الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

الكاتدرائية المرقسية بالعباسية تاريخ من المحبة وأيقونات متجددة ولوحات للشهداء

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أقيمت على مساحة 6200 متر مربع بـ350 ألف جنيه وافتتحها عبدالناصر
تجديد 200 أيقونة تمثل «الكنيسة المنتصرة» و«الكنيسة المجاهدة» ولوحة انتشار الكرازة فى المهجر ولوحات للبابا شنودة والبابا تواضروس مع المجمع المقدس
الأرشيدياكون فؤاد: شاركت فى افتتاحها.. كنت فى صفوف الشمامسة خلال أول قداس بها.. وحضرت تجديدها بعد ٥٠ عامًا
الكرسى المرقسى بدأ فى الإسكندرية وتنقل عدة مرات وصولًا للعباسية
توجهت أنظار المسيحيين إلى الكاتدرائية المرقسية بالعباسية والتى قام البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية بتدشينها أمس الأول الأحد بعد تجديدها بحضور 109 من أعضاء المجمع المقدس، قاموا بتدشين حوالى 200 أيقونة موجودة بالكنيسة الكبرى. 
الكاتدرائية المرقسية بالعباسية لها تاريخ طويل فقد تم وضع حجر الأساس لها فى 24 يوليو 1965، وبلغت التكاليف المبدئية حتى 25 يونيو 1968 نحو350 ألف جنيه مصرى، وأقيمت الكاتدرائية على مساحة 6200 متر مربع.
وفى صباح الأربعاء 26 يونيو 1968 احتفل بإقامة الصلاة على مذبح الكاتدرائية، وفى نهاية القداس حمل البابا كيرلس السادس رفات القديس مارمرقس إلى حيث أودع فى مزاره الحالى تحت الهيكل الكبير فى شرقية الكاتدرائية.
وفى مايو 1977 تم الاحتفال بحضور رفات القديس أثناسيوس الرسولى وافتتاح قاعة القديس أثناسيوس الكبرى تحت الكاتدرائية تذكارًا بمرور 1600 سنة على نياحة القديس.
ويوجد بالكاتدرائية مدفن خاص بالقديس مرقس كاروز الديار المصرية والذى عادت رفاته من كاتدرائية سان ماركو بفينسيا بإيطاليا وتسلمها وفد بابوى برئاسة الأنبا مرقس مطران أبوتيج من البابا بولس السادس- بابا الفاتيكان- فى 22 يونيو 1968 فى ذكرى مرور 19 قرنًا على استشهاد القديس مرقس بشوارع مدينة الإسكندرية.
شاهد على الحدث
الأرشيدياكون فؤاد شفيق خادم بالكنيسة المرقسية بالأزبكية، وعاصر كل الأحداث المهمة التى مرت بها الكاتدرائية، منها وضع حجر أساسها عام 1965 وافتتاحها عام 1968 كذلك حضر أول قداس بها وتنصيب الراحل البابا شنودة الثالث وصلاة تجنيزه. 
ويروى الأرشيدياكون فؤاد شفيق ذكرياته عن الكاتدرائية، قائلًا: إن قراءة الإنسان للتاريخ شىء والحديث عنه شيء عظيم، لكن الأعظم أن يعطيه الله أن يعيش أحداث هذا التاريخ. 
وأضاف: أشكر الله لأنه أعطانى أن أعيش هذا اليوم العظيم يوم تدشين مذابح وأيقونات هذه الكاتدرائية العظيمة فقد حضرت حفل وضع حجر أساس الكاتدرائية سنة 1965م وكنت من المشاركين فى إعداد هذا الحفل، وبعدها أتيحت لى الفرصة لحضور الافتتاح سنة 1968 وإقامة أول قداس وكنت ضمن خورس الشمامسة، وفى نهاية القداس وضع رفات مارمرقس فى مزاره أسفل هياكل هذه الكاتدرائية. 
وتابع: فى مارس 1971 شاركت فى صلوات تجنيز القديس مثلث الرحمات البابا كيرلس السادس ونوفمبر 1971 شاركت أيضًا مع خورس الشمامسة كنيسة القديس مارمرقس بالأزبكية وخورس معهد الإكليريكية فى سيامة وتنصيب قداسة البابا مثلث الرحمات الأنبا شنودة الثالث، وحضرت بعد ذلك من 6 سنوات قداس تنصيب أبونا البابا الأنبا تواضروس ربنا أعطانى نعمة حضور صلوات تدشين هذا الصرح العظيم.
تجديد الكاتدرائية
«البابا تواضروس»، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، قام بتشكيل لجنة لتشرف على أعمال التجديد، كما كان يقوم شخصيًا بزيارة موقع العمل وتشجيع العاملين به والإشادة بما قاموا به بالمكان.
عملية إحلال وتجديد للكنيسة ككل، بدأت مع الواجهات الخارجية حيث تم اختيار صورة «المسيح الراعى» لتكون على واجهة الكاتدرائية، فيما تم رسم جدارية ضخمة بسقف الكنيسة تمثل المسيح والسيدة العذراء، وبداخل الهيكل تم اختيار صورة "حضن الآب" لتستقبل المصلين.
نفذت أعمال التطوير 40 شركة مقاولات، وحوالى 1200 عامل، كما تم تشكيل لجنة فنية خاصة لمناقشة الأعمال التى قدمها حوالى ٥٠ فنانًا، تم اختيار خمسة منهم.
الأيقونات تم تقسيمها إلى صور تمثل «الكنيسة المنتصرة» مثلًا فى ناحية الهيكل رسمت السبع كنائس الموجودة فى سفر الرؤيا، وخارج الهيكل تم رسم «الكنيسة المجاهدة»، فهناك لوحة عن انتشار الكرازة فى المهجر، ولوحة عن تعمير الأديرة ولوحة عن البابا كيرلس، وهو يحضر رفات مارمرقس، والبابا شنودة، وهو يحضر رفات القديس اثناسيوس، ولوحة أخرى عن البابا تواضروس مع المجمع المقدس، وهم يعترفون بقداسة البابا كيرلس والأرشدياكون حبيب جرجس، ولوحة عن الخدمة فى الكنيسة، مثل خدمة المكرسات أعمالهم وخدمتهم، ولوحة عن القديس الأنبا إبرام الذى يمثل القديسين المعاصرين، ولوحة أخيرة عن العصر الذى نتميز به، وهو عصر الشهادة فيها صور لشهداء مصر فى ليبيا، ووضعنا معهم كل شهداء الكنيسة فى البطرسية والقديسين وطنطا ونجع حمادى، وكلها تعبر عن الكنيسة المجاهدة التى نعيشها الآن، وتكمل الكنيسة المنتصرة فى السماء.
ويعتبر حجم السقالات المستخدمة هى الأكبر بعد مشروع كاتدرائية ميلاد المسيح فى العاصمة الإدارية، فهنا يوجد ما يقرب من 40 ألف متر مسطح على الواجهات الخارجية و3200 متر مسطح لأرضية صحن الكنيسة والهياكل والقبة بارتفاع 40 مترًا لصحن الكنيسة و60 مترًا للغاية القبة.
كما تم توفير سقالة للمنارة بارتفاع 90 مترًا، والتى كان تركيبها مشكلة حيث يحيط بها مبانٍ غير مصممة أنها تتحمل أوزانًا وارتفاعًا، فهناك المجلس الإكليركى ومبنى الديوان البابوى تتحمل حتى 250 كيلوجرامًا على السم مربع، لكن السقالات التى تم وضعها كانت ستصل حمولتها 3 أطنان على سم مربع، فقامت إدارة شركة أوراسكوم بتصميم تم استخدامه مرة واحدة خلال تطوير كوبرى روض الفرج الذى كان يعانى من نفس الأزمة.
فى كلمته خلال التدشين قال البابا تواضروس: «إنه منذ ٥٠ سنة احتفلت مصر فى عهد الرئيس جمال عبدالناصر وحبرية قداسة البابا كيرلس السادس بإنشاء أكبر كاتدرائية فى الشرق الأوسط، وهى تعبر عن الشرق الأوسط الذى ظهرت فيه المسيحية».
وأضاف: تاريخ مصر شاهد على عظمة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، ويوم التدشين هو يوم نادر الحدوث، يجب أن يسجل فى السنكسار نقف أمام الله ونفرح ونشكر ونتعبد، كما أنه يوم مقدس فى تاريخ الكنيسة عمومًا، هو يوم امتنان وشكر لله، وكثير من صلوات التدشين مأخوذة من طلبات تدشين هيكل سليمان.
ولفت: خلال ٤ سنوات عمل الكثيرون فى هذا الصرح، وصارت فى الكنيسة مسحة جمال، وغنية بالأيقونات، كما قمنا بتسجيل بعض الأحداث التى وقعت خلال الخمسين سنة، مثل أيقونات شهداء العصر الحديث، والارتفاع الشديد والقبة العالية استمر العمل برسمها ٦ أشهر حتى عندما انتهينا منها.
تطور الكرسى المرقسي
مراحل عديدة مر بها الكرسى البطريركى للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، فكانت الإسكندرية هى المقر الأساسى لكرسى مار مرقس الرسولى التقليد المسيحى المكان الذى استشهد فيه رسول أو تلميذ المسيح، هو مقر الكرسى، والكنيسة القبطية هى الكنيسة التى أسسها مرقس الرسول الذى استشهد فى الإسكندرية وتعتبر الإسكندرية هى عاصمة الكرازة المرقسية عامة ومقرًا للرئاسة الدينية.
وظلت الإسكندرية من القرن الأول الميلادى حتى القرن الحادى عشر الميلادى هى مكان ومقر الكرسى الرسولى، نظرًا لوجود رفات القديس مارمرقس الرسول بها، وفى القرن الحادى عشر، وفى عهد البابا خريستوذولوس البطريرك الـ66 «1040 - 1077م» نقل مقر الكرسى إلى كنيسة المعلقة بمصر القديمة.
ونقل إلى كنيسة السيدة العذراء بحارة زويلة منذ القرن الرابع عشر، ثم نقل الكرسى إلى كنيسة السيدة العذراء حارة الروم فى الفترة من «1660 وحتى 1800»، وفى عام 1799م نقل إلى الأزبكية بالكنيسة المرقسية وظل فيها حتى سنة 1964م.
وقد أصبحت كاتدرائية القديس مرقس القبطية الأرثوذكسية بالأزبكية المقر الباباوى فى القاهرة فى عهد البابا مرقس الثامن البطريرك الـ108، وأكمل بناءها البابا كيرلس الخامس، وقام البابا كيرلس السادس بترميمها وكان قد مر على بنائها مئة عام، وزينت بالرسومات الجميلة. 
وفى عهد البابا كيرلس السادس البطريرك الـ116 على سدة مارمرقس تم بناء الكاتدرائية الحالية كاتدرائية القديس مرقس القبطية الأرثوذكسية والموجودة بمنطقة دير الأنبا رويس بالعباسية، وقد تم افتتاح الكاتدرائية بحضور البابا كيرلس السادس والرئيس المصرى الراحل جمال عبدالناصر وكذلك الإمبراطور هيلا سيلاسى إمبراطور إثيوبيا فى ذلك الوقت.
وتم إحضار جزء من جسد القديس مار مرقس الإنجيلى والذى كان محفوظً بالفاتيكان والذى أهداه بابا روما إلى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية فى مصر، ودفن أسفل الكاتدرائية.
البابا كيرلس والرئيس عبدالناصر
وصف الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، فى كتابه «خريف الغضب» علاقة عبدالناصر والبابا كيرليس السادس «إنها كانت علاقات ممتازة، وكان معروفًا أن البطريرك يستطيع مقابلة عبدالناصر فى أى وقت يشاء. 
وأضاف هيكل: «وفى لقاء ودى خاص بين عبدالناصر والبابا كيرلس، تم فى بداية سيامته بطريركا عام 1959 قال البابا كيرلس لعبد الناصر: «إنى بعون الله سأعمل على تعليم أبنائى معرفة الله وحب الوطن ومعنى الأخوة الحقة ليشب الوطن وحدة قوية لديها الإيمان بالله والحب للوطن».
وعندما توفى الرئيس جمال عبدالناصر فى 28 سبتمبر 1970 أصدر البابا كيرلس السادس بيانًا جاء فيه «إن الحزن الذى يخيم ثقيلًا على أمتنا كلها؛ لانتقال الرئيس المحبوب والبطل المظفر جمال عبدالناصر؛ إلى عالم البقاء والخلود؛ أعظم من أن يعبر عنه أو ينطق به. إن النبأ الأليم هز مشاعرنا جميعًا ومشاعر الناس فى كل الشرق والغرب بصورة لم يسبق إليها. ونحن لا نستطيع أن نصدق أن هذا الرجل الذى تجسدت فيه آمال المصريين يمكن أن يموت، إن جمال لم يمت ولن يموت؛ إنه صنع فى نحو عشرين سنة من تاريخنا ما لم يصنعه أحد من قبله فى قرون، وسيظل تاريخ مصر وتاريخ الأمة العربية إلى عشرات الأجيال مرتبطًا باسم البطل المناضل الشجاع؛ الذى أجبر الأعداء قبل الأصدقاء على أن يحترموه ويهابوه؛ ويشهدوا أنه الزعيم الذى لا يملك أن ينكر عليه عظمته وحكمته».
ثم توجه إلى القصر الجمهورى بالقبة وبصحبته وفد كنسى وتقابلوا مع أنور السادات مقدمين له واجب العزاء، وسجل قداسته كلمة فى سجل التشريفات بقصر القبة، قال فيها: «يوم حزين على بلادنا وبلاد الشرق العربى؛ ما أعظم الخسارة التى لحقت بنا جميعًا. إن اسم هذا البطل سوف يظل مرتبطًا بتاريخ مصر والعرب وأفريقيا ودول عدم الانحياز بل وبتاريخ الأسرة البشرية كلها».