الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

المسرح المصري.. وجه مضيء في أكتوبر 1973

الذكرى الـ45 على لانتصار أكتوبر

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مع اندلاع حرب أكتوبر المجيدة، انطلق أرباب الفن المصرى بكافة أشكاله فى محاولات لتخليد الانتصار العظيم، فسمع المواطنون المشتاقون لأية أخبار من الجبهة أغنيات مثل «بسم الله» و«عاش اللى قال» و«تعيشى يا ضحكة مصر» و«ابنك يقول لك يا بطل»؛ واعتاد المتفرجون فى كل عام مُشاهدة أفلام «العبور العظيم» و«الرصاصة لا تزال فى جيبي» و«بدور»؛ بينما جاءت الكثير من الكتابات لتخليد بطولات وحكايات المصريين من الانكسار إلى الانتصار، مثل «حكايات الغريب» و«الحرب فى بر مصر»؛ كذلك أبدع التشكيليون الذين شاركوا فى الحرب فى رسم مشاهداتهم خلال المعارك. وخلال الأعوام التى تعاقبت على ما اقترب من نصف قرن، تغيرت ملامح المجتمع والدولة المصرية، وشهدت قوتها الناعمة الكثير من فترات النهوض والانحدار، فمن عمالقة الأدب إلى عصر الأكثر مبيعًا، ومن ملحنين عظام إلى المهرجانات؛ أما السينما، فقد قاومت الواقعية الجديدة هبوط أفلام المقاولات، ليصعد فى فترة فاصلة المضحكون الجدد، وتراجع شباك التذاكر أمام أفكار السينما المستقلة التى قادت الألفية الجديدة.
فى الذكرى الخامسة والأربعين لبدء معركة التحرير، تستعيد «البوابة» عبر صفحات هذا الملف، المعارك الأخرى التى خاضتها القوى الناعمة المصرية طيلة هذه الأعوام، ومرحلة إعادة بناء مؤسسات الدولة الثقافية، وأشكال الفنون التى أثّرت فى المجتمع وتأثرت به، حتى وصلنا إلى ما نحن عليه.
لعب المسرح المصرى دورًا هامًا، فى انتصار حرب أكتوبر، بعد أن استطاع الجندى المصرى -بمساندة كافة أطياف الشعب- تحقيق المعجزة لتحويل الهزيمة والنكسة إلى انتصار تاريخى فى ١٩٧٣؛ وكانت ملحمة العبور بأحداثها الدافع الرئيسى لتقديم عدد كبير من العروض الوطنية التى تناولت الصراع العربي-الصهيوني، واسترداد الكرامة والعزة العربية. 
وقتها شهدت خشبة المسرح القومى عروض «أقوى من الزمن» من تأليف يوسف السباعى وإخراج نبيل الألفي، «صلاح الدين» تأليف محمود شعبان وإخراج كمال حسين، «حدث فى أكتوبر» تأليف إسماعيل العادلى وإخراج كرم مطاوع، «حبيبتى شامينا» تأليف رشاد رشدى وإخراج سمير العصفوري، «سقوط خط بارليف» تأليف هارون هاشم رشيد وإخراج سناء شافع عام ١٩٧٤، «النسر الأحمر» تأليف عبدالرحمن الشرقاوى وإخراج كرم مطاوع عام ١٩٧٥، «باب الفتوح» تأليف محمود دياب وإخراج سعد أردش عام ١٩٧٦.

مسرح يوليو وما بعده
تشكل المسرح المصرى كما نعرفه فى الوقت الراهن عبر المؤسسات المسرحية الرسمية التى تشكلت فى بداية الستينيات وما لحق بها من عمليات تطوير وتحديث وتحويل للمسارات خلال فترة السبعينيات والتسعينيات تظل هى عناصر التشكيل الأساسى للمسرح المصري، ونطلق على المستوى المسرحى تعبيرا قريبا من تعبير سياسى يستخدم لوصف الدولة المصرية بعد ثورة يوليو ١٩٥٢ م، ويفصل مسرح يوليو عن مسرح الستينيات من ناحية، وتحديد العناصر الأكثر ثباتا فى ظاهرة المسرح المصرى والتى لم تزل حاضرة حتى الوقت الراهن بعد ما يقترب من ٧٠ عاما على انطلاق مشروع تبنى الدولة لمشروع مسرحى كبير، سواء عبر تبنى مشروع خاص بتنمية المجتمعات المحلية وذلك عبر مشروع قصور الثقافة الذى تم نقل أسسه من الكتل الاشتراكية فى الستينيات أو المسرح المحترف فى القاهرة والإسكندرية.
وننظر إلى الرؤية المزدوجة للمسرح داخل هذا المشروع الثقافى للدولة فى مرحلة «مسرح يوليو»، تبنت الدولة رؤيتين مختلفتين للمسرح، وهى المسرح كمشروع تنموى يهدف إلى تحقيق تنمية ثقافية واجتماعية للمجتمع بكل ما يتخلله المشروع من الصراعات بين المبدعين والنقاد ما بعد فترة الاستعمارية التى تبنت المسرح الشعبى أو التراثى من ناحية، وبين فريق المبدعين والنقاد أيضا الذين تبنوا مشروع التطوير والتحديث والتعليم والتثقيف للمجتمع وسط هذا الانفتاح الثقافى الأوروبى والعالمي، وانتهى هذا الصراع بالتسامح المتبادل بين الطرفين بالإضافة إلى تمازج فى بعض الحالات، أما الرؤية الثانية التى تبنتها الدولة للمسرح وهى التعامل معه على أنه إحدى وسائل الإعلام التى تمتلكها الدولة، وتهدف إلى الدعاية للنظام والحفاظ عليه، وذلك ما نجده فى تناول الدكتور ثروت عكاشة لقضية الصراع بين رؤية ومهام وزارة الثقافة ورؤية الدكتور عبدالقادر حاتم والرئيس جمال عبدالناصر الذى أخص بها الإعلام المرئى منه باهتمام يفوق كل الحدود، حتى لو كان ثمة ازدواج بين الناشطين الثقافى والإعلامى المرئى على أنه خير وسيلة إلى كل المنازل.
واتجه المسرح نحو تبنى مشروع قائم على ٣ توجهات أساسية أولها هى «المسرح كخدمة عامة للمجتمع» يهدف إلى تحقيق التنمية المجتمعية التى تحمل على عاتقها الجمهور من أبناء الطبقة الوسطى فى المدن والريف، وثانيها الدور الإعلامى للترويج نحو مواجهة الإرهاب ونشر الأفكار التنويرية وتصحيح الأفكار المغلوطة وتحسين صورة الدولة المصرية والعمل على نشر القيم الوطنية، وثالثها هو الارتباط بالممارسين للمسرح داخل المؤسسة الرسمية بهدف دفع عجلة الدولة إلى مزيد من الحريات العامة وإتاحة مساحة أكبر للدعم، والعلاقة التبادلية بين المسرح والمجتمع، والمثقف الذى يعمل بتلك المؤسسات ليس بالكفاءة الجيدة ولا ينتمى للمؤسسة أو لمشروع الدولة وهذا تعبير عن حال المجتمع، ويتراجع مسرح يوليو بشكل انحدارى وتتغير ملامحه وتحول إلى المسرح التجارى والهواة والمستقلين إلى آخره.

تحول السبعينيات
بدأت الدولة منذ فترة السبعينات فى تبنى التحول الاقتصادى تجاه سياسات السوق الحرة وتبنى النظام الرأسمالي، وذلك أصبح العقد الاجتماعى بين الدولة فى تداعيه للانهيار وتفتيت المؤسسات وانهيارها البطيء والمستمر حتى الوقت الراهن، وبدأ تدريجيا تراجع مسرح المؤسسات الرسمية وذلك بعد تعرض تلك المؤسسات إلى معاناه أزمات تهدد وجودها وتقليص حضورها، وأصبح المسرح يقوم بالدور الدعائى والنقدى ويتراجع عن دوره الخدمى وهذا ما نشهده الآن، ولكن عندما تساند الدولة مؤسساتها الرسمية وتقديم الدعم الدائم لها من الناحية المادية والمعنوية حتى لا يختفى المسرح، ويقوم بدوره التنويرى وتصحيح الأفكار المغلوطة، وتمتلك الدولة مجموعة من المؤسسات المنتجة للعروض المسرحية ذات تاريخها العريق فى هذا المجال مثل البيت الفنى للمسرح، والهيئة العامة لقصور الثقافة، والبيت الفنى للفنون الشعبية والاستعراضية، ومسرح الهناجر، دار الأوبرا، وصندوق التنمية الثقافية، الذى يساهم أحيانا بالدعم المادى لعروض بعض الفرق الحرة والمستقلة، فكل مؤسسة من تلك المؤسسات لها رؤيتها الخاصة لإنتاجها وفق خصوصياتها وطبيعياتها وامتلاكها أكبر قدر من الفرق المسرحية، ولكن ما تشاهده العروض المسرحية الآن فى قلة جمهورها وتراجعه، وأصبحت مسارح الدولة تستهدف شريحة معينة من الجمهور، تقتصر على محافظة القاهرة فقط وأصبحت مسارح الأقاليم خارج نطاق الخدمة.

المسرح بين الانكسار والانتصار
للمسرح المصرى دور كبير فى مواكبة الأحداث السياسية طوال مسيرته الفنية، والذى حمل على عاتقه التصدى لكثير من القضايا بداية من قضية الصراع العربى الصهيونى للنكبة الفلسطينية فى ١٩٤٨ م، إضافة إلى المعارك والحروب التى خاضتها مصر بداية من «بورسعيد» فى ١٩٥٦ م، يونيو ١٩٦٧، ونصر أكتوبر المجيدة فى ١٩٧٣، وكان المسرح مشاركا فعالا فى صنع وتمهيد الطريق لأحداث العبور، ولعب المسرحيون دورا بارزا ومؤثرا بعد نكسة ١٩٦٧ م، فى مواجهة مشاعر الإحباط واليأس، والمساهمة فى بث روح الجماهير لخوض معركة جديدة لاسترداد العزة والكرامة لمصر.
وفى دراسة توثيقية قدمها المؤرخ المسرحى عمرو دوارة عن المسرح ونكسة ١٩٦٧، الذى حث فيها على الدور التنويرى للمسرح، والتى سبق وأن حذر كتابه الكبار كثيرا من أسبابها وبوادرها، من خلال نصوصهم المسرحية وطالبوا بضرورة منح المزيد من الحريات وبممارسات حقيقية للديمقراطية، وكذلك بضرورة المواجهة والتصدى لتضخم نفوذ مراكز القوى، وأيضا لجميع مظاهر القهر والفساد والتسيب، حيث شارك المسرح المصرى بدوره الموازى لحرب الاستنزاف، وقدمت على خشباته العديد من العروض التى ترفض الهزيمة وتدعو لضرورة الاستعداد للمعركة الكبرى والعمل على رفع الروح المعنوية، ومن أهم العروض المقدمة وهى «كوابيس فى الكواليس» لفرقة المسرح القومى فى ١٩٦٧م، من تأليف سعدالدين وهبة، وإخراج كرم مطاوع، «وطنى عكا» فى ١٩٦٩ م، من تأليف عبدالرحمن الشرقاوي، وإخراج كرم مطاوع، «ليلة مصرع جيفارا» تأليف ميخائيل رومان، وإخراج كرم مطاوع، «النار والزيتون» عام ١٩٧٠ م، من تأليف ألفريد فرج، وإخراج سعد أردش، والتى تناولت القضية الفلسطينية، ويمكن إدراجها تحت مسمى المسرح التسجيلي، حيث اعتمد المؤلف على الوثائق الخاصة بمنظمة التحرير الفلسطينية والحقائق التاريخية والتقارير الصحفية والبيانات والدراسات التى تناولت القضية بالبحث والتحليل، فيما شاركت الفرق المسرحية الأخرى بتقديم عروضها الوطنية، حيث قدمت فرقة المسرح الحديث من عام ١٩٦٨ حتى ١٩٧١ وهى «أغنية على الممر» من تأليف على سالم، وإخراج أنور رستم، وقدم مسرح الجيب عرض «رسالة إلى جونسون» تأليف عبدالرحمن الشرقاوي، وإخراج كرم مطاوع، وقدمت فرقة «مسرح الحكيم» مسرحيتى أرض كنعان «فلسطين ٤٨»، و«الصليب» تأليف محمد العفيفى وإخراج جلال الشرقاوي، «زهرة من دم» تأليف سهيل إدريس، وإخراج كمال ياسين.

المسرح وانتصار أكتوبر
استطاع الجندى المصرى بمساندة كافة أطياف الشعب تحقيق المعجزة لتحويل هزيمة النكسة إلى انتصار وهى أكتوبر المجيدة ١٩٧٣ م، وكانت ملحمة العبور بأحداثها الدافع الرئيسى لتقديم عدد كبير من العروض الوطنية التى تناولت قضية «الصراع العربى الصهيوني»، وكيفية استرداد الكرامة والعزة العربية، فقام «المسرح القومي» بتقديم العروض التالية «أقوى من الزمن» تأليف يوسف السباعى وإخراج نبيل الألفي، «صلاح الدين» تأليف محمود شعبان، وإخراج كمال حسين، «حدث فى أكتوبر» تأليف إسماعيل العادلي، وإخراج كرم مطاوع، «حبيبتى شامينا» تأليف رشاد رشدي، وإخراج سمير العصفوري، «سقوط خط بارليف» تأليف هارون هاشم رشيد، وإخراج سناء شافع عام ١٩٧٤، «النسر الأحمر» تأليف عبدالرحمن الشرقاوي، وإخراج كرم مطاوع عام ١٩٧٥، «باب الفتوح» تأليف محمود دياب، وإخراج سعد أردش عام ١٩٧٦.
كما قدمت فرقة «المسرح الحديث» بعض العروض الوطنية ومن أهمها «مدد مدد شدى حيلك يا بلد»، تأليف زكى عمر، وإخراج عبدالغفار عودة، «رأس العش»، تأليف سعدالدين وهبة، وإخراج سعد أردش، «العمر لحظة»، تأليف يوسف السباعي، وإخراج أحمد عبدالحليم، «الحب والحرب»، تأليف شوقى خميس، وإخراج عبدالغفار عودة، وشاركت فرقة «مسرح الطليعة» بتقديم ثلاثة عروض وهى «القرار» من تأليف سعيد عبدالغني، وإخراج مجدى مجاهد، «جبل المغماطيس» تأليف سعيد عبدالغني، وإخراج فهمى الخولي، «حراس الحياة» تأليف محمد الشناوي، وإخراج أحمد عبدالحليم، بينما قدم قطاع «الفنون الشعبية والاستعراضية» عدة مسرحيات غنائية استعراضية من أهمها «حبيبتى يا مصر» تأليف سعدالدين وهبة، وإخراج سعد أردش، «الحرب والسلام»، تأليف يوسف السباعي، وإخراج محمود رضا ومحمد صبحي، «مصر بلدنا» عام ١٩٧٨، تأليف حسام حازم، وإخراج أحمد زكي، «نوار الخير» عام ١٩٧٩، تأليف توفيق الحكيم، ونجيب محفوظ، وإخراج حسن عبدالسلام.
ومما سبق يتضح لنا أن انتصارات أكتوبر ١٩٧٣ كما ظلت دائما فى وجداننا جميعا، وتعد رمزا للفخر والعزة واستعادة الكرامة، فقد ظلت فى عيون وذاكرة المسرح المصرى بتلك العروض والنصوص التى تناولتها بصور فنية مختلفة، ونجح المسرح المصرى من خلال مبدعيه الكبار فى مختلف مجالات الفنون المسرحية فى تقديم بعض المعالجات المتميزة لتلك المعركة المصيرية، وجميع المسرحيات التى تم ذكرها مجرد نماذج مشرفة ومضيئة ساهمت فى تسجيل الأحداث وقصص البطولة والدعوة للتصدى بصورة دائمة لتلك الهجمات الشرسة والأطماع الاستعمارية، ولكن بدأ المسرح فى تراجع بعد تلك الأجيال نظرا للظروف الاقتصادية وانتشار الجماعات المتلونة والتكنولوجيا المتطورة وتحولت معظم مسارح الدولة والقطاع الخاص إلى خرابات وسينمات ومحلات وأصبح المسرح لم يقم بدوره التنويرى الآن.
وأصبح المسرح المصرى الآن مغيبا تماما، وسقوط الذكرى الهامة من ذاكرته، فلم تبادر جميع الهيئات الإنتاجية بقطاع الإنتاج الثقافى بتقديم أى عرض مسرحى للمشاركة فى تلك المناسبة الهامة، والتى كان يجب أن تشارك فيها جميع الفرق بلا استثناء، وكيف يمكننا إحياء المعانى والقيم والمثل العليا والدروس المستفادة من انتصارات أكتوبر والعبور العظيم من خلال الفنون وبالتحديد من خلال المسرح، خاصة أن هناك عدة أجيال لم تعاصر هذا الحدث التاريخى المهم ولم تعايش أحداثه وبطولاته الخارقة، وبالتالى لم تتعرف للأسف على كثير من تفاصيله المشرفة والمبهرة، ولم تدرك كم التضحيات والدماء التى سالت على أرض سيناء لتحقيقه وتحقيق هدف تقديم المعلومات والدروس المستفادة للأجيال المقبلة.

٣٠ عملًا عن بطولات أكتوبر
عقب هذا الانتصار قرر يوسف السباعى وزير الثقافة فتح المسارح مجانا للجمهور تعبيرا عن الفرحة التى شاهدها العالم أجمع، وقد قام الدكتور سيد على إسماعيل أستاذ المسرح بجامعة حلوان، ورئيس المركز القومى للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية الأسبق بإهداء المكتبة المركزية للمركز ٣٠ نصا و«أوبريت» لم تنشر إلى الآن، تلك النصوص قد بدأ تأليفها بدءا من ٦ من أكتوبر المجيد وعبور أكبر مانع مائى فى التاريخ، وهى عبارة عن مخطوطات ونصوص مطبوعة، وأغلب هذه النصوص تتناول موضوعات حول بطولات القوات المسلحة المصرية لانتصار أكتوبر العظيم فى حرب ١٩٧٣، والمركز يعمل على إصدارها فى موسوعة ضخمة تحت عنوان «مسرحيات حرب أكتوبر ١٩٧٣» ويشارك بها مجموعة من الباحثين فى توثيق هذه النصوص وإضافة لها المعلومات الدقيقة، ومن بين هذه الأعمال «هيلا هيلا يا مصر» تأليف السيد طليب، «الشرارة» تأليف زكى عمر، «حدث فى أكتوبر» تأليف إسماعيل محمد العادلى وإخراج كرم مطاوع، «حراس الحياة أو ولاد بلدنا» تأليف محمد الشناوي، بجانب أوبريت فرحة القنطرة تأليف الهادى السيد إسماعيل.

المسرح المصرى والمستقبل
ما زالت البنية الأساسية للمسرح المصرى المعاصر قائمة، وقد تشكلت مع ظهور عباقرة هذا المسرح فى بداية القرن الماضي، دون تحديد دقيق لتاريخ أو رموز تضم مجموعة من أسماء لا تغفلها الذاكرة، ولا تغفلها العلامات التى سطرت محتواها وفحواها على أشرطة الأفلام والفيديو فى المسرح أو السينما أو التليفزيون، وتزدحم خزينة فنون العرض بأعلام وعباقرة يصعب حصرها. 
وعندما وصلنا إلى فترة الستينيات، وفى ظل الهزيمة التى لحقت بقواتنا المسلحة فى ١٩٦٧ م، أعاد المسرحيون ريادة وزارة الثقافة من جديد، واتجه المسرح اتجاهات قومية بحتة، صادفت اتجاهات جديدة معاصرة، واتجاهات سياسية تشكلت فى أعمال كتب لمعظم الكتاب المصريون وهى «الفتى مهران» لـ «عبدالرحمن الشرقاوي»، «النار والزيتون» لـ «ألفريد فرج»، «الغول» شعر لـ «فؤاد حداد»، «قولوا لعين الشمس» لـ «نجيب سرور»، بالإضافة إلى مجموعة أخرى كبيرة من الأعمال المسرحية للكاتب سمير سرحان، فوزى فهمي، محمود دياب، عبدالعزيز حمودة، محمد عنانى وغيرهم، وكان فى بداية ظهور المخرجين أمثال سعد أردش، كرم مطاوع، جلال الشرقاوي، أحمد زكي، سمير العصفوري، وغيرهم من جيل الوسط.
وانزاحت الغمة السياسية، التى عبر فيها المصريون قناة السويس فى ١٩٧٣ م، وأخذ المسرح يسك طريقا إلى الانفتاح الاقتصادي، وأقبل البعض على الكتابة، التى لم تقبل لهذه النوعية من الكتابة مثل ما عكسته كتابات الستينيات فى مصر والوطن العربي، حيث غاب عن الساحة فى تلك الفترة أعلام كبيرة معاصرة من المصريين بدءا من الكاتب المسرحى رشاد رشدي، نعمان عاشور، ميخائيل رومان، يوسف إدريس، على سالم، والكثير منهم، ومن هنا انطلقت مجموعة جديدة من الكتاب المسرحيين وهم محمد سلماوي، بهيج إسماعيل، صلاح عبدالسيد، يسرى الجندي، محمد أبوالعلا السلاموني، وغيرهم من الكتاب.
وفى بداية التسعينيات ظهر جيل جديد من شباب كتاب المسرح، بما هو جديد وحديث فى شتى الفروع، ولكن حتى الآن يبتعد المسرح عن الاحتراف والمتمثل فى قصور الثقافة ولكن تنقصه الحكمة والتوجيه الفني، فذلك المسرح الذى أصابه الضعف فى الفترة الحالية، يقدم أعمالا ضعيفة ليست بالمستوى الذى يليق بالمسرح، لذلك نأمل أن نخرج من عنق الزجاجة التى انحشر فيها المسرح.