الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

"مختار روبو".. إرهابي يقترب من مقعد الرئاسة

أبومنصور مختار روبو
أبومنصور مختار روبو
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تشهد انتخابات الرئاسة الإقليمية، فى ولاية جنوب غرب الصومال، سابقة الأولى من نوعها، تمثلت فى قبول أوراق ترشح القيادى المنشق عن «حركة الشباب»، المتشددة والمرتبطة بتنظيم القاعدة، أبومنصور مختار روبو، ما أثار جدلًا واسعًا بين مؤيد، يرى أن هذه الخطوة ستشجع الانشقاقات فى صفوف الإرهابيين، ومعارض، يخشى أن يكون ما يحدث مجرد مناورة لاختراق مؤسسات الدولة الصومالية، لأن الأفكار المتطرفة لا تتغير بين ليلة وضحاها.
ويبدو أن الأهمية الاستراتيجية لهذه الولاية، تزيد أيضًا من الاهتمام الإقليمى والدولى بانتخاباتها المقررة اليوم ٢٨ نوفمبر، لأنها تعتبر أكبر الولايات الصومالية مساحة، وأكثرها كثافة سكانية، بجانب موقعها الحساس، إذ تتكون من محافظتى باى وبكول الواقعتين غرب الصومال، على الحدود مع إثيوبيا، وإقليم شبيلى السفلى فى جنوب الصومال، المطل على المحيط الهندى، والقريب من العاصمة مقديشيو.
خلاف جديد
كما تعتبر هذه الانتخابات حاسمة فى تحديد مآلات الخلاف المحتدم بين الحكومة المركزية فى مقديشيو، والولايات الإقليمية، والذى وصل ذروته فى سبتمبر الماضى عندما قررت حكومات الولايات خلال اجتماع فى كسمايو عاصمة ولاية جوبالاند فى جنوب البلاد، إيقاف التنسيق مع الحكومة المركزية، التى اتهموها بالفشل فى إدارة شئون البلاد، وحشد كل إمكانياتها للحيلولة دون إعادة انتخاب الرئيس الحالى لولاية جنوب غرب الصومال شريف حسن شيخ آدم، كجزء من مخطط يهدف إلى الإطاحة برؤساء الولايات الإقليمية الحاليين، من خلال دعم مرشحين مقربين من الحكومة المركزية فى انتخابات الرئاسة فى هذه الولايات.
وجاء فى تقرير نشره مركز مقديشيو للدراسات على موقعه الإلكترونى فى ٦ نوفمبر، أن هذه الانتخابات ستلعب دورًا كبيرًا فى تحديد مسار العملية الديمقراطية فى البلاد، ومصير الانتخابات الرئاسية المقررة فى ولايتى بونت لاند وجوبالاند العام المقبل، وأيضا، مستقبل الحكومة الاتحادية الحالية، برئاسة الرئيس محمد عبدالله فرماجو، ورئيس وزرائه حسن على خيرى، اللذين يراهنان على خسارة رئيس ولاية جنوب غرب الصومال الحالى شريف حسن، الذى يشكل هو ورؤساء الولايات الإقليمية الأخرى عقبة كبيرة أمام بسط سلطتهما على جميع أنحاء الصومال، واستمرارهما فى الحكم لسنوات طويلة، خاصة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية العامة فى الصومال المتوقع إجراؤها فى ٢٠٢٠.
وتراقب إثيوبيا أيضًا نتائج هذه الانتخابات عن كثب، بسبب موقع ولاية جنوب غرب الصومال على الحدود معها، بالإضافة إلى انتشار عدد كبير من القوات الإثيوبية العاملة ضمن قوة بعثة الاتحاد الأفريقى فى الصومال «أميصوم»، فى إقليمى باى وبكول بالولاية.
وتعول إثيوبيا على احتمال نجاح الانتخابات فى تحقيق الاستقرار فى الولاية، ووضع حد لهجمات حركة الشباب فيها، بما يضمن تأمين حدودها، وأيضًا تأمين قواتها فى الولاية، بعد أن تبنت «حركة الشباب» فى ١٢ نوفمبر الجارى مسئولية هجوما بعبوة ناسفة استهدف قافلة للقوات الإثيوبية فى إقليم باى، أسفر عن مقتل أكثر من ١٠ من الجنود الإثيوبيين، حسب ادعائها.
الحرب على الإرهاب
ويبقى الأمر الأهم، وهو أن هذه الانتخابات ستحدد مستقبل الحرب على الإرهاب فى كل أنحاء الصومال، لأن حركة الشباب تسيطر على مناطق شاسعة من أقاليم باى وبكول وشبيلى السفلى، وتعول واشنطن على مشاركة القيادى المنشق عن الحركة مختار روبو فى انتخابات الولاية لتشجيع الانشقاقات فى صفوف الحركة وإضعافها من الداخل، بما يعجل بالقضاء عليها، خاصة أن الغارات الأمريكية والعمليات العسكرية التى تنفذها القوات الحكومية بمساعدة بعثة الاتحاد الأفريقى، لم تمنع هجمات الحركة، وسيطرتها على مناطق جديدة فى وسط وجنوب البلاد.
ورغم أن ترشح روبو، الذى كان يعتبر الرجل الثانى فى حركة الشباب، قبل انشقاقه عنها، يحظى بدعم أمريكى، فإن الحكومة الصومالية رفضت ترشحه، كما تساءل البعض عن حقيقة «توبته»، واحتمال أن يكون انشقاقه بسبب خلافات مع قادة الحركة، وليس عن اقتناع بضرورة التخلى عن أفكاره المتطرفة.
ففى ٢٠ أكتوبر الماضى، أبدى الرئيس الصومالى السابق حسن شيخ محمود، معارضته ترشح «مختار روبو» لرئاسة ولاية جنوب غرب الصومال، وقال «محمود»، المقيم فى العاصمة البريطانية لندن، إن من غير الواضح ما إذا كان روبو انسحب من حركة الشباب بشكل نهائى، وأضاف أنهم يعلمون أن روبو اختلف مع قادة حركة الشباب وخاض معها قتالًا، لكنهم يعلمون أيضًا أن مقاتليه ما زالوا جزءًا من حركة الشباب.
ونقل موقع «الصومال الجديد» عن محمود، قوله أيضًا إن «روبو كمواطن صومالى يحق له الترشح، لكنه لم يؤكد معارضته للإرهابيين»، مضيفًا أن الخلافات والمواجهات الداخلية بين مقاتلى حركة الشباب شىء يحدث دائمًا.
وكانت لجنة الانتخابات فى ولاية جنوب غرب الصومال، وعاصمتها بيدوا، أعلنت فى ٢ نوفمبر الجارى أن مختار روبو، له الحق فى خوض الانتخابات الرئاسية فى الولاية، وذلك بعد أن قررت الحكومة الفيدرالية فى ٥ أكتوبر الماضى منعه من الترشح، وقالت وزارة الأمن الداخلى فى الحكومة الفيدرالية فى بيان، إنها اتخذت قرارًا بمنع «روبو» من خوض السباق الرئاسى فى ولاية جنوب غرب الصومال بناء على الاتفاق الذى توصلت إليه بشأنه مع المجتمع الدولى، والذى أدى إلى تعليق الحظر الذى كان مفروضًا عليه.
وأضافت الوزارة أن روبو، لم يستوف جميع الشروط المطلوبة لرفع الحظر عنه بشكل كامل، بما يمكنه من خوض الانتخابات الرئاسية الإقليمية فى ولاية جنوب غرب الصومال، وكان روبو مدرجا فى قائمة المطلوبين لدى الولايات المتحدة التى رصدت ٥ ملايين دولار لمن يدلى بمعلومات تؤدى إلى اعتقاله، إلا أنها شطبت اسمه من قائمتها السوداء العام المنصرم بعد اتصالات جرت بينها وبين الحكومة الصومالية.
وذكر موقع «هيران أون لاين» الصومالى فى ١٥ سبتمبر الماضى، أن روبو كان انشق فى أغسطس ٢٠١٧ عن حركة «الشباب» بعد خلافات طويلة مع قادة الحركة ومواجهات دارت بينهما فى إقليم بكول فى ولاية جنوب غرب الصومال، وأجرى مفاوضات على استسلامه للقوات الحكومية، وتم نقله جوًا إلى مقديشيو، وقال فى بيان حينها: «أود أن أقول للشعب الصومالى والمجتمع الدولى إننى تركت حركة الشباب».
ومختار روبو من مواليد عام ١٩٦٩ فى مدينة حدر بإقليم بكول بولاية جنوب غرب الصومال، ودرس فى مقديشو والسودان، وسافر فى التسعينات إلى أفغانستان، وانضم إلى تنظيم «القاعدة»، وعاد إلى الصومال بعد سقوط نظام طالبان، وشارك فى تأسيس ما عرف بالمحاكم الإسلامية عام ٢٠٠٦ وحركة الشباب وعين نائبًا للحركة ثم متحدثًا باسمها، قبل انشقاقه العام الماضى.
وفى ٣ نوفمبر الجارى، عقد روبو مؤتمرًا انتخابيًا فى بيدوا عاصمة ولاية جنوب غرب الصومال، أعلن فيه أنه سيقبل نتائج الانتخابات الرئاسية فى الولاية فى حال هزيمته، فيما استبقت حركة الشباب إجراء الانتخابات بتنفيذ تفجيرين انتحاريين فى بيدوا فى ١٣ أكتوبر الماضى، إذ استهدف أحد الانتحاريين فندق «بلن» فى المدينة، كما استهدف انتحارى آخر مطعمًا شعبيا بالمدينة يسمى «البدر»، ما أسفر عن ٢٢ قتيلًا و٣٠ جريحًا.
وتسعى حركة «الشباب»، للإطاحة بالحكومة المركزية الصومالية، وإقامة حكمها الخاص القائم على تفسير متشدد للشريعة الإسلامية، وبعد طردها من مواقعها فى مقديشيو فى عملية مشتركة بين القوات الصومالية والأفريقية، عام ٢٠١١، فقدت «حركة الشباب» سيطرتها على معظم مدن وبلدات البلاد، إلا أنها لا تزال تحتفظ بوجود عسكرى قوى فى الريف الصومالى، خاصة فى جنوب، ووسط البلاد، وتتركز معظم هجمات الحركة فى مناطق بولايات هيرشبيلى وجوبالاند فى جنوب الصومال، كما تنفذ هجمات فى كينيا، معظمها فى منطقة تقع على الحدود مع الصومال للضغط على الحكومة الكينية، لسحب قوات حفظ السلام التابعة لها من الصومال. ويتخوف البعض فى ولاية جنوب غرب الصومال من استغلال حركة الشباب، للأجواء المشحونة، التى صاحبت إجراء الانتخابات الرئاسية فى الولاية، لتصعيد هجماتها، واستقطاب المزيد من العناصر المتطرفة، خاصة فى حال هزيمة «روبو».
وكان شيوخ العشائر فى الولاية، طالبوا فى بيان فى ٦ نوفمبر الجارى بتأجيل الانتخابات الرئاسية، واتهموا الحكومة الفيدرالية بالتدخل فى هذه الانتخابات، والانحياز إلى بعض المرشحين وتزيدهم بالمال والسيارت الواقية من الرصاص، التى تم نقلها جوا إلى بيدوا.
وجاء هذا التطور، بعد يوم من استقالة رئيس لجنة الانتخابات الرئاسية فى الولاية ونائبه ومعظم أعضاء اللجنة احتجاجًا على ما وصفوه بتدخل الحكومة الفيدرالية السافر فى الانتخابات، إلا أن وزارة الداخلية فى الحكومة الفيدرالية دعت إلى إجراء الانتخابات فى موعدها، مؤكدة أنها لن تقبل أية محاولة لتأجيلها. ويبدو أن أى تلاعب فى انتخابات ولاية جنوب غرب الصومال سيزيد من حدة الأزمة السياسية فى الصومال، خاصة أن رئيس الولاية الحالى شريف حسن شيخ آدم، ينتمى إلى قبائل دغل وميرفلى، كبرى عشائر جنوب الصومال، والمنتشرة على وجه الخصوص فى مناطق باى وبكول، المعروفة بسياساتها البراجماتية وقربها من جميع العشائر الأخرى، فيما تدعم الحكومة الفيدرالية اثنين من منافسيه، هما حسين عثمان حسين، رئيس جهاز الاستخبارات السابق، وعبدالعزيز حسن محمد لفت غريين، وزير الطاقة والمياه فى حكومة حسن على خيرى.