الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

المرأة.. وقود الإرهاب الجديد في تونس

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا تزال تونس تئن تحت وطأة الإرهاب، فيما ينشغل الساسة هناك بالتناحر على المناصب، ما عمق الأزمة في البلاد، وشجع المتشددين على التمادي في مخططاتهم الهادفة لزعزعة استقرار هذا البلد العربي.

ولعل التصريحات التي أدلى بها الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي، عقب التفجير الانتحاري الذي وقع في شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة التونسية الإثنين الموافق 29 أكتوبر، كشفت حقيقة أن الصراعات السياسية المتواصلة في البلاد، هي من غذى الإرهاب الدموي هناك.
وقال السبسي على هامش زيارته إلى العاصمة الألمانية برلين، إن التفجير الانتحاري الذي وقع في شارع الحبيب بورقيبة "ذكّر التونسيين بأن لديهم مشاكل أخرى".
واعتبر السبسي في أول تعليق له على التفجير، أن المناخ السياسي في تونس سيئ مضيفا: "نحن منشغلون بزيد وعمر ومن يظل في الكرسي ومن يذهب والأحزاب ولكن هذه ليست مشاكل تونس".
وتابع "ظننا أننا انتهينا من مكافحة الإرهاب في المدن وما زالت فقط في الجبال لكن العملية أثبتت غير ذلك".. "ظننا أننا قضينا على الإرهاب لكن في الحقيقة نرجو من الله ألا يقضي علينا".
وأضاف "المناخ السياسي والظروف في تونس سيئة لأننا منشغلون بمن يجلس على الكرسي والمنصب، وبهذا الحزب أو ذاك، لكن أعتقد أن هذا الحادث يذكرنا بالمشكلات الحقيقية التي تعيشها تونس".
واستطرد السبسي "في الحياة هناك المهم والأهم، والأهم هو أن يكون الشعب التونسي بألف خير، ما وقع مؤلم، وما لاحظته أن قوات الأمن هي التي تدفع دائما ضريبة الدم، وهذا يفرض على المسئولين في تونس وعلى قادة الأحزاب السياسية أن يدركوا أن التدافع على المناصب والكرسي ليس هو الحل".
وبجانب التصريحات السابقة، فإن ما يضاعف المخاوف في تونس، أن البلاد تخضع لحالة الطوارئ منذ نوفمبر 2015 عندما أسفر تفجير انتحاري وسط العاصمة التونسية، تبناه تنظيم داعش الإرهابي، عن مقتل 12 شخصا من الحرس الرئاسي، ورغم ذلك، لم تتوقف الهجمات الإرهابية، بل على العكس زادت وتيرتها، وتسببت في قتل العشرات من القوات الأمنية والسياح الأجانب، خاصة بعد الإطاحة بنظام الرئيس زين العابدين بن علي في عام 2011.
وفيما تركت الهجمات الإرهابية ضررا بليغا بالسياحة التونسية، التي تشكل مصدرا رئيسا للعملة الصعبة في البلاد، انشغل الساسة بالسباق المحموم على السلطة، وتركوا الأسباب الرئيسة للتطرف دون علاج، وأبرزها البطالة والفقر، ولذا لم يكن مستغربا أن يقع تفجير إرهابي جديد وسط العاصمة التونسية، وهذه المرة من تتفيذ امرأة، ما يعني أن المواجهة مع الإرهاب أصبحت مفتوحة على كل السيناريوهات، لأن اعتماد الإرهابيين على الانتحاريات يصعب مهمة قوات الأمن في كشفهن، وبالتالي مواجهتهن.

وكانت وزارة الداخلية التونسية أعلنت في بيان رسمي الإثنين الموافق 29 أكتوبر أن امرأة تبلغ من العمر 30 سنة، فجرت نفسها قرب دورية أمنية في شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة التونسية، ما أسفر عن إصابة 8 من رجال الأمن، بالإضافة إلى مدني.
وبدورها، نقلت "رويترز" عن شاهد عيان، قوله:"إنه سمع دوي انفجار قوي ورأى أناسا يهربون بعد الانفجار"، فيما قال شرطي من المتواجدين في مكان الحادث لوكالة "سبوتنيك" إن "سيدة كانت تقود دراجة فجرت نفسها قرب عناصر الشرطة".
وأفاد مراسل "سبوتنيك"، أن "الشرطة التونسية أغلقت كل الشوراع المؤدية إلى شارع بورقيبة"، وأضاف "توقف عمل الترام الذي يعبر وسط المدينة"، وأردف المراسل "تم نقل جثمان الانتحارية التي فجرت نفسها إلى المستشفى".
ونقلت الإذاعة التونسية عن مسئول في وزارة الداخلية التونسية قوله إن أصول الانتحارية التي فجرت نفسها في شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة التونسية، من حي سيدي علوان الشعبي في ضواحي العاصمة التونسية وتدعى منى قبلة، وتبلغ من العمر 30 عاما، وغير معروفة لدى المصالح الأمنية بالتطرف.

وبالنظر إلى تواجد كل من تنظيمى القاعدة وداعش فى تونس، فإن البعض لم يستبعد وقوع هجمات جديدة على غرار ما حدث فى 29 أكتوبر، خاصة أن البلاد، التى أطلقت الشرارة الأولى لما يسمى «الربيع العربي»، تشهد صراعًا بين العلمانيين والإسلاميين، وتعانى أوضاعًا أمنية هشة منذ الثورة التى أطاحت فى ١٤ يناير ٢٠١١ بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، إذ سارعت جماعات سلفية جهادية لحمل السلاح، فى المناطق الغربية على طول الشريط الحدودى مع الجزائر.
واستنادًا إلى الإحصائيات التى تقدر عدد العاطلين فى تونس بحوالى ٦٥٠ ألف شخص، من بينهم نحو ٢٥٠ ألفًا من خريجى الجامعات، فإن الجماعات الإرهابية لا تجد صعوبة فى استقطاب المزيد من الشباب فى صفوفها، مستغلة فى ذلك ظروف الفقر والبطالة، وهذا يظهر في سلسلة الهجمات المتكررة، التي ضربت البلاد.
ففي 8 يوليو الماضي، أعلنت وزارة الداخلية التونسية، عن مقتل ستة من عناصر الحرس الوطنى فى كمين نصبته «مجموعة إرهابية» فى محافظة جندوبة، على مقربة من الحدود مع الجزائر، كما تبنى تنظيم «جند الخلافة»، التابع لتنظيم داعش، مسئولية الهجوم الدامى الذى استهدف متحف باردو فى العاصمة التونسية فى مارس ٢٠١٥ والذى خلف مقتل ٢١ سائحًا وجرح ٤٧ آخرين.
كما نفذت عناصر هذه الجماعة فى ٢٥ يونيو ٢٠١٥ هجومًا على دورية أمنية قرب محافظة سيدى بوزيد وسط تونس، وقتلت عنصرين من قوات الأمن، وذلك قبل يوم فقط من الهجوم الدامى الذى استهدف مدينة سوسة السياحية، فى ٢٦ يونيو 2015 وقتل خلاله ٣٨ سائحا أغلبهم من البريطانيين، كما أعلنت أواخر العام ذاته مسئوليتها عن تفجير حافلة للحرس الرئاسى وسط العاصمة التونسية، قتل خلاله ١٢ عنصرًا أمنيًا.