تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
كثيرًا ما يربط المؤمنون العاهات مثل العمى والكساح والبرص وغيرها بخطيئة إرتكبها الوالدان أو أحدهما فى سلوكهما الشخصى. محاولين إيجاد تفسير عقابى نزل من السماء على الوالدين ورغم تقدم العلم وإكتشاف كثيرًا من الأسباب التى إرتبطت بهذه الولادات المجروحة مثل زواج الأقارب أو توارث الجينات أو تسرب بعض الميكروبات أو الفيروسات إلى الجنين، إلا أن سيادة الثقافة الغيبية المرتبطة بالمعتقدات الدينية الخاطئة تدفعنا إلى ربط العاهة بالخطيئة.
وكانت هذه العقلية سائدة فى زمن المسيح لذلك نجد تلاميذ يسوع يسألونه عن “الأعمى منذ مولده” قائلين “يَا مُعَلِّمُ، مَنْ أَخْطَأَ: هذَا أَمْ أَبَوَاهُ حَتَّى وُلِدَ أَعْمَى؟” ويأتى رد يسوع قاطعًا “لاَ هذَا أَخْطَأَ وَلاَ أَبَوَاهُ، لكِنْ لِتَظْهَرَ أَعْمَالُ اللهِ فِيه”.
ثم شرع المسيح كما كان يفعل أنبياء العهد القديم ومن كانوا يمثلون فى ذلك الوقت المتخصصين في الشفاءات إذ لم يكن الأطباء موجودين بالمعنى الذى نظنه على الطبيب الآن الذى درس التشريح والأمراض والفيروسات وآليات الأجهزة الدموية والتنفسية والهضمية …. إلخ.
شرع المسيح فى محاولة فتح عينيه لترى النور وتميز بين الأشياء وأرسل إلى بركة سلوام ليغتسل كما يرسل الناس مرضاهم اليوم ليتبركوا بالأديرة مثل درنكة وجبل الطير وكنيسة العذراء بالزيتون، وما أن سمع علماء الشريعة حتى ملأهم الغضب فهذا الأعمى ولد كله بالخطيئة وبالتالى كان عليه أن يظل أعمى نظير الخطيئة التى ارتكبها هو أو أهله.
كان يسوع يعلم جيدًا أن ما يفعله من شفاءات ومعجزات مُجَرّم من رؤساء الدين حافظو شريعة الله على الأرض. ولكن هذا لم يثنيه عن رسالته فى تحرير المرضي من كل نوع والبؤساء والفقراء من كل القيود التى كانت تمنعهم من ممارسة حياتهم الطبيعية.
إلا أن وضاعة هؤلاء العلماء جعلتهم يلجأون إلى الفقراء أنفسهم لتخويفهم من يسوع ”المخلص” وتصويره على أنه “شيطان” لا يجب القرب منه أو معاشرته.
ذهبوا إلى “الاعمى منذ مولده” بعد أن أصبح “مبصرًا” بعد أن لمسه يسوع ودله على طريق الابصار ليعملوا معه تحقيقًا على غرار ما يحدث مع رجال الأمن اليوم مع المشكوك فى ولائهم للسلطة وقالوا “أَلَيْسَ هذَا هُوَ الَّذِي كَانَ يَجْلِسُ وَيَسْتَعْطِي؟»آخَرُونَ قَالُوا: «هذَا هُوَ». وَآخَرُونَ: «إِنَّهُ يُشْبِهُهُ». وَأَمَّا هُوَ فَقَالَ: «إِنِّي أَنَا هُو”َ. فَقَالُوا لَهُ: «كَيْفَ انْفَتَحَتْ عَيْنَاكَ؟»أَجَابَ ذَاكَ وقَالَ: «إِنْسَانٌ يُقَالُ لَهُ يَسُوعُ صَنَعَ طِينًا وَطَلَى عَيْنَيَّ، وَقَالَ لِي: اذْهَبْ إِلَى بِرْكَةِ سِلْوَامَ وَاغْتَسِلْ. فَمَضَيْتُ وَاغْتَسَلْتُ فَأَبْصَرْتُ».فَقَالُوا لَهُ: «أَيْنَ ذَاكَ؟» قَالَ: «لاَ أَعْلَمُ.«
وإمعانًا فى التحقيق ذهبوا إلى والديه ليتحققوا أكثر عن هويته إلا أن والديه خافا جدًا وقالا أَجَابَهُمْ أَبَوَاهُ وَقَالاَ: «نَعْلَمُ أَنَّ هذَا ابْنُنَا، وَأَنَّهُ وُلِدَ أَعْمَى.وَأَمَّا كَيْفَ يُبْصِرُ الآنَ فَلاَ نَعْلَمُ. أَوْ مَنْ فَتَحَ عَيْنَيْهِ فَلاَ نَعْلَمُ. هُوَ كَامِلُ السِّنِّ. اسْأَلُوهُ فَهُوَ يَتَكَلَّمُ عَنْ نَفْسِهِ».قَالَ أَبَوَاهُ هذَا لأَنَّهُمَا كَانَا يَخَافَانِ مِنَ الْيَهُودِ، لأَنَّ الْيَهُودَ كَانُوا قَدْ تَعَاهَدُوا أَنَّهُ إِنِ اعْتَرَفَ أَحَدٌ بِأَنَّهُ الْمَسِيحُ يُخْرَجُ مِنَ الْمَجْمَعِ.لِذلِكَ قَالَ أَبَوَاهُ: «إِنَّهُ كَامِلُ السِّنِّ، اسْأَلُوهُ».
وتكرر السؤال للأعمى من قبل علماء الشريعة وشتموه لأنه تجرأ وقال لهم بسبب الحاحهم عليه فى السؤال عمن شفاه “أَلَعَلَّكُمْ أَنْتُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَصِيرُوا لَهُ تَلاَمِيذَ؟” فصرخوا مستنكرين قائلين وَأَمَّا نَحْنُ فَإِنَّنَا تَلاَمِيذُ مُوسَى، نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ مُوسَى كَلَّمَهُ اللهُ، وَأَمَّا هذَا فَمَا نَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ هُوَ«.
مازال علماء الشريعة فى عصرنا يكررون نفس الشئ مع كل شخص حاولوا أن يغلقوه فى مرضه وعاهته.