الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

مشورة أسرية.. أزمة مقولة "من يومه"

إميل لبيب، متخصص
إميل لبيب، متخصص المشورة الأسرية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

يقول إميل لبيب، متخصص المشورة الأسرية، إن عبارة "من يومه".. يستخدمها بعض الآباء بمعنى أن السلوك الصادر من الشخص اعتاد عليه منذ صغره، فلا يندهشون من سلوكه هذا، فهو المتوقع منه.

المدهش هنا هو صمت الوالدين تجاه سلوك لا يقبلونه ولا يرضون عنه، ويتركون الطفل يمارسه حتى يصبح عادة ينتهجها في سلوكه، للدرجة التي يعتبرها سلوك عادى، فالسباب والشتائم عادى، والتعدي بالضرب والعنف عادى، والاستيلاء على ممتلكات الغير عادى.

ويضيف: بعض سلوكيات الطفل تصدر منه بغرض اختبار رد فعل الوالدين، نلاحظ ذلك في الطفل عند بداية تعلمه المشي واكتشاف قدراته على الحركة ونقل الأشياء واللعب بها، وأثناء حركته وعبثه بالأشياء يلاحظ وجه أمه وتعبيراتها تجاه ما يقوم به، هل هي راضية عما يفعله فيستمر أم غير موافقة فيتوقف.

مثل هذه المواقف تحتاج متابعة وإشراف من الأم دون أن تكبت الطفل وتشعره بالتوتر تجاه ما يقوم به، أو الذنب تجاه ما يلمسه من أشياء كان من المفترض أن لا تتحرك من مكانها.

وأشار لبيب إلى أن جه الأم المبتسم المرحب بتحركات ولعب الطفل يمنحه الثقة في ذاته، فهو يسلك مسلكا حسنا حتى لو كان بعيدا عن أمه.

وتابع: قارن هذه الفكرة بفكرة المراهق عن نفسه ومحاولة أن تكون له حياته الخاصة، السرية، بعيدًا عن سيطرة وقهر الأهل، موضحا أن الاستقلالية مقابل الشعور بالخزي والعار إحدى الأزمات النفسية الحرجة التي يمر بها الطفل في المرحلة السنية من ٢ إلى ٤ سنوات حسب نظرية إريك أريكسون في النمو النفسي الاجتماعي.

وقال لبيب: إن الطفل يستقل عن أمه، ويمارس حركته بحرية، مع السماح له ببعض الأخطاء الملازمة لتدريبه على الاعتماد على نفسه مشيرا إلى أن إحدى هذه التدريبات الاستغناء عن البامبرز، والتدريب على استخدام التواليت مثل الكبار، في بداية التدريب يستلزم تقبل سهوات التبول اللاإرادي، أو نسيان طلب المساعدة أثناء الاندماج في اللعب.

وطالب بتعامل الوالدين مع الطفل المتدرب على الاستقلالية بإشراف وتوجيه لطيف دون قهر أو كبت أو معايرة، يجعله يؤمن باستقلاليته لافتا إلى أن الوالدين كأنهما يضعان توقيعهما على شهادة استقلال الطفل ونجاحه في أن يصبح كيانا مستقلا معترف به.

وأضاف : أما في حالة سلوك الوالدين بعنف وتوبيخ وتأنيب، يُشعر الطفل وأنه قد أجرم وأصبح هو نفسه جرمًا أو خطأ، هذا معنى الخزي أن يكون مكسوفا من نفسه، ولسان حاله يقول: «يا حيطة داريني».

لا يوجد أي شيء في الدنيا يستدعى أو يستحق أن يشعر الطفل بالخزى بسببه، كل الأمور سوف تزول وتمر إلا هذا الإحساس اللازم لنفسية الطفل، وكأنه قد طبع مثل الوشم أو التاتو على نفسيته، ويظل يعانى منه طوال حياته، وسوف يواجهه في كل تعاملاته مع زملائه ورؤسائه، ومرؤوسيه وزوجته وأبنائه.

من الوارد والمقبول أن تكون للطفل سلوكيات غير منضبطة بسبب عمره الصغير وعدم درايته، لكن من غير المقبول أن يصمت الوالدان على هذا السلوك وينكرا تقاعسهما في قول: «هو كده من صغره... من يومه.. مش عارفين نعمل معاه إيه».

وأشار لبيب إلى أن هناك الكثير الذى يستطيع الوالدان القيام به بدون إيذاء جسدي ونفسى للطفل، يوجد توجيه ورعاية وإشراف وحب وقبول، كما أن هناك أساليب لتعديل السلوك يمكن اللجوء إليها بالاستعانة بالمتخصصين إذا استدعى الأمر، مؤكدا أنه في هذه الحالة ليس الطفل فقط هو الذى يحتاج لتعديل السلوك، لكن الوالدان أيضًا عليهما ضبط البيئة التي ساهمت في تكوين السلوك المشكل.