مدارس خاصة عبارة عن شقة من ثلاث غرف وصالة، ومدارس خاصة فى عمارات تحت الإنشاء، أو فى قطعة أرض فضاء أو «خرابة»، والكارثة أن هذه المدارس غير مرخصة من قبل وزارة التربية والتعليم.
يحدث ذلك تحت بصر وسمع كل الأجهزة، ويتم غلق بعض هذه المدارس الوهمية وتشميعها بالشمع الأحمر، ثم يتم إعادة فتحها فى وضح النهار وتحصيل المصروفات من أولياء الأمور، وعندما سألنا مسئولى التعليم بالجيزة عن وجود مدارس وهمية ليس لها أى تراخيص وتعمل علنا، وتضع لافتات وتقبل قيد الطلاب وتقوم بتحصيل مصروفات، وأن هذه المدارس ليس لها أى وجود فى الإدارات التعليمية، أو فى سجل التعليم الخاص أو وزارة التربية والتعليم، كانت الإجابة: «مش شغلنا، فيه جهات أخرى منوط بها غلق هذه المدارس».
رصدت عدسة «البوابة» بعض المدارس الوهمية الموجودة على الأرض، وغير المسجلة فى وزارة التربية والتعليم، والتى تبيع الوهم للمواطنين وتمارس عليهم النصب علنًا، وبعلم الأجهزة والمسئولين.
ويشتكى العديد من أولياء الأمور من أنهم عند قيامهم بتحويل أبنائهم من هذه المدارس، أو أثناء استخراج بيانات النجاح من الإدارة التعليمية، يفاجأون برد غريب من مسئولى الإدارة التعليمية بأن هذه المدارس لا وجود لها فى السجلات الرسمية، وذلك برغم تأكيد الأهالى وأولياء الأمور أن هذه المدارس موجودة بالفعل على أرض الواقع، إلا أن رد الإدارة التعليمية يأتى بجملة: «ملناش علاقة» بما هو موجود على الواقع، هذه المدارس غير مسجلة لدينا فى السجلات.
وعندما يستنجد أولياء الأمور بالإدارة متسائلين عن مصير أولادهم، ترد الإدارة: «إنتوا اتنصب عليكوا».
«سلومة»، هى كلمة السر والقاسم المشترك فى إمبراطورية المدارس الوهمية بالجيزة، أما أسماء الوسطاء فهى كثيرة ومنها «دولت» و«أم أسماء» و«أبوزهرة»، لكن «سلومة» هو الاسم الكبير والعلامة المميزة لهذا العالم السرى فى التربية والتعليم.
ورصدت «البوابة» إحدى هذه المدارس الوهمية بمنطقة المجزر الآلي، فى نزلة البطران، بالهرم، وأخرى بشارع الـ١٨ بميدان الساعة، وثالثة بطريق كعبيش بجوار الطريق الدائري، كل تلك المدارس غير المطابقة للمواصفات، كائنة بمحافظة الجيزة، وتتركز معظم المدارس الوهمية فى مناطق فيصل والهرم وكرداسة، وبالفعل ذهبنا لإحدى هذه المدارس، واسمها «الشمس»، وهى عبارة عن شقة سكنية كبيرة الحجم وبها عدد من الكراسي، وعدد من مكيفات الهواء، ومكتب تجلس عليه سكرتيرة، والغريب فى الأمر أن هذه المدرسة يدرس بها طلاب بالفعل.
ولاحظنا تواجد فرد أمن، على بوابة المبني، مهمته استلام الأوراق من أهالى الطلاب ومبلغ مالى ٥٠٠٠ جنيه، مقابل استلام الملف منهم وتسجيل الطالب بهذه المدرسة الوهمية.
وتحدثنا مع فرد الأمن، والذى كشف عن أن «الحوش» المجاور للمدرسة الوهمية يتم تأجيره من بعد الثالثة عصرا، وعندما أخبرناه أن لدينا طالبا حصل على مجموع قليل بالشهادة الإعدادية، أخبرنا أنه يمكننا دفع ٥٠٠٠ جنيه لقبوله بالمدرسة، مضيفا أنه يوجد بالمدرسة فصل واحد لأولى ثانوي.
ورصدت عدسة «البوابة» عدة مدارس أخرى تدار من داخل عمارات سكنية، وهى عبارة عن طابق فى عمارة، موضوع عليه لافتات ضخمة، مثل «مجمع مدارس القدس» فى منطقة كعبيش حى الطوابق بدائرة فيصل، بجوار الطريق الدائري، ومدرسة «الفضائل» بشارع الـ١٨ طريق ميدان الساعة بمنطقة الطالبية فيصل، علاوة على ٣ مدارس فى منطقة صفط اللبن.
أما فى منطقة كرداسة، فحدث ولا حرج عن إمبراطورية مدارس «سلومة» الوهمية، والعالم السرى للشهادت المضروبة، حيث يتم عقد صفقات مع مدرسة مرخصة تقوم بالاتفاق مع أى شخص يحتاج أن يتربح من التعليم الخاص.
وكل ما عليك هو تأجير دور فى عمارة أو فيللا قديمة فى المريوطية مثلا، وتعلق عليها لافتة باسم جذاب أو أجنبى لمدرسة لغات خاصة، وتقوم بتحصيل المصروفات والاستعانة بمدرسين، والأوراق والبيانات سيتم ختمها واعتمادها من مدرسة أخرى مرخصة، غير المدرسة التى يتعلم فيها ابنك.
آلاف مدرسة خاصة يدرس بها 203 آلاف طالب
طبقًا لإحصائية صادرة عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، يبلغ إجمالى عدد المدارس الخاصة ٧ آلاف و٣٨٥ مدرسة خاصة، ويوجد بها ٦٢ ألفا و٧٥٥ فصلا، ويدرس فى هذه المدارس ٢٠٣٢٦٧٩ طالبا وطالبة.
وفى نهاية ٢٠١٧ أعلنت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى، أن عدد المدارس الخاصة والدولية الموضوعة تحت إشراف الوزارة، والموجه لها إنذارات ٧٠ مدرسة على مستوى الجمهورية. وقالت الوزارة، إن سبب وضع تلك المدارس تحت الإشراف المالى والإدارى، هو ارتكابها مخالفات معينة، طبقًا للقرارات الوزارية، وتم وضعها تحت الإشراف المالى والإدارى للوزارة، وقالت الوزارة، إن المدرسة التى تقوم بإزالة المخالفة يتم رفعها من إشراف الوزارة، موضحة أنه تم تشكيل ٣ لجان تعمل على فحص ملفات تلك المدارس والمخالفات فيها.
ووفقا للمادة (٣) من تعديل قانون التعليم الخاص، الصادر فى القرار الوزارى ٤٢٠ لسنة ٢٠١٤، لا يجوز إنشاء المدرسة الخاصة أو تشغيلها أو التوسع فيها، إلا بترخيص سابق من مديرية التربية والتعليم المختصة، ووفقا للمادة (٤) من القانون نفسه، يجب أن يتوافر مبنى المدرسة الخاصة، ومرافقها، والشروط التى يوجبها قانون البناء الموحد من وجوب استخراج رخص البناء، وهو ما يتعارض تماما مع موقع ومكان المدارس الوهمية التى تتمركز وبكثافة فى مديرية تعليم الجيزة.
وينظم الفصل الثالث من قانون ٤٢٠ لسنة ٢٠١٤، الخطوات الملزمة لاستخراج تراخيص المدارس الخاصة والدولية فى المواد «٧ و٨ و٩ و١٠ و١١ و١٢ و١٣»، وعلى الرغم من أن المادة «١٤» تنص على أنه عند ثبوت قيام المدرسة بمخالفة تلك الالتزامات، فإنه يتعين على الوزارة والمحافظ إنذار المدرسة لإزالة المخالفة، مع منحها المدة الكافية التى تحدد لها فى الإنذار، بحسب نوع المخالفة، وإذا تمادت فى المخالفة، يتم وضعها تحت الإشراف المالى والإداري.
وعلى الرغم من أن قانون التعليم الخاص، يحظر افتتاح أو إنشاء مدارس خاصة ودولية قبل إصدار التراخيص، إلا أنه لا يعطى وزارة التربية والتعليم الحق المباشر فى غلق المدرسة أو الرقابة على مدرسة أنشئت دون تراخيص، فتقوم الوزارة بإصدار «قرار غلق إداري»، وإخطار الحى من أجل تنفيذه.
