الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

الأب وليم سيدهم يكتب: جئت لكي يبصر فاقدو البصر

الأب وليم سيدهم
الأب وليم سيدهم
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كثيرًا ما يربط المؤمنون العاهات مثل العمى والكساح والبرص وغيرها بخطيئة ‏إرتكبها الوالدان أو أحدهما فى سلوكهما الشخصى. محاولين إيجاد تفسير عقابى نزل ‏من السماء على الوالدين ورغم تقدم العلم وإكتشاف كثيرًا من الأسباب التى إرتبطت ‏بهذه الولادات المجروحة مثل زواج الأقارب أو توارث الجينات أو تسرب بعض ‏الميكروبات أو الفيروسات إلى الجنين، إلا أن سيادة الثقافة الغيبية المرتبطة بالمعتقدات ‏الدينية الخاطئة تدفعنا إلى ربط العاهة بالخطيئة.‏

وكانت هذه العقلية سائدة فى زمن المسيح لذلك نجد تلاميذ يسوع يسألونه عن “الأعمى ‏منذ مولده” قائلين “يَا مُعَلِّمُ، مَنْ أَخْطَأَ: هذَا أَمْ أَبَوَاهُ حَتَّى وُلِدَ أَعْمَى؟” ويأتى رد يسوع ‏قاطعًا “لاَ هذَا أَخْطَأَ وَلاَ أَبَوَاهُ، لكِنْ لِتَظْهَرَ أَعْمَالُ اللهِ فِيه”.‏

ثم شرع المسيح كما كان يفعل أنبياء العهد القديم ومن كانوا يمثلون فى ذلك الوقت ‏المتخصصين في الشفاءات إذ لم يكن الأطباء موجودين بالمعنى الذى نظنه على الطبيب ‏الآن الذى درس التشريح والأمراض والفيروسات وآليات الأجهزة الدموية والتنفسية ‏والهضمية …. إلخ.‏

شرع المسيح فى محاولة فتح عينيه لترى النور وتميز بين الأشياء وأرسل إلى بركة ‏سلوام ليغتسل كما يرسل الناس مرضاهم اليوم ليتبركوا بالأديرة مثل درنكة وجبل ‏الطير وكنيسة العذراء بالزيتون، وما أن سمع علماء الشريعة حتى ملأهم الغضب فهذا ‏الأعمى ولد كله بالخطيئة وبالتالى كان عليه أن يظل أعمى نظير الخطيئة التى ارتكبها ‏هو أو أهله.‏

كان يسوع يعلم جيدًا أن ما يفعله من شفاءات ومعجزات مُجَرّم من رؤساء الدين حافظو ‏شريعة الله على الأرض. ولكن هذا لم يثنيه عن رسالته فى تحرير المرضي من كل نوع ‏والبؤساء والفقراء من كل القيود التى كانت تمنعهم من ممارسة حياتهم الطبيعية.‏

إلا أن وضاعة هؤلاء العلماء جعلتهم يلجأون إلى الفقراء أنفسهم لتخويفهم من يسوع ‏‏”المخلص” وتصويره على أنه “شيطان” لا يجب القرب منه أو معاشرته.‏

ذهبوا إلى “الاعمى منذ مولده” بعد أن أصبح “مبصرًا” بعد أن لمسه يسوع ودله على ‏طريق الابصار ليعملوا معه تحقيقًا على غرار ما يحدث مع رجال الأمن اليوم مع ‏المشكوك فى ولائهم للسلطة وقالوا “أَلَيْسَ هذَا هُوَ الَّذِي كَانَ يَجْلِسُ ‏وَيَسْتَعْطِي؟‎»‎آخَرُونَ قَالُوا: «هذَا هُوَ». وَآخَرُونَ: «إِنَّهُ يُشْبِهُهُ». وَأَمَّا هُوَ فَقَالَ: «إِنِّي ‏أَنَا هُو”َ. فَقَالُوا لَهُ: «كَيْفَ انْفَتَحَتْ عَيْنَاكَ؟‎»‎أَجَابَ ذَاكَ وقَالَ: «إِنْسَانٌ يُقَالُ لَهُ يَسُوعُ ‏صَنَعَ طِينًا وَطَلَى عَيْنَيَّ، وَقَالَ لِي: اذْهَبْ إِلَى بِرْكَةِ سِلْوَامَ وَاغْتَسِلْ. فَمَضَيْتُ وَاغْتَسَلْتُ ‏فَأَبْصَرْتُ‎».‎فَقَالُوا لَهُ: «أَيْنَ ذَاكَ؟» قَالَ: «لاَ أَعْلَمُ‎.«‎‏ ‏

وإمعانًا فى التحقيق ذهبوا إلى والديه ليتحققوا أكثر عن هويته إلا أن والديه خافا جدًا ‏وقالا ‏‎ ‎أَجَابَهُمْ أَبَوَاهُ وَقَالاَ: «نَعْلَمُ أَنَّ هذَا ابْنُنَا، وَأَنَّهُ وُلِدَ أَعْمَى‎.‎وَأَمَّا كَيْفَ يُبْصِرُ الآنَ ‏فَلاَ نَعْلَمُ. أَوْ مَنْ فَتَحَ عَيْنَيْهِ فَلاَ نَعْلَمُ. هُوَ كَامِلُ السِّنِّ. اسْأَلُوهُ فَهُوَ يَتَكَلَّمُ عَنْ نَفْسِهِ‎».‎قَالَ ‏أَبَوَاهُ هذَا لأَنَّهُمَا كَانَا يَخَافَانِ مِنَ الْيَهُودِ، لأَنَّ الْيَهُودَ كَانُوا قَدْ تَعَاهَدُوا أَنَّهُ إِنِ اعْتَرَفَ ‏أَحَدٌ بِأَنَّهُ الْمَسِيحُ يُخْرَجُ مِنَ الْمَجْمَعِ‎.‎لِذلِكَ قَالَ أَبَوَاهُ: «إِنَّهُ كَامِلُ السِّنِّ، اسْأَلُوهُ‎».‎

وتكرر السؤال للأعمى من قبل علماء الشريعة وشتموه لأنه تجرأ وقال لهم بسبب ‏الحاحهم عليه فى السؤال عمن شفاه “أَلَعَلَّكُمْ أَنْتُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَصِيرُوا لَهُ تَلاَمِيذَ؟” ‏فصرخوا مستنكرين قائلين وَأَمَّا نَحْنُ فَإِنَّنَا تَلاَمِيذُ مُوسَى، نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ مُوسَى كَلَّمَهُ ‏اللهُ، وَأَمَّا هذَا فَمَا نَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ هُوَ‎«‎‏.

مازال علماء الشريعة فى عصرنا يكررون نفس الشئ مع كل شخص حاولوا أن يغلقوه ‏فى مرضه وعاهته.‏