الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

صلاح جاهين.. الممثل والسيناريست يُنافس الشاعر والرّسام

المشخصاتي

صلاح جاهين
صلاح جاهين
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
رغم مواهبه اللامحدودة؛ إلا أن التمثيل كان حلمًا خاصًا للعبقرى البدين، كان يرى نفسه «مُمثلا بالسليقة»، حسب وصفه، لكن العديد من الأعوام مرّت على ابن القاضى الذى عرفته مصر شاعرًا موهوبًا وفنان كاريكاتير لا يشق له غبار، لكنه ظل يؤكد لمن حوله على قدراته التمثيلية «وإن لم أكن حتى هذه اللحظة قد وضعت قدمى فى بلاتوه، أو أحرقت وجهى لمبة واحدة أو ذقت مرارة شاى الاستديوهات».
انتظر جاهين حلم التمثيل كثيرًا حتى جاءته تجربة أداء دور قصير فى فيلم يحكى عن ثورة يوليو التى كان واحدًا من داعميها حتى تحطم الحلم فى صباح ٥ يونيو ١٩٦٧. عندها، وحين علم بترشيحه للدور، تجاهل جسده الضخم قوانين الفيزياء وذهب إلى بيته راقصًا وهو يُردد «ح أمثل قدام فاتن حمامة ورشدى أباظة بحالهم»؛ وكان كلاهما أبرز نجوم ذلك العصر. 
لم يكن الأمر سهلًا بالقطع، أو هكذا بدا فى أول الأمر، فجاهين -الذى كان مُسيطرًا على عالم الورقة والقلم- كان يقف أمام الكاميرا لأول مرة أمام مخرج عملاق هو صلاح أبوسيف الذى كان واحدًا من أساطير الشاشة الساحرة؛ لكن البهلوان العظيم انهمك فى تجربة الأداء وكأنه مرشح لدور البطولة، لم يشعر وقتها سوى بالمخرج صلاح أبوسيف الذى كان يُتابعه بإعجاب وهو يقول فور انتهائه من المشهد: «ستوب.. هايل يا أستاذ.. رائع يا أستاذ.. عظيم يا أستاذ». بهذه الكلمات البسيطة عرف جاهين أنه قد حصل على دوره الأول فى فيلم «لا وقت للحب»، والذى يحكى عن «حمزة» أحد المقاومين للاحتلال الإنجليزى من الحرس الوطنى وحبيبته «فوزية» التى تساعده وتحاول هى الأخرى تشكيل خلية خاصة بها من أجل ضرب القوات الإنجليزية فى منطقة القنال.
كان هذا الدور بداية علاقة قوية بين جاهين والسينما، حيث استعان به المخرج كمال الشيخ مرة أخرى عندما قرر مع الأديب العالمى نجيب محفوظ تحويل رائعته الأدبية «اللص والكلاب» إلى فيلم من بطولة شكرى سرحان وشادية. كان صلاح جاهين هذه المرة يتقمص أحد أعلام الحارة التى كان يعيش فيها البطل «سعيد مهران». لا أحد ينسى طريقته فى الحديث بعد سقوط أحد الأبرياء برصاص سعيد الطائش وهو يقول «دنيا لها العجب، خردواتى لا له فى الطور ولا فى الطحين يموت عشان نبوية اتجوزت عليش».
قام جاهين بعد ذلك بأدوار فى أفلام «من غير ميعاد، وشهيدة العشق الإلهي، القاهرة، المماليك»؛ ورغم نجاحه فى التمثيل، إلا أنه توقف عنه مدة قاربت الخمسة عشر عامًا، حتى عاد إليه من جديد فى دور صغير فى فيلم «موت أميرة» وهو فيلم وثائقى بريطانى وكانت آخر أدواره مع يوسف شاهين فى فيلم «وداعًا بونابرت».
أمّا جاهين السيناريست، فقد نافس بدوره الممثل، وربما كان حظه أفضل، فقد صنع جاهين حالة مُبهجة فى السينما شاركته إياها السندريلا الراحلة سعاد حسني؛ فبعدما كتب بعض اسكتشات الأراجوز فى فيلمها «الزوجة الثانية» الذى جمعها بالعملاق صلاح منصور، وشكرى سرحان، وقام بإخراجه صلاح أبوسيف الذى منحه خطوة التمثيل الأولى؛ لكنه برز بقوة عندما كتب السيناريو والحوار والأغانى لأشهر أفلام السبعينيات المرحة «خلى بالك من زوزو»، والذى أخرجه حسن الإمام، وتألقت فيه سعاد بقوة وهى تمثل وتغنى بصوتها الشقى «الفتاة المثالية، خلى بالك من زوز، يا واد يا تقيل»، والاستعراض الأخير «استنى استنى» على ألحان كمال الطويل، وسيد مكاوي، وإبراهيم رجب؛ وكان من المقرر أن يتضمن الفيلم أغنية «البوسة» التى لحنها بالفعل بليغ حمدي، وتم تصويرها ضمن مشاهد الفيلم، لكن بعد تصويرها اعترضت الرقابة على مضمونها، بحجة خدش الحياء العام، والخروج عن تقاليد المجتمع؛ وأصرت الرقابة على تزمتها وموقفها، ليتم حذف الأغنية.
لكن بعدها بثلاثة أعوام اجتمع جاهين والسندريلا بالمرح والحركة والسعادة مرة أخرج ليقدما فيلم «أميرة حبى أنا» ليكتب جاهين السيناريو والحوار وتظهر الأغنية الشهيرة «الدنيا ربيع» التى لا تزال أيقونة للفرحة حتى الآن. ومن الكوميديا وأجواء الفرح إلى الدراما، حيث يصنع جاهين من عبقريته واكتئابه مزيجا صار أحد أبرز الأفلام فى مشوارهما الفني، فقدما فيلم «شفيقة ومتولي»، من سيناريو وحوار جاهين أيضًا وإخراج على بدرخان، والذى قامت ببطولته أمام عبقرى آخر هو الراحل أحمد زكي، وشاركهم البطولة الكبار أحمد مظهر وجميل راتب ومحمود عبدالعزيز، ولا تزال أغنيته «بانوا بانوا» واحدة من أروع الأغنيات الدرامية فى تاريخ السينما المصرية.