الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

تفاؤل حذر.. الأزمة اليمنية بعد مشاورات السويد.. لا ضمانات حقيقية تعكس تنفيذ كل بنود الاتفاق.. سجل الحوثيين يتضمن 40 اتفاقًا لعرقلة جهود السلام

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
جاءت مشاورات السويد فى ظل سياقات ومتغيرات داخلية وخارجية كانت محفزًا وراء توقيع الاتفاق بين الحكومة اليمنية والحوثيين، لعل أبرزها المتغيرات الداخلية التى تجسدت ملامحها فى الوضع الإنسانى الذى يعانى منه اليمن على خلفية الانقسامات المتصاعدة، والخلافات المستمرة والأجندات الخارجية المتتالية، وبات اليمن يواجه مجاعات فتكت بالأطفال، فى حين دفعت الأوضاع المتدنية العديد من الأسر إلى التسول والتشرد، كما انتشرت الأوبئة والأمراض نتيجة انتشار الجثث، يضاف إلى ذلك انهيار البنى التحتية للمرافق الحيوية وانعدام الخدمات العامة.

أما على الصعيد الخارجي، فقد أثرت العقوبات الأمريكية على التحركات الإيرانية وعلى نفوذها داخل اليمن، ما أدى بدوره إلى سد الطريق عن مورد حيوي للحوثيين، وهو ما دفعهم إلى الجلوس على طاولة المفاوضات، يضاف إلى ذلك الانتصارات السياسية والعسكرية التي حققتها قوات الجيش الوطني فى الحكومة اليمنية، بإسناد كبير من تحالف دعم الشرعية الذى تقوده السعودية، وهو ما شكل أقوى حلقة ضغط على ميليشيا الحوثى المدعومة من إيران؛ حيث بات الجيش اليمني يسيطر على منطقتى «القرن وعياش» فى صنعاء و١٢ موقعًا بـ«الضالع»، وإفشال محاولات الميليشيات الحوثية الموالية لإيران استغلال مشاورات السويد ميدانيًا، من خلال تصعيد عملياتها العسكرية في جبهات عدة.
على الجانب الآخر؛ باتت الحكومة اليمنية تحقق انتصارات دبلوماسية سبقتها ورافقتها انتصارات عسكرية على الأرض، وكانت تلك الانتصارات أهم الأسباب التى دفعت ميليشيا الحوثي لحضور مشاورات السويد، بغية الوصول إلى مخرج يخفف عنها الضغط العسكري.

ضمانات دولية وإقليمية
رغم كون اتفاق «ستوكهولم» غير نهائي، حيث ينتظر أن يكون هناك جولة محادثات أخرى خلال يناير ٢٠١٩، إلا أن مضمون الاتفاق الحالى يعكس خطوة إيجابية بشأن خارطة السلام باليمن، لا سيما فى ظل تركيزه على محافظتى الحُديدة وتعز، باعتبارهما أكثر المحافظات اليمنية تضررًا من الحرب، وأكثرهما تأثيرًا على الخارطة السياسية اليمنية، وقد تضمن الاتفاق عدة بنود محورية لعل أهمها وقف إطلاق النار فى محافظتى الحُديدة وتعز، كذلك سحب قوات الحوثى والقوات الحكومية من محافظة الحديدة، واستبدالها بأخرى تابعة للأمم المتحدة، والإعلان عن هدنة فى محافظة الحديدة بعد سحب قوات أطراف النزاع، إلى جانب إشراف الأمم المتحدة على ميناء محافظة الحديدة لإدخال المساعدات للمدنيين، وتبادل الأسرى والمعتقلين لكلا الوفدين.
ولعل أبرز ما ميز تلك المشاورات هو توافر دعم دولى وإقليمي، فعلى المستوى الدولي، لعبت الأمم المتحدة دورًا رياديًا فى تلك المشاورات، حيث أعلن الأمين العام للأمم المتحدة «أنطونيو جوتيريس» اضطلاع الأمم المتحدة بدور كبير فى الحديدة عبر تسهيل وصول المساعدات الإنسانية، وتعتبر تلك الخطوة بمثابة عنصر حاسم فى مستقبل التسوية السياسية لإنهاء الصراع، كما رحبت معظم الدول الأوروبية به، فى حين أعلنت واشنطن دعمها للمشاورات والاتفاق الذى تم التوصل إليه خلالها.
وخليجيًا؛ أشادت دول مجلس التعاون بالمشاورات، معتبرة إياها بمثابة خطوة مهمة نحو تحقيق السلام والاستقرار، والعمل على تصحيح التوازنات المختلة فى المنطقة منذ سبع سنوات، كما أنها ستساهم فى دعم الشعب اليمنى من أجل التحرر من الوصاية الإيرانية المباشرة على السيادة اليمنية، فى حين أعلنت الإمارات ترحيبها بالاتفاق الذى توصلت إليه الأطراف اليمنية.
وأعلن وزير الدولة للشئون الخارجية، الدكتور أنور بن محمد قرقاش، أن الاتفاق الذى تم التوصل إليه جاء نتيجة للضغط العسكرى الذى مارسته قوات التحالف العربى والقوات اليمنية على الحوثيين فى الحديدة.

مصير المشاورات
رغم خروج المشاورات باتفاق يقضى بوقف إطلاق النار كمرحلة أولية لنزع فتيل الحرب اليمنية، وكخطوة رئيسية تجاه إنهاء الحرب الأهلية الحالية، وفرصة حقيقية لخروج اليمنيين من دائرة الجوع والمرض والفقر، إلا أن التفاؤل ما يزال حذرا بشأنه، فالاتفاق مرهون بمدى التزام الأطراف الموقعة عليه ببنوده، ولعل المبادرات الأممية التى تقدم بها المبعوث الأممى خير شاهد على ذلك، حيث دأب الحوثيون على المراوغة لإفشال تلك المبادرات، التى كان أبرزها امتناعهم فى الساعات الأخيرة، عن المشاركة فى مشاورات جنيف، قبل انعقادها بساعات، والتى كان من المقرر انطلاقها سبتمبر ٢٠١٨، لكن الطرف الحوثى وضع العراقيل ليحول دون انطلاقها.
ولم تكن تلك هى المحاولة الأولى من نوعها للحوثيين من أجل إفشال محاولات الوصول لحل الأزمة، فقد سبق وعقدت العديد من المشاورات لكن تعثر تفعيلها نتيجة المناورة الحوثية بالوقت وطرح ذرائع واشتراطات تعجيزية، إلى جانب تمسك الجماعة بانقلابها ورفض تسليم سلاح الدولة والانسحاب من المدن اليمنية كمحددات رئيسية أكدها قرار مجلس الأمن «٢٢١٦». وبرصد سجل الحوثيين فى عرقلة جهود السلام، نجد قيامهم بنقض أكثر من ٤٠ اتفاقا، لعل أخطرها قيامهم بتصفية حليفهم الرئيس السابق «على عبدالله صالح» فى ٤ ديسمبر ٢٠١٧، فى حين فقدت الحكومة اليمنية الثقة تماما فى الاتفاق مع الحوثيين، على خلفية ما سبق وأشرنا إليه من مراوغات للتنصل من بنود أى اتفاق يستهدف حل الأزمة.
وبالنظر إلى الاتفاق الأخير، نجده يحمل فى طياته عدد من النقاط التى تحول دون تنفيذه، حيث تتمسك الحكومة بضرورة انسحاب الحوثيين من الحديدة، فى حين تنص بنود الاتفاق على إعادة انتشار «مشتركة ومتفق عليها». وبالتالى فإن الوضع الذى ترتب على الاتفاق بدأ فورًا بوقف إطلاق النار وينتظر الخطوة المقبلة عقب الإعلان عن تشكيل لجنة التنسيق أو تدشين عملها ميدانيًا. وأخيرًا؛ تسود الأوساط السياسية حالة من الحيرة والتفاؤل الحذر، فجلوس الوفدين على طاولة المفاوضات يشكل خطوة إيجابية بشأن إنهاء النزاع فى اليمن لا سيما فيما يتعلق بوقف إطلاق النار وتخفيف حدة التوتر، إلا أنه لا يوجد ضمانات حقيقية تعكس تنفيذ كل بنود الاتفاق الذى لا يزال يحمل فى طياته العديد من النقاط التى يمكن أن تتحول إلى عقبات أمام التنفيذ فى ظل الوضع المرتبك، والمشهد الضبابى الذى يواجهه اليمن حاليًا.