الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

مفاوضات السويد.. انتصارات وطنية وهزيمة طائفية.. الحكومة الشرعية تطالب بإلزام الميليشيات الحوثية بتسليم خرائط الألغام في الأراضي اليمنية

مفاوضات السويد
مفاوضات السويد
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
شهدت العاصمة السويدية ستوكهولم فى ٦ ديسمبر ٢٠١٨، بعدما أعلن مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، مارتن جريفيث، انطلاق المشاورات اليمنية اليمنية ودعم الجهود الإقليمية والدولية لحلحلة الأزمة اليمنية، والتى استمرت لمدة أسبوع كامل وتمت مناقشة العديد من الملفات الأساسية فى الاجتماعات بين الوفود اليمنية والدولية لهدف إنهاء الصراع فى اليمن، ومن أبرزها ملف الأسرى والمختطفين ومدينة الحديدة، وتسهيل دخول المساعدات إلى تعز بينما لم يتم التوصل لاتفاق واضح يضمن فك الحصار عن المدينة المحاصرة منذ٤ سنوات من قبل الحوثيين.
نتائج المشاورات
نصّ اتفاق الأطراف اليمنية فى مباحثات ستوكهولم على وقف فورى لإطلاق النار فى مدينة الحديدة وموانئها والصليف ورأس عيسى، كما اتفقوا على إعادة انتشار مشترك للقوات فى موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى ومدينة الحديدة إلى مواقع متفق عليها خارج المدينة.
كما نص الاتفاق أيضًا على الالتزام بعدم استقدام أى تعزيزات عسكرية من قبل الطرفين إلى محافظة ومدينة الحديدة، وإزالة جميع المظاهر العسكرية والمسلحة من المدينة. وتضمن الاتفاق أن يقدم رئيس لجنة التنسيق تقارير أسبوعية من خلال الأمين العام لمجلس الأمن حول تنفيذه.
كما يقضى الاتفاق بأن يتم انسحاب الميليشيات من موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى إلى شمال طريق صنعاء خلال ١٤ يومًا من موعده، مع إعادة انتشار القوات الحكومية جنوب الخط، إضافة إلى الانسحاب الكامل للحوثيين من مدينة الحديدة فى المرحلة الثانية إلى مواقع خارج حدودها الشمالية خلال ٢١ يومًا من موعده.
كذلك أشار الاتفاق إلى أن مسئولية أمن مدينة الحديدة وموانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى تقع على عاتق قوات الأمن وفقًا للقانون اليمنى ويجب احترام المسارات القانونية للسلطة وإزالة أى عوائق أو عقبات تحول دون قيام المؤسسات المحلية بأداء وظائفها بما فيها المشرفون الحوثيون، ويأتى هذا الإعلان عقب تعثر التوصل لاتفاق فى عدد من القضايا الأخرى، منها فتح مطار صنعاء، بسبب ما أبداه الوفد الحوثى من تعنت أمام مقترحات هذا الملف، وتم ترحيل ملفات رئيسية، بعضها لم يناقش، وبعضها لم يتم التوصل لاتفاق نهائى بخصوصه مثل وضع مطار صنعاء، إلى جولة المشاورات التالية، التى من المقرر أن تعقد مطلع العام المقبل.
ردود الفعل الإقليمية والدولية
عبرت وزير الخارجية السويدية، مارجوت فالستروم، عن أملها فى أن تسهم الاتفاقيات فى إطلاق عملية إعادة إعمار اليمن. وكانت فالستروم قد أعلنت، فى وقت سابق منذ بداية المفاوضات، أن مشاورات السلام اليمنية جرت بروح إيجابية ونية طيبة، مؤكدة أن أى اتفاق على مواصلة المحادثات سيكون نجاحًا.
فيما أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس، بأن «الأمم المتحدة ستلعب دورًا رائدًا فى الحديدة، وهذا سيسهل وصول المساعدات الإنسانية، وأنها خطوة مهمة جدًا لعملية السلام: اتفقنا على المشاركة فى المناقشات حول إطار التفاوض فى الاجتماع المقبل. هذا عنصر حاسم لمستقبل التسوية السياسية من أجل إنهاء الصراع».
وأعربت مصر، عن ترحيبها بالاتفاقات والتفاهمات التى تم الإعلان عنها بين الأطراف اليمنية فى ختام مشاورات السويد، اتصالًا بكل من مدينة وميناء الحديدة والصليف ورأس عيسى، وتبادل الأسرى، ومدينة تعز.
وأشاد بيان صادر عن وزارة الخارجية بما توصلت إليه الأطراف اليمنية، معتبرًا ما تحقق خطوة هامة ورئيسية فى إطار التوصل لحل سياسى شامل وفقًا للقرار الأممى ٢٢١٦ وسائر المرجعيات ذات الصِّلة بالحل المنشود فى اليمن.
واختتم البيان بتثمين الجهود الدولية والإقليمية والأممية التى بُذلت فى سبيل تحقيق اتفاقات وتفاهمات مشاورات السويد، مع التشديد على أهمية استمرار الروح الإيجابية السائدة حاليًا على المشهد اليمني، والتزام الأطراف اليمنية بتنفيذ ما تم التوصل إليه، وذلك لرفع المعاناة عن الشعب اليمنى الشقيق.
فيما رحّبت دولة الإمارات العربية المتحدة بالاتفاق الذى توصلت إليه الأطراف اليمنية، فى ختام المشاورات السياسية التى عقدت فى السويد. بجانب ذلك، اعتبر سفراء الدول الخمس دائمة العضوية فى مجلس الأمن، لدى اليمن، المشاورات بين ممثلى الحكومة الشرعية والميليشيا الحوثية، خطوة أولى حاسمة نحو إنهاء الصراع فى اليمن، ومعالجة حالة الطوارئ الإنسانية والتصدى للتدهور الحاد فى الاقتصاد الوطني.
وفى بيان صدر عن السفراء الخمسة لدول روسيا، فرنسا، بريطانيا، الصين والولايات المتحدة، أثنى السفراء على الانخراط والتعاون مع المبعوث الخاص لتحقيق تقدم فى عدد من المجالات المهمة التى سيكون لها تأثير إيجابى فورى على حياة الشعب اليمني، التى ستعمل كذلك على بناء الثقة بين الأطراف من أجل تسوية سياسية شاملة دائمة.
تراجع الطائفية وهزيمة الحوثى
أن الانتصارات السياسية والعسكرية التى حققتها قوات الجيش الوطنى فى الحكومة اليمنية بإسناد كبير من تحالف دعم الشرعية الذى تقوده السعودية تشكل أقوى حلقات الضغط على ميليشيا الحوثى المدعومة من إيران؛ حيث بات الجيش اليمنى يسيطر على منطقتى القرن وعياش فى صنعاء و١٢ موقعًا بالضالع، وإفشال محاولات الميليشيات الحوثية الموالية لإيران استغلال مشاورات السويد ميدانيًا، من خلال تصعيد عملياتها العسكرية فى جبهات عدة.
على الجانب الآخر؛ باتت الحكومة اليمنية تحقق انتصارات دبلوماسية سبقتها ورافقتها انتصارات عسكرية على الأرض، وأن هذه الانتصارات الشرعية أهم الأسباب التى دفعت ميليشيا الحوثى للحضور إلى مشاورات السويد بإذعان بغية الوصول إلى مخرج يخفف عنها الضغط العسكري، وتقدم القوات الحكومية فى كل الجبهات وخصوصًا فى الحديدة وصعدة أثمر رضوخًا حوثيًا فى المشاورات رغم شهرته فى المراوغة والمماطلة.
وفى الحديدة، تمكنت قوات المقاومة اليمنية المشتركة من إفشال محاولة تسلل لعناصر الميليشيات، باتجاه مواقعها شرق مديرية حيس جنوب الحديدة، ما دفعهم إلى الفرار باتجاه المناطق القريبة من مفرقى العدين وسقم بين تعز وإب وحيس، والتى جاءت بمساندة مقاتلات التحالف، التى شنت غارات على آليات عسكرية للحوثى فى تلك المناطق، وأخرى على الطريق الرابط بين مديريتى زبيد والحسينية.
وأكد نائب رئيس وفد الحكومة اليمنية فى مشاورات السويد، الدكتور عبد الله العليمي، «أن اتفاق السويد يلزم جماعة «أنصار الله» (الحوثيين) بالانسحاب من محافظة الحديدة (غربى اليمن)، وتسليمها للحكومة، وتابع تصريحه بأن الحكومة الشرعية لم نأخذ الحل العسكرى على أنه الخيار الوحيد، نحن نأخذ أن هناك قرارا أمميا وإرادة دولية لدعم الانتقال السلمى فى اليمن، وحاولنا إقناع الحوثى بأن أفضل طريق أمامهم هو قبول الوساطة الدولية والتوصل لاتفاق مع الحكومة اليمنية، ولم يقبلوا بذلك فى قبل، الآن وبعد كل العمليات العسكرية التى حضرت الأساس لمحادثات جدية اليوم باتوا مستعدين».
وحقق الضغط العسكرى لقوات التحالف وقوات الجيش اليمنى على الحوثيين فى الحديدة، انتصارًا سياسيًا بانتهاء محادثات السويد أمس باتفاق نص على انسحاب ميليشيا الحوثى من المدينة وموانئها وفتح ممرات إنسانية إلى تعز، وتبادل أسرى.
ومن جانبها طالبت الحكومة الشرعية بإلزام الميليشيات الحوثية بتسليمها لخرائط الألغام التى زرعتها على الأراضى اليمنية، وشددت على أهمية تشكيل فريق حكومى يعمل بالتعاون مع مكتب المبعوث الخاص بالأمم المتحدة مارتن جريفيث لنزع الألغام، الأمر الذى رفضته الميليشيات الحوثية.
ومنذ انطلاق العمليات فى محافظة الحديدة، دأب التحالف العربى والحكومة اليمنية على التأكيد على أهمية انسحاب ميليشيا الحوثى من المدينة، ومن الميناء الذى حوله الحوثيون المرتبطون بإيران إلى منصة لتهديد الملاحة فى البحر الأحمر واستلام الأسلحة الإيرانية، وإصرار التحالف على تحرير الميناء وهو شريان الحياة بالنسبة للملايين، يأتى أيضا فى إطار حرصه على إيصال المساعدات إلى اليمنيين بعد أن كانت الميليشيا تعمد إلى نهبها والتحكم بها، الأمر الذى تسبب فى أزمة إنسانية حادة.
وقال العليمي، وهو مدير مكتب رئاسة الجمهورية اليمنية، فى تغريدات على «تويتر»: «اتفاق ستوكهولم بخصوص الحديدة يؤدى فى محصلته إلى خروج الميليشيات الحوثية من الحديدة وتسلم السلطة الشرعية مسئولية الأمن وإدارة المؤسسات بشكل كامل، هذا ما يفهمه كل العالم باستثناء الوفد الحوثى الذى لا يزال يسوق الوهم لاتباعه وحليفته إيران».
ويعد التراجع الذى شهدته المفاوضات بشأن الحوثيين أول خطوات باتجاه السلام فى اليمن؛ حيث ولأول مرة فى تاريخ الانقلاب تقبل ميليشيا الحوثى الانسحاب من موانئ الحديدة، وعودة الحديدة للسلطات الشرعية عبر مؤسسات الدولة.
ومن جانبه، قال محمد عبد السلام، ممثل وفد الحوثى فى مشاورات السويد، توصلنا إلى وقف إطلاق النار فى الحديدة ويكون للأمم المتحدة دور رقابى إشرافى، ورقابة على تفتيش السفن، وتعزيز دور الأمم المتحدة فيما يخص المنشآت الإنسانية، وتحييد المدينة عن الصراع العسكرى، وفيما يخص مطار صنعاء، اقترحنا ذهاب الطائرات إلى الأردن والقاهرة، من مطار صنعاء مباشرة، ورفضنا انتقال الرحلات من صنعاء إلى مطار عدن، وعلى الأرجح ثمة هناك إرادة دولية وإقليمية، آخذة فى التبلور، تدفع باتجاه إغلاق الملف اليمنى وطى صفحة «الحرب المنسية» فى هذا البلد المنكوب.