الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

"هجوم طرابلس" يفضح أبعاد المؤامرة على ليبيا

هجوم طرابلس
هجوم طرابلس
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
جاء الهجوم الإرهابي، الذى استهدف مبنى وزارة الخارجية في حكومة الوفاق في العاصمة الليبية طرابلس، الثلاثاء الموافق 25 ديسمبر، بمثابة دليل جديد على إخفاق هذه الحكومة في القيام بمهامها، وعدم فعاليتها، في مواجهة تزايد نفوذ الميليشيات المسلحة، ما سبب فوضى عارمة في أنحاء العاصمة، وزاد من شوكة الإرهابيين.
فالاشتباكات العنيفة التي شهدتها الضواحي الجنوبية للعاصمة الليبية منذ 26 أغسطس الماضي، والتي استمرت أسابيع، بين ميليشيات تتبع وزارتى الدفاع والداخلية فى حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج، وأسفرت عن سقوط حوالي 117 قتيلا وإصابة 404 آخرين، كشفت بوضوح أن الصراع بين هذه الميليشيات لبسط نفوذها على العاصمة الليبية، لن يقف عند حدود معينة، ولن تقتصر تداعياته الكارثية على نشر الفوضى وتسهيل مهمة الإرهابيين، وإنما قد يتطور أيضا إلى الاستعانة بالإرهابيين، لترجيح كفة طرف على آخر، وهو ما قد يعقد جهود حل الأزمة الليبية.
ولعل ردود الفعل على الهجوم الإرهابي، الذي استهدف وزارة الخارجية في حكومة الوفاق في طرابلس، يعكس القلق الواسع من خطورة استمرار هذه الميليشيات في تحدي سلطة الدولة، وتقوية نفوذها على الأرض. 
وكان أربعة مسلحين هاجموا صباح الثلاثاء الموافق 25 ديسمبر مبنى وزارة الخارجية في حكومة الوفاق في طرابلس، وتبادلوا إطلاق النار مع الحراس، إلا أن أحدهم تمكن من دخول المبنى وفجّـر نفسه أمام مكتب التفتيش والمتابعة"، وآخر فجّـر نفسه في الشارع بعد تضييق الخناق على الآخرين، وقتل مهاجم ثالث، وألقي القبض على رابع. وأسفر الهجوم عن مقتل 3 أشخاص وإصابة 9 آخرين، حسب وزارة الصحة في حكومة الوفاق.
وأدان مجلس بلدية بنغازي في شرق ليبيا، الهجوم الإرهابي، الذى استهدف مبنى وزارة الخارجية في حكومة الوفاق، وحمل المجلس، في بيان، الأطراف الداعمة للميليشيـات في طرابلس، المسئولية القانونيـة والأخلاقية عن هذا العمل الإرهابي، في إشارة إلى حكومة فايز السراج.
وأشاد المجلس بدور الجيــش الليبــي بقيادة المشير خليفة حفتر في التصــدي للجماعات الإرهابيـــة التي عاثت في الأرض فسادا ودمرت ثروات ومقدرات الشعب الليبي.
وحسب موقع "المتوسط" الليبي، ناشد مجلس بلدية بنغازي، كل البلديات للوقوف صفًا واحدًا والالتحام بالجيش الليبي، حتى يتم تحرير كامل تراب الوطن من الجماعات الارهابية، كما وجه مجلس بلدية بنغازي دعوة للمجتمع الدولي لرفع حظر التسليح على الجيش الليبي حتى يتمكن من محاربة الإرهاب واجتثاثه وتجفيف منابعه وحفظ أمن البلاد.
وبدوره، قال الكاتب والمحلل السياسي الليبي عبدالعزيز الرواف، إن الهجوم، الذي استهدف، وزارة الخارجية في حكومة الوفاق، يعكس حالة العشوائية في طرابلس.
وأضاف الرواف في تصريحات لقناة "الغد" الإخبارية في 25 ديسمبر، أن هناك عشوائية من قبل أدوات حكومة الوفاق الموجودة في طرابلس.
وتابع: "ليس أمام الليبيين إلا أن يؤمنوا أن حكومة الوفاق تسير من قبل أشخاص لهم ميول إرهابية"، حسب تعبيره. 
وفي السياق ذاته، قال قال المحلل السياسي الليبي، محمد العمامي، إن تورط تنظيم داعش الارهابي في الهجوم، الذي استهدف، وزارة الخارجية في حكومة الوفاق في طرابلس، هو أحد الاحتمالات، وليس كل الاحتمالات. 
وأضاف العمامي خلال لقائه على قناة "الغد" الإخبارية، أن "من يتسرع وينسب الحادث لتنظيم داعش الإرهابي، نقول إن داعش هو أحد الاحتمالات وليس كل الاحتمالات".
وتابع: "يجب أن ننتبه أن اختيار عيد استقلال ليبيا كمناسبة وطنية لتحدث فيه العملية الإرهابية، يؤكد أن كثيرًا من المتطرفين يرفضون الاحتفال بهذه المناسبة، غير أنه من الصعوبة توجيه اتهام بعينه لجهة معينة".
وأكد العمامي أنه لابد من وجود جهاز استخبارات قوي لمتابعة العمليات الإرهابية في ليبيا، قائلا: "الهجوم الذي استهدف وزارة الخارجية يؤكد أن العاصمة غير آمنة".
وأضاف العمامي: "الواقع يقول إن هناك الكثير من الصراعات التي لا نراها في وضح النهار وتتم في الغرف المغلقة بالليل، وإن كل هذا يَحتاج إلى جهاز أمني واضح وليس عددًا من الميليشيات التي تزعم أنها تحمي العاصمة".
ويبدو أن الأسوأ لا يزال بانتظار ليبيا، في ظل سعي الميليشيات المتصارعة لبسط سيطرتها الكاملة على طرابلس، والتغلغل فى مفاصل الدولة ومواجهة أى جهود لبناء مؤسسات قوية فى الدولة الليبية، وتورطها فى عمليات تهريب النفط إلى دول الجوار الليبى.
وحسب تقرير نشرته شبكة "سي ان ان" الإخبارية الأمريكية في 25 يناير 2017، فإن العاصمة الليبية تشهد منذ سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي حالة من الصراع بين الميليشيات أو المجموعات المسلحة التي تختلف توجهاتها وتتنوع ولاءاتها، وغالبا ما يندلع القتال فيما بينها بسبب الصراع على النفوذ السياسي والهيمنة الاقتصادية، وكذلك من أجل السيطرة على الأرض.
وأوضح التقرير أن الأطراف السياسية تلجأ إلى هذه الميليشيات لكسب دعمها من أجل ضمان البقاء حتى حل بعضها محل الدولة في حفظ الأمن.
وتابع أن خريطة الميليشيات المسلحة في العاصمة الليبية طرابلس، مقسمة بين من يعلن الولاء للمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، وبين من يحمل أفكارا متطرفة، مثل فكر تنظيم القاعدة، وفكر "الإخوان".
وأشار التقرير إلى أن حكومة الوفاق منذ أن بدأت عملها في مارس 2016، سعت إلى عقد اتفاقيات مع عدد من الميليشيات المسلحة من أجل تسهيل عمل هذه الحكومة داخل العاصمة وضمان أمنها، مقابل منح الميليشيات دور في المشهد المقبل، ومن أبرز هذه المليشيات: "قوة الردع الخاصة"، وهي الأكثر تسليحا وعددا وهي أحد أكبر المجموعات العسكرية المسلحة في طرابلس ويقودها عبد الرؤوف كارة وهو شيخ سلفي ومقرها داخل مجمع معيتيقة في الجهة الشمالية الشرقية من طرابلس حيث يوجد المطار الوحيد الذي يعمل في العاصمة، وتزعم انها تحارب الجماعات المتطرفة.
وتوجد أيضا "كتيبة النواصي" وتزعم أنها تعمل على محاربة الفساد والجريمة داخل العاصمة الليبية وتتكون من حوالي 500 عنصر تتواجد في منطقة سوق الجمعة القريبة من مطار معيتيقة، وتدعى أنها تلعب دورا مهما في تأمين وحماية مقار حكومة الوفاق.
هذا بالإضافة إلى "كتيبة ثوار طرابلس"، ويقودها هيثم التاجوري، وهي معروفة بعدائها للجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، ويبلغ عدد أفرادها إلى حوالي 1300 مسلح وتزعم انها تتكفل بحماية المجلس الرئاسي والمواقع الاستراتيجية وحمايتها وأيضا البنية التحتية والمواقع الهامة الأخرى في طرابلس.
ونظرا لتنامي نفوذ الميليشيات في طرابلس، طالبت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، في 19 أغسطس الماضي، حكومة الوفاق، بممارسة دور فاعل لكف يد الميليشيات التي تعمل اسميًا تحت إشرافها، عن مهاجمة المؤسسات العامة والتدخل بشئونها.
وأعربت البعثة عبر حسابيها على "تويتر" و"فيسبوك"، عن إدانتها الشديدة لأعمال العنف والتخويف، وعرقلة عمل المؤسسات السيادية الليبية من قبل رجال الميليشيات، داعية حكومة الوفاق إلى الاضطلاع بدورها وفرض عقوبات رادعة بحق تلك الميليشيات.
وأوضحت البعثة أن بعض أفراد الميليشيات المسلحة المنتشرة في طرابلس العاملة اسميًا تحت إشراف وزارة الداخلية في حكومة الوفاق، يهاجمون المؤسسات السيادية ويمنعونها من أداء عملها بشكل فعال، مشيرة إلى أن التدخل في عمل المؤسسات السيادية وفي الثروة الوطنية الليبية أمر خطير ويجب أن يتوقف على الفور.
وشددت البعثة على أن الأمم المتحدة ستعمل مع جميع السلطات المختصة للتحقيق في إمكانية فرض عقوبات ضد أولئك الذين يتدخلون أو يهددون العمليات التي تضطلع بها أي مؤسسة سيادية تعمل لصالح ليبيا والشعب الليبي.