"أأُقِيمُ بَعدَكَ بالمدينَةِ بَيْنَهُمْ؟ يا لَيْتَني صُبّحْتُ سمَّ الأسْوَدِ"
هكذا رثى حسان بن ثابت الرسول الكريم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم بعد رحيله، ولقب حسان بن ثابت بـ "شاعر النبي"، وهو الذي نظم الشعر ممجدًا الإسلام، وهاجيًا أعدائه، كما رثا الرسول عليه الصلاة والسلام، بقصيدة بديعة حيث قال:
ما بَالُ عَينِكَ لا تَنَامُ كأنّمَا كُحِلَتْ مآقِيها بكُحْلِ الأرْمَدِ
جزعًا على المهديّ أصبحَ ثاويًا يا خيرَ من وطئَ الحَصى لا تَبعدِ
جنبي يقيكَ التربَ لَهفي لَيتَني غُيّبْتُ قَبْلكَ في بَقِيعِ الغَرْقَدِ
بأبي وأمّْي مَنْ شَهدتُ وفاتهُ في يومِ الاثنينِ النبيُّ المهتدي
فَظَلِلْتُ بَعْدَ وَفَاتِهِ مُتَبَلِّدًا يا لهْفَ نفسي لَيْتَني لم أُولَدِ
أأُقِيمُ بَعدَكَ بالمدينَةِ بَيْنَهُمْ؟ يا لَيْتَني صُبّحْتُ سمَّ الأسْوَدِ
أوْ حلّ أمرُ اللهِ فينا عاجلًا في روحةٍ منْ يومنا أو في غدِ
فتقومُ ساعتُنا، فنلقى طَيبًا مَحضًَا ضَرَائِبُهُ كَريمَ المَحْتِدِ
وقال أيضًا:
نُورًا أضَاءَ على البَرِيّةِ كلِّها مَنْ يُهْدِ للنّورِ المُبَارَكِ يَهْتَدِ
يا ربّ! فاجْمَعنا فمًَا ونَبِيَّنَا في جَنّةٍ تَثْني عُيُونَ الحُسّدِ
في جَنّةِ الفِرْدَوْسِ واكتُبْها لَنَا يا ذا الجلالِ وذا العُلا والسؤدُدِ
واللَّهِ أسْمَعُ ما بَقِيتُ بهالِكٍ إلا بكيتُ على النبيّ محمدِ
كما كان حسان بن ثابت من أهم الشعراء الذين عاصروا النبي الكريم، فنظم عدة قصائد في مدح الرسول ومنها:
وأحسنُ منكَ لم ترَ قطُّ عيني وأجملُ منكَ لَمْ تَلِدِ النّساءُ
خُلقتَ مبرئًا مِنْ كلِّ عيبٍ كأنكَ قدْ خلقتَ كما تــشــاءُ
ومنها أيضًا:
أَغرّ عليهِ للنبوةِ خاتمٌ منَ اللهِ مَشهودٌ يلوحُ ويَشهدُ
وضَمَّ الإلهُ اسمَ النبي إلى اسمهِ إذا قالَ في الخمسِ المؤذنِ أَشهدُ
وشَقَ لهُ مِنْ اسمهِ ليُجلَّهُ فذو العرشِ محمودٌ وهَذا محمدُ
نَبي أتانا بَعدَ يأسٍ وفترةٍ مِنَ الرُّسل والأوثانُ في الأرضِ تُعبدُ
وتعتبر المدائح النبوية، فرعًا مستقلًا من فروع الشعر، وله مصطلحاته الخاصة، واستعاراته الفريدة، وقد برز هذا المذهب الشعري، مع فجر الإسلام، وفي حياة النبي محمد صلي الله عليه وسلم وبعد وفاته.