الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

إخفاق القبة.. ومناورات المقاومة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بحسب تقرير للخبير والمحلل العسكرى الروسى ألكسندر سيتنيكوف، نُشر فى جريدة «سفوبودنايا بريسا» الروسية، فإن منظومة الدفاع متعددة الطوابق الإسرائيلية المعروفة بـ«القبة الحديدية»، أخفقت فى اعتراض صواريخ المقاومة الفلسطينية خلال المواجهات التى جرت الأسبوع الماضي، على خلفية تصدى المقاومة لوحدة من «نخبة أركان» جيش الاحتلال أثناء محاولة الأخيرة التسلل إلى «خان يونس» لتنفيذ عملية نوعية.
لم تتمكن «القبة الحديدية» من اعتراض أكثر من 25% من الصواريخ التى أطلقتها فصائل المقاومة والتى وصلت إلى 46 صاروخا وهو ما «ألقى بظلال من الشك حول فاعلية القبة الحديدية أمام الصواريخ البدائية التى تمتلكها المقاومة»، يؤكد الخبير الروسي.
يشير سيتنيكوف إلى أن تل أبيب تعتمد فى الحماية من الصواريخ قصيرة المدى والألغام والقذائف التى تطلق من قطاع غزة فقط على «القبة الحديدية»، مضيفا: «الآن، فى ضوء الواقع الجديد، يعتقد بعض الخبراء أن هذا النظام لن يصد أمام هجوم بصواريخ أكثر تعقيدًا، على سبيل المثال، من جانب دمشق أو حزب الله».
وتنقل الجريدة الروسية عن الأستاذ فى قسم العلوم والتكنولوجيا وسياسة الأمن القومى فى معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، تيودور بوستول، قوله «إن شيئا جديدا لم يحدث، فخلال صراع نوفمبر 2012، أظهرت مراجعة مفصلة لعدد كبير من الصور للقبة الحديدية أن معدل نجاح نظام الدفاع الصاروخى كان منخفضًا للغاية، فقط 5٪ أو ربما أقل من ذلك».
وفى العام 2014، جمعت مرة أخرى بيانات حول القصف، فأكدت عدم وجود تحسن فى أداء القبة الحديدية، بحسب التقرير نفسه، الذى أشار إلى أن نظام (TAMIR) يحاول اللحاق بصواريخ المقاومة من الخلف، فى حين، على سبيل المثال، صواريخ 57E6 من النظام المدفعى المضاد للطائرات «بانتسير- إس» تواجه الأهداف وجها لوجه أو من الجانب، فى الحالة الأولى، تستبعد مسارات وسرعات المعترضات الإسرائيلية والصواريخ الفلسطينية إمكانية الاعتراض الفعال، بينما فى الثانية، هناك حاجة إلى خوارزميات توجيه مختلفة تمامًا عن تلك التى يتبعها الإسرائيليون والأمريكيون.
النتيجة التى خلص لها التقرير الروسى والتى أكدتها عملية الأسبوع الماضى أن نظام «القبة الحديدية» الذى دشنته دولة الاحتلال قبل سنوات لحماية مواطنيها من صواريخ المقاومة الفلسطينية أخفق فى أكثر من مواجهة، وأن هذا الفشل وضع حكومات وقادة جيش الدولة العبرية فى مواجهة مع مواطنيهم خاصة فى مستوطنات غلاف غزة، الذين نزلوا إلى الشوارع فى مظاهرات ضخمة بعد الإعلان عن اتفاق التهدئة بين حكومة نيتنياهو وحماس الأسبوع الماضي.
وفى محاولة منه لتهدئة الأوضاع خرج رئيس وزراء حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، ببيان مساء الخميس الماضى عقب اندلاع المظاهرات فى مستوطنات الغلاف قال فيه: إن سديروت مثلها مثل تل أبيب.. وأن أمن المواطنين فى الجنوب مهم مثل أمن المواطنين فى سائر أنحاء إسرائيل.
وخلال تلك المظاهرات رفع أحد المحتجين الذين قطعوا الطريق لافتة قال فيها: «من العار أن تستسلم الدولة فى وقت كهذا.. من لا يستطيع أن يوفر حلا يجب أن يترك مفاتيحه ويعود إلى منزله.. لقد سئمنا من تلك الجولات»، وأكد المحتجون أن ما حدث: «هزيمة نكراء وبنيامين نتنياهو خان سكان الجنوب»، بحسب بيان صدر عنهم.
ما فعلته المقاومة مطلع الأسبوع الماضى فى مواجهتها المحدودة مع جيش الاحتلال، اعتبره مراقبون حسما لجولة هامة فى إطار الصراع الدائر، فالمقاومة أدارت الأزمة بحرفية شديدة، أوقعت وحدة الاحتلال المتسللة إلى خان يونس فى شركها، وردت على القصف الإسرائيلى بقصف أعنف كشف كذبة «القبة الحديدية»، وألبت سكان مستوطنات الغلاف على حكومة نتنياهو، وهزت تماسك الائتلاف الحاكم، بعد إعلان أفيجدور ليبرمان وزير الحرب الإسرائيلى وزعيم حزب «إسرائيل بيتنا» استقالته من الحكومة احتجاجا على «الخضوع والاستسلام للإرهاب» وقد يلحقه وزير التعليم نفتالى بينيت الذى طلب تولى حقيبة الدفاع خلفا لـ«ليبرمان» كشرط للبقاء فى الحكومة، وهو ما قد يدفع إلى إجراء انتخابات مبكرة لـ«الكنيست».
بكل المقاييس انتصرت فصائل المقاومة فى غزة وأرست قواعد جديدة للصراع، آتت ثمارها فى المفاوضات غير المباشرة التى بدأت مع إسرائيل برعاية مصرية وعبر وساطة ألمانية فى قضية تبادل الأسري، وهو ما كشفه الإعلام العبرى مطلع الأسبوع الجاري، إذ تحدث عن تقدم «ملحوظ ومفاجئ» طرأ على المفاوضات غير المباشرة التى تجرى فى ملف صفقة تبادل الأسرى، بعد أن أبلغ الجانب الإسرائيلى الوسيطين الألمانى والمصرى بأنه على استعداد لدعم مفاوضات الصفقة، والاستجابة للشرط الرئيسى الذى تضعه حركة «حماس» مقابل استئناف الحوارات واللقاءات غير المباشرة بهذا الملف المجمد منذ شهور طويلة.
ما جرى ويجري، أثبت أن فصائل المقاومة فى غزة «إسلامية وعلمانية» نضجت سياسيا وعملياتيًا، بما يسمح لها كيف يمكن أن تواجه عدوها وبأى قدر.. متى تصمد وتتحمل ومتى تقبل الهدنة.
خبرة العقود وتجارب السابقين علم «رفاق السلاح» فى غزة كيف يتفاوضون ويناورون، ويتعاملون مع الأصدقاء قبل الأعداء، وأصبحت المقاومة تملك من الحنكة والخبرة ما يكفيها لأن تحيد خصومها فى المنطقة وتدفعهم للوقوف فى صفها بعد أن كانت متهمة دائما بدعمها للإرهاب.