الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

العالم

جزر الكوريل.. أزمة قرن بين روسيا واليابان

جزر الكوريل
جزر الكوريل
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قال المستشرق الروسى، فاليرى كيستانوف قوله، إن ظهور مشكلة الأراضى المتنازع عليها من جديد بين روسيا واليابان، نتجت بفضل تطوع ميخائيل خروشوف ونيكيتا جورباتشوف، وجاء الدور على تطوع فلاديمير بوتين. جاء ذلك تعليقًا حول التوصل إلى شبه اتفاق بين الرئيس بوتين ورئيس وزراء اليابان سينزو آبى على العودة إلى اتفاق عام ١٩٥٦، باقتسام الجزر، بحيث تحصل اليابان على جزيرتين من الجزر الأربع المتنازع عليها بين البلدين فى مقابل توقيع اتفاق سلام.
وأشارت صحيفة «برافدا رو» إلى أن الرئيس بوتين ورئيس الوزراء اليابانى اتفقا ١٤ نوفمبر الجارى على الإسراع بعقد مفاوضات لتوقيع اتفاق سلام، متعلق بنتائج الحرب العالمية الثانية، على أساس إعلان عام ١٩٥٦، الذى ينص على حصول اليابان على اثنين من الجزر الأربع، وهما شيكوتان وهابوماى، سوف يتم تسليمهما لليابان بعد عقد اتفاق سلام. 
وتقول الصحيفة إن الجانب الروسى لم ينف على الإطلاق وجود هذه الوثيقة. لكن عام ١٩٦٠ وفى أوج سخونة الحرب الباردة بين الشرق والغرب، رفضت موسكو المادة التاسعة من الإعلان، والتى تنص على تسليم الجزيرتين المذكورتين لليابان، غير أن ميخائيل جورباتشوف عاد لمناقشة هذه المشكلة، وكان على استعداد لتسليم الجزر الأربع، كوناشيرا وشيكوتانا وإيتوروبا وهابوماى، التى تدعى اليابان أنها تابعة لها وفق اتفاق التجارة والحدود مع الإمبراطورية الروسية عام ١٨٥٥. 
وبدا الأمر بعد لقاء الرئيس بوتين ورئيس وزراء اليابان أن مسألة عقد اتفاق سلام وتسليم الجزيرتين، أصبح مسألة وقت، إلا أن السكرتير الصحفى للرئيس الروسى، دميترى بيسكوف، قال إن العودة إلى إعلان ١٩٥٦ كحل وسط يرضى الطرفين، لا يعنى «تلقائيًا» منح اليابان جزيرتى شيكوتان وهابوماى. وأكد أهمية عدم إقامة قواعد أمريكية على الجزيرتين فى حال تسليمهما، لكن بيسكوف عاد وأكد على إمكانية عقد اتفاق سلام مع اليابان، رغم كل الصعوبات. 
وللرئيس بوتين تفسيره الخاص لإعلان ١٩٥٦، حيث أشار إلى أن الإعلان يقول «إن الاتحاد السوفيتى على استعداد للتنازل عن شيكوتان وهابوماى»، لكن «لا حديث» بعد ذلك عن قانونية وضع الجزر فى المستقبل.
وألمح بوتين إلى أن هذا المصطلح لا يستتبعه تغيير السيادة. إلا أن اليابان تعتبر كلمة «تسليم» الموجودة فى الإعلان، هى تعنى «الاستعادة» وتعنى «التسليم بالسيادة الطبيعية»، كما قال مؤخرًا سكرتير الحكومة اليابانية، إيوشخيدى سوجا.
يذكر أن الرأى العام فى روسيا ضد «التجارة بالأراضى» بشكل حاسم. وقالت الصحيفة إنه حتى أقل خطوة للرئيس الروسى فى اتجاه التوافق بهذا الخصوص، سوف تقابل من المواطنين بشكل سلبى للغاية.
وتنقل الصحيفة عن فاليرى كيستانوف، مدير مركز الأبحاث اليابانية لمعهد الشرق الأقصى التابع لأكاديمية العلوم الروسية، قوله إن اليابان اعترفت بسريان اتفاق ١٩٥٦، لكنها لا تنوى التوقف عند «عودة» الجزيرتين فقط، فالموقف المبدئى لطوكيو ينحصر فى أن تحصل اليابان على الأربع جزر، أى أن اليابان على استعداد لحل مشكلة السيادة على شيكوتان وهابوماى، وفى نفس الوقت ستجرى مفاوضات حول كوناشيرو وإيتوروبو. والأمور بهذا الشكل لا تناسب روسيا، ولهذا لن يحدث تقارب.
ويقول الخبير، إن المشكلة تنبع من «الحل التطوعى لنيكيتا خروشوف الذى كان يعتقد بأنه إذا أهدينا جزيرتين لليابان، فإننا سنشغل طوكيو عن التعاون العسكرى مع واشنطن»، إلا أن واشنطن هددت بأنها لن تعيد جزيرة أوكيناوا فى حالة تنفيذ الاتفاق السوفيتى - اليابانى، ومن ثم لم تنفذ اليابان الاتفاق، فردت موسكو بإلغاء المادة التاسعة من الاتفاق مع اليابان، لكن أثناء البيريسترويكا أراد جورباتشوف أن يقدم لليابان تنازلًا، وظهرت على جدول الأعمال قضية الأربع جزر «المتنازع» عليها. 
والمعروف أن هناك اتفاقًا أمريكيًا - يابانيًا حول تبادل المساعدات، هذا الاتفاق يعطى لواشنطن الحق فى إقامة قواعد عسكرية فى أى مكان يناسبها على الأراضى اليابانية، بموافقة من الجانب اليابانى.
لكن الخبير بالشأن اليابانى يؤكد أن الحصول على موافقة الجانب اليابانى ليست معقدة، حتى ولو تحت ذريعة عدوانية الصين فى بحر الصين الشرقى، وسيقول حينها الأمريكيون «لا تريدون قاعدة فى هابوماى، إذا دافعوا عن أنفسكم ضد الصين». 
لكن فاليرى كيستانوف يرى المشكلة فى شئ آخر تمامًا «إذا اندلع نزاع بين اليابان وروسيا حول استخدام هذه الجزر، فإن الولايات المتحدة حينها ستكون ملزمة أن تأتى لمساعدة اليابان، وهذا سيعتبر نزاعًا بين الولايات المتحدة وروسيا. 
وأضاف الخبير هناك صعوبات أخرى، مثل حل المشاكل الحدودية فى المنطقة الاقتصادية والبحث والتنقيب عن الهيدروكربوات فى تلك المناطق وصيد الأسماك.
تجدر الإشارة إلى أن الاتحاد السوفيتى قام فى يونيو عام ١٩٤٥، بناء على طلب الولايات المتحدة بمواجهة ما كان يعرف بجيش كوانتونسكى اليابانى فى منشوريا، ومن ثم استولى الاتحاد السوفيتى على موانى سخالين وجزر الكوريل «المتنازع» عليها الآن مع اليابان، وبعد أن استسلمت اليابان، بدأت البحرية السوفيتية تأمين الجزر، وبقيت فيها إلى يومنا هذا.
وفى استطلاع للرأى فى اليابان، أشار موقع «مورونينج نيوز رو» إلى أن ٦٤.٩٪ من اليابانيين يؤيدون الإسراع فى المفاوضات مع روسيا حول إعادة جزيرتى شيكوتان وهابوماى، لكن ما يقرب من ٣٦٪ من الذين شملتهم عينة الاستطلاع، وافقوا على أنه فى حالة تسليم روسيا للجزيرتين وفق إعلان ١٩٥٦، فمن الممكن لليابان توقيع اتفاق سلام على أساس إعلان ١٩٥٦ بين طوكيو وموسكو، إلا أن ٦١.٦٪ من عينة الاستطلاع يريدون عودة كامل الأربع جزر، بما فيها إيتوروب وكوناشير.