الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

جرجي زيدان.. رحلة كفاح

جرجي زيدان
جرجي زيدان
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تحل اليوم 14 ديسمبر، ذكرى ميلاد الأديب والمؤرخ اللبناني الراحل جرجي زيدان، في عام 1861.
ولد زيدان بلبنان في عائلة فقيرة، عمل في البداية مساعدًا لوالده في المطعم الذي كان يمتلكه.. وكان لطبيعة الناس الذين يرتادون مطعم والده من صحفيين ومثقفين وأكاديميين الأثر الكبير على إثارة شغف زيدان بالعلم والمعرفة خاصةً الأدب.. درس الطب لعامٍ واحد وهاجر بعدها إلى القاهرة، بعد وصوله إلى القاهرة غير رأيه في موضوع دراسة الطب وبدأ بالعمل محررًا في صحيفة "الزمان" اليومية، بعدها عين مترجمًا في مكتب المخابرات البريطانية في القاهرة.
عاد إلى بيروت عام 1885 وانضم إلى المجمع العلمي الشرقي الذي تم إنشاؤه عام 1882، أصدر أول كتبه عام 1886 وهو بعنوان "تاريخ اللغة العربية" وسافر بعدها إلى لندن وعاد منها إلى القاهرة، حيث تسلم إدارة مجلة المقتطف قبل أن يقوم بإنشاء مطبعةٍ خاصةٍ به إلى جانب نجيب متري.. وبعد فترةٍ قصيرة، انفصل عن متري واحتفظ بالمطبعة وأطلق مجلته الخاصة "الهلال".
اهتم زيدان خلال حياته العملية بالتاريخ العربي والإسلامي، فكانت مؤلفاته في معظمها تمثل دراسات تاريخية للأحداث التي مرت بها المنطقة العربية منذ ظهور الإسلام وحتى عصر المماليك، وقد تلقى الكثير من الانتقادات التي تقول أن معظم مؤلفاته تغلب عليها القصصية أكثر من التوثيق بسبب غياب المصادر، وقد اعتبره بعض المفكرين الإسلاميين أنه بأعماله الأدبية يشوه بعض الحقائق في التاريخ العربي باعتباره يقدم عملًا أدبيًا تغلب عليه النظرة الشخصية أكثر من الموضوعية وإن كان يحاول ذكر بعض المصادر إلى جانب بعض الاقتباسات، إلا أنهم يعتبرون أن المصادر لم تكن تفصيلية وهذا ما دفع الكثيرين إلى رفض أعماله الأدبية، لكن فريقًا آخر يعتبر أن الجهد والعمل الشاق الذي قام به زيدان يستحق الاحترام، إذا ما تمت المقارنة بين عدد مؤلفاته وسنين حياته التي عاشها وبين طبيعة مؤلفاته وما جاء قبلها.
اشتهر جورجي زيدان برواياته التاريخية الشهيرة التي بدأها برواية "المملوك الشارد" التي صدرت في سنة "1309 ه = 1891"، ثم تتابعت رواياته حتى بلغت اثنتين وعشرين رواية تاريخية، منها سبع عشرة رواية تعالج فترات من التاريخ الإسلامي، تمتد من الفتح الإسلامي إلى دولة المماليك، مثل: أرمانوسة المصرية، غادة كربلاء، فتح الأندلس، العباسة أخت الرشيد، الأمين والمأمون، شجرة الدر، استبداد المماليك.
وقد لقيت هذه الروايات رواجا واسعًا وإقبالًا هائلًا، وتُرجمت إلى الفارسية والتركية، والأذربيجانية، وغيرها من اللغات، وتنحصر أهمية هذه الروايات في أنها قدمت التاريخ في صورة سهلة ومشوقة، وبلغة جذابة تحمل القراء على متابعة تاريخهم دون مشقة أو ملل.
ومع ذلك فإن تلك الروايات لم تسلم من النقد فيما يتصل بالشكل والمضمون: أما من ناحية الشكل والمعالجة فإن الأحداث تقوم على علاقة غرامية بين بطلي القصة، وتحول الدسائس دون التقائهما واجتماعهما، وشخصيات رواياته متشابهة ونمطية فهو لا يهتم برسم شخصياته.
أما من حيث المضمون فلم يلجأ جورجي زيدان إلى الفترات المشرقة من التاريخ الإسلامي، بل اتجه إلى الفترات التي تمثل صراعًا بين مذهبين سياسييَن أو كتلتين متصارعتين على السلطة والنفوذ، ولم يتجه إلى التاريخ الإسلامي لإبراز أمجاده، وكان متأثرًا في ذلك بنظرة المؤرخين الغربيين إلى العالم الإسلامي، ويأتي في روايته ذكر "الدير" بصورة مفتعلة.. وعلى الرغم من ذلك فإنه يعد المؤسس لهذا اللون من الروايات التي تجمع بين التعليم والتسلية والتاريخ.