلق، الأشرار لم يصل إلى مسامعهم ما قاله أندريه جيد: «فلنقدس الإنسانية طالما نعيش وسط البشر».
الأشرار لم- ولن- يعرفوا ألبير كامو مثلا، ومن ثَم لن يعرفوا أننا نؤمن بمقولته: «نحن نعرف واجبًا واحدًا، وهو أن نحب»، ولن يقتنعوا بأن دعواتهم وأفكارهم التى يروجون لها حمقاء، وستظل كذلك مهما تزايد أعداد المغفلين الذين يعتنقونها؛ لأننا نؤمن بما قاله أناتول فرانس: «إذا قال خمسون مليون شخص مقولة حمقاء، فإنها لا تزال مقولة حمقاء»، كما لن يعرفوا أننا لا ولن نخشاهم؛ لأن أندريه موروا قال لنا: «أهم شيء هو ألا تخاف، فعدوك الذى يجبرك على التراجع يخافك فى تلك اللحظة ذاتها». 
الأشرار لا يدعون فرصة حتى يكون كل ما يفعلونه مغرقًا فى الابتذال وهم يقصدون ذلك بلا شك لكى تطال أيديهم الملوثة رءوسنا وإن نجت رءوسنا فيقتلون روحنا المحبة للبشر وللحياة.
الحق أقول لكم إن تشيكوف لم يجانبه الصواب حينما قال: «لا يوجد ما هو أفظع وأكثر مدعاة للاكتئاب من الابتذال»، لكننا لن نتوقف عن الابتسام حتى وإن كنا مغرقين فى الحزن، كما قال ماركيز، سنبتسم بل سنضحك من أعماقنا من جهلكم وتهوركم، والعصاب الذى يسيطر عليكم؛ لأننا نعرف أن مصدر جنونكم وعصابكم، هو أنكم لا تجدون ما تفعلونه أو لا تفعلون ما تجدونه مناسبا للعالم الذى تشاركوننا فيه، وإن كنتم لا تصدقوننا فاسألوا آرثر شوبنهاور الذى سيقول لكم: «من الصعب أن تبقى هادئا إن لم يكن لديك ما تفعله»، ورغم الفراغ الذى يملأ قلوبكم وتعيشون فيه تكفرون وتعيبون المختلفين عنكم ومعكم وأنتم لا تعلمون ما قاله الجاحظ: «ما رأيت أحدًا يعيب الناس إلا لفضل ما به من العيوب».
وفى النهاية يجب أن تعلموا أننا لسنا عاجزين، وأن الخلاص منكم ليس مستحيلا، واسألوا «طاغور» الذى قال: «سأل الممكن المستحيل أين تقيم، فأجاب: فى أحلام العاجز».