الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

بيان مؤتمر مجلس بطاركة الشرق الكاثوليك

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
اختُتم اليوم المؤتمر السادس والعشرين لمجلس بطاركة الشرق الكاثوليك، بقداس في كاتدرائية مار يوسف ببغداد، شارك فيه جمهور غفير من المؤمنين.
وفي ختام المؤتمر، أصدر الآباء البطاركة بيانا جاء نصه كالتالي:
أوّلًا، الشبيبة علامة رجاء في بلدان الشرق الأوسط
أيّها الشبّان والشابّات الأعزّاء: لقد شاركنا في السينودس الخاص الذي دعا إليه قداسة البابا فرنسيس حول "الشبيبة: الإيمان وتمييز الدعوات"، وخرجنا بتوصيات عديدة تخص رسالتكم في الكنائس والمجتمعات، وتابعنا في بغداد مسيرتكم حول موضوع الشباب، وغمرنا فرح عظيم وفخر كبير لدى احتفالنا بأمسية الصلاة مع شبيبة بغداد، في كاتدرائية مار يوسف للكدان، حيث أصغينا إلى خبرات الشباب وتساؤلاتهم وهمومهم وهواجسهم وتطلّعاتهم.
في ظلّ ما تعانونه من صعوبات وتحدّيات في خضمّ الأوضاع الراهنة التي تعيشها منطقة الشرق الأوسط، وأمام نزيف الهجرة الذي يهدّد مستقبلكم والحضور المسيحي في الشرق برمّته، نعرب عن وقوفنا إلى جانبكم. وكما نشارككم الألم الحاضر عينه، نتطلّع معكم نحو غدٍ مشرق بزوغه مرهون بحضوركم، ونؤكّد لكم أننا سنعمل معًا في سبيل توفير مقوّمات صمودكم وثباتكم في أرضكم.
وها نحن نردّد أمامكم ما قلناه لمؤمنينا في ختام الرسالة الراعوية الحادية عشرة التي أصدرناها في عيد العنصرة الماضي:
"أثبتوا في إيمانكم وفي أوطانكم، وساهموا في بنائها... نحن عدد قليل، ولكنّنا "ملح ونور وخميرة"، ونحن كنيسة شهداء. كونوا مؤمنين محبّين بمثل محبّة الله لكلّ خلقه... وكونوا أقوياء بالمحبّة. وكونوا بناةً لأوطانكم مع كلّ مواطنيكم، مشاركين في كلّ الآلام والتضحيات، من أجل ترقّيها وازدهارها، كونوا في قلب بلادكم صنّاعًا لتاريخها مهما كانت قسوة الناس أو الأحوال" (رسالة بطاركة الشرق الكاثوليك 11، رقم 19).
ثانيًا، الأوضاع الكنسية والسياسية ونداءات
عرض كلّ واحد من الآباء البطاركة الأوضاع في بلاده، والصعوبات السياسية والإقتصادية والإجتماعية، والتطلّعات المستقبلية، وأوضاع المهجَّرين وإمكانية عودتهم إلى قراهم وديارهم، والعلاقة مع المنتشرين والتواصل معهم. ووجّهوا نداءات إلى أبنائهم وإخوتهم في بلدان الشرق الأوسط:
في العراق:
نثمّن الأجواء الإيجابية التي بدأت تسود في العراق بانتخاب رئيس الجمهورية ورئيسي مجلس النواب ومجلس الوزراء، ممّا يساهم في تعزيز بوادر الاستقرار التي نرجو أن تكتمل بتشكيل الحكومة الجديدة لتقوم بمهامها لما فيه خير الوطن بكلّ مكوّناته. وإذ نترحّم على أرواح الشهداء ونسأل الشفاء للجرحى، نؤكّد على ضرورة اقتلاع الفكر الداعشي الظلامي من النفوس والخطابات، ونطلب من المسئولين في العراق العمل يدًا بيد لنهضة البلد وتطوّره. كما نحثّ أبناءنا وبناتنا على التشبّث بأرضهم والمحافظة على إرث آبائهم وأجدادهم رغم الصعوبات والتحدّيات، فهذه بلادنا وفيها تاريخنا وحضارتنا وثقافتنا.
في سوريا:
نعرب عن ارتياحنا لما آلت إليه الأوضاع في سوريا من استقرار شمل معظم أرجاء الوطن، حيث عادت الحياة إلى طبيعتها، راجين أن يشمل هذا الإستقرار ربوع سوريا كلّها، ومطالبين المسئولين وجميع مكوّنات الوطن بشبك الأيدي وإعادة بناء سوريا مزدهرة ومتطوّرة، مبنية على الاحترام المتبادل بين الجميع، مترحّمين على أرواح الشهداء، وطالبين الشفاء التامّ للجرحى. كما نناشد جميع أصحاب القرار بالعمل الجادّ لعودة النازحين والمهجَّرين إلى ديارهم، لما في ذلك من أثر بالغ في صون الوحدة الوطنية، حتى تبقى سوريا أرض السلام والحرّية والكرامة.
في لبنان:
نهنّئ اللبنانيين بالانتخابات النيابية التي أجريت في شهر أيّار/ مايو المنصرم في جوّ من الحرّية والديمقراطية، ونطالب المسئولين بتشكيل الحكومة الجديدة في أقرب وقت ممكن، متعالين عن كلّ مصلحة شخصية أو فئوية، لتسير عجلة الدولة وفق ما يتناسب وحاجات المواطنين، في ظلّ الظروف الإقتصادية الصعبة التي يرزح لبنان تحت وطأتها. كما نشكر الدولة اللبنانية بكلّ مكوّناتها على استقبال النازحين من بلادهم في العراق وسوريا رغم المصاعب الاقتصادية التي يعانيها لبنان، مشدّدين على ضرورة عودتهم إلى أرضهم ووطنهم من أجل المحافظة على حقوقهم المدنية وعلى حضارتهم وثقافتهم. ونؤيّد المساعي لإعلان لبنان مركزًا دوليًا لحوار الأديان والحضارات.
في فلسطين:
نؤكّد تضامننا مع الشعب الفلسطيني الذي لا يزال يئنّ تحت وطأة الإحتلال ويتوق إلى فجر الخلاص والإستقلال، فالأوضاع يلفّها الجمود، لكنّنا نطالب الأسرة الدولية بإقرار الدولة الفلسطينية ضمن قيام الدولتين، وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضيهم. ونجدّد رفضنا الكامل لقرار إعلان القدس عاصمةً لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية إليها وجعل اسرائيل دولة قومية لليهود.
في الأردن: 
نقدّر الاستقرار القائم في المملكة الهاشمية الأردنية ونتمنى النجاح في مواجهة التحدّيات المتنوعة، مؤكّدين تضامننا مع جميع المواطنين في حياتهم واستقرارهم وعيشهم المشترك. كما نثمّن الجهود المبذولة لخدمة اللاجئين والمهجَّرين، وبالأخص من سوريا والعراق.
في مصر:
نقدّر حجم التحديات ونثني على الجهود المبذولة لتجديد الخطاب الديني والسعي لتحديث المناهج المدرسية في مصر، بما يضمن المساواة وبناء المستقبل على أساس المواطنة وروح الإخاء بين جميع المصريين. ونجدّد تضامننا مع عائلات الشهداء، مؤكّدين أنّ مصر ستبقى عنوانًا للإنفتاح والصمود في وجه كلّ تطرُّف. ونؤيّد كلّ المساعي التي تؤول إلى تحسين أوضاع المواطنين والنهوض بالاقتصاد كي ينعم الجميع بحياة كريمة.
نداء عام:
نتوجّه إلى المسئولين المدنيين في شرقنا لنؤكّد لهم أنّ مسيرة بلداننا ومستقبلها الحضاري، لا ولن يتحقّقا إلا باحترام حقوق جميع المواطنين حسب "شرعة حقوق الإنسان" التي سنّتها منظّمة الأمم المتّحدة قبل سبعين عامًا، وهي شرعةٌ تفرض على جميع الدول الأعضاء واجب تأمين الحرّيات المدنية والدينية للمواطنين كافةً. والحقيقة كما ينبّهنا قداسة البابا السابق بنديكتوس السادس عشر أنه: "إن السلام والعدالة في عالمنا لا يتحققان إن لم تُحترَم الحرّيات الدينية للجميع".
إنّ إيماننا المشترك بالإله الواحد، خالق الكون ومدبّره، يوحّد قلوبنا ويشركنا في بناء الوطن الواحد في العيش الفاعل والمتفاعل، والمؤسَّس على مبدأ المواطنة الواحدة. إنها حضارة المحبّة، التي يدعونا إليها اليوم شهداؤنا وجرحانا، فلا نخيّب أملهم. على مثالهم لنكن "صانعي السلام"، فنستحقّ أن نُدعى "أبناء الله".
واختتم البيان بهذه الكلمات: "من أرض العراق المباركة، بلاد الرافدين، التي تعمّد ترابها بدماء شهدائنا وشهيداتنا الأبرار، والتي تعبق بعطر الشهادة للرب يسوع ولإنجيل المحبّة والفرح والسلام، والإستشهاد حبًّا بالمعلّم الإلهي، وفي هذه الأيّام المقدسة ونحن نستعدّ للإحتفال بعيد ميلاد الرب يسوع المسيح ونهاية عام 2018 وبداية العام الجديد 2019 الذي نرجوه مباركًا وملؤه السلام والأمان، نجدّد مشاعر المحبّة الأبوية وعواطف التضامن والتعاضد مع أبنائنا في الشرق الذين يؤدّون الشهادة للرب يسوع وسط عالم مضطرب تتلاطمه الأمواج العاتية مهدّدةً وجودهم، ونمنحهم جميعًا بركتنا الرسولية، مذكّرينهم بقول معلّمنا الإلهي: "لا تضطرب قلوبكم ولا تجزع"، وبتأكيد مار بولس رسول الأمم: "إن كان الله معنا فلا أحد يقدر علينا"، فنحن "بدون الرب لا نستطيع أن نفعل شيئًا"، "ومن يتّكل عليه لا يخيب".