السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

المطران شليمون وردوني يكتب: تربية الأطفال الدينية في العائلة (2)

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
إذا ما تصفحنا تاريخ التعليم المسيحي عبر الأجيال فإننا نلاحظ بوضوح تقدمًا مستمرًا في طريقة التعليم وتقديم الإيمان للصغار والكبار. ففي بداية المسيحية لا يوجد تعليم مسيحي منظم حتى الجيل السادس، كان الإيمان يكرز به داخل الجماعة المسيحية أو خارجها، لتبشير الغير المؤمنين، أما في العوائل فكان الوالدان يوصلان إيمانهم إلى الأولاد. لكن العائلة المسيحية وصلت شيئًا فشيئًا، إلى لا مبالاة خطيرة بالنسبة إلى تربية الأطفال الدينية، حدث ذلك عندما بدأت مؤسسات التعليم المسيحي عملها في الكنيسة وفي الخورنة وفي المدرسة. ولهذا على الكنيسة أن تُظهر للعائلة بأن واجبها في تعليم الأطفال الديني هو أمرٌ ضروري.
إن تمركز النشاطات الدينية في الجماعات الإكليركية التي حصرت ضمن عملها كل هذه الفعاليات، بما فيها من تربية الأطفال الدينية أيضًا، أثر تأثيرًا سلبيًا في هذا المجال، ولهذا فإنه ضروري الرجوع إلى الطريق الصحيح، إلى العائلة لأنها المحيط الأفضل للبدء في هذه التربية، لا بل إن مهمة المؤسسات الأخرى كالخورنة والمدرسة هي أن تساعد العائلة لترجع ثانية إلى مهمتها التعليمية هذه.
إننا نلاحظ خلال العقد الأخير، جهدًا عامًا لتجديد التعليم الديني، وخاصة لإدخاله في المحيط العائلي، إنها محاولة لتوعية الآباء بواجبهم التربوي عن هذه النقطة كتب الكسندر هكذا: “الآباء هم بقانون الطبيعة معلمو التعليم المسيحي الأوائل للطفل وليسوا بحاجة إلى تخويل خاص لذلك، إن عمل الأسقف هو أن يحدد واجبهم هذا.. إن رسالة الأبوين التعليمية هي جزء مكمل لواجبهم كآباء، لا يمكنهم أن يلقوها على غيرهم…” (التعليم المسيحي حول الأسقف).
بصورة خاصة في أيامنا هذه، الجميع يشعرون بالحاجة الملحة إلى عمل العائلة التربوي وتعاونها في هذا المضمار وذلك للأسباب التالية:
بسبب التغيرات التي تحدث في الجماعة المعاصرة وبسبب المادية العلمانية المنتشرة في كل مكان والتي سببت الاّمبالاة الدينية، فالعائلة المسيحية وبواجبها التربوي تستطيع أن تدفع عنها هذه الخطر الذي يداهما يوميًا.
لأن الوسائل المستعملة في الخورنة والمدرسة غير كافية وغير مناسبة وستصبح نظرية وصعبة المنال، وجافة وغير فعّالة إذ ما لم يساندها العمل التربوي في العائلة.
إن العمل التربوي هذا يستطيع أن ينظم الحياة الطبيعية والفائقة الطبيعة في الطفل بحيث عندما يصل إلى المدرسة وإلى التعليم المسيحي الراعوي في الخورنة، يكون متأهبًا ليسير قُدمًا وينمو في التعليم الديني الذي يبنيه فوق العلاقات الشخصية مع الله.
كنيسة اليوم هي واعية بأنه لا أحد يستطيع أكثر من العائلة أن يؤثر إيجابيًا وبقوة على تقدم شخصية الطفل ونموها ونضوجها الكامل. هذه الأمور التربوية دُرست جيدًا في المجمع الفاتيكاني الثاني، الذي تعمق وأكمل ووسع التعاليم السابقة بهذا الخصوص. أكد بكل قوة بأن للعلمانيين عملهم الخاص في الكنيسة، ورسالتهم المهمة في العائلة إذ فيها يعيشون إيمانهم وهناك يجب أن يهذبوا وينموا إيمان الأطفال.
العائلة هي حقًا البذرة المركزية للكنيسة، البداية الأساسية للجماعة المسيحية، فيجب عليها أن توجه عملها دومًا لغاية إرجاع مسؤولية الوالدين الخاصة بهم وتقوية عملهم المحدد في العائلة.
ولهذا فإن الكثيرين من الباحثين في هذا الحقل، يحاولون في بحوثهم أن يكتشفوا الطرق المثلى والأساليب العملية ليضعوها بين أيدي الآباء المسيحيين ليستفيدوا منها في تنشئة أولادهم الدينية. بهذا تفتح أمامهم أبواب واسعة تحثهم على الألتزام بواجبهم التربوي كمعلمين أولين للإيمان.
إنه واضح بأن مشكلة تربية الإيمان الدينية في العائلة تصبح نظرية إذا ما لم تقدم كقضية تربوية وكرسالة الوالدين، أعني يجب أن تدخل في إطار راعوية العائلة. والموضوع المباشر لهذا العمل هو ثمار نعمة سرّ الزواج لأن الاطفال يُبشَّرون من الوالدين الذين هُيِّأوا سابقًا لرسالتهم في سرّ الزواج.
إن العوائل أنفسها ستجني ثمارًا جما من هذه التنشئة، وستصبح لأغلبية هذه العوائل وبطريقة طبيعية، التعليم الديني للآباء في حياتهم اليومية لتستمر في نضوجها الإيماني.

المطران شليمون وردوني معاون بطريرك الكنيسة الكلدانية بدولة العراق