السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

إدوار الخراط.. العبقري والثوري

 الكاتب الكبير والمترجم
الكاتب الكبير والمترجم إدوار الخراط
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تحل اليوم الذكرى الثالثة لرحيل الكاتب الكبير والمترجم إدوار الخراط والذي غيبه الموت عن عالمنا في الأول من ديسمبر عن عمر يناهز 89 عامًا بعد صراع مع المرض، وتجلت موهبته الأدبية منذ صغيره، محبًا لسرد القصص والحكايات، والتي كانت نتيجتها علقة ساخنة من والداته، فكان لديه خيال خصب وقدرة بارعة في السرد والحكي منذ أن كان في سن الحادية عشر من عمره.
وعلى الرغم من أصوله الصعيدية إلا أن مولده بالإسكندرية وأجواءها الجذابة أثرت عليه طيلة مشواره الإبداعي، فالإسكندرية كانت بالنسبة إليه حالة أكثر من كونها مدينة.
وتعرض "الخراط" خلال حياته لحدث كان ذا وطأة صعبة على قلوب أسرته حينما تم اعتقاله أيام الملكية في 15 مايو من عام 1948 بسبب كتاباته السياسية والثورية الوطنية التي لم تنل إعجاب الملك في ذلك الوقت، فكان خبر الاعتقال ذا حدين في نفوس أبنائه حيث أصابهم الألم بعد سماع هذا الخبر ولكن لم يهزم إصرارهم على استكمال مسيرة والدهم في تربيتهم ونجاحهم.
ويُعد الخراط أحد رموز التيار الرافض للواقعية الاجتماعية في فترة الخمسينيات، وتعتبر أول مجموعة قصصية له "الحيطان العالية" 1959، منعطفًا حاسمًا في القصة للغة العربية إذ ابتعد عن الواقعية السائدة آنذاك وركّز اهتمامه على وصف خفايا الأرواح المعرَّضة للخيبة واليأس، ثم أكدت مجموعته الثانية "ساعات الكبرياء" هذه النزعة إلى رسم شخوص تتخبط في عالم كله ظلم واضطهاد وفساد.
ولد إدوار الخراط في الـ 16 من مارس 1926 بمدينة الإسكندرية لعائلة قبطية أصلها من الصعيد، حصل على ليسانس الحقوق من جامعة الإسكندرية عام 1946م، وعمل في مخازن البحرية البريطانية في الكبارى بالإسكندرية، ثم موظفا في البنك الأهلي بالإسكندرية، عمل بعدها موظفا بشركة التأمين الأهلية المصرية عام 1955م، ثم مترجما بالسفارة الرومانية بالقاهرة.
وشارك إدوار الخراط في الحركة الوطنية الثورية في الإسكندرية عام 1946 واعتقل في 15 مايو 1948 في معتقلى أبو قير والطور، عمل في "منظمة تضامن الشعوب الأفريقية والآسيوية" في "منظمة الكتاب الأفريقيين والآسيويين" من 1959 إلى 1983م، وتفرغ بعد ذلك للكتابة في القصة القصيرة والنقد الأدبي والترجمة، وفاز بجائزة الدولة التشجيعية لمجموعة قصصه "ساعات الكبرياء" في 1972م.
وتغنى الخراط بجمال الإسكندرية وحبه لها في رواية "ترابها زعفران"، وفي هذه الرواية يقدم جانبا من طفولته وصباه في ربوع الإسكندرية فيسرد تفاصيل حياة المجتمع السكندري بطوائفه العديدة، وطبقاته الاجتماعية المختلفة، فنرى عمال المصانع والميناء والتجار والطلبة والفقراء والأثرياء، في فترة الفوران الثوري إبان الحرب العالمية الثانية، وقد نظن أن هذه الرواية سيرة ذاتية لإدوار لولا قوله "ليست هذه النصوص سيرة ذاتية، ولا شيئا قريبا منها. ففيها من شطح الخيال، ومن صنعة الفن ما يشط بها كثيرا عن ذلك".
أما روايته الأولى "رامة والتِنِّين" 1980م، فشكّلت حدثًا أدبيًا من الطراز الأول، تبدو على شكل حوار بين رجل وامرأة تختلط فيها عناصر أسطورية ورمزية فرعونية ويونانية وإسلامية، ثم أعاد الخراط الكرة ب"الزمان الآخر" 1985، وبعدد من القصص والروايات -وإن صعب تصنيف هذه النصوص- متحررة من الاعتبارات الإيديولوجية التي كانت سائدة من قبل.
وصدر لإدوار الخراط أكثر من 50 كتابًا قصصيًا أو شعريًا أو نقديًا، ومن مؤلفاته ومنها حيطان عالية، مجموعة قصصية،، ورواية "رامة والتنين"، والزمن الآخر، وأضلاع الصحراء، ويقين العطش، كما قام بترجمة أربعة عشر كتاب إلى اللغة العربية، وعدد من المسرحيات والدراسات.
وحصل على العديد من التكريمات ومنها جائزة الدولة التشجيعية، ووسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى عام 1973، وجائزة نجيب محفوظ من الجامعة الأمريكية بالقاهرة، 1999، وجائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 1999، وجائزة ملتقى الرواية العربية الرابع بالقاهرة في فبراير 2008.