الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

العلاقات "المصرية - السعودية".. تقارب تاريخي وعلاقات وطيدة

الرئيس السيسي والملك
الرئيس السيسي والملك سلمان
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

عرض: د. شريف درويش اللبان

إعداد: ميادة محمد صادق

«السيسى»: إذا تعرض أمن الخليج للخطر لن يتوانى الشعب المصرى فى تحريك قواته لمؤازرة أشقائه
المملكة دافعت عن ثورة 30 يونيو وفض اعتصامى «رابعة والنهضة» فى كل المحافل الدولية
لقاء الملكين «فاروق» و«عبدالعزيز» عام 1946 بداية تأسيس علاقات من الصفاء والمحبة والتضامن العربى

قال الرئيس عبدالفتاح السيسى فى لقائه بوسائل الإعلام الأجنبية الإثنين الماضى «إننا بجانب أشقائنا فى الخليج قلبًا وقالبًا، وأنه إذا تعرض أمن الخليج للخطر وتهديد مباشر من جانب أى أحد، فإن شعب مصر قبل قيادته لن يقبل بذلك وسوف تتحرك قواته لحماية أشقائه».. عبرت هذه الكلامات عن عمق العلاقات المصرية السعودية، خاصة خلال السنوات الخمس الأخيرة التى تنامت فيها العلاقات وتوطدت فى ضوء المساندة السعودية لمصر إبان ثورة 30 يونيو، وهو ما كان لمصر أن تكون السند والصديق المقرب للمملكة العربية السعودية، خاصة وأن هناك تاريخًا طويلًا من الصداقة العميقة والعلاقة الاستراتيجية.

الرئيس السيسى أضاف أيضًا على هامش حضوره منتدى شباب العالم الثانى بمدينة شرم الشيخ مدينة السلام: «على شعوبنا العربية أن تبقى مدركة ولديها وعى حقيقى لما تمر به المنطقة وتتكاتف معها وتكون ظهيرًا لحكامها وسندًا لهم، وإن كان لى أن أوعى بحكم تجربتنا، أقول دلوقتى هو الوقت اللى إحنا محتاجين فيه نكون مع بعض أكتر وسند حقيقى لأمن واستقرار بلادنا».
أكد السيسى خلال حديثه بالمؤتمر الصحفى أن المملكة العربية السعودية أكبر بكثير من أن يهز أحد استقرارها، وأضاف أن المملكة العربية السعودية دولة كبيرة جدًا، «إحنا مع المملكة فى استقرارها وأمنها بشكل كبير، وهناك حكمة فى الإدارة من جلالة الملك سلمان».
وأضاف قائلًا: «نريد المزيد من الاستقرار والقوة وإذا تعرض أمن الخليج للخطر يقبل الشعب المصرى تحريك قواته لمؤازرة أشقائه لحماية أراضينا وأمننا القومي، ومن المهم أن تدرك الشعوب العربية المخاطر التى تمر بنا لتتكاتف معنا فى هذه المرحلة أكثر من أى وقت آخر وتكون ظهيرا وسندا لحكامها».
وانطلاقًا من تصريحات الرئيس السيسي، تستعرض الدراسة موجزًا للعلاقات القوية بين مصر والسعودية على مر التاريخ من خلال دراسة للباحثة ميادة محمد صادق، باحثة الدكتوراه، بكلية الإعلام جامعة القاهرة، والتى قدمت فى رسالتها للدكتوراه موجزًا تاريخيًا للعلاقات المصرية السعودية علاوة على موقف المملكة من القضايا المصرية الراهنة، راصدةً العلاقات المميزة بين مصر والسعودية عقب ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣، والعلاقات الأخوية التى تربط بين الرئيس السيسى والعاهل السعودى الملك سلمان وولى عهده الأمين، والتى تؤكد وجود كيمياء خاصة فى العلاقات المصرية السعودية فى الآونة الأخيرة.

تاريخ العلاقات المصرية السعودية
برز اسم المملكة العربية السعودية لأول مرة فى ٢١ سبتمبر عام ١٩٣٢ بموجب مرسوم ملكى أصدره الملك عبدالعزيز آل سعود، حيث استطاع الملك عبدالعزيز الملك المؤسس للمملكة السعودية تحقيق الاستقلال عن السلطة العثمانية عام ١٩١٥ بموجب معاهدة الحماية البريطانية.
واهتم سلطان نجد مؤسس المملكة العربية السعودية رغم شواغله بتوحيد أركان المملكة ببدء علاقات طيبة مع ملك مصر فؤاد الأول، حيث هنأه بأول برلمان مصرى عام ١٩٢٤، وبالمقابل بادر الملك فؤاد عام ١٩٢٥ بإيفاد الشيخ مصطفى المراغى يرافقه ممثل عن السراى الملكى فى بعثة صداقة ومحبة.
واعتلى الملك فاروق الأول عرش مصر عام ١٩٣٦، بعد وفاة والده، وهو العام نفسه الذى اعترف فيه بالمملكة العربية السعودية دولةً حرة ذات سيادة ومستقلة استقلالًا تامًا مطلقًا، وذلك من خلال معاهدة الصداقة وحسن الجوار التى أُبرمت بين الطرفيْن، حيث تعهد أطراف المعاهدة بالمحافظة على حسن العلاقات بينهما والعمل بكل ما لديهما من وسائل على منع استعمال بلاده قاعدة للأعمال غير المشروعة الموجهة ضد السلم والسكينة فى بلاد الفريق الآخر، وتم رفع درجة العلاقات الدبلوماسية إلى مفوضية بعد أن كانت وكالة.
وبادر الملك فاروق بزيارة المملكة العربية السعودية فى ٢٥ يناير ١٩٤٥، حيث كان الباعث على هذه الزيارة شعور الملك عبدالعزيز بالحاجة الملحة إلى إقامة سياسة بين الدولتين تقوم على الود والصفاء والمحبة، ومن منطلق التضامن العربى دعا الملك فاروق الملك عبدالعزيز لزيارة مصر فى ٦ يناير ١٩٤٦، واستغرقت الزيارة اثنى عشر يومًا.

العلاقات بين الدولتين بعد ثورة يوليو
كان اللواء محمد نجيب وجهًا مألوفًا لدى الأسرة السعودية خاصة الأمراء الذين تولوا شئون وزارة الدفاع منذ حرب ١٩٤٨، وكذلك شاهدوه عندما أدى فريضة الحج عام ١٩٥٠. وشهد عام ١٩٥٢ رفع مستوى التمثيل الدبلوماسى بين المملكة العربية السعودية ومصر إلى سفارة مقرها القاهرة، ثم استقبل الملك عبدالعزيز الرئيس محمد نجيب فى أغسطس ١٩٥٣، فى أولى زيارات الضباط الأحرار الخارجية حينها طمأن نجيب خلال هذه الزيارة الملك عبدالعزيز قائلًا: «قمنا بثورة الجيش لنزيل الفساد وليس من أهدافنا تصدير الثورة إليكم أو إلى أى بلد عربي»، وعقب دخول نجيب فى خلافات مع أعضاء مجلس قيادة الثورة التى تصاعدت إلى حد الانفجار فى شهر مارس ١٩٥٤، حضر الملك سعود الذى توج ملكًا فى نوفمبر ١٩٥٣، عقب وفاة والده فى محاولة للتدخل من أجل حل الأزمة والمصالحة بين نجيب وزملائه من الضباط، إلا أنه قد صدر قرار مجلس قيادة الثورة بإعفاء اللواء نجيب من منصبه ١٤ نوفمبر ١٩٥٤.

العلاقات فى عهد الرئيسين السادات ومبارك
بدأت فترة الرئيس الراحل أنور السادات بعلاقة قوية مع المملكة العربية السعودية، ثم اتجهت إلى التوتر والقطيعة بسبب اتفاقية كامب ديفيد، وتُعد أبرز ملامح قوة العلاقات الدعم الذى قدمته السعودية لمصر خلال حرب أكتوبر ١٩٧٣، حيث ساهمت بكثير من النفقات المالية أثناء الحرب وتزعمت معركة البترول ضد الدول المساندة للجانب الإسرائيلى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية نفسها لخدمة مصر فى الحرب والضغط على الدول المساندة لإسرائيل بهذا السلاح، فأصدر الملك فيصل قرارًا بقطع إمدادات البترول عن الولايات المتحدة التى كانت تساند إسرائيل، ومن المواقف التى تعبر عن قوة العلاقات أيضًا فى عهد السادات التدخل الهادئ للدبلوماسية السعودية فى حل الخلاف الذى نشب بين السادات والرئيس السورى حافظ الأسد، حيث تمكنت السعودية من تطويق هذا الخلاف وعقدت مؤتمرًا بالرياض، أثنى السادات على جهود الملك خالد والأمير فهد فى إنجاح هذا الاجتماع قائلًا: «إننا نعتبر السعودية بيتَ العرب، نزوره كلما اختلفنا ليعود الصفاء والوئام إلى الإخوة».

وشهدت العلاقات المصرية السعودية فى عهد الرئيس حسنى مبارك تقاربًا شديدًا بعد عودة العلاقات عام ١٩٨٧ فى عهد الملك فهد بن عبدالعزيز؛ فشهدت العلاقات الاقتصادية والتجارية تفاعلًا ونموًا مستمرًا تضاعف عدة مرات منذ الثمانينيات، فاحتلت الاستثمارات السعودية المرتبة الأولى بين الدول العربية المستثمرة فى مصر والمرتبة الثانية على مستوى الاستثمارات العالمية.
وزاد التقارب المصرى السعودى فى التسعينيات عقب المشاركة العسكرية بين الجانبين فى حرب تحرير الكويت (١٩٩٠-١٩٩١)، وشهدت العلاقات زيارات عسكرية متبادلة بين القادة والمسئولين العسكريين فى كلا البلدين لبعضهما البعض وبشكل دورى لتبادل الآراء والخبرات والمعلومات العسكرية والأمنية والاستخباراتية التى تهم البلدين، وأقيم عدد من المناورات التدريبية لجيشى البلدين مثل مناورات «تبوك» للقوات البرية ومناورات «فيصل» للقوات الجوية ومناورات «مرجان» للقوات البحرية بين البلدين، كما كانت هناك مساحات كبيرة من التوافق بين المملكة، ومصر فى عهد الرئيس مبارك وصلت لحد التطابق فى التعامل مع عدد من القضايا العربية فاتفقت توجهات البلدين بخصوص قضية الصراع العربى الإسرائيلى، وقضية الإرهاب الدولى، وقضية احتلال العراق عام ٢٠٠٣، والأزمة اللبنانية عام ٢٠٠٦، والملف النووى الإيرانى.

العلاقات المصرية السعودية عقب ثورة ٢٥ يناير
اتسمت العلاقات بين مصر والمملكة العربية السعودية خلال أيام ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١، والمرحلة الانتقالية التى تلتها، وتولى فيها إدارة شئون البلاد المجلس العسكرى (المجلس الأعلى للقوات المسلحة) لمدة ثمانية عشر شهرًا، بمزيج من التحفظ والتوتر، حيث بدا الموقف السعودى مع أول أيام الثورة المصرية متحفظًا ثم تأرجح بين تأييد الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك تارة وتأييد الثوار تارة أخرى. وفى كل الأحوال أبدت السياسة الخارجية السعودية استعدادها للتعاون مع المجلس العسكرى الحاكم، إلا أن العلاقة لم تكن على اتفاق دائم حيث شابها بعضًا من التوتر.
من أبرز المواقف التى تشير إلى تأييد المملكة العربية السعودية للرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك أن أغلب الدول العربية التزمت الصمت - على الأقل فى الأيام الأولى للثورة - وأشار بعضهم إلى أنهم يراقبون الوضع عن كثب، وكذلك المملكة أبدت موقفًا متحفظًا من الثورة مؤكدة عدم تدخلها فى الشأن المصرى الداخلي، واستغرب صاحب السمو الملكى الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية من كون الاحتجاجات التى تشهدها بلدان عربية «وليدة حراك مستورد» مؤكدًا أن المملكة «تميز بين ما هو مستورد وما هو حقيقى» وأن «ما يعبر عن وضع داخلى هو شأن كل بلد ونحن لا نتدخل فيه بأى شكل من الأشكال»، كما عبر وزير الخارجية عن «أمل المملكة فى أن يترك المصريين لحل مشاكلهم بأنفسهم لأنهم قادرون على ذلك، مؤكدًا رفض المملكة تدخلات بعض الدول الأجنبية فى الأحداث الجارية على الساحة المصرية».

ومن أبرز محطات الموقف السعودى أن الملك عبدالله نبه الرئيس الأمريكى إلى أن المملكة على استعداد لتقديم مساعدات مالية للجانب المصرى تحل محل المعونة الأمريكية السنوية للقاهرة حال استمرار الضغوط الأمريكية على الرئيس مبارك للتنحي، كما ذكرت صحيفة التايمز البريطانية بتاريخ ١٠ فبراير٢٠١١ أى قبل تنحى مبارك بيوم واحد أن العاهل السعودى قام باتصال تليفونى مع أوباما بتاريخ ٢٩ يناير٢٠١١ أخبره فيه بأنه سيدعم نظام مبارك حتى لو تخلت أمريكا عنه، وأنه على استعداد أن يدفع لنظام مبارك قيمة المعونة التى تهدده بها أمريكا للتنحى عن الحكم، وقد صرح أحد الدبلوماسيين السعوديين للصحيفة البريطانية أن «الملك عبدالله لن يسمح بإذلال مبارك لأنهم ليسوا مجرد حلفاء بل إنهم أصدقاء ولابد من السماح لمبارك بالبقاء فى الحكم وعدم خروجه بهذا الشكل المهين».
كان هذا الموقف المتحفظ الذى اتخذته السعودية بصدد الرئيس المصرى الأسبق حسنى مبارك نابعًا من قيم عربية تتمثل فى المحافظة على هيبة الرئيس وإجارته، خاصة أن الرئيس التونسى على زين العابدين كان قد غادر تونس إلى جدة بعد الثورة مباشرة، ووفرت له السعودية ملاذًا آمنًا مقابل ألا يعمل بالسياسة، وقد اقترحت السعودية فى ذلك الحين إمكانية تطبيق الحل نفسه، إلا أن الرئيس السابق مبارك رفض الفكرة، وأبدت المملكة العربية السعودية رغبة فى عدم محاكمة الرئيس حسنى مبارك بعد الثورة ممارسة ضغوطًا على مصر منها التهديد بإعادة العمالة، ووقف الاستثمارات السعودية، وصاحب ذلك بعض الأحداث فى التظاهر حول السفارة السعودية بالقاهرة، وتلفيات وأضرار على يد بعض المندسين والمشاغبين فى ظل الانفلات الأمنى الذى صاحب اقتحام السفارة الإسرائيلية المجاورة.

وعلى الجانب الآخر ظهرت عدة مواقف تشير إلى تأييد المملكة العربية السعودية لثورة ٢٥ يناير وحكم المجلس العسكرى، ففى اليوم الثانى للثورة، وجه مدير الاستخبارات السعودية الأسبق تركى الفيصل هجومًا على نظام مبارك، حين قال إن مستقبل الرئيس المصرى يتوقف على قدرة زعماء مصر على فهم الأسباب وراء الاحتجاجات غير المسبوقة، وأننا «سنرى ما إذا كانوا كقادة سيحققون مطامح الشعب»، ورحبت السعودية بعد سقوط النظام بالانتقال السلمى للسلطة فى مصر، وأبلغت الجانب المصرى رغبتها فى تقديم دعم مالى لحكومة تسيير الأعمال لمواجهة التداعيات السلبية التى يعانيها الاقتصاد المصرى، وحددت موقفها بتقديم هذه المساعدات دون ارتباط موقفها برموز النظام.
وبعد تنحى مبارك عن الحكم فى فبراير ٢٠١١، وتولى الحكم فى البلاد المجلس الأعلى للقوات المسلحة بقيادة المشير طنطاوي، كانت وجهته الأولى خارجيًا هى السعودية، حيث أدى واجب العزاء فى وفاة الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولى العهد السعودى الأسبق فى ١٣ أكتوبر ٢٠١١.
وعلى المستوى الاقتصادى، زاد حجم التبادل التجارى بين السعودية ومصر خلال عام ٢٠١٢ بنسبة ٥٠٪، مقارنة بالفترة نفسها فى عام ٢٠١١، لتسجل ١٠٢١ مليار دولار مقابل ٨٠٠ مليون دولار فى الفترة نفسها من عام ٢٠١١، إضافة إلى إجمالى عدد المشاريع السعودية التى تعمل فى مصر حيث بلغت نحو ٢٣١٥ مشروعًا، وذلك وفق تقرير صادر عن هيئة الرقابة المصرية على الصادرات والواردات التابعة لوزارة الصناعة والتجارة الخارجية المصرية.

العلاقات المصرية السعودية فى فترة حكم الإخوان
وعلى صعيد علاقات مصر الخارجية فى عهد مرسى اتسمت أغلبها بالتخبط وعدم وجود مفاهيم واضحة بشأن السيادة والدولة الوطنية، وبنظرتها بعيدة المدى للخلافة الإسلامية التى تجب كيانات الدول القائمة، وعلى مستوى علاقة مصر بالمملكة العربية السعودية فاتسمت خلال عام حكم الإخوان بالفتور، حيث حاول محمد مرسى التقارب مع الدولة السعودية وكانت أول دولة يقصدها بعد نحو أسبوعين من توليه الحكم إلا أن عوامل مختلفة لم تسهم فى تحقيق التقارب مع المملكة لعل أبرزها اتجاه السياسة الخارجية للإخوان للانفتاح على إيران رغم تعقيدات العلاقات السعودية الإيرانية على خلفية ملفات شتى، وصرح مرسى أثناء زيارته للمملكة فى يوليو ٢٠١٢ «بأن السعودية هى راعية مشروع الإسلام الوسطى السني وأن مصر هى الحامية لهذا المشروع»

العلاقات المصرية السعودية عقب ثورة ٣٠ يونيو
اتجه الموقف السعودى إلى دعم وتأييد ثورة ٣٠ يونيو وكل الإجراءات التى تلتها من بيان ٣ يوليو وخارطة الطريق، ولم ينصب الدعم السعودى لمصر على الجانبين السياسى والمالى فقط بل امتد إلى المجتمع الدولي، حيث قام الملك عبدالله بن عبدالعزيز العاهل السعودى بتفويض وزير خارجيته سعود الفيصل بعمل جولة أوروبية لشرح حقيقة الأوضاع على الأراضى المصرية سواء ما يتعلق منها بحقيقة ثورة ٣٠ يونيو أو ما يتعلق بفض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة.
وتُعد هذه الفترة من أكثر الفترات المميزة فى العلاقات المصرية السعودية حيث شهدت توافقًا ودعمًا كبيرًا ولم يتخللها مواقف تشير لتوتر العلاقات على عكس ما حدث فى المرحلة الانتقالية الأولى؛ فبخلاف الاتجاه المتحفظ الذى أبدته المملكة العربية السعودية تجاه الثورة المصرية فى ٢٥ يناير ٢٠١١، كان الاتجاه من ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ واضحًا مؤيدًا بقوة للثورة وما تلاها من خطوات إجرائية منها ما يتعلق بخارطة الطريق وإجراءات فض اعتصامى رابعة والنهضة، مرورًا بدعم الاستفتاء على الدستور، ووصولًا للانتخابات الرئاسية وتهنئة السيسى بانتخابه رئيسًا لجمهورية مصر العربية.
ومن أبرز ملامح التأييد السعودى لثورة ٣٠ يونيو على المستوى السياسى خطاب الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذى أعلن فيه دعمه الكامل لمصر فى مكافحة الإرهاب قائلًا: «ليعلم العالم أجمع بأن المملكة العربية السعودية - شعبًا وحكومة - وقفت وتقف اليوم مع أشقائها فى مصر ضد الإرهاب والضلال والفتنة، وتجاه كل من يحاول المساس بشئون مصر الداخلية»، وأيدت المملكة الخطوات التى اتبعتها السلطات المصرية فى فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة فى ١٤ أغسطس ٢٠١٣، ودافعت عنها فى المحافل الدولية، حيث أكد الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودى أثناء زيارته لباريس أن «الحكومة المصرية بذلت محاولات مضنية لفض الاعتصام بالطرق السلمية وعبر المفاوضات، إلا أنه قوبلت هذه الجهود بالتعنت والرفض بل ومواجهتها بالعنف عبر استخدام السلاح والمولوتوف ضد رجال الشرطة والمدنيين على حد سواء».

ومن المواقف الدالة على دعم المملكة العربية السعودية لثورة ٣٠ يونيو على المستوى الاقتصادى، إعلان السعودية فى ٩ يوليو ٢٠١٣ عن تقديم مساعدات بقيمة خمسة مليارات دولار، ملياران فى صورة غاز ومنتجات نفطية، وملياران فى صورة وديعة، ومليار نقدًا، كما كشف تقرير صادر عن الهيئة العامة للاستثمار أن حجم الاستثمارات السعودية فى مصر بعد ثورة ٣٠ يونيو قد بلغ مليار جنيه، وأن عدد الشركات السعودية التى أسست فى المرحلة الانتقالية الثانية بلغت ١٦ شركة، ووصل حجم الاستثمارات السعودية لـ ٢٨ مليار دولار بقطاعات مختلفة فى عام ٢٠١٣، ووفقًا لإحصائيات البنك المركزى المصرى فإن حجم التبادل التجارى بين مصر والسعودية فى ٢٠١٣ بلغ نحو ٣٠٢ مليار دولار، حيث تمثل حجم الصادرات السعودية لمصر سلعًا قيمة ٢.٣ مليار دولار بينما بلغ حجم الصادرات المصرية للسعودية حوالى ٩٠٠ مليون دولار، وصرح وزير الاستثمار المصرى بأن «المملكة على رأس قائمة المستثمرين فى القاهرة».