الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

فستان رانيا.. وتقرير فرحة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

كم ساعة استهلكتها القنوات الفضائية فى مناقشة قضية فستان رانيا يوسف الذى أطلت به فى مهرجان القاهرة السينمائى؟! وكم خبرا وتقريرا وتحقيقا خصصته الصحف والمواقع الإخبارية للقضية نفسها؟! وكم ساعة قضاها المسئولون فى النقابات والهيئات المختلفة للخروج ببيان مع أو ضد الممثلة؟! وكم يوما انبرت فيه مواقع التواصل الاجتماعى للدفاع أو إدانة الممثلة؟! وكم عارا من الأخلاق ارتدى عمامة الشيوخ يحلل ويحرم ويقيم الحد؟! وكم شيخًا توقف أمام فستان الممثلة للحكم عليها وفقًا للشريعة؟! وكم محاميًا تفرغ لمقاضاة الممثلة أو للدفاع عنها؟!
على مدار خمسة أيام انشغلت الفضائيات المصرية بمناقشة فستان رانيا يوسف، وتنوعت المناقشة لتشمل التناول الخبرى وردود الفعل، واتصالات هاتفية بالممثلة، ولقاءات معها، ومع محامين قاضوها وآخرين دافعوا عنها، ومشايخ اتهموها بإشاعة الفجور، وآخرين طالبوها بالاستتابة، ولقاءات بنقاد وفنانين وشخصيات عامة وممثلى النقابات الفنية، حتى وصل عدد الساعات التى خصصتها الفضائيات لمناقشة أزمة الفستان الأشهر عشر ساعات قابلة للزيادة، وبحساب تكلفة إنتاج هذه الساعات التليفزيونية يتأكد لنا أن رانيا يوسف ارتدت فستانًا عرى عوراتها، وقنواتنا تعرت عندما خصصت هذه المساحة للفستان وصاحبته، ليس تقليلًا من جرأة الممثلة التى وصلت إلى حد (البجاحة)، لكنه اعتراض على فخ أسقطتنا فيه لتحقق ما تمنته من لفت للأنظار وخطف لأضواء كانت قد انحسرت عنها.
يحدث ذلك على شاشاتنا فى الوقت الذى تصدر فيه مفوضية حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، تقريرًا مفبركًا ينال من سمعة مصر، فتنبرى قنوات الخارج المتربصة بنا فى الترويج له وتخصص مساحات كبيرة لمن رحبوا به ولمن أصدروه، ولمن أمدوهم بمعلومات مكذوبة، (ليلانى فرحة) مقررة الأمم المتحدة المعنية بالحق فى السكن، أدانت عمليات الإخلاء القسرى للمواطنين المصريين وهدم منازلهم والاعتقالات التعسفية لهم وترهيبهم والإنتقام منهم، «ليلانى» التى زارت مصر أواخر سبتمبر الماضى، بدعوة من وزارة الخارجية المصرية، واستمرت عدة أيام فى القاهرة ومناطق أخرى، أكدت أنها مصدومة بسبب ما رأته فى مصر من تشريد للمواطنين بعد إجبارهم على إخلاء منازلهم دون تعويضهم أو توفير سكن بديل لهم، وعلى الرغم من أن توجيه الدعوة من الخارجية المصرية لممثلة مفوضية حقوق الإنسان كان يهدف إلى انفتاح مصر على المنظمات الحقوقية، وعرض ما تم من إنجازات فى مجال توفير السكن للمواطنين عليها.. إلا أن ليلانى فرحة كانت لديها نية مبيتة لإدانة مصر وكتابة تقرير ملىء بالكذب والمغالطات، والدليل على ذلك إصرارها على التواصل مع قناة «الجزيرة» هى وأعضاء الوفد الذى رافقها فى القاهرة، والمحامين الذين استعانت بهم فى كتابة تقريرها ليكيلوا لمصر الاتهامات، وكالعادة.. يبدأ الهجوم من «الجزيرة» لينتقل إلى أخواتها فى قطر وتركيا ولندن.
بيان وزارة الخارجية المصرية للرد على تقرير المفوضية كان من أقوى البيانات التى أصدرتها الوزارة، حيث تضمن اتهامًا صريحًا لمقررة الأمم المتحدة، باختلاق أكاذيب وافتراءات وعدم مراعاة النزاهة والمهنية، ودفعت الوزارة بالإنجازات التى حققتها الدولة لتوفير مسكن مناسب للمواطن البسيط.
أغرق أعداء الوطن قنواتهم باتهامات مفوضية الأمم المتحدة المفبركة لمصر، وغرقت قنواتنا فى التفاهة والتفرغ لمناقشة أزمة فستان رانيا يوسف، ولو خصصنا نصف الوقت الذى ناقشنا فيه أزمة الفستان للرد على تقرير المفوضية لأخرسنا ليلانى ومن حرضها علينا، كان على قنواتنا أن ترد على التقرير بموضوعية ودون تشنج وسباب بحجم الإنجازات، ففى أرشيف كل قناة فيديوهات لحى الأسمرات والبشاير وغيرهما، وفيها مؤتمرات وبيانات عن تطوير العشوائيات ومشروع الإسكان الاجتماعى الذى يضم ستمائة ألف وحدة سكنية، تسلم المواطنون منها النصف وجارٍ إنجاز النصف الثاني، لكنه الكسل والاكتفاء بالسباب الذى يوقعنا فى مصيدة الجهل، وتلك نتيجة طبيعية لإعلام سعى البعض لتفريغه من محتواه.