الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

عايدة نصيف تكتب.. الكنيسة في فكر قداسة البابا تواضروس الثاني

عايدة نصيف
عايدة نصيف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
إن مفهوم الكنيسة لا ينحصر فى التعريفات أو الصياغات، وإنما الكنيسة هى حياة إيمانية معيشة، وهذا المعنى قد قدمه فكر الرسل والآباء الأولين، وعلى مدار التاريخ نجد صياغات ومفاهيم تحمل أن الكنيسة هى السماء الثانية على الأرض.
وبالنظر إلى مفهوم الكنيسة فى فكر قداسة البابا تواضروس نجده مفهوما ينبثق من الكتاب المقدس، ومن تعاليم الرسل والأصول الآبائية والتقليد، ولكنه يقدم الكنيسة عن طريق التاريخ؛ أى تاريخ الكنيسة بصورة مرتبة ومبسطة ذات بُعد إيماني، وفى كتابه «ثلاثيات» يقول: «يا للعجب تاريخ كنيستنا فى ثلاث كلمات فقط: الشهادة والنسك والتعليم. فالذى يقرأ ويعرف التاريخ تظهر أمامه ثلاثة ملامح رئيسية تميز كنيستنا فى كل زمن وفى كل جيل». 
وقبل أن أعرض الملامح الرئيسية للكنيسة فى فكر قداسة البابا نجد فى سياق النص السابق عدة مفاهيم لا بد من التوقف عندها كمفهوم «التاريخ» و«البعد الإيمانى» ومفهوم «الشهادة» ومفهوم «النسك» ومفهوم «التعليم»؛ فالتاريخ هنا فى ذهن قداسة البابا، كما أرى هو تاريخ يجسد حياة الإيمان فى إطار الشهادة والنسك والتعليم، فالتاريخ دائمًا يجسد الكيان المؤثر بصورة واقعية كما جسدت الكنيسة من أول الرسل إلى الآن، وفى سياق ذلك نجد قداسة البابا يربط التاريخ بالإيمان من خلال الشهادة والنسك والتعليم. 
ويتحدث عن الملامح الرئيسية للكنيسة، أنها كنيسة قدمت شهداء وقدمت نساكا، وقدمت أيضًا معلمين فى إطار المجامع مثل المجامع المكانية، والمجامع الإقليمية، والمجامع المسكونية.
وأتوقف هنا عزيزى القارئ عند الكنيسة التى قدمت الشهداء كما يعرضها قداسة البابا تواضروس الثانى فى كتابه «ثلاثيات»، إذ يقول: «عصور الشهداء لم تنقطع من تاريخ الكنيسة، وقد بدأ تقويمنا القبطى منذ اعتلاء دقلديانوس الطاغية عرش الإمبراطورية عام ٢٨٤، ونسميه تقويم الشهداء ونوعيات الشهداء عديدة وغزيرة فى كنيستنا، ومن كل فئات الشعب والإكليروس»، هنا يؤكد البابا تواضروس أهمية مفهوم الشهادة الذى يمثل محورا مهما وحيويا فى الكنيسة، مرتبط بالتاريخ ومرتبط بالتقويم القبطي، بل يضيف أيضًا على ذلك أن الكنسية قد قدمت نساكا وهى كنيسة نسك، إذ يقول: «فهى التى أهدت الرهبنة لكل العالم المسيحى وعلى أرضها بدأ الآباء العظام تأسيس الحياة الرهبانية والنسكية بكل أشكالها، بدءًا من الأنبا بولا أول السواح والأنبا أنطونيوس، أب الرهبان، والأنبا باخوميوس أب الشركة، والأنبا مقاريوس أب الأسقيط (برية وادى النطرون) وغيرهم... وها هى كنيستنا عامرة بالرهبنة والأديرة فى كل ربوع مصر وأيضًا خارج مصر». 
وفى سياق النص السابق، يُؤصل قداسة البابا تواضروس الثانى لمفهوم الرهبنة من خلال كنيستنا لتنتشر إلى العالم المسيحى بأجمعه، ويأصّل أيضًا لمفهوم النسك المرتبط بالكنيسة الأرثوذكسية، ويشير إلى مفهوم الشركة فى الرهبنة.
ويؤكد قداسة البابا أيضًا أن الكنيسة المصرية قد قدمت معلمين، ومن ثم فهى كنيسة تعاليم يقول فى كتابه «الحياة ثلاثيات»: «قدمت كنيستنا على مر العصور معلمين ساهموا فى شرح وصياغة الإيمان المسيحى والدفاع عنه وحفظه فى صورته النقية، كما أن مدرسة الإسكندرية اللاهوتية بكل معلميها كان لها دور بارز ومجيد فى تعليم الإيمان وشرحه وتفسيره، ومن العجب أننا نرى معلمى الإسكندرية هم أبطال ونجوم كل المجامع الكنسية التى عقدت فى بدايات المسيحية».
فالعلاقة وثيقة بين الكنيسة المصرية وشرح وصياغة الإيمان المسيحى من خلال مدرسة الإسكندرية اللاهوتية، كما يشير قداسة البابا تواضروس، وإن دل ذلك إنما يدل على أن الكنيسة المصرية الوطنية هى التى قدمت ونشرت الإيمان، بل ودافعت عنه. 
ها هى الكنيسة عبر التاريخ الحية دائما بدماء شهدائها، وأتعجب من الأصوات التى تجهل ذلك إما أن تكون هذه الأصوات جاهلة بتاريخ الكنيسة وهذه مصيبة كبرى، وإما أن تكون أصوات مأجورة للنيل من وحدة الكنيسة، وبالتالى النيل من جزء من وحدة الوطن، وتلك مصيبة أعظم، فلتصمت تلك الأصوات التى لا تعرف مفهوم الكنيسة ولا تدرك مفهوم الوطن، فالقافلة تسير.