الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

غياب الدراما التاريخية.. إهمال أم ضعف إنتاج؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
منذ سنوات واعتادت الدراما التليفزيونية على تقديم أعمال تاريخية ضمن المسلسلات التى تُقدم على شاشات القنوات المختلفة، وبالأخص فى شهر رمضان، الذى ارتبط به الجمهور بالأعمال التاريخية، سواء على مستوى الشخصيات التاريخية «السياسية والاجتماعية والدينية»، وظلت هذه الأعمال تُقدم حتى نهاية تسعينيات القرن الماضى وبدايات الألفية الثانية، التى كانت بداية فترة ضعف وغياب الإنتاج الدرامى التليفزيونى للأعمال التاريخية، حتى كادت أن تندثر من الخريطة الدرامية، وهو الأمر المحزن والمخزى فى الوقت ذاته، فمن لديه تاريخ زاخر بالشخصيات والأحداث العظيمة والدرامية فى تفاصيلها، مثل ما لأم الدنيا مصر؟ لا يوجد.
وبالنظر إلى تاريخ الدراما التليفزيونية، نجد الكثير من الأعمال التاريخية الناجحة، مثال «الفرسان، الأبطال، بوابة الحلواني»، وكلها تناولت أحداث وفترات مهمة فى تاريخ مصر، كما شاهدنا الأعمال التى تناولت الأشخاص الذين أثروا فى مصر مثال «قاسم أمين، أم كلثوم، الشيخ الشعراوى» إلى جانب بعض الأعمال التى تناولت أمِة الإسلام الأولين، مثال «ابن حزم، أبو حنيفة النعمانى»، بل وخلفاء الدول الإسلامية مثال «عمر بن عبدالعزيز، هارون الرشيد»، وكلها أعمال ناجحة وارتبط بها المشاهد المصرى، وجعلته يعلم تاريخه بأحداثه وشخوصه، بل حفرت فى وجدانه هذه الأحداث، وتلك الشخصيات، وجعلته يتأثر بها ويطمع أن يصبح مثلها، فمن المعروف أن عشرات الندوات والمحاضرات ومئات المقالات، لا تُحدث تأثيرًا مجتمعيًا، مثل ما يحدثه عمل فنى واحد فى نفوس المشاهدين، شئنا أم أبينا، إلا أنه واقع وحقيقة أثبتها التاريخ، ويؤكدها يوميًا دور الدراما بمختلف أشكالها وما تحدثه من مردود مجتمعى يظهر فى التقليد والتشبه بالفنانين، وبخاصة من أجيال الشباب، ومع غياب الدراما التاريخية ظهر نوع جديد من دراما البلطجة والراقصات والمخدرات والأغنية الشعبية «اللى مش شعبية»، وبدلًا من التشبه بقطز وصلاح الدين أصبح التشبه بالبلطجية والراقصات السمة السائدة.
الدراما لها التأثير الأقوى على المجتمع، وللأعمال التاريخية الجيدة التأثير الأفضل على الأفراد، وبالرغم من هذا الدور الفنى المهم الذى لا يستطع أحد أن ينكره، وبالرغم من أهمية الدراما التاريخية فى إلقاء الضوء على تاريخ مصر الحافل، وأهميتها فى زرع النوازع والقيم الوطنية داخل الجمهور، إلا أن المنتجين قد ابتعدوا عن هذا النوع من الدراما منذ سنوات، منهم من يخشى على أمواله لضخامة الإنتاج الذى تحتاجه هذه الأعمال، ومنهم من يبحث عن الثراء السريع ويقدم الدراما الركيكة بحجة «الجمهور عايز كدا»، وبين أولئك وهؤلاء ضاعت الدراما التاريخية، خاصةً بعد أن رفعت الدولة يدها من المشاركة فى الإنتاج الدرامي، فتركوا الجمهور عرضة لأهواء المنتجين وحساباتهم المادية، ليضيع شكل مهم من أشكال الدراما التى صنعت أسماء من الكتاب اللامعين، مثال: الكاتب الكبير يسرى الجندى والكاتب الراحل محفوظ عبدالرحمن.
على الدولة أن تراعى هذا، وعلى المنتجين أن يتقوا الله فيما يقدم للجمهور، وعلينا جميعًا مساندة الدراما التاريخية والدعوة لعودتها للشاشات التليفزيونية والسينمائية، إن كنا نريد أن تعرف الأجيال الجديدة تاريخها وتنفعل معه حتى تستطيع أن تصنع تاريخا جديدا للأجيال القادمة.