الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

مأساة «روميل»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يوما ما كان رحيل القائد الفذ «روميل»، وفى مثل هذا اليوم مأساة لا يعرفها البعض، فقط كلام سماعى، ممكن شوية فى ذكرى وفاته، حتى يعرف من يعيشون.
الاسم عند الولادة: إرفين يوهانس أيوجين روميل.
الميلاد: ١٥ نوفمبر ١٨٩١.
الوفاة: ١٤ أكتوبر ١٩٤٤ (٥٢ سنة).
سبب الوفاة: تسمم بالسيانيد، وليت بعضهم الآن يتناوله ويروح فى داهية
الشهرة: ثعلب الصحراء.
الرتبة: مشير، بجد الجد.
تلك مأساة بحق لواحد من عباقرة الفكر العسكرى، شاء قدره أن يكون ضمن منظومة لا تعترف إلا بالولاء، وهو لم يكن كذلك، تعالوا معنا فى فسحة التاريخ، الذى كرمه بشاطئ من أجمل شواطئ مطروح.
تقول «الموسوعة الحرة»، إن روميل عمل كملازم وحارب فى فرنسا ورومانيا وإيطاليا، وأصيب ثلاث مرات وحصل على وسام «الصليب الحديدى» من الدرجة الثانية. وفضّل روميل أن يبقى كقائد ميدانى فى ساحة المعركة على منصب أركان حرب. 
أخذ روميل يستخدم خبرته العسكرية ليُدرس أنواعا جديدة من الخطط والتفكير العسكرى فى كتابه «هجوم المشاة» الذى عرض عام ١٩٣٧. 
فى عام ١٩٣٨ تمت ترقية روميل إلى رئيس الضباط فى مدرسة «وينر نيو ستادت» بالقرب من فيينا. 
مع بداية الحرب العالمية الثانية رقٌى روميل إلى قائد قوة حراسة هتلر الشخصية، وشارك فى عام ١٩٣٩ فى الغزو النازى لبولندا. وفى عام ١٩٤٠ تولى روميل منصب قائد التشكيل السابع، وشارك فى غزو فرنسا وبلجيكا.
فى عام ١٩٤١، تم تكليف روميل بدعم القوات الإيطالية فى شمال أفريقيا، حيث حقق روميل أقوى وأعظم انتصاراته، ووصلت أنباء انتصارات روميل إلى هتلر فى ألمانيا، فأمر بترقيته إلى رتبة «مشير».
بوعى العسكرى المحترف أراد روميل سحب الجيش الألمانى من شمال أفريقيا لأنهم لن يستطيعوا أن يواجهوا صيف صحراء شمال أفريقيا، ولكن هتلر رفض طلب روميل، بل وأمر هتلر بأن يهاجم الجيش الألمانى العاصمة المصرية القاهرة وقناة السويس، وبالفعل بدأ الجيش الألمانى بالاتجاه نحو الإسكندرية.
كان روميل قد حقق بعض الانتصارات فى مصر، ولكن هذه الانتصارات كانت هى السبب فى نقص السلاح فى القوات الألمانية. 
وخسر روميل معركة «العلمين الثانية» فى مصر على يد الجنرال الإنجليزى «مونتجمرى» قائد الجيش الثامن البريطانى (فئران الصحراء) فى أكتوبر ١٩٤٢، ليس لعدم كفاءته أو لكفاءة خصمه، بل لعدم توفر دعم جوى لديه، وكذلك نقص حاد فى المحروقات بينما كان خصمه يتمتع بتفوق جوى مطلق ونسبة قواته تعادل ١:٣ وقد اختلقت الدعاية البريطانية أسطورة مونتجمرى (مونتى) لتعزيز معنويات جنودها المهزوزة، ويبقى (مونتى) القائد الحذر الضعيف المعتمد على الإمدادات محافظا على سمعته فقط، وقد كان مثل الموظف يفعل ما تأتى به الأوامر.
فى ٣ مارس عام ١٩٤٣ قاد إرفين روميل القوات الألمانية فى معركة «مدنين» بالجنوب التونسى، والتى كانت آخر معاركه فى شمال أفريقيا، وهى المنطقة التى شهدت أمجاده العسكرية عندما أحدث انقلابا فى الفكر العسكرى بمناورات شديدة الإبداع أدت إلى تحقيق انتصارات كبيرة على القوات البريطانية وإجبارها على التراجع من مدينة طبرق فى ليبيا إلى مصر، حتى منطقة العلمين شمال غرب مصر.
فجأة أمر هتلر بإعادته إلى ألمانيا، خاصة وقد ترددت أنباء عن انتقادات روميل لقيادة هتلر. 
فى يوليو عام ١٩٤٤ وقبل إنزال «نورماندى» بفترة وجيزة، تعرضت سيارة روميل إلى هجوم جوى أثناء إحدى غارات الحلفاء، لكن روميل استطاع أن يهرب مع بعض الإصابات فى رأسه. 
تم علاج روميل فى المستشفى وشُفى من جراحه، ثم تولى روميل مهمة الدفاع عن الشاطئ الفرنسى ضد هجوم محتمل من قبل قوات الحلفاء. 
أمر روميل بألا يحصل العدو على أى من المناطق المهمة على الشاطئ، وأمر بتحصينها جيدا وآمن روميل بأن الخط الثانى يجب أن يكون فى وضع مساندة القوات التى تدافع عن الشاطئ. أكد روميل حينها بأن اليوم الأول من المعركة هو الذى سيحدد نتيجة المعركة بأكملها إن لم يهزم العدو وينسحب إلى الشاطئ، لكن لم تأخذ القيادة العسكرية بكلامة على محمل الجد.
بعد عودته إلى ألمانيا ألقى القبض عليه بتهمة التآمر على حياة هتلر، بعد أن ثبت ضلوعه فى محاولة اغتياله فى مقر قيادته فى بروسيا الشرقية فى ٢٠ يوليو ١٩٤٤، حيث خيره الزعيم النازى بين تناول السم والموت منتحرا والإعلان عن وفاته متأثرا بجراحه ليحتفظ بشرفه العسكرى، أو يقدم إلى محكمة الشعب بتهمة الخيانة، فاختار الأولى وانتحر فى الرابع عشر من أكتوبر عام ١٩٤٤ بابتلاع حبة سيانيد سامة. 
وكان قد أخبر زوجته وابنه بهذا الأمر، وتم دفنه ضمن مراسم عسكرية فى غاية الأهمية محتفظا بجميع رتبه وأوسمته ضمن أعلى المراتب من الشرف العسكرى.
وتم الترويج فى حينه أنه قضى نحبه بجلطة قلبية، ولم يعرف السبب إلا بعد هزيمة ألمانيا وموت هتلر.
هكذا نصيب العباقرة فى التاريخ غير المكتوب، ولكن شعب مصر لا يزال يتذكر مظاهراته والشعار الشهير «إلى الأمام يا روميل» بينما كان روميل يعيش مأساة لم يعرفها البشر، وليت بعضا من القادة يتعظ ويتناول حبة ساينيد.