الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

الانتخابات الأمريكية ومستقبل العقوبات على طهران.. ونانسي بيلوسي: أمريكا أولًا وإقالة ترامب "ليست أولوية".. ومراقبون: العقوبات باقية.. إيران تخطط لمواجهة احتمال فوز الجمهوريين بتنشيط السياسة الخارجية

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يحاول الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، الحفاظ على الأغلبية الجمهورية له فى الانتخابات المتعلقة بالتجديد النصفي، ليتمكن من الاستمرار فى تنفيذ سياساته بطريقة أكثر فاعلية واستمرارية، وتأتى أهمية هذه الانتخابات كونها بمثابة استفتاء على رئاسة دونالد ترامب ذاته، عوضًا عن أهميتها فيما يتعلق كاستحقاق انتخابى فى التاريخ الأمريكي.
الجدير بالذكر، أنه فى حال فوز الرئيس ترامب وحزبه فى هذه الانتخابات وتحقيق هدفه، سيكون الرئيس الأول منذ عقود الذى يتمكن من الحفاظ على سيطرته على السلطتين التنفيذية والتشريعية فى آن واحد، خلال مدته الرئاسية بالكامل، إلا أن أهداف ترامب وراء مسعاه الحالى تتجاوز التاريخ؛ حيث إنه يحاول مواصلة الطريق الذى اتخذه تجاه العديد من القضايا، سواء الدولية أو المتعلقة بالداخل الأمريكي، دون عوائق ربما يضعها أمامه خصومه الديمقراطيين حال فوزهم فى الانتخابات المقبلة، وتأتى الانتخابات فى منتصف فترة حكم ترامب، التى تستغرق أربع سنوات، وبعد حملات دعائية مثيرة للانقسام، فمن المتوقع أن تكون نسبة الإقبال فى هذه الانتخابات مرتفعة لأهميتها من عمر الدولة الأمريكية، وتزداد أهميتها فيما يتعلق بالتحول فى موازين القوى الداخلية كونها توفر للناخبين فرصة كبيرة، فى الفترة ما بين الانتخابات الرئاسية، من أجل التأثير فى أداء الرئيس حال عدم الرضا عن سياساته.

الصراع الجمهورى الديمقراطى
تتشابك العديد من الملفات الخلافية بين الحزبين فى الجانب المتعلق بالتوجهات المختلفة لكليهما تجاه الملفات الداخلية والخارجية، ويتضح ذلك من خلال حملات الدعاية التى يقوم فيها كل حزب بالتعبير عن نفسه وتوظيف القضايا لخدمة أهدافه، ولعل ملف العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران يأتى بالتزامن مع أهمية ذلك الحدث، مما يؤثر بشكل كبير فى سياسة الإدارة الأمريكية حيال الملف النووى الإيرانى والعقوبات الاقتصادية المفروضة على طهران.
وعلى خلفية هذا الصراع الداخلى بين الحزبين، تحاول إيران العمل وفق استراتيجيتين فى مواجهة الاحتمالين المتعلقين بفوز الحزب الجمهورى وإحكام ترامب مزيدًا من السيطرة على الملفات الداخلية والخارجية، والثانى يتعلق بفوز الديمقراطيين، الذين ينتقدون سياسة ترامب الداخلية والخارجية بما فى ذلك الانسحاب الأمريكى من الاتفاق النووى المبرم بين دول.
ويجرى التنافس على ٤٣٥ مقعدًا فى مجلس النواب و٣٥ من أصل ١٠٠ مقعد فى مجلس الشيوخ. كما يجرى انتخاب ٣٦ من حكام الولايات، وفى حال احتفظ الجمهوريون بسيطرتهم على مجلسى النواب والشيوخ، فبإمكانهم الاستمرار فى برنامجهم وبرنامح الرئيس ترامب، أما إذا سيطر الديمقراطيون على المجلسين أو واحد منهما؛ فقد يستطيعون عكس اتجاه سياسة ترامب، لكن ثمة توقعات بأن يفشل الديمقراطيون فى الحصول على مقعدين يحتاجونهما للسيطرة على مجلس الشيوخ.

المناورة الإيرانية
نجحت إيران، كما هو واضح، فى إظهار ترامب وحيدًا، خصوصًا وهو يعانى تداعيات التوترات الأمريكية مع العديد مع القوى الإقليمية والدولية، على خلفية السياسة الأمريكية التى شعارها «أمريكا أولًا»، وتمثل الحزمة الجديدة من العقوبات بمثابة انتهاك للقانون الدولي، مثل سابقاتها، ولكنها قبل ذلك امتداد لسياسات الانعزال والغطرسة التى يعتمدها الرئيس الأمريكى منذ وصوله إلى البيت الأبيض. والتى تمتد آثارها لتشمل العالم بأسره، ولكن من الصحيح أيضًا أنها لا تعفى الولايات المتحدة ذاتها من العواقب الوخيمة المتعلقة بتزايد أعداد الدول التى تتصادم مصالحها مع سياساتها.
فى العادة لا تحظى تلك الانتخابات باهتمام كبير، إلا أنها هذه المرة تأتى وسط صخب سياسى حاد إذ يرى مراقبون أن نتائج تلك الانتخابات ستحدد -إلى حد كبير- شكل المدة المتبقية من ولاية ترامب، وتراهن إيران على فكرة «عزل الرئيس ترامب»، إلا أن هذا الاحتمال ليس واردًا بنسبة كبيرة، وعلى الرغم من سياسات ترامب الخارجية التى عملت على زيادة أعدائه وخلافات بين حلفائه خاصة الأوروبيين، إلا أنه يتمتع بشعبية هائلة بشكل عام، ومن غير المحتمل أن يحدث ذلك، فى ظل الإجراءات المعقدة المتعلقة بتلك الخطوة.
والإقالة فى الواقع عملية من خطوتين، منصوص عليها فى دستور الولايات المتحدة. أولًا، ينظر مجلس النواب فى الاتهامات الموجهة للرئيس، وإذا صوتوا لصالح العزل (يتطلب الأمر مجرد أغلبية بسيطة)، فهذا يعنى أن الرئيس قد اتهم رسميًا. ولإخراجه فعليًا من منصبه، يجب على مجلس الشيوخ التصويت على إدانته بهذه الاتهامات، التى تتطلب أغلبية الثلثين. ويمكن عزل الرؤساء دون أن يتم طردهم من البيت الأبيض، كما حدث لبيل كلينتون عام ١٩٩٨.
كل هذا لن يكون ممكنًا إلا إذا سيطر الديمقراطيون على مجلسى الكونجرس، وهو أمر مستبعد. حتى لو فاز الديمقراطيون؛ فإن قادتهم غير متحمسين فيما يتعلق بالعزل. وقالت نانسى بيلوسي، زعيمة الديمقراطيين فى مجلس النواب، إن إقالة ترامب «ليست أولوية»، وذلك بحسب ما نقلت «واشنطن بوست»، ولكن ما يمكن أن يفعله الديمقراطيون هو إطلاق تحقيقات أكثر جدية فى سلوك ترامب بشأن العقوبات الأمريكية على إيران، أو روسيا، أو معاملاته التجارية، أو أى مسألة أخرى يعتقدون أن الجمهوريين قللوا من شأنها.
وقد يؤدى ذلك إلى ظهور أدلة جديدة مدمرة، أو قد يسيطر ببساطة على الأخبار؛ حيث يستعد ترامب لحملته لإعادة انتخابه. ولكن إذا كان مجلس النواب ديمقراطى ومجلس الشيوخ جمهورى، ويتحدى كل منهما الآخر، فمن الصعب رؤية أى تشريع رئيسى يتم تمريره.

استراتيجية إيران
تعمل إيران على انتهاج سياستين لمواجهة العقوبات الأمريكية المفروضة عليها، تتعلق السياسة الأولى بتحقيق مزيد من التوافق الداخلى لتعزيز قدرة الحكومة الإيرانية على مواجهة تلك العقوبات، بجانب ذلك، تحاول حكومة الرئيس حسن روحانى اتخاذ إجراءات مسبقة لتعزيز قدرتها على مواجهة العقوبات؛ حيث سعت إلى استغلال العقوبات لتمرير مرشحيها لتولى الحقائب الوزارية الأربعة التى أطيح بالوزراء المسئولين عنها فى الشهور الماضية، نتيجة حجب الثقة عنهم من جانب مجلس الشورى، فى محاولة لملء الفراغ الناتج عن الإطاحة بأربعة وزراء من جانب مجلس الشورى الذى وجه انتقادات لاذعة لهم، بسبب فشلهم فى التعامل مع الأزمات المعيشية المختلفة، على نحو أسهم فى رؤية أقطاب تيار المحافظين الأصوليين الذين قادوا عملية حجب الثقة عنهم، فى ارتفاع مستويات البطالة والتضخم وانخفاض العملة الوطنية أمام الدولار.
وعلى الرغم من ذلك لا تؤشر هذه الخطوات على تحقيق تناغم داخلى فى الحكومة والتيار المعتدل من جانب وتيار المحافظين، ورجال الدين والحرس الثورى من جانب آخر؛ حيث تبدو هذه الفترة مؤقتة بانتظار تبلور نتائج العقوبات الجديدة فى الفترة القادمة، وتدعى الحكومة أن حسم ملف الحقائب الوزارية الشاغرة سوف يعزز من قدرتها على مواجهة التداعيات القوية للحزمة الثانية من العقوبات التى تركز على الصادرات النفطية فى الأساس، خاصة أن هذه المقاعد تخص المجالات المرتبطة بالعقوبات مباشرة، على غرار الاقتصاد والصناعة والعمل.
وتحاول الحكومة تأكيد أن تمرير الوزراء الأربعة سوف يوجه رسائل إلى الخارج بأن الضغوط القوية التى تتعرض لها إيران أسهمت فى تقليص حدة الخلافات الداخلية بين القوى والمؤسسات السياسية والأمنية النافذة، وهو ما يمكن أن يقلص من أهمية رهان بعض القوى الدولية على توسيع نطاق الانقسامات الداخلية التى يمكن أن تفرض مزيدًا من الضغوط على النظام الإيرانى وتدفعه إلى إجراء تغيير فى سياسته باتجاه القبول بالانخراط فى مفاوضات جديدة للوصول إلى اتفاق أوسع من الاتفاق النووى الحالي.
أما السياسة الثانية؛ فتتعلق بتنشيط السياسة الخارجية، وتوسيع دائرة علاقاتها الخارجية خاصة الحلفاء الأقرب للأمريكيين، مثل دول الاتحاد الأوروبى وحلفاءها فى المنطقة خاصة تركيا، وكذلك خصومها مثل الصين وروسيا.
فبعد توقيع العقوبات الأمريكية على طهران، أعلنت الصين أنها ستستمر فى استيراد النفط من إيران، حتى بعد تحرك الولايات المتحدة لخفض مبيعات النفط الإيرانى إلى الصفر بحلول نوفمبر ٢٠١٨. وقد يمهد التفاعل الصينى مع إيران الطريق أمام الآخرين كى يحذو حذوهما، الأمر الذى من شأنه أن يقوض حملة الضغط الأمريكية.
أوروبيًا؛ كما قامت الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى بالإجماع بإدخال لائحة المجلس رقم ٢٢٧١، الصادر عام ١٩٩٦، التى كان الهدف منها حماية الشركات من آثار تطبيق التشريع خارج حدود الدولة التى يعتمدها بلد ثالث. فى الواقع، تعمل اللوائح التنظيمية على إجراء شيء غير عادى - فهى تحظر خضوع كيانات ومحاكم الاتحاد الأوروبى للامتثال لقوانين العقوبات الأجنبية الواردة فى ملحقها وإنفاذها، مما يزيد من احتمال فرض عقوبات مالية على الشركات التى تتقيد به، وهذا ما يفرض على أوروبا أن تضيف مخالب إلى موقفها التفاوضى من أجل تخفيف الضرر الذى يلحق بالمصالح الأوروبية، مع ضمان استمرار إيران فى الالتزام بالاتفاق النووي. وهذا يعنى وضع آليات قانونية يمكن أن تساعد فى الحد من تأثير العقوبات الثانوية الأمريكية، وتهدد بفرض تدابير مضادة تفرض تكلفة سياسية وقانونية واقتصادية على الولايات المتحدة. كما أن إيران تسعى إلى محاولة استغلال كل إمكاناتها الداخلية والخارجية لمواجهة العقوبات الأمريكية المفروضة عليها، كما تستخدم الظرف الأمريكى الداخلى لمحاولة التعويل عليه حال فوز الديمقراطيين فى انتخابات التجديد النصفي.