الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

سعاد عبدالرحيم في حوارها لـ"البوابة نيوز": الانتحار والجرائم الأسرية ليست ظاهرة.. مديرة "القومي للبحوث الجنائية": "السوشيال ميديا" دمرت خصوصيات المجتمع.. ومحاولات تغيير الهوية لا تمثل الفتاة المصرية

سعاد عبدالرحيم في
سعاد عبدالرحيم في حوار لـ"البوابة نيوز"
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مواجهة الإرهاب لن تكون إلا بحوار يضم كل الجهات المعنية
شباب مصر مستهدفون لتدميرهم بالمخدرات والأفكار السلبية
تقنين الحشيش سيزيد من انتشاره فى المجتمع
903 عملية إرهابية فى ٣ سنوات
44٪ نسبة الطلاق فى مصر
10٪ من المصريين يتعاطون المخدرات
0.86 ٪ من طلاب المدارس مدمنين

أكدت الدكتورة سعاد عبدالرحيم، مدير المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية أن صانع القرار فى مصر يعطى اهتماما كبيرا، بالأبحاث الخاصة بالعشوائيات والمرأة والمعاقين والشباب والمشكلة السكانية، وذلك من أجل التوصل لحلول إلى تلك المشاكل التى تؤرق المجتمع. وتابعت فى حوراها لـ«البوابة»، أن الانتحار وجرائم الأسرة، لم ولن تصل إلى حد الظاهرة، وجميعها حوادث فردية، بسبب التغيرات التى طرأت على المجتمع طوال الـ10 سنوات الأخيرة.

■ كيف يتم تحديد الظاهرة الاجتماعية لدراستها؟
- منذ عام لا نعمل من تلقاء أنفسنا، وإنما نقوم بإجراء البحوث التى تطلب من صانع القرار.
■ ما الظواهر التى يطلبها منكم صانع القرار فى الفترة الراهنة؟
- ما يطلبه صانع القرار هو دراسة الظواهر الموجودة فى الواقع والتى تؤرق المجتمع منها العشوائيات والإرهاب والمرأة والعنف الأسرى ومشاكل الأسرة، والمعاقين، والمشكلة السكانية والأمية.
■ ما أهم الظواهر التى قمتم بدراستها وتم تطبيقها على أرض الواقع؟
- درسنا بحثين مهمين جدا الأول الأسر المنقولة إلى الأسمرات، والثانى دراسة الأسر من أهالى السلام التى ستنقل إلى أهالينا، وهذا اتجاه محمود لأنه لا يجوز نقل الناس قبل معرفة احتياجاتهم، فى البحث الأول مشكلة العشوائيات وأجرينا بحوثا للوقوف على مطالبهم قبل نقلهم وبعدها، وهو ما تم تنفيذه فى نقلهم، حتى نقضى على المشكلات التى تظهر منهم ونحافظ على بيئة حضارية جديدة.
■ ما المشكلة الرئيسية لساكنى العشوائيات؟
- وجدنا أن العشوائيات كانت ظاهرة منتشرة بشكل كبير، وأنا شخصيا كنت من دارسى العشوائيات بحكم التخصص العلمي، وبالفعل عملت فى دراسة العشوائيات، منذ أكثر من ٢٠ عاما، وبالفعل الدولة تبذل جهدا غير مسبوق ليس فقط فى تطوير العشوائيات بل والقضاء عليها كظاهرة مجتمعية خطيرة، وكانت من أهم البحوث الأساسية أو المشروعات الرئيسية للمركز دراسة العشوائيات لكن ليس بطريقة تقليدية حيث الذهاب لمنطقة عشوائية ودراستها ودراسة أسبابها وكيف نقضى على هذه الأسباب؟ وكيف يمكن تحويل المنطقة العشوائية إلى منطقة حضارية؟، ولكن ندرسها بطريقة أشمل حيث بالفعل الدولة تبنى أماكن جديدة مثل الأسمرات وأهالينا وهى منطقة جديدة مثل الأسمرات سيتم نقل سكان ما وراء منطقة السكة الحديد وعزبة الصفيح بمدينة السلام إليها، مما يشير إلى أنه يتم عمل شيء أفضل وأحدث فيتم دراسة سكان العشوائيات فى أماكنهم العشوائية لكى يتم عمل التهيئة النفسية والاجتماعية عندما يذهبون مثلا لمكان حضارى بحيث عندما يتم نقلهم يكونون مهيئين لكيفية المعيشة به والحفاظ عليه.
رصدنا أن مشكلة ساكن العشوائيات فى الأساس أنه لا يريد أن يترك مكانه رغم أنه به الكثير من المساوئ والعيوب التى لا توفر له حياة آدمية فيه، وهذا لأن محيط عمله وكل علاقته الاجتماعية مرتبطة بهذا السكن، وأيضا لا يعتبر ساكن العشوائيات الغرفة التى يعيش فيها سكنه فقط، وإنما أيضا يعتبر الشارع والمناطق المحيطة به ويقوم باستغلالها فى أنشطته، وعندما يتم نقله فى شقة هنا يشعر أنه وضع فى حدود.

■ لماذا تقع مشاكل عند نقل أهالى العشوائيات إلى أماكن جديدة؟
- هذا أمر طبيعى، لأن ساكن العشوائيات يرفض أساسا ترك سكنه ويعتبر هذا تقييدا لحدوده رغم انتهاك خصوصيته، فمسكنه العشوائى بالنسبة له «فضاء براح»، وتصبح الشقة أمامه عائقا كيف يتعامل مع غرفتين وصالة بها كافة وسائل الراحة الآدمية والخصوصية العالية، وبالتالى هنا محتاج إلى تهيئة اجتماعية، لتوعيته بخطورة تربيته حيوانات وطيورا فى بيته ولا يجوز أن يعيش جميع أفراد الأسرة فى غرفة واحدة، أو استخدام المكان المخصص للمعيشة كحمام أو مطبخ، وهذه الأمور بالنسبة له لم يتعود عليها، وهذا ليس اتهاما له، وهو محتاج من يأخذ بيده ليعيش فى مسكن آمن يوفر له الكرامة ليشعر أنه مثل أى إنسان فى المجتمع، وهذا ما تفعله الدولة الآن.
■ ماذا عن تحويل الأهالى المساكن إلى محلات وورش؟
- هذا لم يحدث فى الفترة الحالية، فمنذ أحداث الدويقة، تم السيطرة على هذا الأمر، وهنا يأتى دور مراكز التنمية المجتمعية، لعمل توعية مجتمعية، ولا بد من تعميمها فى كافة المناطق الحضرية، التى سينقل إليها أهالى العشوائيات وذلك لتغيير الثقافة وهذا أمر صعب ويتطلب وقتًا كبيرًا.
■ ولكن.. هل تعود الآن أهالى الأسمرات على السكن الحضرى؟
- نعم.. ولو طلب منهم أن يعودوا إلى أماكنهم العشوائية مرة أخرى، من المستحيل أن يوافقوا، لأنهم تعودوا على التحضر.
■ ننتقل إلى ظاهرة الإرهاب.. ماذا توصلت أبحاثكم فى هذا الشأن؟
- أهم نقطة لا يجوز أن جهة واحدة تدرس الظاهرة المجتمعية المؤدية إلى الإرهاب، فهو يبدأ بتطرف فعنف فإرهاب، فكل مؤسسة لها سبب تخرج به، فمثلا هناك من يتهم الخطاب الدينى وآخر يدين الأسرة والمجتمع، وهنا لا بد من تضافر كل الجهود من وزارة الداخلية والجهات الأمنية والمؤسسات الدينية والاجتماعية والبحثية، وعليهم جميعا أن يجلسوا على مائدة نقاش واحدة، لأن البعد الدينى يكمله الاقتصادى والاجتماعى، للخروج بنتائج واحدة، مما يسهل المواجهة.
■ ما السبب الرئيسى إذن؟
- لا يمكن أن يغلب سبب على سبب آخر، وأنا أرى أن التنشئة الاجتماعية الخاطئة هى الأساس فى التطرف، لأنه لو تربى الطفل بطريقة سوية، بعيدة عن العنف، وكل ما يثير القلق والاضطراب يجعله إلى حد كبير شخصا سويا، وحتى لو وضع فى كل عوامل العنف لن يتأثر بها، حتى لما يدخل المدرسة، ووجد زميله المسيحى، سيتعامل معه بطريقة سوية، ومن هنا تأتى أهمية البدء اجتماعيا بالأسرة ولا بد أيضا أن تلعب المؤسسات الثقافية والرياضية دورها بأن تجعل النشء أو الشباب يكون كل تفكيره وتوجهاته كيف يرتقون بأنفسهم ومجتمعهم فلا يفكر أو يستطيع أحد استقطابه أو أن يحيد به عن الطريق الصحيح.
التوعية والبعد الاجتماعى وكيف نربى إنسانا سليما بالفنون والموسيقى والرياضة والإبداع بشكل عام بحيث تكون هى حياته ولا يذهب ناحية طريق التطرف أو يستطيع شخص آخر السيطرة على فكره.

■ ماذا عن الخطاب الدينى؟
- دائما رجل الدين يكون له قبول؛ لأن المصرى يقدس دينه، وهذا يكون صحيحا فى حال وجود خطاب دينى وسطى، ما يعمل على حل جميع المشكلات فى المجتمع، والإسلام أرسى كل المعاملات مع المجتمع والأسرة والجيران، ولو عاد أئمة المساجد إلى الخطب الميسرة التى حث الدين الإسلامى السمح عليها، لساهم هذا بشكل كبير فى حل جميع المشكلات، لأننا نقول على الغرب مسلمون بغير إسلام، وكل ما يفعلونه هى أساليب تعامل تحدث عنها الإسلام.
الشباب.
■ هل حقا شباب مصر مستهدف من الخارج؟
- مصر دولة مستهدفة.. وبالتالى الشباب العمود الفقرى لها، يتم استهدافهم بالمخدرات، لتغييب عقولهم بالتعاطى والإدمان، ونحرص حاليا على مسح شامل للمجتمع، بالتعاون مع صندوق مكافحة المخدرات ووزارة الصحة والسكان، لإنقاذ الشباب، بعد أن وصل الإدمان للأطفال، حتى أننا رصدنا وجود أطفال أعمارهم ٨ سنوات أقبلوا على تعاطى مواد تعمل على تغيبهم عن العقل.
■ تعليقك على تقنين الحشيش أو وقف عقوبته؟
- هذه كارثة وأنا ضده وأرفضه.. وفى كندا الثقافة مختلفة تماما، ولدينا ثقافة الممنوع مرغوب، وهذه فكرة خارجة من منطلق خاطئ أن الحشيش لا يصيب بالإدمان، وإنه فى حالة وجوده فى السوق سيسهل السيطرة عليه، وهذا خطأ لأنه سيجعل كثيرا من الناس يجربون وبالتالى يمكن أن يحول المجتمع لمدمنين.
البعض يعتقد أن الحشيش لا يسبب الإدمان، فى حين أنه من المواد المخدرة التى تكمن فى الخلايا الدهنية فى الجسم من ٤٠ إلى ٦٠ يوما. ويكشف بسهولة فى حال التحليل أن الشخص مدمن للمواد المخدرة.
■ ما فكرة العلاج؟
- الفكرة قائمة على أن مدمن المخدرات هل هو مريض أم مجرم، فالمريض له حق فى العلاج وليس العقاب، لأنه فى حال معاملته على أنه مجرم سيزيد هذا من الأمر والتأزم.

■ ما أخطر ظاهرة تهدد نسيج المجتمع المصرى؟
- الطلاق والطلاق المبكر، فهذه مشكلة فى غاية الخطورة، نتيجة التغيرات الاجتماعية والاقتصادية التى طرأت على المجتمع فى السنوات الأخيرة، والأسرة هى أساس المجتمع وفى حالة ضياعها ينتهى المجتمع.
■ من المتهم فيها الرجل أم السيدة؟
- قديما كنا نحمل الفتاة مسئولية الطلاق، لكن الآن المفروض أن يكون الشاب والفتاة مؤهلين ببرنامج على مستوى عال جدا لكيفية المحافظة على البيت والأسرة، بعدما أصبحت الفتاة والشاب يعتقدان أن الزواج مجرد فرح ومنزل يعيشان فيه، يتعمل كل طرف بطريقته دون الآخر ولا يوجد تحمل للمسئولية.
■ هل المرأة المصرية تغيرت سلبا؟
- المرأة المصرية قوية جدا، لكن الفتيات الصغيرات غير متحملات المسئولية، وعلينا الآن أن نلحق تلك الأجيال من الفتيات قبل خروج أجيال من المرأة غير متحملة للمسئولية، وبالتالى يضيع نسيج المجتمع.
■ كيف نلحقهن؟
- ببرامج التوعية فى وسائل الإعلام، والمؤسسات الدينية بأهمية تحمل المسئولية وبناء أسرة قوية، خاصة فى ظل انتشار السوشيال ميديا الذى تسبب فى انتهاك الخصوصية للمصريين ونشر الأفكار المسمومة، حتى أصبحنا نصور طعامنا ونحكى مشاكلنا الخاصة عليها، وأصبح البعض يتلقى النصائح وإن كانت خطأ منها ما يتسبب فى دمار كثير من البيوت.
■ هل نتعرض فعلا لحرب تغيير الهوية والوجدان؟
- نتعرض لهزات لتغيير الهوية والوجدان، لكن هوية المجتمع وجذوره ودينه قوية وراسخة، وانتماء المصريين لمجتمعهم لا يتغير، لكن هناك بعض الصعوبات، منها ما يتعلق بالإدمان باعتناق أفكار معينة لتمزيق المجتمع ولكنها أمور فردية، تسيطر عليها الأسر والتعليم، مثل تعاطى المخدرات وفقدان الانتماء وأفكار اجتماعية غريبة مثل «strong independent woman».
■ كيف ترين انتهاج بعض الفتيات strong independent woman؟
- هذه ظواهر فردية لا تعبر عن الفتاة المصرية، ويمكن أن يكون لهم توجه معين، وهدف لإحداث هزة فى هوية ووجدان المجتمع وعلى مدار العصور تظهر هذه الأمور، والإعلام يعطيها أكبر من حجمها، لكن علينا أن نهتم بها ونعالجها.
■ تعليقك على ظاهرة جرائم القتل فى الأسرة المصرية؟
- كلها أسبابها الضغوطات التى يتعرض لها المجتمع من أمور اقتصادية واجتماعية وأسرية، فأصبح هناك قدر من الهشاشة فى عدم التحمل فيقبل أحدهما على التخلص من الآخر.
■ الانتحار تحول إلى ظاهرة؟
- الانتحار ليس ظاهرة، ولم ولن يصل إلى هذا الحد، والمجتمع فى حالة تغير وبدأ يدخل فى حالة ثبات، وبعض الفئات هشة لا تستطيع تحمل الضغوط الاقتصادية والاجتماعية، وليس الأمر متوقفا على انتحار فقير لكن يمكن أن يكون غنيا ولديه مشاكل اجتماعية، تدفعه لذلك.