الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

انسحاب أمريكا من معاهدة روسيا حرب نووية تهدد العالم.. موسكو تنتقد واشنطن للانسحاب من الاتفاقية.. "بوتين": لا نهدد أحدًا.. ومستمرون في تجهيز جيشنا بأسلحة متطورة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
جاء إعلان الرئيس الأمريكى «دونالد ترامب»، اعتزام الولايات المتحدة الانسحاب من معاهدة «القضاء على الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى» (IFN)، على خلفية الادعاءات الأمريكية بأن روسيا انتهكت بنود المعاهدة الموقعة بين الولايات المتحدة مع الاتحاد السوفيتى آنذاك، فى ١٩٨٧، بين الرئيس الأمريكى السابق رونالد ريجان والزعيم السوفيتى ميخائيل جورباتشوف، والتى بموجبها يحظر على البلدين امتلاك وإنتاج واختبار إطلاق الصواريخ التى يتراوح مداها بين ٥٠٠ و٥٥٠٠ كيلومتر. وقال ترامب إن الولايات المتحدة لن تترك روسيا مستمرة فى صنع الأسلحة «بينما يحظر علينا ذلك»، وتعتقد واشنطن أن موسكو تطور وتنشر نظامًا لإطلاق الصواريخ من منصات أرضية فى خرق لاتفاقية الأسلحة النووية متوسطة المدى، مما قد يتيح لروسيا شن هجوما نوويا على أوروبا دون سابق إنذار. وتنفى روسيا باستمرار أى انتهاك من هذا القبيل.

الجدير بالذكر، أن انسحاب ترامب من تلك الاتفاقية لم يكن البادرة الأمريكية الأولى حول هذا الشأن؛ حيث اتهم الرئيس الأمريكى السابق «أوباما» روسيا بانتهاك المعاهدة إثر إطلاقها صاروخًا مبرمجًا عام ٢٠١٤، وهدد بالخروج من المعاهدة، ولكنه تراجع تحت ضغوط زعماء دول أوروبا خشية عودة سباق التسلح. وتأتى خطورة هذا الانسحاب فيما يتعلق بتزايد معدلات التوتر وعدم الاستقرار بشكل كبير على الأمن فى العالم؛ لأن جيل كامل من الأسلحة سيظهر وسيتم تشغيله، بالتالى تؤدى إلى إنشاء القواعد.

مخاوف دولية
تزايدت المخاوف الدولية من الانسحاب الأمريكى من الاتفاقية؛ حيث أعرب الأمين العام للأمم المتحدة «أنطونيو جوتيريش»، عن أمله فى أن تتمكن روسيا والولايات المتحدة من حل الخلافات بشأن إعلان واشنطن عن اعتزامها الانسحاب من معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى. ودعا «جوتيريش»، أيضا، إلى توسيع معاهدة الحد من الأسلحة الاستراتيجية (ستارت) بشأن الأسلحة الهجومية الاستراتيجية، والتى من المقرر أن تنتهى فى غضون ثلاث سنوات فقط، كما دعا إلى اتخاذ خطوات جديدة لتقليص المخزونات النووية. يذكر أن معاهدة تقليص الأسلحة الهجومية الاستراتيجية تبقى سارية المفعول حتى ٥ فبراير ٢٠٢١، إذا لم يتم تبديلها بمعاهدة لاحقة بشأن تقليص هذه الأنواع من الأسلحة. كما يمكن تمديدها لمدة لا تتجاوز خمس سنوات إضافية حال موافقة كلا الطرفين على ذلك.

المواجهة الروسية
انتقدت روسيا خطة الولايات المتحدة للانسحاب من اتفاقية نووية، وأكد الرئيس الروسى «فلاديمير بوتين»، أن روسيا لا تهدد أحدًا، منوها إلى الاستمرار فى تجهيز الجيش الروسى بأسلحة متطورة بهدف الدفاع، مع التركيز على الأسلحة الحديثة الواعدة، وأن هذا لا يمنع روسيا من أن تحافظ على الالتزامات التى أخذتها على عاتقها فى مجال الأمن الدولى والسيطرة على انتشار الأسلحة.
واتبعت روسيا فى هذا الشأن مسارين، الأول متعلق بالرد بالمثل فى حال نشر واشنطن صواريخها فى أوروبا، محذرة من عواقب خروج الولايات المتحدة من معاهدة الصواريخ متوسطة وقصيرة المدى، وأعلنت روسيا أنها ستعمل على استعادة التوازن إذا طورت الولايات المتحدة أنظمة صواريخ جديدة.
والثاني، يتعلق بسياسة روسيا المنفتحة على الشراكة البناءة فى سبيل تحقيق الاستقرار العالمي، وأن من واجبها فعل كل ما هو ضرورى لتوفير الحماية اللازمة للوطن ضد أى تهديدات محتملة.

فى إشارة من جانب روسيا إلى أنها ربما تتراجع عن ذلك، إذ أبلغ مسئول كبير فى الكرملين مستشار الأمن القومى الأمريكي، جون بولتون، باستعداد موسكو لمناقشة المخاوف الأمريكية بشأن تطبيق المعاهدة الموقعة عام ١٩٨٧ من خلال المنظمات الأممية. ويركز القانون على اهتمام موسكو برد الدول الحليفة لواشنطن على طرح الجانب الروسى مشروع القرار المذكور، خاصة بعد أن أعلن مستشار الرئيس الأمريكى لشئون الأمن القومي، «جون بولتون»، عزم الإدارة الأمريكية على الانسحاب مع المعاهدة الروسية الأمريكية بشأن الصواريخ المتوسطة وقصيرة المدى.
إن خطط الولايات المتحدة للانسحاب من معاهدة القوى النووية متوسطة المدى تهدف إلى نقل الأسلحة الأمريكية إلى حدود روسيا والصين، وأن الهدف المباشر من تلك التهديدات الأمريكية هو روسيا ومن ورائها الصين، إن هذا القانون لا يخص فقط حدود المناورة السياسية من جانب الولايات المتحدة، بل يمكن اعتباره استعدادًا للحرب. كما أن الصواريخ الأمريكية المتوسطة والبعيدة المدى المتمركزة فى أوروبا لا تهدف إلى حماية هذه البلدان، ولكنها فى سياق التحضير لحرب ضد روسيا خاصة.

استهداف الصين
فى أول رد فعل لها على إعلان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بعد إعلانه أن بلاده ستنسحب من معاهدة القوى النووية متوسطة المدى التى وقعتها، فى ١٩٨٧، مع الاتحاد السوفيتي، رأت الصين أنه من «الخطأ» أن تشير الولايات المتحدة إلى بكين كسبب للانسحاب من المعاهدة مع موسكو، كما أشارت إلى أن المعاهدة ستظل تعهدًا مهمًا يعزز الاستقرار العالمي، وذكرت «هوا تشون ينج»، الناطقة باسم الخارجية الصينية أن الصين تعارض الانسحاب. وأعلنت الصين أن الاتفاقية التى توصلت إليها الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتى حول السيطرة العسكرية ونزع السلاح خلال فترة الحرب الباردة. لقد مارست المعاهدة أثرًا مهمًا على تحسين العلاقات الدولية، ودفعت إلى نزع السلاح النووى والحفاظ على التوازن والاستقرار الاستراتيجيين العالميين.
انسحاب الولايات المتحدة المحتمل من معاهدة حظر الأسلحة النووية متوسطة المدى المبرمة خلال فترة الحرب الباردة، قد يؤدى إلى توجيه الأنظار نحو الصين التى يمكن أن تطور دون قيود أسلحتها النووية متوسطة المدى بما أنها لم توقع على الاتفاق، ومن المتوقع أن يكون انسحاب الولايات المتحدة من المعاهدة بمثابة خطة تهدف لموازنة التوسع الصينى فى غربى المحيط الهادي.

سيناريوهات محتملة
ضعت الاتفاقية حدًا لسياسة التصعيد العسكرى بين الولايات المتحدة وروسيا وريثة الاتحاد السوفيتى السابق، بعد سريان المعاهدة فعليًا فى عام ١٩٩١؛ حيث شكلت الاتفاقية حاجز الأمان فى مواجهة اندلاع حرب نووية بين الولايات المتحدة وحلفائها الأوربيين، والاتحاد السوفيتى السابق، ومن المرجح أن انسحاب الولايات المتحدة يأتى على خلفية التوترات الأمريكية مع الصين والحرب التجارية التى تقودها واشنطن ضد بكين، وبالتالى من المتوقع تصاعد التوترات الأمريكية - الصينية، فى المحيط الهادئ على أثر تطوير الولايات المتحدة لنمط الصواريخ الذى يشكل تهديدًا لروسيا والصين، وفى نفس الوقت تعوق تلك المعاهدة هذه الخطوات. على الجانب الأوروبي، تتزايد التخوفات من أن الدول الأوروبية ستصبح أول المستهدفين بالصواريخ الروسية فى حال انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاقية، ومن ثم تتزايد الضغوط الأوروبية تجاه واشنطن من المضى قدمًا، نحو الانسحاب من الاتفاقية، مما يظهر أهمية الاتفاقية للحفاظ على التوازن فى مستوى التسلح ويقلل من خطر تهديد روسيا لأوروبا.