الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

فرج فودة.. شهيد التنوير

فرج فوده
فرج فوده
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يعد الكاتب والمفكر المصرى نصر حامد أبو زيد الذى تم اغتياله بسبب أفكاره التنويرية، شهيد التنوير، ولد فى ٢٠ أغسطس ١٩٤٥ ببلدة الزرقا بمحافظة دمياط، حاصل على ماجستير العلوم الزراعية ودكتوراه الفلسفة فى الاقتصاد الزراعى من جامعة عين شمس، تم اغتياله على يد الجماعة الإسلامية فى ٨ يونيو ١٩٩٢ فى القاهرة، حيث أثارت كتاباته جدلا واسعا بين المثقفين والمفكرين ورجال الدين، واختلفت حولها الآراء وتضاربت فقد طالب بفصل الدين عن السياسة والدولة وليس عن المجتمع.
أيد «فودة» إعادة السادات للحياة الحزبية عام ١٩٧٨، وفى نفس الوقت حمل السادات المسئولية عن نمو التيارات الدينية، إذ أكد فى أكثر من مرة أن الجماعات الإسلامية فى الجامعات، قد تكونت على يد مباحث أمن الدولة، لمواجهة الناصريين واليساريين وبتوجيه من السادات، واعتبر أن اكتساحها للانتخابات الطلابية فى نهاية حياته، بعد أن فقد السيطرة عليها، كان كابوسا يؤرق منامه.
كما تقبل فودة تضمن دستور ١٩٧١ ضمن نصوصه، لأول مرة، «أن مبادئ الشريعة الإسلامية مصدر رئيسى للتشريع»، بدعوى أن أغلب القوانين المدنية مستقاة من أحكام الشريعة الإسلامية، لكنه عارض السادات عند تعديل المادة السابقة بالنص على أن الشريعة الإسلامية هى «المصدر» الرئيسى للتشريع، بإضافة حرفى الألف واللام، وطرحها ضمن استفتاء عام قبل وفاته فى عام ١٩٨١، ضمن مجموعة من البنود، والتى على الناخب أن يجيب عليها جملة واحدة بالإيجاب أو النفي، حيث اعتبر فرج فودة إضافة هذه المادة تمهيدًا لقيام الدولة الدينية، المقوضة بالضرورة للدولة المدنية.
ويعد فرج فودة واحدًا من المفكرين القليلين الذين أيدوا استعادة السادات لسيناء عن طريق معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية فى حين اعتقد فودة أن حرب ٦ أكتوبر ١٩٧٣ لم تعالج بصورة عقلانية تسمح بإدراك أهم دروسها، بل صبت المعالجة فى صالح التفكير غير العقلانى، حيث يقول فى كتابه قبل السقوط: «إن أحدا ما لم ينتبه حين اندفعت الأقلام بعد حرب ١٩٧٣، مصورة ما حدث وكأنه انتصار أتى من السماء على مؤمنين صادقين. هتفوا بأن الله أكبر، فأمدهم الله بجنده، وأعزهم بنصره، بل وأقسم البعض بأنه رأى الملائكة محاربين معه فى الصفوف، ونسى المروجون لهذه القصص، أن الإسلام الحقيقى يتمثل فيما فعله المصريون خلال سنوات ما قبل الحرب، من تعلم وتدريب واستعداد بأحدث العلوم، وأساليب العصر وأنه لو كان الأمر صيحة أو بركة تحل، لهان الأمر، لكنه تيار دعائى ساد، ولم يواجهه أحد، فأصبح مؤشرا حقيقيا وخطيرا لتراجع العقل أمام المزايدة، والعمل أمام الغيبيات».
لم تكن معارك فرج فودة فى مواجهة النظام وحسب، بل كانت فى مواجهة تيار كامل استطاع أن يتغلغل داخل الحياة الحزبية، فقد خاض فودة معركة داخل حزب الوفد الجديد لمنع تحالف الحزب مع الإخوان المسلمين فى الانتخابات البرلمانية فى عام ١٩٨٤.
أورد فرج فودة أفكاره السياسية خلال هذا الصراع فى كتابه الأول «الوفد والمستقبل» (١٩٨٣)، وفشل فى منع ذلك التحالف، والذى قاده داخل الحزب الشيخ صلاح أبو إسماعيل (١٩٢٧-١٩٩٠)، ونجح بفضله الوفد فى الحصول على ٥٨ مقعدا (١٥٪ من مجلس الشعب)، واستقال فرج فودة من الحزب فى ٢٦ يناير ١٩٨٤.
رأى فرج فودة انتصار التحالف الإسلامى ونجاح الإخوان المسلمين خطرا حقيقيًا على الدولة، وأشار إلى أن التيار الإسلامى قد تعلم من خطئه فى انتخابات ١٩٨٤ التى خاضها تياره التقليدى (الإخوان) الساعى فى رأيه إلى «تحقيق الإرهاب بالشرعية» بدون تأييد تياره الثورى (جماعات الإرهاب المسلح) الساعى إلى «ضرب الشرعية بالإرهاب»، ليتوحد التياران فى انتخابات ١٩٨٧، «فإن أشهر أمراء الجماعات فى المنيا قد رشح نفسه على قائمة التحالف ودافع عن شعاراته وراياته، وأصبح عضوا فى المجلس بالفعل، وزامل فى عضويته أعضاء آخرين، كانوا أمراء للجماعات الإسلامية وقت أن كانوا طلابا، وأصبحوا ممثلين لهذا التيار فى نقاباتهم المهنية».
ويزعم فودة أن الحملة الانتخابية للتحالف تم تمويلها عن طريق بيوت توظيف الأموال الإسلامية والتى تمثل ما أسماه فرج فودة باسم «التيار التروي».
وينتمى فكر فرج فودة إلى ما يسميه بالعصر الثانى للتنوير المصري، والذى يتميز عن عصر رواد التنوير مثل الطهطاوى وعلى مبارك وأحمد لطفى السيد وسعد زغلول وقاسم أمين وطه حسين وعلى عبدالرازق وأحمد أمين فى نشوئه فى بيئة أكثر عداءً وعنفًا، وإلى جرأته فى معالجة الكثير من القضايا التى تحاشاها جيل الرواد، حيث اعتبر فرج فودة أن الاتجاهات الإسلامية المتطرفة نجحت فى إشاعة جو من الإرهاب الفكرى السياسي، حيث إن العديد من الأسئلة التى سبق وطرحها المفكرون المصريون فى العشرينيات لا يجرؤ مفكر على أن يطرحها اليوم.