الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

رئيس مكتب "الأونروا" بالقاهرة: مصر ساهمت في جلب 100 مليون دولار للوكالة خلال مؤتمر روما.. مدينون للمسئولين بخالص الامتنان لدعمهم المتواصل.. 4 دول خليجية ساهمت في سد الفجوة التمويلية

الدكتورة سحر الجبوري
الدكتورة سحر الجبوري رئيس مكتب الأونروا ومحرر البوابة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين» أو «الأونروا».. تواجه منذ سنوات حملة ممنهجة لتصفيتها وغلق ملف اللاجئين الفلسطينين، حيث تتعرض الوكالة الأممية لأكبر ضغوط سياسية على الإطلاق منذ إنشائها، وذلك عن طريق تخفيض وقطع المساهمات المالية من قبل أكبر الدول الممولة لها، خاصة بعد أن أوقفت الولايات المتحدة الدعم كليا عن المنظمة من أجل فرض ما يسميه الرئيس الأمريكى دونالد ترامب «صفقة القرن» على الشعب الفلسطينى بالقوة.
والاونروا منظمة دولية أنشأتها الأمم المتحدة بموجب قرار الجمعية العامة رقم ٣٠٢ الذى صدر فى شهر ديسمبر من عام ١٩٤٩، بهدف تقديم خدمات إنسانية أساسية عقب تهجير ٨٠٠ ألف فلسطينى أثناء نكبة ١٩٤٨، وأصبح ينظر إليها فلسطينيًا على أنها الشاهد الأبرز على معاناة الشعب الفلسطينى والمواكب لمختلف مراحل تشريده وافتقاره أبسط مقومات الحياة، نتيجة للتهجير وفقدان الممتلكات، من بيوت ومتاع وانعدام فرص العمل ومصادر الرزق.
ورغم أن كثيرا من السياسيين يرون أن البيئة العامة التى أحاطت بإنشاء هذه المنظمة الإنسانية كانت سياسية بالدرجة الأولى، إلا أن أهمية ما قدمته الوكالة عبر العقود من خدمات، ضمن ظروف مستعصية، لا يمكن القفز عنها.
الدكتورة «سحر الجبوري» رئيس مكتب «الأونروا» فى القاهرة، كشفت فى حوارها لـ«البوابة نيوز» العديد من التفاصيل حول الأزمة العاصفة التى تمر بها الوكالة الأممية حاليا، وأيضا قدمت الكثير من الأجوبة لأسئلة عديدة منها ما يتعلق بعدد اللاجئين الفلسطينيين فى مصر والخدمات التى استطاعت القاهرة أن تقدمها للوكالة، خلال فترة رئاستها.

■ كم عدد اللاجئين الفلسطينيين فى مصر ممن يحصلون على مساعدات من الأونروا، خاصة أن الوكالة تتوقف أعمالها عند دول مثل لبنان وسوريا والأردن وفلسطين؟
- "برغم عدم وجود احصائية دقيقة، الا أن التقديرات تشير الى وجود ما بين ٥٠٠٠٠ و١٠٠٠٠٠ فلسطيني في مصر، بمن فيهم اللاجئين الفلسطينيين الذين جاءوا مصر هربا من الحرب في سوريا والتي تدور رحاها لما يقرب من ثمانية اعوام.
و"بحسب التفويض الممنوح لوكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) من الجمعية العامة للأمم المتحدة، تقدم الوكالة الخدمات الأساسية للاجئين فى غزة والضفة الغربية (بما فيها القدس الشرقية) والأردن وسوريا ولبنان، وبما أن مصر ليست ضمن مناطق العمليات الخمس للأونروا، فإن مكتبها فى القاهرة هو مكتب ارتباط ولا يقدّم خدمات مباشرة للاجئى فلسطين، وبالتالى لا تقدّم الأونروا أموالًا لأى لاجئ فلسطيني.
■ ما دوركم من القاهرة.. وهل اختلف عمل الوكالة بعد ترؤس مصر لها؟
- مكتبنا فى القاهرة مسئول عن التواصل مع الحكومة المصرية وجامعة الدول العربية والسلك الدبلوماسى ومنظمات المجتمع المدنى والقطاع الخاص والعمل على إبراز دور الوكالة وما تقدّمه من خدمات جليلة للاجئين الفلسطينيين فى مناطق العمليات الخمس المذكورة، فضلا عن المساهمة فى حشد الأموال للوكالة.
كما ترأست مصر اللجنة الاستشارية للوكالة خلال الفترة يوليو ٢٠١٧ وحتى يونيو ٢٠١٨. وخلال فترة ترأسها قدّمت دعمًا سياسيًا ملموسًا للوكالة، نذكر منه مشاركتها مع الأردن والسويد فى رئاسة المؤتمر الوزارى الذى عقد فى روما فى ١٥ مارس، والذى نجح فى حشد تعهدات إضافية للأونروا بلغت قيمتها ١٠٠ مليون دولار من المانحين، كما كان لمصر موقف واضح فى الجلسة الاستثنائية عن الأونروا التى سبقت اجتماع وزراء الخارجية العرب، حيث دعا الوزير سامح شكرى وزير الخارجية إلى وضع خطة عمل لضمان استدامة تمويل الوكالة، ناهيك عن الدعم السياسى القوى الذى أبدته مصر فى الاجتماع الوزارى الذى عقد فى ٢٧ سبتمبر على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة والذى نجح فى حشد ١٢٢ مليون دولار. ونحن مدينون لمصر بخالص الامتنان على هذا الدعم.

■ كانت هناك اتهامات للمنظمة بالفساد المالى.. ما آخر التطورات فى هذا الملف؟
- هذه الاتهامات باطلة وقد رفضناها جملة وتفصيلا، فالدول المتبرعة للأونروا ولجان التدقيق المالى التابعة لها، بالإضافة للجنة التدقيق المركزية التابعة لأمم المتحدة تقيم سنويًا أداء الأونروا فيما يتعلق بالصرف وأوجه الصرف والكفاءة والشفافية المالية، حيث تعتبر الأونروا من أكثر مؤسسات الأمم المتحدة كفاءة وتميزا فى هذا الإطار.
■ بعد قرار الولايات المتحدة بوقف التمويل كليا.. ما حجم العجز وكيف تحركتم لسده؟
- فى عام ٢٠١٧، تبرعت الولايات الأمريكية المتحدة للأونروا بمبلغ ٣٦٠ مليون دولار وكان من المتوقع أن نتسلم نفس هذا القدر عام ٢٠١٨، إلا أنه فى بداية العام، حجبت الولايات المتحدة مبلغ ٣٠٠ مليون ولم نتسلم سوى ٦٠ مليون دولار، ونتيجة تراكم هذا المبلغ على عجز سابق قيمته ١٤٦ مليون دولار، بلغت قيمة العجز الكلى فى بداية العام ٤٥٦ مليون دولار، وفى الحال اتخذت الوكالة تدابير تقشفية صارمة وعملنا بلا كلل بحثًا عن تحالفات ومسارات تمويلية جديدة من خلال التواصل مع الدول الأعضاء والمؤسسات الدولية والإقليمية كجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامى والصناديق الائتمانية والمؤسسات والجمعيات الخيرية والقطاع الخاص والأفراد. كما أطلقنا حملة عالمية طموحة لحشد التبرعات بعنوان #الكرامة-لا-تقدر-بثمن، ليتسنى لنا مواصلة فتح مدارسنا وعياداتنا للاجئى فلسطين. وبعد انفضاض المؤتمر الوزارى على هامش اجتماعات الجمعية العامة الأسبوع الماضى حيث حصلت الأونروا على تعهدات جديدة بقيمة ١٢٢ مليون دولار، تمكنا من خفض هذا العجز حتى بلغ فى يومنا هذا ٦٤ مليون دولار.
■ ما نسبة ما تقدمه الدول العربية من إجمالى دعم المنظمة، وهل كل الدعم المقدم مادى فقط؟
- تميّزت المساهمة العربية هذا العام بشكل خاص لحجمها وعجالتها. فقد قامت أربع دول خليجية بالمساهمة بمبلغ ٥٠ مليون دولار من كل دولة، لسد الفجوة التمويلية فى ميزانية الأونروا، وانتهز الفرصة هنا لنعرب لهم جميعا، حكومة وشعبًا، عن جزيل الشكر وغاية الامتنان على وقفتهم مع اللاجئين الفلسطينيين.
كما أن الدول العربية (المضيفة والمتبرعة) تساهم مساهمة جادة فى دعم خدمات الأونروا خصوصا خدمات الطوارئ فى سوريا والأراضى الفلسطينية المحتلة كما تساهم بشكل كبير فى دعم المشاريع الكبيرة والمكلِّفة كإعادة بناء المنازل والمنشآت التى هدمت خلال الاعتداءات المتكررة على قطاع غزة وهى بعشرات الآلاف، وكذلك إعادة بناء مخيم نهر البارد فى لبنان والذى كان قد دمر عن بكرة أبيه.

■وما دوافع أمريكا وراء قرارها بوقف الدعم؟
- الأونروا تمر بأزمة وجودية لا مثيل لها نتيجة للقرار الأمريكى بإنهاء كل الدعم المالى للوكالة. ونعتقد أن هذا القرار هو قرار سياسى بامتياز ويرتبط بالتوتر بين الولايات المتحدة والقيادة الفلسطينية فى أعقاب الإعلان الأمريكى بشأن القدس- ولا يمت بصلة من قريب أو بعيد إلى طريقة إدارة الوكالة أو برزمة الإصلاحات التى تجريها. ونحن نأسف لهذا التسييس الواضح للمساعدات الإنسانية.
■ إسرائيل اتهمت المنظمة بمساعدة المقاومة الفلسطينية وتوفير غطاء سياسى لها، هل هذا صحيح؟
- لقد أثبتنا بالدليل القاطع أن كل اتهام من هذه الاتهامات غير صحيح وباطل. فسياستنا واضحة وصارمة وهى عدم السماح للعاملين فى الأونروا بالمشاركة فى أى نشاط سياسى، لأننا وكالة خدمات إنسانية ومَن يثبت مخالفته لهذه التعليمات لا نسمح له بمواصلة العمل معنا، وهذا ليس معناه أننا نحجر على رأى العاملين معنا فكل شخص حرّ فى قناعاته العامة.
■ ما تقييمكم للدور الأوروبى فى دعم الوكالة وما أكثر الدول المانحة؟
- منذ العام ١٩٧١ تربط الاتحاد الأوروبى بالأونروا شراكة استراتيجية تحكمها أهداف مشتركة فى دعم حصول لاجئى فلسطين على التنمية البشرية والاحتياجات الإنسانية والحماية وكذلك الترويج للسلام والاستقرار فى الشرق الأوسط. ويُعدّ الاتحاد الأوروبى اليوم أكبر جهة متعددة الأطراف مانحة للمساعدات الدولية للاجئى فلسطين، حيث إن هذا الدعم الذى يمكن الاعتماد والتعويل عليه يمكن الوكالة من تقديم الخدمات الأساسية لأكثر من ٥ ملايين لاجئ فلسطينى فى الأردن وسوريا ولبنان والضفة الغربية وغزة، وتشمل هذه الخدمات التعليم الجيد بما يوافق نحو ٥٢٦٠٠٠ فتى وفتاة وخدمات الصحة الأولية لأكثر من ٣.٥ مليون مريض. أضف إلى ذلك، أن الاتحاد الأوروبى بأعضائه مجتمعين يُعدّ من بين أكبر مموّلى ميزانية الوكالة للمناشدات الإنسانية الطارئة وللمشاريع التى تتصدّى للأزمات المتعددة وتلبى الاحتياجات الخاصة فى المنطقة.
وأكثر دول أوروبية مانحة للأونروا هى السويد والمملكة المتحدة وألمانيا والنرويج.
■ هل حصلتم على تعهدات من الدول المانحة بزيادة الدعم أو على الأقل استمراره؟
- فى ٢٧ سبتمبر استضاف وزراء خارجية الأردن والسويد واليابان وألمانيا وتركيا التى تترأس حاليا اللجنة الاستشارية للأونروا، إلى جانب الممثل السامى للاتحاد الأوروبى ونائب رئيسه الاتحاد، اجتماعًا وزاريًا فى نيويورك بهدف حشد الدعم المالى والسياسى لصالح الأونروا. وأفضى هذا الاجتماع إلى جمع تبرعات مميزة بلغت ١٢٢ مليون دولار، حيث أعلنت الكويت والاتحاد الأوروبى وألمانيا والنرويج وفرنسا وبلجيكا وأيرلندا عن تعهدات تمويلية إضافية، وشكّل هذا الاجتماع خطوة حاسمة فى الجهود الموجهة للتغلب على العجز المالى المتبقى لدى الوكالة وتخفيضه من ١٨٦ مليون دولار ليبلغ ٦٤ مليون دولار بغرض الحفاظ على عمليات الأونروا فى الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وفى غزة والأردن ولبنان وسوريا.

■ ما خطط المنظمة المستقبلية للتغلب على هذا العجز؟
- اتخذت الوكالة تدابير تقشفية حاولت قدر الإمكان ألا تطال كثيرا خدمات الطوارئ التى تقدمها فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، إلا أنها اضطرت إلى عدم تجديد عقود ١١٦ موظفا فى غزة و١٥٤ موظفا فى الضفة الغربية حال انتهائها، و١١٣ وظيفة ممولة من موازنة الطوارئ. إضافة إلى ذلك، تقوم الوكالة بتنويع مصادر الدخل. وقد نجحنا فى توفير أكثر ٣٥٠ مليون دولار من إجمالى عجز بلغ ٤٥٦ مليون دولار بداية هذا العام، يشمل ٣٠٠ مليون حصة الولايات المتحدة، و١٤٦ مليون دولار عجزا عاما فى التمويل، لذلك يتبقى قرابة ٦٤ مليون دولار نحتاجها لمواصلة عملنا. وندعو من هنا كل الدول المانحة إلى المحافظة على معدلات التبرعات خلال عام ٢٠١٩ وزيادتها، وذلك لأننا سنبدأ بعجز كبير بعد إعلان أمريكا وقف ٣٦٥ مليون دولار فى العام المقبل، ولأن احتياجات اللاجئين ستزداد بزيادة أعدادهم.
■ ما دور المنظمات الإسلامية الكبرى فى دعم الأونروا خاصة الأزهر؟
- تمد المنظمات الإسلامية الكبرى، ومنها الأزهر الشريف، يد العون من خلال حشد التبرعات والصدقات وأموال الزكاة وكذلك إرسال القوافل الطبية وغيرها للاجئى فلسطين. وفى هذا الصدد، أصدر الأزهر الشريف، وهو صاحب المواقف المشرفة فى نصرة الضعفاء والمحتاجين، فتوى تجيز تلقى الأونروا للزكاة نيابة عن لاجئى فلسطين المستضعفين من أرامل ويتامى وأطفال، وبدورنا وضعنا جميع الآليات لضمان إنفاق أموال الزكاة وفقًا للقواعد. كما أن منظمة التعاون الإسلامى أعلنت خلال مؤتمرها فوق العادى السابع الذى عقد فى إسطنبول فى شهر مايو عن تأسيس «صندوق وقفى تنموي» من أجل الوكالة والذى يمثل معلما مهما فى سياق الجهود العالمية الرامية إلى المحافظة على الخدمات الحيوية للأونروا»، ونحن إذ نتقدم بالشكر لكل من وقف مع لاجئى فلسطين والوكالة فى هذا المنعطف الخطير نتطلع إلى وقوف الشعوب العربية والإسلامية مع إخوانهم لاجئى فلسطين خصوصا فى غزة.
■ ما دور الجامعة العربية فى دعم الوكالة؟
- منذ نشأة الوكالة قبل نحو ٧٠ عاما وجامعة الدول العربية والدول الأعضاء فيها تساهم ماديا ومعنويا باعتبارهم شركاء هامّين للوكالة على مدى العقود الماضية، فضلا عما يبدونه من دعم سياسى قوي، وقد لعبت جامعة الدول العربية دورا كبيرا هذا العام فى حشد الدعم السياسى وحتى التمويلى من خلال محافلها السياسية، وأثمن هنا الدور القيادى المتفرد للأمين العام لجامعة الدول العربية الذى لا يكل ولا يمل فى حشد الدعم للوكالة. وآخر هذه الجهود داخل أروقة الجامعة وبطلب من الأردن صاحب المواقف الاستثنائية الداعمة للوكالة، هو عقد جلسة استثنائية عن الوكالة بهدف حثّ الدول العربية على أن يكون تبرعها لصالح الوكالة دوريا وسنويا.
كل اتهامات الفساد بحق الوكالة باطلة وهناك لجنة تدقيق مركزية تابعة للأمم المتحدة تقيم الأداء سنويًا.