الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

«الإخوان».. تزييف المنهج النبوي لخدمة أغراض الجماعة

تزييف المنهج النبوى
تزييف المنهج النبوى لخدمة أغراض الجماعة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
خلف شاشة الحاسوب، تختبئ عائشة ابنة خيرت الشاطر، نائب مرشد جماعة الإخوان، معلنة من آنٍ لآخر، أن محنة الجماعة لن تدوم، بزعم أن «الدعوة» مرت بتلك المراحل فى عهد النبى (صلى الله عليه وسلم)، أما لحظات صمت أبيها فى قاعة المحاكمات، فتعلق عليها بالنص القرآنى«إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ».
استخدام الكَلِم فى غير مواضعه، وإسقاط الأحداث التى عاشها الصحابة الأخيار، والنبى (صلى الله عليه وسلم)، على ما عاصرته الجماعة خلال ٩٠ عامًا، هى الاستراتيجية التى تلجأ إليها «الإخوان»، كلما مرت بأزمة، إذ تستدعى الآيات التى نزلت فى الرُسل لإضفاء نوع من القداسة على مؤسس الجماعة «حسن البنّا» (١٩٢٨)، وغيره من القيادات، ثم يلجئون فيما بعد إلى انتقاد وشيطنة كل من يخالف منهجهم.
تحرير السيرة
قبل عام، صدر كتاب «محاولة فى تحرير السيرة النبوية من القراءة الدينية التنظيمية»، لمؤلفيه (رشا عبدالحميد، حمدى رزق ومحمد عبدالعال)؛ بغرض تحرير نصوص السيرة من براثن تفسيرات الجماعات الدينية، التى وظّفت الأحداث الدينية لحسابها، دون فهم للسياقات والقرائن أو الأسباب التى نزلت فيها فى عهد النبوة. وبيّن الكتاب بعض المقاصد الشرعية التى استهانت بها الجماعات، وفى مقدمتها الإخوان، الذين بدأوا تطويع السيرة النبوية لخدمة أهداف الجماعة منذ ثلاثينيات القرن الماضى، إذ استدعت واقع النبى وأحداث سيرته لتبرير واقع التنظيم المأزوم، فى قياس مُزيف ومُشابهة باطلة؛ فخرجت مجموعة من رحم الإخوان عُرفت بـ«شباب محمد»، قالت بجاهلية المجتمع، ونادت إلى الهجرة لإقامة الدولة.
وبحسب الكتاب، فإن حالة الزخم التى شهدتها فترة الثلاثينيات من القرن الماضى، ومحاولات إيهام الموالين أن الجماعة تعيد سيرة النبى والصحابة، نتج عنها كتاب «نظرات فى السيرة»، لمؤسس الجماعة حسن البنّا، و«فقه السيرة» لمحمد الغزالى، فى مرحلة انضمامه للجماعة، تلاها كتاب «السيرة النبوية.. دروس وعبر» لمراقب الإخوان فى سوريا، مصطفى السباعى، وبعده «الأساس فى السيرة وشيء من فقهها» لسعيد حوى، و«الفقه الحركى للسيرة النبوية» لمنير الغضبان.
وأشار الكتاب إلى أن الإخوان أدخلوا مسائل الفقه فى دوائر العقيدة، وحملوا الأوامر المُرتبطة بالعادات على الوجوب، وخلطوا بين المطلق والعام، وبين تناول أحاديث الأحكام وتناول أحداث السيرة.
«الغضبان» والتمسّح فى السيرة
لعل الدستور الأبرز لدى قيادات وأعضاء جماعة الإخوان، فيما يعرف بـ«المرحلية» و«حركية السيرة»، هو كتاب «المنهج الحركى فى السيرة النبوية»، لمؤلفه منير الغضبان، المراقب العام للإخوان فى سوريا عام ١٩٨٥.
ويُصنف الباحثون فى شئون الجماعات، هذا الكتاب بجزأيه الأول والثانى، بأنه الأخطر فى مسألة تطويع السيرة لخدمة وبقاء الجماعة، إذ دأب المؤلف على عقد مقارنات بين مراحل الجماعة منذ نشأتها، وما مرّ به النبى خلال مراحل نشر الدعوة والهجرة، وحتى المصاهرة التى لفت إلى أن النبى اختار بعض زوجاته؛ لتقوية دولته، وحث «الغضبان» الإخوان على الاقتداء بذلك.
تضمَّن الكتاب المرحلة الأولى من البعثة، وسرية الدعوة فيها، ثم مرحلة الجهر بالدعوة، ومرحلة الإعداد لبناء الدولة، فى بيعتَيْ العقبة الأولى والثانية، وما تضمنته هذه المراحل الثلاث من حوادث، مثل الهجرة إلى الحبشة، ودور المرأة فى الدعوة وعملية الإعداد، مشيرًا إلى أن الجماعة تمر بنفس الظروف، وعليها أن تستفيد من التجارب النبوية.
ويستعرض فى الفصل الثانى من الكتاب، كيف أدار النبى (صلى الله عليه وسلم) شئون الحكم والسلم والحرب، والعلاقات السياسية مع مختلف الأطراف داخل وخارج المدينة؛ راميًا بذلك إلى أن النبى جاء ليؤسس دولة ومشروعًا سياسيًّا، وليس نشر الدين فحسب، مستندًا فى ذلك إلى غزوات الرسول وتبعات كلٍّ منها، ودلالات النصر والهزيمة، وما نزل من أحكام فى شأن القتال والجهاد.
وزعم أنه من سمات الدولة الإسلامية التى أسس لها الرسول، إنهاء الوجود اليهودى فى شبه الجزيرة العربية، وبدء مرحلة انفتاح الدولة على العالم الخارجى، من خلال مراسلة ملوك وأباطرة هذه الدول، والحروب التى خاضتها الدولة الوليدة للدفاع عن كيانها فى مواجهة أعداء الداخل والخارج؛ وهى الرسالة التى أراد بها أن يحافظ على مريدى الجماعة، من الراغبين فى الجهاد.
وبحسب هيثم أبوزيد، الباحث فى شئون الحركات الإسلاموية، فإن «المنهج الحركى للسيرة النبوية» ظل مقررًا على أسر الإخوان فى المستوى المنتظم لأكثر من ٢٠ عامًا، وكل القيادات الإخوانية العليا والوسيطة، وجميع الأعضاء العاملين بالجماعة درسوا هذا الكتاب وتعاملوا معه.
ولفت فى مقال له بجريدة «الشروق»، نُشر فى فبراير ٢٠١٤، إلى أن الإخوان استفادوا من الكتاب المذكور سلفًا، ليس فقط باعتباره منهجًا معتمدًا من التنظيم، ولكن باعتبار أن أفكاره ونتائجه كلها مستقاة من السيرة النبوية.