الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

ماجد كامل يكتب: «الفولجاتا».. الترجمة الشعبية للكتاب المقدس

ماجد كامل
ماجد كامل
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
المقصود بترجمة «الفولجاتا»، هى الترجمة الشعبية للكتاب المقدس، باللغة اللاتينية، التى قام بها القديس جيروم (347- 420 م تقريبًا) حيث رأى أن الترجمة اللاتينية القديمة، التى ظهرت فى القرن الثانى الميلادى لغتها صعبة؛ ففكر فى عمل ترجمة شعبية، تكون أكثر سهولة، عرفت بـ«ترجمة الفولجاتا».
و«الفولجاتا» كلمة لاتينية، معناها شعبية (ومنها جاءت كلمة «Folk» فى اللغة الإنجليزية بمعنى «شعب»، ومنها اشتق علم الفولكلور، وهو علم ثقافة الشعوب؛ ومنها أيضًا جاءت العربة «الفولكس» فى اللغة الألمانية، ومعناها العربة الشعبية)، وقد كان لهذه الترجمة دور كبير فى انتشار المسيحية، فى كل البلاد الأوروبية؛ كما أن كل الترجمات إلى اللغات الأوروبية المختلفة، (الإنجليزية – الفرنسية – الإسبانية – الألمانية – الإيطالية.. إلخ) تأثرت جدًا بهذه الترجمة.
وقبل أن نكتب عن ترجمة الفولجاتا، يجدر بنا أن نوضح القيمة الفكرية واللاهوتية للقديس جيروم؛ فهو واحدٌ من أهم أربعة آباء، فى تاريخ الكنيسة اللاتينية، وهم: «القديس أمبروسيوس أسقف ميلانو» (339- 397م)؛ والقديس أغسطينوس أسقف هيبو والمعروف بـ«ابن الدموع» (354- 430م)؛ والقديس غريغوريوس الكبير أسقف رومية (540- 604 م). أما الرابع فهو القديس جيروم صاحب الفولجاتا موضوع مقالنا.
وبداية العمل فى هذه الترجمة كان فى عهد البابا داماسوس الأول (366-384 م) بابا روما؛ وكان القديس جيروم (ويعرف أيضا بالقديس أيرونيموس) يعمل سكرتيرا لهذا البابا؛ ولقد اشتهر القديس جيروم بالعلم الغزير؛ فكلفه البابا بعمل ترجمة لاتينية جديدة، تتلافى الصعوبات الموجودة فى الترجمة اللاتينية الكلاسيكية؛ فبدأ العمل فى ترجمة الأربعة أناجيل عام 382م؛ وتلاها أعمال الرسل وبقية العهد الجديد.
ثم توجه إلى أورشليم لتأسيس دير للرهبان والراهبات هناك؛ وهناك فكر فى ترجمة العهد القديم؛ فتعلم اللغة العبرية؛ واستعان ببعض الحاخامات اليهود، الذين ساعدوه فى ترجمة أسفار العهد القديم؛ فبدأ فى ترجمة سفر المزامير؛ واستفاد من ترجمة «الهكسابلا» التى قام بها العلامة السكندرى الشهير أوريجانوس (185- 254م تقريبا)، ثم قام بترجمة سفر أيوب؛ وأسفار سليمان الحكيم (الأمثال – الجامعة – نشيد الأناشيد).
وفى عام 404 م بدأ فى ترجمة أسفار (القضاة– راعوث- أستير)، ثم بدأ بعدها فى ترجمة طوبيا ويهوديت والحكمة والمكابيين وباروخ والمكابيين الأول والثانى، وقد جمع العلامة كاسيودوروس (توفى عام 580م) عمل جيروم فى كتاب واحد؛ وأقدم مخطوطة موجودة حاليا تحتوى على ترجمة الفولجاتا، موجودة حاليًا فى أحد الأديرة الإنجليزية، وترجع إلى عام 715م تقريبا؛ ولقد حلت الفولجاتا محل الترجمة اللاتينية الكلاسيكية تدريجيًا.
وقد ذكر القديس جيروم، فى مقدمة الترجمة التى وضعها للأسفار (الأمثال – الجامعة – نشيد الأناشيد)؛ وفى محاولة للرد على الهجوم الذى وجه إلى هذه الترجمة من أحد النقاد، قال: «ليس هدفنا من هذه الترجمة أن نقضى على القديمة؛ ومع ذلك إذا قرأ صديقنا بعناية فسيجد أن ترجمتنا أوضح؛ إذ أنها مثل العصير الذى لم يفسد بصبه ثلاث مرات فى أوعية مختلفة؛ بل أخذت توا من المعصرة، وخزنت فى وعاء نظيف؛ فاحتفظت بمذاقها».
يشار إلى أن الاتحاد الدولى للمترجمين، والذى تأسس عام 1953؛ اعتبر يوم 30 سبتمبر من كل عام (وهو ذكرى وفاة القديس جيروم) هو اليوم العالمى للترجمة، كما تقرر اعتبار القديس جيروم شفيع المترجمين؛ وذلك اعتبارًا من عام 1991.