الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

العالم

تفاصيل مؤلمة حول مأساة الأفارقة في سلطنة أردوغان العنصرية

إردوغان
إردوغان
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بات اضطهاد المواطنين السود في تركيا أمرا عاديا، الأتراك يتعاملون معهم بسخرية وينظرون إليهم باحتقار، والسلطات التركية تلاحقهم أينما ذهبوا بحجة أنهم مهاجرون غير شرعيين، وحين يبرزون هوياتهم يجدون تهمة التزوير جاهزة وكافية لاقتيادهم إلى أقسام الشرطة، لاستكمال فاصل من الإهانة والعنصرية عملا بتوجيهات الحزب الحاكم.
وسلطت صحيفة "عثمانلي" التركية الضوء حول معاناة المواطنين ذوي البشرة السوداء من أصول إفريقية في تركيا، مشيرة إلى تعرضهم إلى مضايقات من الشرطة التي تصر على إهانتهم في الشوارع على مرأى ومسمع من الجميع، متجاهلة أنهم جزء لا يتجزأ من الشعب، يصل عددهم إلى نحو 25 ألف تركي، حسب مصادر غير رسمية.
"الأتراك الأفارقة"، هكذا تسميهم السلطة للتمييز، باعتبارهم مواطنين من الدرجة الثانية، ليس لهم حقوق في التعليم الجامعي، أو الالتحاق بالوظائف، في الوقت الذي يتعرضون فيه للسخرية من قبل مجتمع لا يعترف بعاداتهم وتقاليدهم، ويمنعهم من ممارسة حياتهم بشكل طبيعي، بل ويشعرهم بالدونية والاحتقار.
تاريخ من العبودية.
يعود تاريخ الأفارقة في تركيا إلى زمن السلاطين، وتحديدا في القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، حيث كان العثمانيون ينقلون آلاف البشر من دول القارة السمراء مثل النيجر وكينيا وغيرها إلى تركيا، للعمل خدما وطهاة ومزارعين ومربين في المنازل، لدرجة أن أعدادهم تخطت مليون شخص خلال قرن واحد.
انتشر الأفارقة في أغلب البلديات، أما مناطق تمركزهم فتمثلت في القرى الواقعة على ساحل بحر إيجة و أنطاليا وأضنة، وإزمير حيث يقيمون مهرجان الدانا الإفريقي كل عام احتفالا بعيد الربيع.
سمحت الدولة العثمانية لهم ببناء المنازل، فأنشأوا قرى كاملة ضمت 1500 أسرة ظلت محتفظة بعاداتها وتقاليدها، فيما استوطن جزء كبير منهم المدن الكبرى مثل أنقرة وإسطنبول.
مرسوم إلغاء الرق الذي صدر عام 1857 لم يرق للسلطنة العثمانية، فلم يتم الاعتراف بحرية المواطنين السود في البلاد إلا بعد سقوط السلطنة، وموافقة مصطفى كمال أتاتورك عام 1923 على منح الأفارقة الجنسية التركية، التي ظلت حبرا على ورق على مدار تلك السنوات الطويلة، حيث لا يزال يتم التعامل مع الترك الإفريقيين باعتبار أنهم عبيد.
إذلال بكل الألوان
لا يوجد إحصاء رسمي بأعداد الأتراك الأفارقة، ولا تتم الإشارة إليهم من قريب أو بعيد في تاريخ الدولة رغم أنهم ساهموا في بنائها وتطويرها، في الوقت الذي تلاحقهم عبارات السخرية والاستهزاء من موظفي الحكومة عند استخراج الأوراق الخاصة بهم.
يتعرضون للتوقيف من رجال الشرطة بحجة الاشتباه في كونهم لاجئين غير شرعيين بالرغم من أنهم يحملون هويات مواطنة تركية، وأسوة بالتعامل الرسمي الفظ، يأنف الأتراك من مصاهرة مواطنيهم من أصل إفريقي، ويرفضون تزويجهم والزواج منهم إلا نادرا.
مأساة بالصور
في عام 2010 نشر المصور الهولندي، التركي الأصل أحمد بولاط كتابه "الأفارقة الأتراك" ووثق فيه بالصور حياة المواطنين المنحدرين من أصول إفريقية، بعد أن عكف على إعداده 4 سنوات كاملة، ما ساهم في تسليط الضوء على أزمة هؤلاء قليلا.
تحت اسم "التضامن والتعاون الإفريقي" أسس مصطفى أوبلاك رابطة لحماية حقوق الأتراك السود، ومواجهة العنصرية التي يتعرضون لها، إضافة إلى نشر ثقافتهم والترويج لتاريخهم في البلاد.
يقول أوبلاك - وهو واحد من الأتراك السود- إن أصوله ترجع إلى قبيلة في كينيا، مؤكدا صعوبة التعامل اليومي مع السكان الأصليين في تركيا، مضيفا: غالبيتهم لا يعلمون أننا مواطنون مثلهم، يعاملوننا مثل الأجانب، ويطلقون علينا ألقابا عنصرية مثل "زنوج" أو "أسمراي" وغيرها من الكلمات المزعجة، حتى الشرطة تتعمد إهانتنا.
يتابع: في إحدى المرات أوقفت الشرطة ثلاث حافلات لمواطنين أفارقة، كانوا في طريقهم لحضور فاعلية خاصة بهم، اشتبهت في أنهم لاجئون، وعندما شاهدوا هوياتهم اتهموهم بالتزوير.
يرى أوبلاك أن التوعية بقضيتهم تبدأ من التعليم، قائلا: إذا تعلم الأطفال منذ المرحلة الابتدائية شيئا عن الناس الذين لديهم ثقافات مختلفة في تركيا، سيفهمون أن أولئك الذين ينحدرون من أصل إفريقي مواطنون أتراك مثلهم، ولكنّ لديهم بشرة وثقافة مختلفتين.
بالرغم من حدوث زيجات بين مواطنين سود وبيض، إلا أنها لا تدوم طويلا، إذ يوجه الطرف الأبيض إهانات عنصرية للآخر في حال رغب بالانفصال والطلاق، بينما تتكرر المضايقات التي تحدث في المدارس والجامعات لأصحاب البشرة السمراء.
اضطهاد داخل الجيش
يقول أحمد سيزار، أحد العاملين في متجر بحي توربالي في إزمير: بمجرد خروجي من المدينة يتغير كل شيء، الناس ينظرون إليَ بدونية، وعندما ذهبت للالتحاق بالجيش سألني أحدهم: ماذا تفعل هنا؟، ويضيف: هذا المجتمع يتقبل فقط لاعبي الكرة السود، لكنه ينظر لنا بطريقة مختلفة.
ونتيجة الممارسات المذلة التي يتعرضون لها طالب بعضهم بلقاء الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما أثناء زيارته إلى تركيا عام 2009، وبالرغم من رفض الطلب، إلا أنهم نجحوا في تسليط الأضواء عليهم، باعتبارهم جزءا لا يتجزأ من المجتمع، في الوقت الذي يؤكد فيه المؤرخ التركي لهاكان أردم أن الأفارقة ساهموا بشكل كبير في الثقافة والفنون التركية، فكان من بينهم المطربان الشهيران، أسميراي ومليس سوكمين.