الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

"يا قطن مين يشتريك".. أزمة تسويقية تعصف بـ"الذهب الأبيض".. "الزراعة" تعترف بفشلها.. خبراء: 3 وزارات تتحمل مسئولية إنقاذ المزارعين.. وتحذيرات من انتكاسة لصناعة الغزل والنسيج

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يواجه مزارعو القطن في مصر أزمة قد تعصف بمستقبل زراعة الذهب الأبيض، وذلك بعدما تخلت الدولة عن مسئوليتها في تسويق محصول القطن لهذا لعام، ليبقى محصول هذا العام كـ"الجثة الهامدة" في حقول الفلاحين الذين لا يزالون يبحثون عن مشتر.

الأزمة التسويقية للمحصول الناتج عن زراعات القطن التي زادت بشكل ملحوظ هذا العام تنفيذا لتعليمات الوزارة لتسجل 320 ألف فدان هذا العام، بزيادة قدرها 100 ألف فدان عن العام الماضي 2017 حيث سجلت 220 الف فدان، و190 ألف فدان عن العام الأسبق 2016 حيث بلغ إجمالي المساحة المنزرعة 130 ألف فدان في أدنى مستوى له منذ سنوات، ومع زيادة المساحة المزروعة بهذا الشكل دون دراسة لنتائج هذه القرارات وغياب الدور التسويقي، كانت هذه هي الأسباب التي أوصلتنا إلى ما نحن عليه الآن ليقف المزارعين بجانب المحاصيل رافعين شعار "يا قطن مين يشتريك".
من جهتها اعترفت وزارة الزراعة بالفشل في أزمة القطن، فتحلى المتحدث الرسمي لوزارة الزراعة بالشجاعة وخرج علينا ليؤكد عجز الوزارة في مواجهة الأزمة حتى الآن، وشدد على أن محصول القطن يعاني من أزمة في التسويق.
وقال المتحدث إن الوزارة "تسعى لجمع المحصول سريعًا من المواطنين، وتحاول تشجيع الفلاح على تسليمه، في محاولة لعلاج الأزم"، مشيرا إلى أنه "تم رفع مذكرة لتسريع استلام القطن من الفلاحين.
أما خبراء الزراعة أكدوا أن القرارات المتضاربة غير المدروسة من قبل الدولة هي السبب وراء ما نحن عليه الآن، وأكدوا أن وضع خطة زيادة المساحة المنزرعة من القطن في 2016، كانت بداية الأزمة بعدما منعت تداول أقطان الإكثار بين المحافظات، وغلق المحالج الأهلية واستنباط أصناف من القطن طويل التيلة، في ظل حاجة الصناعات الحديثة للقطن قصير التيلة والذي تعمل به معظم الشركات المتحكمة في النسيج في العالم، وتحديد أسعار المحصول في بداية الموسم لتكون 2700 جنيه سعر قنطار القطن للوجه البحرى و2500 سعر قنطار الوجه القبلي، وهو الأمر الذي لم تلتزم به الوزارة مما ترتب عليه كساد المحصول لدى المزارعين، وفاقم الأزمة انسحاب الشركة القابضة للغزل والنسيج فلم يجد المحصول الاستراتيجي من يشتريه بالأسعار الموضوعة من قبل وزارة الزراعة.

ورأى الخبراء أن الدولة ممثلة في وزارات الزراعة والتجارة والصناعة وقطاع الأعمال تتحمل المسؤولية عن إنقاذ الفلاحين، إذ يقول الدكتور جمال صيام أستاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة القاهرة، إن حل الأزمة بالكامل يكمن في تحمل الدولة لمسؤولياتها تجاه المزارعين الذين أجبرتهم على زراعة القطن بعد منع زراعة الأرز فلم يتبق أما الفلاح سوى القطن أو الذرة، ولكن محصول الذرة غير مجز اقتصاديا لذلك اتجه المزارعون لزراعة القطن.
وأضاف الخبير الزراعي، في تصريحات خاصة لـ"البوابة نيوز"، أن الدولة أعلنت في بداية الموسم مسؤوليتها عن زراعة القطن وحددت سعر 2500 للوجه القبلي و2700 للوجه البحري، ولكنها تخلت عن مسؤوليتها ووعودها كالعادة، والمفترض على الدولة العمل على حل المشكلة التي كانت لها الدور الرئيسي فيها ضمن استراتيجية إنقاذ محصول القطن وإعادة هيبته السابقة، ولكن "الكلام كتير اتقال والفعل مفيش".
وتابع: "هنا نجد أن الدولة تخلت تماما عن مسؤوليتها جراء الزراعة الهامة جدا كذلك عن دورها في حماية الفلاحين الذين أجبرتهم على زراعته وزادت المساحة المنزرعة عن 100 ألف فدان هذا العام، ولذلك يجب على الدولة التعامل مع الموقف وإنقاذ المزراعين حتى ولو بتقديم دعم بسيط 100 جنيه للقنطار".
وأردف قائلا: "القطن محصول مهم جدا بالنسبة للمزارعين، في ظل انعدام القيمة النقدية للذرة، وحال عدم شراء محصول القطن فانك تضع الفلاح في موقف لا يحسد عليه، وفى حال تخاذل الدولة عن شراء القطن ففي العام القادم لن نجد فدان واحد مزروع من القطن حال حدوث خسائر هذا العام، ووقوف وزارة الزراعة موقف المتفرج يعبر عن انعدام المسؤولية الرئيسية للوزارة.

أما نقيب الفلاحين، حسين أبو صدام، فيرى أن تأخر الحكومة في الالتزام بتسويق القطن وعدم الإسراع في تسويقه بالأسعار المحددة مسبقا من قبل وزارة الزراعة سيكون له تدعيات خطيره على مستقبل الذهب الأبيض.
ويؤكد أبو صدام في تصريحاته لـ"البوابة نيوز"، أن الدولة ستخسر كثيرا حال تخليها عن مزارعي القطن، وأول هذه الخسائر سيكون عدم زراعة القطن العام القادم مما يعصف بأمل رجوع زراعة القطن لسابق عهدها، كذلك خسارة تقاوي 120 ألف فدان إكثار تم زراعتهم هذا العام ليكونوا تقاوي للعام القادم.
ويضيف النقيب أن الخسائر لن تكون في القطاع الزراعي فقط بل تمتد للقطاع الصناعي، حيث ستتعرض صناعة الغزل والنسيج وحلج الأقطان لانتكاسة كبرى، يترتب عليها ضرر بالغ لصناعة الزيوت والعلف ورجوع الفلاحين لزراعة الأرز بالمخالفه لقرارات الحكومة، وكذلك فقدان الفلاحين لثقتهم في قرارات الحكومة ممثلة في وزارة الزراعة في الأساس.