الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

في ذكرى الانتصار المجيد.. سألنا الشباب: ماذا تعرف عن "حرب أكتوبر؟".. مينا: توافر المعلومات لدى الجيش والمخابرات المصرية أحد أسباب النصر.. ومحمد: كان نفسى أكون عايش أيام الملحمة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«حرب أكتوبر».. إحدى أهم المعارك فى تاريخ الجيش المصرى منذ آلاف السنين، وذلك حينما انطلقت الطائرات فى الساعة الثانية ظهر العاشر من رمضان تحلق فوق أراضى سيناء الغالية إيذانا بعودتها إلى حض الوطن بعد اغتصابها على أيدى قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي، حيث عبرت قوات الجيش المصرى حاجز قناة السويس المنيع وحطمت خط بارليف الصعب واستعادت سيناء بعد معارك ضارية، سجل فيها الجندى المصرى بطولات تدرس فى كل المعاهد العسكرية حول العالم.

هذه البطولات التى سطرها التاريخ تكشف عن معدن وأصالة المصريين الذين عندما يتجمعون حول هدف لا يمنعهم مانع، ومع الشدائد يتوحدون خلف قياداتهم لتحقيق ما يصبون إليه، ومع حلول الذكرى الـ45 لحرب النصر فى السادس من أكتوبر يحتفل المصريون بذكرى العبور العظيم، ليتعلم أبناءهم عنهم ماذا فعل أجدادهم من أجل أن يحيوا بعزة وكرامة ويعتزوا بالجيش المصرى قاهر الأعداء والمعتدين، خاصة أن نصر أكتوبر العظيم عام 1973، عمل على نقل مصر والعرب نقلة تاريخية فى شعورهم بذاتهم وقدراتهم بقهر العدو، كما بعث برسائل هامة إلى إسرائيل، التى كانت تدعى مرارا أن جيشها خارق ولا يقهر، ولكنها ذاقت مرارة الهزيمة والذل على أيدى الجيش المصري، حيث استغاثت جولدا مائير، رئيسة الوزراء الإسرائيلية آنذاك، ووزير دفاعها موشيه دايان، بأمريكا، والذى لم يكن يتوقع عبور مصر للحاجز المائى المتمثل فى قناة السويس والحاجز الترابى على الضفة الشرقية للقناة المعروف باسم «خط بارليف»، ولذلك تعالت أصواتهم كالفئران استغاثة بأمريكا للدفاع عن أمن إسرائيل، ونشأت الأجيال الجديدة تتعلم من براعة الجيش المصرى والمخابرات المصرية، ولكن الآن من المحزن أن تجد جيلا من الشباب المصرى لا يعلم أية معلومات عن هذا الحدث العظيم، والكثير من الجيل الحالى خاصة جيل الـ2000 البالغ 18 عاما، لا يعلم أيضا شيئا أو معلومات عن نصر أكتوبر، حرفيًا، وتزداد التساؤلات حول من هو المسئول عن جهل الشباب تاريخيا بمثل هذه الأحداث التاريخية العظيمة؟ وهل هى أزمة تسبب بها المجتمع أم الأسرة أم التعليم؟ ولماذا اتجهت أفكار الشباب بالتقليد للغرب ومعرفة تاريخ وطنهم أصبح آخر الاهتمامات؟
أسئلة عديدة واستفهامات حول بحث الشباب عن تاريخهم، وفخر وطنهم فى المعارك التى انتصر فيها الجيش على ألد الاعداء، تحتاج لأجوبة شافية من الأجيال التى لم تعاصر الحرب، خاصة أن كل ماتعرفه عنها قرأته إما فى الكتب أو شاهدت الأفلام التى جسدت تلك الملحمة، لكن المحزن أن من بينهم ما لم يعرف عنها شيئا.

فى ذكرى نصر أكتوبر المجيد، استطلعت «البوابة» رأى بعض من الشباب الذى لم يعاصر الحرب سوى فى المناهج الدراسية، وأفلام السينما، والتعرف على ما وصل إليهم من معلومات حول تاريخهم العظيم، وعن هذا الحدث الذى أعاد للعرب مكانتهم بين الأمم، وبالتأكيد اختلفت الإجابات بين المهتمين بمعرفة تاريخ وطنهم، ويعرفون كل التفاصيل، ولكن بعض الإجابات الأخرى كانت مدهشة وغير متوقعة.
يقول مينا مندي، ٢٣ عاما، حاصل على بكالوريوس الإعلام،: «أعرف أن من أهم أسباب نصر أكتوبر المجيد هى المعلومات التى حصل عليها الجيش والمخابرات المصرية، والدور الأكبر للنصر عائد على ذكاء وخطط المخابرات المصرية، وهذا ليس تقليلا من شأن المقاتل المصرى، ولكن لكل منهم دوره فى المعركة، حيث اعتمد النصر على صيد المعلومة الصحيحة عن العدو، ونشر معلومات خاطئة للعدو عن الجيش المصري، من ضمن الخطط الحربية للتأثير النفسى على العدو، وبالتالى كانت النتيجة الانتصار وتحرير سيناء «أرض الفيروز» وتأكيد أن الجندى المصرى قاهر للعدو».
وتابع: «أنابيب النابالم المشتعلة التى زرعها العدو بطول القناة داخل خط بارليف بحيث إذا حاول الجيش المصرى العبور تتحول قناة السويس لكتلة من اللهب والجحيم بحسب ما كان يتمنى العدو آنذاك، وبالتأكيد كان لا بد من معرفة أماكن ثغرات الأنابيب داخل رمال خط بارليف وسدها، وبالفعل تمكنت مخابرات مصر من معرفة أماكنها وهدمها، وعن تصدير المعلومات الخاطئة للعدو، أمر الرئيس السادات بخطة عبقرية، وهى أن المؤسسات الصحفية تنشر أخبارا عن رحلة حج لقيادات بالجيش المصري، وأخبار أخرى عن فيروسات تنتشر داخل المستشفيات، لكى يعتقد العدو أن المستشفيات غير مؤهلة لاستقبال مصابى الحرب، وبالتالى الحرب مستحيلة فى ظل غياب قيادات الجيش وفيرسة المستشفيات، وغيرها من الحيل الذكية التى خدعنا بها الجيش الإسرائيلى لتسهيل عملية العبور، فالمعلومة والخدعة كانتا إحدى أهم أركان النصر».
بينما قال أحمد محمد، ٢١ عاما، طالب بكلية الحقوق: «كان نفسى أعيش أيام الحرب، وأكون جنديا من الجنود الذين دافعوا عن وطنهم وشرفوا الأمة العربية»، وأضاف: «حرب أكتوبر كانت تهدف إلى تطهير أرض سيناء من العدو الإسرائيلى وعبور قناة السويس، والجيش حاليا يقوم بالعملية الشاملة فى سيناء لتطهيرها من الجماعات الإرهابية، وبالمناسبة أعتقد أن ما يقوم به الجيش حاليا يعتبر كحرب أكتوبر، وأنا كشاب مصرى كنت أتمنى معاصرة حرب ٧٣ لأشارك الجنود الشرفاء، ولكنى أفتخر بأننى مصرى وأجدادى حققوا هذا النجاح الساحق الذى ذل وقهر الأعداء، ورجوع الأرض والكرامة، ويوم ٦ أكتوبر يعتبر «يوم أسود» على الإسرائيليين».
وتابع: «أفتخر كل الفخر بأن الجيش المصرى استطاع بأقل الإمكانيات أن يدمر خط بارليف الذى كان يعتبره العدو خارقا ولا يستطيع عليه أحد، بينما كانت إسرائيل تجهز أحدث الأجهزة لحربنا، فمكر وذكاء وحنكة المخابرات المصرية، وشدة ذكاء الرئيس السادات هى التى أبهرت العالم، لأنه استخدم أقل الإمكانيات لهدم بارليف وتحقيق الانتصار على الأعداء واسترجاع الأرض المصرية».
بينما قال الشاب فادى محمد محمد، ٢٠ عاما، طالب بكلية حقوق،: «معلوماتى السابقة عن نصر أكتوبر كانت من الذى تعلمته من مراحل الدراسة بالمدرسة، ولكن بعد دخول الجامعة أصبحت أنسى بعض المعلومات، وهو الأمر الذى كان يضايقنى لأن حدث ونصر بحجم حرب أكتوبر لا بد أن يظل محفورا فى الذهن طوال العمر كما علمه لنا آباءنا، فقررت معرفة كيف اندلعت الحرب والأزمة بين مصر والعدو وأسبابها مرة أخرى عبر تصفح الإنترنت لاستعيد ما كنت أعرفه» وتابع: «من أكثر الأشياء متعة هو أن تكون ملما بتاريخ وانتصارات جيشك الذى قهر الأعداء على مر الزمان، وأنا أفتخر بأننى سألتحق لتأدية الخدمة العسكرية بعد التخرج لأتعلم من الرجال خير أجناد الأرض».

بينما تقول شروق محمد، ٢٣ عاما، حاصلة على بكالوريوس الإعلام: «إن الحرب كانت فى الشهر الكريم شهر رمضان، ومع ذلك أصر الجنود على الحرب وهم صائمون، وهذا دليل على إيمان الجندى المصرى حتى وهو يخوض الحرب، لذلك نصرنا الله على العدو، ليصبح هذا اليوم فخرا وشرفا لكل مصري، ونكرر من جديد ارفع راسك فوق أنت مصري»: وتابعت: «كثير من أصدقائى أجدهم لا يعرفون أى معلومات عن حرب ٦ أكتوبر سوى أنها كانت مع العدو الإسرائيلى وانتصرنا، لكن التفاصيل والمعلومات والخطط المخابراتية التى قامت بها مصر ضد العدو للحفاظ على الأرض، كثير من الشباب يجهلها تماما، وهو أمر محزن للغاية ومؤسف، وأتمنى من نشر الوعى للشباب بالثقافة التاريخية».
رنا جمال، ٢٠ عاما،: «ذكرى نصر أكتوبر المجيد هو يوم العزة والكرامة، وإصرار الجندى المصرى المقاتل على استرجاع الأرض وحماية العرض، وأعتقد أن الإعلام له دور غير مؤثر بالنسبة للاحتفال بهذا النصر، فأنا وجيلى حاليا نسمع عن الحرب من آبائنا أو أجدادنا الذين عاصروها، لكن الإعلام أو الأفلام لا نرى منهما شئ يعرفنا تاريخنا بشكل مبسط مشوق».
ويقول محمد عمر، ٢٠ عاما،: «حرب أكتوبر وصلتنا إلى السلام، واسترجعنا أرض سيناء، ومعلوماتى أن أول مرة يحدث أن المنتصر كان يسعى للسلام».
وتقول نورا محمود، ١٩عاما، بالصف الثالث الثانوي: «أنا فخورة بالجيش المصرى لأنه انتصر على إسرائيل وشرف الأمة العربية ورفع مكانتها بين الأمم، لكن أنا معلوماتى عن الحرب بالتفاصيل ضعيفة، ولم أشاهد الأفلام التى تروى أحداث الحرب، لكن أسمع والدتى ووالدى يتحدثون عنها فى مرور ذكرى انتصار أكتوبر، وأتمنى أن يتم إنتاج أفلام حديثة لجيلنا موثقة للتاريخ والحرب، لأننى لم أشاهد الأفلام القديمة».
ومن الآراء والإجابات المدهشة للشباب عن حرب أكتوبر ١٩٧٣، قالت سلمى الشافعي، ١٨ عاما: «أعرف أن الحرب كانت بين مصر وإسرائيل وانتصرنا عليهم، لكن لا أعرف العام الذى اندلعت به الحرب، ولا أعلم سوى أنها كانت يوم ٦ أكتوبر».
معتز شاهين، ٢٠ عاما: «أعرف أن حرب أكتوبر كان فيها جيش مصر وجيوش عربية ضد إسرائيل وانتصرنا، وكانت فى العاشر من رمضان الساعة السابعة صباحا».
فيما تقول هبة محمود، ١٩ عاما: « مكنتش عايشة هنا.. ومعرفش أى حاجة عن البلد».
وقال خالد حمدى، ١٩ عاما: «إنتى سألتينى سؤال محرج بصراحة.. وأنا معرفش عن الحرب غير أن مصر انتصرت ويوم إجازة لينا من الدراسة».
أما على السيد، ٢٠ عاما: «أعرف أن القائد الأعلى للقوات المسلحة فى حرب أكتوبر، كان الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك».
شريف محمود، ٢١ عاما: «أنا مش عارف معلومات عشان مكنتش موجود ساعتها.. بس أعرف أن مصر انتصرت على العدو الإسرائيلى فقط وأنها معجزة بكل المقاييس».

رئيس اتحاد شباب مصر: جهل الشباب ببطولات أكتوبر «كارثة».. والسينما حاليًا تعمل على إثارة الغرائز تحت شعار «الجمهور عايز كده»
أحمد حسني، رئيس اتحاد شباب مصر، قال: «علينا أن نقدم التحية لكل جندى أستشهد من أجل الدفاع عن كل شبر من أراضى الوطن، فى ذكرى انتصار الأبطال البواسل الذين دافعوا عن أرض الوطن وقدموا أرواحهم فداء لأرض مصر، فى هذ اليوم الذى سطرته دماء طاهرة على أرض سيناء المصرية لتسترد كرامة أمة هُزمت وكسرت عام ١٩٦٧ وأخذوا بالثأر لإخوانهم الذين سالت دماءهم شهادة على تراب هذه الأرض، كما أن عبور أكتوبر استمدت منه أجيال تلك الفترة الاحساس بالعزة والانتماء التى كانت قد فقدتهما فى حرب ٦٧، وتعيش فيه أجيال هذه الفترة وهى لا تدرى أن أكتوبر ١٩٧٣ صنع لها هذا الحاضر، وأضاف أن جهل الشباب وعدم اهتمامه ليس صحيحا، فكل الأجيال تفتخر بنصر أكتوبر ولكن كثيرون لم يحضروا الحرب بأجوائها وعظمتها، ولم يروا الحرب إلا من خلال أفلام السينما والتليفزيون كفيلم «الرصاصة لا تزال فى جيبىى، و«العمر لحظة» و«الطريق إلى إيلات» و«بدور» وغيرها من الأفلام التى حكت وجسدت معاناة الشعب المصرى حتى تحقق نصر أكتوبر، أما الجيل الذى ولد فى التسعينيات والألفية الجديدة وما بعدها، لم يشعر بقيمة ولا طعم الانتصار، ويشاهد هذه الأفلام على سبيل الدعابة، ومع دخول التكنولوجيا الحديثة لا بد من صناعة أعمال تخاطب التطور والحداثة التى حدثت فى تلك الأعوام كما فعلت السينما الأمريكية على سبيل المثال بمشاهديها، خاصة من الأجيال الحديثة التى لم تحضر انتصار أمريكا فى الحرب العالمية الثانية، فهناك أفلام أمريكية حولت حرب فيتنام، تلك الحرب التى هزم فيها الجندى الأمريكى ودمرت نفسيته إلى واقع يتعاطف معه الشعب الأمريكى، وخاطبت الأجيال الحديثة بشكل مختلف يواكب عصره، فنحن نحتاج إلى إعادة شحن شبابنا الذى لم ير بعينيه الانتصار، ومن قبلها معاناة جيل وأجيال عاشت الاحتلال والقهر، هذا الشحن من شأنه المساعدة لاستعادة الروح المصرية الأصيلة وما تحمله من قيم وأخلاق.
وأشار إلى أن عدم معرفة الشباب بنصر أكتوبر يعتبر «كارثة»، ولا بد من وجود وسائل تعريفية بحرب أكتوبر، ويأتى هنا دور منظمات المجتمع المدنى ووزارتى الثقافة والشباب، ودور الأحزاب السياسية، عن طريق عقد وتنظيم عدد من الندوات والمؤتمرات داخل الجامعات وساحات الشباب، للتعريف بقصص البطولات وتضحيات الجنود البواسل.
وأكد «حسنى» على أن اهتمام الشباب بالأغانى والأفلام الهابطة، يرجع إلى العولمة وما صدرته لنا، وأثرت بشكل سلبى على ثقافتنا فى بعض الأحيان، والفن سلاح قوى وفعال فى بناء أو تدمير الشعوب، والفن المصرى فى الماضى كان سفيرا لمصر فى كل الدول العربية، وكان القوى الناعمة للإصلاح والتوعية وبناء الفكر، ولكن فى السنوات الأخيرة حدث تدهور فى الفن والأغنية والأفلام المصرية، فأصبحت تعتمد على إحياء الغرائز مثل الجنس والعنف تحت مسمى «الجمهور عايز كده» وهذا غير مقبول، وهو ما أدى إلى هجر الطبقة المتوسطة المثقفة للسينمات.
وأكد رئيس اتحاد شباب مصر، أن نشر الوعى التاريخى والثقافى بين الشباب والمجتمع بأكلمه، يأتى من منطلق أنه من المعتاد أن يكون التاريخ أول المظاهر التى تركز عليها الأمم، والتاريخ كان ولا يزال يحتل أهمية خاصة فى تكوين شخصية الإنسان، وبالنسبة إلى كيفية نشر الوعى التاريخى والثقافى فذلك يتم فى الأساس من خلال الدراسات التعليمية فى الجامعات، والتى تقدم للشباب والتعريف بالتاريخ بجانب الاهتمام بالقراءة والتشجيع عليها لدى طلاب العلم على مختلف مراحلهم الدراسية بإقامة حلقات القراءة الجماعية، وحملات تبادل الكتب وتوفير الكتب بالنسخة الإلكترونية لأنها المواكبة للعصر حاليا.