لم يكن حديث الرئيس السيسي إلى محافظ القاهرة بمثابة اختبار لمسئول في موقعه فحسب، لكنه كان إعلانا صريحا للجميع عن مدى إدراك الرئيس السيسي وإلمامه بالمعلومات والأرقام المتعلقة بالشأن الداخلي تفصيلا.
وربما أعطى السيسي من خلال هذا الموقف درسًا لكل مسئول بقيمة التفاني في العمل والتركيز في كل القطاعات التي يناط بها والمهام الموكولة له، إذ إن الرئيس لا يجب عليه أن يتابع بكل هذه الدقة الأرقام التي تختص بالشأن الداخلي والتي هي من أساسيات عمل الحكومة، بينما الرئيس وفقا لمهامه يقتصر دوره على المتابعة والاستفهام بشأن احتياجات المواطنين إلى جانب إدارته السياسية للبلاد فيما يتعلق بالعلاقات الخارجية والملفات الدولية.
وأكاد أتخيل لو أن كل مسئول في هذا البلد انشغل بكل الملفات الدقيقة والتفاصيل المتناثرة حول مهام عمله، كيف ستصير الأمور بالبلاد في الوقت الذي تحتاج فيه مصر عقل وساعد كل فرد من أبنائها وسط توترات دولية تجر اقتصاد العالم نحو الأسوأ؟!
إن ما تمر به مصر ليس صراعا مع ظروف داخلية فقط، لكنها صراعات مع تغيرات دولية تؤثر بالسلب على الكيانات الاقتصادية الكبرى مثل الولايات المتحدة والصين طرفي الحرب التجارية التي يصل مداها إلى الاقتصادات الناشئة وربما تتضرر نها اقتصاديات الشرق الأوسط أيضا.
لذلك فإن كلمة السيسي التي أسمعها للجميع "أنا عارف دخل مصر يوميا كام بالجنيه" يجب أن يضعها كل مسؤول وصاحب مهمة نصب عينيه، ليعرف قيمة الدولة ومعنى بناء الدولة وكيف تدار الدولة بالحكمة والترشيد والاقتصاد والسعي الدائم نحو تطوير مواردها، وليس التوجيه والتأشير وإعطاء الأمر فحسب.
السيسي قال لمحافظ القاهرة اللواء خالد عبد العال، إنه لم يقصد إحراجه أو أحد المتواجدين، لكنه طلب منهم أن يمتلكوا كل المعلومات الممكنة للرد على تساؤلات المواطنين تلبية احتياجاتهم وفقا للممكن والمتاح.
وكم هو عظيم أن يشير السيسي في هذا الموقف إلى حق المواطن في المعرفة، وحقه في طلب الخدمة والاستفسار عنها بكل شفافية وهي لفتة تزيد من قرب المسافات بين الرئيس والمواطنين على الرغم من القوى الممولة من جماعات إرهابية والتي تدفع في قنوات فضائية مغرضة نحو خلق فجوة بين المواطن والدولة ممثلة في الرئيس والحكومة، لكنها بفضل عزم الرئيس ووعي المواطنين لن تنجح في ذلك.
