إذا كنا نطلق على ذوي الاحتياجات الخاصة هذا، فقد أخطأنا في التعبير فمن منا لا يحتاج في حياته فكلنا لنا احتياجات خاصة نكملها فيما بيننا، ومن ثم هم أصحاب قدرات خاصة، ظهروا في جميع المجالات وأخص بالذكر المسرح أبو الفنون، ليؤكد مدى تعلقهم بأرق الفنون، وهو فن الفرجة، ليطرحوا قضايا عامة، يغوصون في بحار عملاقة، لأنهم بالفعل يجيدون السباحة بمهارة في جميع المجالات، فإذا شرعوا في تمثيل مسرحية، وضعوا أيديهم في عجينها حتي تخرج للنور وصنعوا ديكورها بأيديهم على المسرح، وهذا ما حدث في مسرحية جمهورية جحا إخراج وتأليف الأستاذ مجدي مرعي المخرج المبدع الذي أفضي إلي بقدراتهم الخاصة التي تجلت أثناء العرض فلم يكن العرض يحكي النواقص التي يحتاجونها بل مثلوا قضية يمثلها الأسوياء تمام دون خطأ قد يلاحظه المشاهد بأنهم غير مبصرين، كان هذا العرض ضمن مبادرة مصرية تحمل اسم (اسمعني بقلبك) حيث قدم العمل في إطار كوميدي من خلال نوادر جحا، حيث يتقدم حجا للمحاكمة بسبب عجزه عن تسديد ضريبة حب الناس ليؤديها إلى بيت المال، حيث تكثر العقوبات عليه وتتكاثر، حتى لا يستطيع الوفاء بوعوده ، فتكون عقوبته النفي ، ويمثل هذا ذروة الحدث الدرامي، لينتقل على مرحلة أخرى فارقة، فيتم نفيه إلى جزيرة العمي و جزيرة الصم أو جزيرة المجانين، ثم لم يلبث أن ينام في سبات عميق مغشيا عليه، يتم فيه مقابلة نماذج عديدة مختلفة من ذوي الاحتياجات الخاصة ، ويتعايش معهم ومع مشاكلهم ، يشعر بشعورهم ويتألم بألمهم، ثم يصل الحدث إلى التغير في منحى السارد والراوي، فيكون حجا بهم مجتمعا خاصا يطلق عليها جمهورية حجا، يظل الحلم في طرح المشاكل والرؤى بطريقة كوميدية فارقة استطاع المخرج أن يوظفها في دعابة بالغة، ليصنع صدمة ، يتعاطف الجمهور معه، حيث يستفيق حجا من غفلته على حدث آخر، وهو عفو السلطان عنه، في مقابل تعليم حجا لحمار السلطان القراءة والكتابة، فأثيرت القضية بطريقة شيقة كوميدية، لعب الممثلون المبدعون في قدراتهم الفنية الخاصة أدوارا متميزة منهم أحمد إمام في دور جحا، ومحمد حامد في دور القاضي، وكريم فهمي في دور الحارس ، ميدوا ، سيد محمد ، وآيه ياسر فدور الجيران، محمد عبد العزيز في دور الزوج، وعلية فريد في دور الزوجة، والكثير من الشخصيات المتميزة، كما أن هناك عرضا لهم يقدم مدينة دمياط آخر بعنوان (خليك مكاني) لنفس المخرج الذي تخصص في هذه القضايا وحصل العرض على جائزة الحصان الذهبي و15 ميدالية ذهبية وشهادة تقدير للممثلين.
فكم نحن محتاجين إلى أنواع جديدة متميزة تعطينا، نواحا إيجابية في حياتنا، وتغير مفاهيمنا، فقد برعوا في أدق المجلات مثل الكمبيوتر وغيرها، إن مصر عامرة بالقدرات الخاصة، فالمبدعون بعامة هم أصحاب قدرات خاصة، فلم يكن بشار بن برد و أبو العلاء المعري وطه حسين، وغيرهم من الذين أبحروا بنا في عوالم الدنيا شعرا وأدبا، في الموسيقى، سيد مكاوي، وعمار الشريعي، عمرو سليم الذين غاصوا في بحر النغم، فمصر مازال نيلها يجري إبداعا.
