الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

سلامة كيلة.. وتفكيك العقل الأحادي

سلامة كيلة
سلامة كيلة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم يهتم العديد من الباحثين والنقاد خصوصا من ينتمون للتيار الماركسي المحافظ بكتابات سلامة كيلة الذي رحل عن دنيانا اليوم 2 أكتوبر 2018، لأسباب عديدة من بينها اختلاف الرؤية وانفتاح الرجل في كتاباته على آفاق جديدة من التفكير ومناهج البحث في الماركسية، والذي سوف نحاول طرح جزء من رؤيته في هذا المقال عرفانا منا بدوره في حركة تطوير ونشر الفكر الماركسي المناضل، وسلامة كيلة من مواليد مدينة بيرزيت في فلسطين سنة 1955 حاصل على بكالوريوس في العلوم السياسية من جامعة بغداد سنة 1979،عمل في المقاومة الفلسطينية ثم في اليسار العربي، كان مطلوبا للسلطات الإسرائيلية بتهمة العمل المقاوم واعتقلته السلطات السورية بعهد حافظ الأسد من سنة 1992 إلى 2000، كما اعتقلته السلطات السورية بعهد بشار الأسد لمشاركته في الثورة السورية صيف 2012 وتعرض للتعذيب في المخابرات الجوية، ثم تم ترحيله من سوريا إلى الأردن رغم إقامته بسوريا وزواجه من سيدة سورية، كتب في العديد من الصحف والمجلات العربية مثل الطريق اللبنانية والنهج ودراسات عربية والوحدة، وأصدر عددا من الكتب منها نقد الحزب، والثورة ومشكلات التنظيم 1986، نقد التجربة التنظيمية الراهنة 1988، نقد الماركسية الرائجة 1990، وغيرها من الكتب التي تناقش الماركسية العربية وكيفية تطويرها.
في كتابه ما الماركسية؟ والذي اختار له عنوانا جانبيا "تفكيك العقل الأحادي" يؤكد سلامة كيلة أن الكتاب وضعه من أجل الوعي بالماركسية كمنظومة فكرية ووعي الواقع من خلالها وتفكيك العقل الأحادي الذي يقوم على المنطق الصوري، وتحديد أن الماركسية هي في الجوهر منهجية هي الجدل المادي، تبلورت على ضوء التطور الفلسفي العاصف في أوروبا، وأصبحت بديلا للمنطق الصوري، أو مثلت التجاوز له، وأن هذا الكتاب كتب في مواجهة "عقل الماركسية الرائجة" التي تمثلت ما تبلور في الاتحاد السوفيتي تحت مسمى الماركسية اللينينية، والذي أعاد المنطق الصوري، وحول الماركسية إلى "نص مقدس" صيغ بشكل يعبر عن مصالح فئات كانت تتبلور كـ"طبقة حاكمة" وعادة ما تفرض الطبقات الحاكمة نصا مقدسا لكي تبرر سياستها وتطور مصالحها، لكنه صار هو الماركسية، رغم أنه أعاد إنتاجها مثاليا، وقوانينها بما يمنع انتصار الاشتراكية في أمم كثيرة كانت وما زالت مختلفة على امل انتصار الرأسمالية، لذلك يركز سلامة كيلة في كتابه على ماهية الماركسية، وعلى ما أضافه ماركس، والذي كان منطلق رؤية جديدة للواقع، وللعالم، كما للتاريخ، وأيضا للمستقبل. هذه الماهية التي يمكن تحديدها في: الجدل المادي، المنهجية التي صاغها ماركس استنادا إلى هيجل وبتأثير كبير من الفلاسفة الماديين، خصوصا فيورباخ. ورغم أن المنطق الصوري هو "الخطوة الأولى" في الجدل المادي، الخطوة التي تفرض تحديد الموضوعات، من أجل فهم ترابطاتها وتناقضاتها، ومن ثم صيرورتها، فقد اعتبر هيجل المنطق الصوري هو بمثابة مرحلة الفهم، وأن الجدل هو مرحلة العقل، لكن المعنى هنا هو ان التحديد الشكلي الساكن هو الخطوة الأولية في البحث، وهذا ما يقوم به المنطق الصوري، بينما يصبح الجدل المادي هو المنطق الذي يسمح بوعي الواقع في كل مستوياته وتناقضاته، بشكله ومضمونه، براهينه وأدلته. وسلامة كيلة حسب قوله يقوم بتفكيك "العقل" الذي حكم الماركسية الرائجة من أجل لفت النظر إلى ماهية الماركسية، وبالتالي التأكيد على أن جوهر الماركسية هو الجدل المادي.