الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

جان جينيه.. اللص العظيم

جان جينيه
جان جينيه
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تنوعت حياته بين الأدب واللصوصية والتشرد والترحال والإملاق والثراء العابر الذي كان يجنيه من نشر كتاباته؛ لكنه في الوقت نفسه اعتاد السرقة، فصار ضيفًا دائمًا على السجن الذي دخله أكثر من اثني عشر مرة، وكان فخورًا بلصوصيته، والتي اختارها عنوانًا لسيرة حياته التي عرفها العالم باسم "يوميات لص"؛ إلا أن هذا اللص نفسه قد اختارته مؤسسة لاروس العريقة في عام 1976 كواحد من أدباء فرنسا العظام.
هو جان جينيه، المولود في واحد من أفقر أحياء العاصمة الفرنسية باريس، وجد نفسه ابنًا لعاهرة تدعى كامبل جابراييل جينيه، والتي لم تكن مستعدة لتحمل تبعات وجود طفل في حياتها، فعهدت به إلى ملجأ لرعاية اللقطاء في العاصمة؛ هكذا لم تفكر الدار كثيرًا في اسم الرضيع مجهول الأب ونسبته إلى أمه ليكتسب اسم جان جينيه، الذي لم يكن أحد يعرف أنه سيصير خالدًا في تاريخ الأدب.
كانت مناصرة جينيه للمضطهدين على اختلافهم من السود والعرب والفقراء والمشردين، وكذلك نصرته لقضية الجزائر والحقوق الفلسطينية، نتاجًا لتجاربه في الحياة كما قال هو نفسه، حيث تحولت تجربته الذاتية إلى تجربة عامة يحس فيها بآلام البشر في كل مكان؛ وقيل أن الفتى اليتيم وجد في القضية الفلسطينية الحنان، وصارت بمثابة أمه، حيث أعجب بصور الأمهات الفلسطينيات المناضلات؛ وشكلت مجموع المقالات والكتب التي ألفها جينيه حول القضية الفلسطينية نافذة أطل منها العالم الغربي على الشعب الفلسطيني المقهور الذي صار اللص الفرنسي واحدًا من أهم أصدقائه. 
"لقد ساعدني الفلسطينيون على العيش"، قالها جينيه في واحد من حواراته، ليعرف قارئه مدى القرب الذي عايش من خلاله القضية الفلسطينية، التي جعلته يحس بدبيب وأنين الآلام والمآسي الفلسطينية، فكان الاحتضان بين الجانبين فاق الانتماء العاطفي، ليلامس حدود الوجود المادي لأديب آثر الارتماء في أحضان قضية عادلة لم يتوقف أصحابها يومًا عن الدفاع عنها، لتصير القضية سببًا في حياة جينيه، وليس هو من كان سببًا في التعريف بالقضية.