الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة سبورت

الاستثمار في القوة الناعمة.. من برشلونة للقاهرة ومن "مو صلاح" إلى "نو كامب نو"

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
"أكثر من مجرد فريق" شعار يزين به فريق برشلونة الإسباني أحد أشهر -إن لم يكن أشهر- فريق كرة قدم في العالم مدرجات استاده الرياضي الضخم في الثغر الكتالوني.
شعار ظل يلاحق موفد وكالة أنباء الشرق الأوسط إلى برشلونة على ألسنة كل من التقى بهم من مواطني المدينة الجميلة خلال حضوره المنتدى الوزاري الإقليمي للاتحاد من أجل المتوسط الذي انعقد مؤخرا في هذه المدينة المتوسطية، وهو المنتدى الذي شهد تنصيب السفير المصري ناصر كامل أمينا عاما لهذه المنظمة التي تضم في عضويتها 44 دولة.
"أكثر من مجرد فريق"، وما يتداوله الإعلام والرأي العام الكروي العالمي بشأن احتمال انتقال اللاعب المصري العالمي محمد صلاح "مو صلاح" من صفوف ليفربول الإنجليزي إلى برشلونة الإسباني في الموسم المقبل كان دافعا كافيا لتنشيط الحس الصحفي والانتقال من مربع السياسة والدبلوماسية إلى مربع كرة القدم اللعبة الشعبية الأولى في العالم.
ولم يتأخر رد مسئولي الاتحاد من أجل المتوسط طويلا في الاستجابة لمطلب موفد وكالة أنباء الشرق الأوسط بزيارة معقل الفريق الكتالوني وهي الاستجابة التي عززها إدراكهم بانتمائه إلى مصر العربية التي أنجبت للعالم أيقونة كروية تتابعها أوروبا بأسرها كما تتابع مصر تألقها.
ورحب مسئول الأمانة العامة للاتحاد من أجل المتوسط بالزيارة قائلا: "إن شارعين فقط هما ما يفصلان بين مقر الإقامة ومعقل البارسا العتيد الذي يعرفه العالم باسم (كامب نو)، انطلقنا بعدها بدراجتين تحت المطر وصولا إلى (كامب نو)، حيث أعرب مرافقي عن أمله في انضمام محمد صلاح إلى برشلونة لينضم لميسي ورفاقه".
ويقول الموفد: ما قاله مرافقي زاد من شعوري بالفخر بوطني، فاسم مصر ورموزها البارزة بات يتردد صداه بقوة خارج مصر مثلما يدوي داخل حدودها من السياسة وصولا إلى الرياضة واستعاد ذهني على الفور كلمات الرئيس عبدالفتاح السيسي عندما طالب كافة أجهزة الدولة بتعزيز صورة مصر على الساحة الدولية والاستفادة من عناصر القوة الناعمة التي تتمتع بها من خلال الأنشطة الثقافية أو العلمية أو التاريخية التي يمكن أن تنظمها المؤسسات المصرية المختلفة وأيضا الكلمات التي وجهها الرئيس للاعب المصري محمد صلاح بعد حصوله على لقب أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي، حيث أعرب عن فخره بكل مصري يرفع اسم مصر عاليا وتأكيده في العديد من المناسبات على قدرات المصريين المبهرة في كل المجالات.
ويضيف: عند وصولنا إلى معقل البارسا الذي يقع في منطقة (ليس كورتس) ودخولنا من بوابة الضيوف رقم 9 لم أستغرق وقتا طويلا كي أدرك أن برشلونة هو بالفعل "أكثر من فريق"، وبدأت أتامل بعمق كيف يمكن لفريق كرة قدم أن يكون تجسيدا لهوية ومبعثا للحماس والوفاء والتفوق وفي الوقت نفسه رافدا من روافد الاستثمار وعنصرا للجذب السياحي.. كيف يمكن لفريق كرة قدم أن يكون بحق القوة الناعمة؟!.
ويتابع الموفد: في كل خطوة كنت أخطوها تمنيت أن تحذو حذوه أندية مصر الرياضية الكبرى من الأهلي والزمالك والإسماعيلي والاتحاد والمصري وغيرها من الأندية ذات الإرث التاريخي المتميز من حيث البطولات والشعبية الجارفة، وأن يكون بزوغ نجم محمد صلاح انطلاقة حقيقية تمتد معه قوة مصر الناعمة التي تجد لنفسها كل يوم منذ وصول الرئيس السيسي إلى السلطة موطأ قدم جديد يتخطى حدود الإقليمية إلى العالمية.. قوة مصر الناعمة التي لا يألو الرئيس جهدا نحو استعادتها لتعيد لمصر مكانة تستحقها بين دول العالم.
وأردف قائلا: تجربة "البارسا" بكل المقاييس تجربة تستحق الاستفادة منها بكل الجوانب.. معقل البارسا في برشلونة بالفعل ليس مجرد استاد يحمل اسم "كامب نو" تصدره إسبانيا للعالم كعلامة للجودة الرياضية.. فمجمع "كامب نو" الرياضي العملاق كان مكتظا بآلاف السياح من عشاق كرة القدم وما أكثرهم الذين يتقاطرون عليه يوميا ويحملون معهم مورد دخل إضافيا لإسبانيا ويخرجون منه بانطباع إيجابي عن هذه الدولة وقدرة شعبها على التفوق في ميدان يتنافس فيه الكبار. 
وتابع: من متاجر ضخمة تمتلئ ببضائع تحمل شعارات فريق برشلونة وصور نجومه إلى متحف عملاق يضم كل تراث هذا الفريق بنجومه على مر التاريخ إلى هدايا تذكارية يتم تقديمها للأطفال الأسبان والأجانب، يترسخ معها عشقهم للفريق الكتالوني وصولا إلى السماح للزائرين الدخول للاستاد وأرضية الملعب وغرف اللاعبين والتقاط الصور التذكارية إلى جانب خطة لبناء "مدفن" ضخم يضم رفات مشجعي النادي الذين يرغبون في أن يتم دفنهم بالقرب من مباريات ناديهم وذلك بتوفير مساحة لمقابر أسفل الملعب بعد تطويره يُطلق عليها "ميموريال سبايس إف سي برشلونة في منظومة متكاملة تضافرت فيها كافة عناصر القوة الناعمة بوجهها الرياضي.
ويبدو أن المرشد (السياحي الرياضي) الذي كان يصطحبني خلال الجولة أراد أن يعطيني هدية مختلفة عندما أدرك طبيعة هويتي الصحفية وهويتي الوطنية المصرية فكشف لي عن تفاصيل تتعلق بانتهاء عصر "كامب نو" بالكتالونية أو الملعب الجديد وبداية عصر "نو كامب نو"، مؤكدا أن الاستاد التاريخي سيتم استبداله كليا باستاد عصري جديد أضخم يحمل هذا الاسم. 
وأوضح المرشد المرافق أن الاستاد الجديد سيقام على نفس موقع الاستاد القديم - الذي اقترن اسمه بإنجازات "البلوجران"- دون إزالته أو توقف إقامة المباريات فيه طوال فترة البناء التي ستنتهى في غضون فترة لا تتعدى أربعة أعوام بتكلفة تناهز 600 مليون يورو حرصا من قيادة النادي ومن برشلونة على الاحتفاظ بالهوية والأصالة في وقت يتم الانتقال فيه إلى مرحلة جديدة من التحديث والمعاصرة.
"افتتح الملعب -الذي يعد الملعب الرئيسي لنادى برشلونة- في 24 ديسمبر 1957 بعد 3 سنوات من عمليات البناء التي بدأت في مارس 1954..ويتسع الملعب لحضور حوالي 99،354 ألف متفرج مما يجعله أكبر ملعب لكرة القدم في أوروبا"، كلمات رددها المرشد المرافق الشاب بينما أقف منبهرا أمام هذا الصرح الرياضي العملاق الذي قام بتأسيس البناء له فرانسيس فميتجانس ميرو وجوزيف سوتيرنس مورى بالتعاون مع لورنزو جارسيا باربون.
وقدرت تكلفة المشروع وقتها بنحو 288 مليون بيزيتا (عملة إسبانيا قبل اليورو) وكانت سعة المتفرجين وقت الافتتاح تقدر بــ 73،054 شخصا على الرغم من أن العمل في الملعب كان لم يكتمل بعد قبل أن تتم عدة تجديدات وتحسينات منذ عام 1957 أهمها الكشف على نظام الإضاءة في عام 1959، فضلا عن إضافة المدرج اللوحة الإلكترونية وغرفة الصحافة، وتم تمديد بنية أدنى مستوى له في عام 1994، والتي تضمنت خفض مستوى أرضية الملعب. 
وأضاف المرشد أنه كان من المتوقع أن يتخذ اسم "استاد نادي برشلونة" لكنه أطلق عليه اسم "كامب نو" (الذي يعني الملعب الجديد باللغة الكتالونية) لتمييزه عن ملعب لاس كورتس القديم، وابتداء من موسم 2000/ 2001، بعد تصويت بريدي شارك فيه أعضاء النادي، تم اعتماد "كامب نو" اسمًا رسميًا للملعب الجديد حيث فاز هذا الخيار بنسبة 68.25% من الأصوات، وفي عام 2007 تم تجديد هيكل الملعب من جانب المهندس المعماري البريطاني نورمان فوستر وشركته، وشملت هذه الخطة 10،000 مقعد إضافي بتكلفة تقديرية تبلغ 250 مليون يورو.
ومتحف مبهر يضمه بين جنباته هذا المجمع الرياضي الأكبر في أوروبا، يتواجد في مستوى المدرج الثاني لملعب كامب نو وترجع فكرته لخوان جامبر، والتي طرحها في عام 1920 لكن تم تنفيذها في 1980 في عهد الرئيس لويس نونيز، وافتتح في عام 1984 قبل أن تجرى له توسعات ليصل إلى 3500 متر مربع، فالمتحف شاهد على تاريخ البارسا وإنجازاته والجوائز التي حصل عليها والملابس الرياضية للاعبين منذ إنشاء النادي والأحداث الرياضية الهامة التي احتضنها "كامب نو" وأبرزها استضافة المباراة الافتتاحية في بطولة كأس العالم 1982 التي أقيمت في إسبانيا وعدد من مباريات البطولة بالإضافة إلى حفلي افتتاح وختام دورة الألعاب الأوليمبية التي أقيمت ببرشلونة عام 1992، وعدد من نهائيات بطولات الأندية الأوروبية.
لم يكن المتحف بتصميمه التفاعلي فقط هو مصدر الانبهار الوحيد فالمجمع الرياضي -الذي يجذب ملايين السائحين سنويا- يضم مركزا للأبحاث والدراسات وقاعة ضخمة للمؤتمرات الصحفية ومنصة للصحافة. 
ومع انتهاء الجولة وبينما كنت أودع مرافقي و"كامب نو" باغتني بالسؤال متى ستعود إلى مصر؟ فأجبته بعد يومين فاستطرد متسائلا والابتسامة تعلو وجهه ستعود إلى مصر بعد يومين لكن متى سيأتي "مو صلاح" إلى برشلونة؟ لم أجد إجابة على سؤاله فالإجابة فقط لدى مو صلاح ومسئولي ليفربول وبرشلونة، فاكتفيت بالرد بابتسامة مماثلة لننتظر لنرى.
وإذا كان علينا مثل جماهير ليفربول وبرشلونة أن ننتظر لنرى ما إذا كان صلاح سينضم إلى البارسا أم سيكمل مسيرته مع ليفربول؟ فلعلنا قد لا ننتظر طويلا حتى نرى في مصر فريقا لكرة القدم يكون بالفعل "أكثر من مجرد فريق"، ونرى أطفالنا وعشاق الساحرة المستديرة مثلما نرى آلاف السياح يتقاطرون لزيارة "كامب نو" ولكن في مصر.