الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

ظاهرة تستوجب التجريم

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أزمة المياه كانت - وستظل - حديث العامة والمثقفين، والمحاولات التى تبذلها الدولة للحفاظ على حصة مصر من مياه النيل لم تعد خافية على القاصى والداني، خاصة بعد بناء سد النهضة الإثيوبي، وإذا كان السد مشكلة فثبات حصة مصر من المياه مشكلة أخرى، فمنذ خمسينيات القرن الماضى كانت حصة مصر خمسة وخمسين مليارا ونصف متر مكعب، وكان عدد السكان عشرين مليونًا، واليوم وبعد أن تخطى التعداد المائة مليون دخلنا فى مرحلة الفقر المائى وفقًا لتقارير الأمم المتحدة التى حددت خط الفقر بألف متر للفرد سنويًا، ولأن التعداد السكانى يتطلب مائة وأربعة عشر مليار متر مكعب أصبحنا فى حاجة إلى ثمانية وخمسين مليارًا ونصف المليار، ومع استغلال المياه الجوفية ومياه الأمطار يتم توفير أربعة مليارات ونصف، بالإضافة إلى عشرين مليارًا من مياه الصرف الزراعى بعد تدويرها لتصل كل المياه المصرية إلى ثمانين مليار متر مكعب، يتبقى أربعة وثلاثون مليار متر ليصل نصيب الفرد إلى ألف متر مكعب فى العام وفقًا لإحصائيات وزارة الري.
أزمة المياه فى مصر لم تولد مع بناء سد النهضة الذى لم يصلنا تأثيره حتى الآن، لكنها تتعاظم على مدار العقود الماضية، وتلك حقيقة يعلمها الكثير من الفلاحين الذين لجأوا فى السنوات العشر الأخيرة إلى مياه الصرف الزراعى غير المعالجة لرى أراضيهم، فانعكس ذلك على جودة المحصول والتربة، ثم على الصحة العامة للمواطن، وعلى من لم يدرك حجم المشكلة التوجه إلى العديد من الأقاليم ليلمس معاناة الفلاح فى عمليات الري.
ومع استمرار معاناة الفلاح، وتحركات الدولة المستمرة لتوفير مصادر أخرى للمياه تضاف إلى حصتنا من النيل.. تستمر استهانة المواطن بالمياه من خلال سلوكيات وجب على الدولة تجريمها، ففى العديد من المناطق، وخاصة المدن الجديدة يتعامل البعض مع مياه الشرب بسفه وجهل واستخفاف بحجم المشكلة، وأزعم أن حجم المياه التى تغسل بها الشوارع فى المدن الجديدة يكفى لحل أزمة آلاف الأفدنة، حيث تغسل الشوارع بمياه الشرب، وناهيك عن عمليات الرصف التى تدمرها المياه، فإن حجم ما يهدر من مياه أمام فيلا واحدة فى أسبوع يحل أزمة فلاح يبحث عن مياه لرى فداني أرض.
أما المشكلة الأكبر فتكمن فى طريقة رى المساحات الخضراء فى أغلب المدن الجديدة، فنظرة سريعة على كيفية التعامل مع المياه سنجد بحيرة بجوار كل مساحة بسبب ترك محابس المياه مفتوحة لساعات، قد يرد البعض بأن هذه المياه أجريت لها عمليات معالجة ولا تصلح إلا لهذا الغرض، وهنا لا بد من التأكيد على أن التبذير هو السمة الغالبة فى استخدام المياه المعالجة، بالإضافة إلى أن الرى بهذه الطريقة يدمر الطرق التى كلفت الدولة مليارات الجنيهات.
لا بد من تشكيل دوريات للمرور فى الشوارع والطرق لإجبار المواطن على الترشيد فى استخدام المياه من خلال فرض غرامات حقيقية تتضاعف فى حالة تكرار المخالفة، يسرى ذلك على الإفراط فى رش الشوارع وغسل السيارات ورى الحدائق وملاعب الجولف، تجريم الإفراط فى استخدام المياه هو الخطوة الأولى فى عملية الترشيد، أما إذا استمر الوضع على هذا الحال فسيظل المواطن فى وادٍ والدولة فى وادٍ آخر.