أطفأت فرنها البلدي بعدما لم تعد الأرض تطرح غلة، أغلقت باب دارها في أسيوط، ووضعت «خلاجاتها وخلاجات زوجها وأبناءها على رأسها»، في كل محطة يقف القطار تفكر في النزول فتعاندها روحها، حتى استقر بها المطاف إلى أن تنزل في «الشرقية».. عمل الزوج دون كلل، في أكثر من حرفة، ونجح في تكوين مبلغ من المال لا بأس به، افتتحوا مخبزا، كان فاتحة الخير عليهما وأبنائهما، كل هذا بفضل الله، وعون الزوجة الصعيدية الأصيلة.
«أم محمد» امرأة صعيدية، في أواخر الثلاثينيات، غادرت مسقط رأسها منذ ١٥ عاما، لم تستح يوما من العمل، وعملت خبازًا لتكون في عون زوجها. تقول: «عندنا أرض في الصعيد، لكننا بدأنا من الصفر في الشرقية، ولأن الشغل مش عيب، كنت سندا لزوجي، لو احتاج مساعدتي، تعبنا أول ٣ سنين، وربنا فتحها علينا، فتحنا مخبزا إفرنجيا، كنا بنلاقي عجز في الصنايعية، وأجرتهم كانت غالية علينا، في أوقات الحالة صعبة، فكنت أنزل مع زوجي أساعده، لحد ما شربت الصنعة، وبقيت خبازة، وأقدر أشيل الشغل لوحدي».
وتتابع: «أنجبت ٤ من الأبناء، أصغرهم في أولى ابتدائي، كلهم في المدارس، علمتهم كلهم الصنعة، هتنفعهم لما يكبروا، وكلهم اتعلموا يعتمدوا على أنفسهم».
وتختتم «أم محمد»: «عندنا في الصعيد بعض الحرف عيبة للست، لكن أنا بالنسبة لى الشغل مش عيب، كل ما في الأمر أني أجد صعوبة ومشقة، بين التوفيق بين أعمال المنزل وإدارة المخبز، لكن ظروف الحياة تجبرنا على ذلك».